لماذا نجحت في أكتوبر 2020م وفشلت قبل عام

أسباب تقف وراء نجاح صفقة تبادل الأسرى الأكبر في اليمن والثالثة في تاريخ الصراع بالشرق الأوسط

 

كيف نجحت الاستخبارات اليمنية في إرغام واشنطن على تمرير الصفقة وتذليل التعقيدات وسط حلفائها

الثورة / ابراهيم الوادعي

بنجاح انتهت ظهر الجمعة أكبر عملية تبادل أسرى منذ بداية العدوان على اليمن مارس 2015م، وقضت في مراحلها بإطلاق 1081أسيراً وإعادة عشرات العالقين والجرحى، وشملت الصفقة الأكبر تحرير 672 من اسرى الجيش واللجان الشعبية مقابل اطلاق 15 أسيراً سعوديا و4 سودانيين وجاسوسين امريكيين سلما في اليوم السابق للعملية مقابل السماح لمئات العالقين والجرحى منذ ما يزيد عن عام بالعودة إلى صنعاء والولوج إلى باقي مراحل الصفقة الخميس والجمعة ، و400 أسير للمرتزقة يتبعون لأطراف متعددة .
الصفقة الأولى من نوعها جرت في حقيقتها على ثلاث مراحل تضمنت المرحلة الأولى الأربعاء بناء ثقة ، حيث جرى نقل عشرات العالقين من جرحى ومسافرين تجمعوا في سلطنة عمان على متن طائرتين عمانيتين لتعود محملة بجاسوسين أمريكيين ، والخميس نفذت 5 طائرات مملوكة ومستأجرة للصليب الأحمر الدولي حلقت في وقت متزامن الخميس عملية نقل ما يقرب من 800 أسير إلى وجهات ثلاث السعودية وسيئون وصنعاء ، فيما جرى نقل 350 أسيراً الجمعة بين صنعاء وعدن لتختتم مراحل الصفقة الثلاث بالنجاح بشكل كلي تقريبا ، وتضع الصفقة نفسها بين عمليات التبادل الكبيرة التي شهدها التاريخ الحديث والصراع مع العدو الصهيوني وحلفائه في المنطقة الذين طفوا أخيراً إلى السطح تطبيعا سافرا ومروجين بشكل فاضح للتعايش مع العدو والتسليم بوجوده.
أكبر عمليات تبادل الأسرى في المنطقة العربية والشرق الأوسط جرت مع الكيان الصهيوني ومنظمة التحرير الفلسطينية أفرجت بموجبها منظمة التحرير عن 6 اسرى صهاينة مقابل الإفراج عن 4700 أسير فلسطيني كانوا في معتقل انصار في جنوب لبنان والمدار حينها من قبل جيش لحد العميل، و65 أسيراً فلسطينيا من السجون الإسرائيلية .
وفي 20 مايو 1985م جرت صفقة تبادل أسرى بين الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ، والكيان الإسرائيلي وقعت في جنيف وبموجبها جرى تحرير 1150 أسيراً من بينهم 153 لبنانيا مقابل الإفراج عن 3 جنود صهاينة.
وفي 11 أكتوبر 2011م نفذت صفقة تبادل أسرى بين حركة حماس والكيان الإسرائيلي جرى فيها تحرير 1050 أسيراً فلسطينيا مقابل الإفراج عن الجندي الصهيوني جلعاد شاليط .
وبالعودة إلى اليمن فإن صفقة الأسرى التي شهدها اليمن بالأمس كان مقرراً أن تتم في يناير 2019 م لكن تعدد الاطراف المقابلة لصنعاء وتضارب مصالحها من حيث ارتباطاتها بالخارج اعاق تنفيذها رغم استكمال الصليب الأحمر وإعلانه من صنعاء فبراير 2019م أن الإجراءات اللوجستية قد تمت من حيث تجهيز الطائرات واستكمال نشر الفرق الفنية على الارض ومركزيا والتحضير لعمليات التحقق من الأسرى ، لكن الصفقة حينها أجهضت في اللحظات الأخيرة .
واقليميا يمكن اعتبار صفقة الاسرى الناجحة امس الاكثر تعقيدا بين العمليات السابقة مع المحور الامريكي الصهيوني والصراع مع العدو الصهيوني وحلفائه في المنطقة ، رئيس لجنة شئون الاسرى عبد القادر المرتضى تحدث عن ذلك بوضوح وعن اشكاليات وضعت في طريق انجازها ، ولم تتوقف تلك العراقيل حتى قبيل اقلاع الطائرات ، حيث جرى انزال 10 اسرى من على متن طائرة قبيل اقلاعها ، ولإنجاح الصفقة اضطرت صنعاء الى استبقاء 10 اسرى في المقابل لديها والسماح للصفقة بالمرور .
يعود توزيع الصفقة على مدى يومين كذلك إلى تعدد اطراف ما يسمى الشرعية فالإخوان ومن يرتبطون بالطرف السعودي استقبلوا أسراهم في خميس مشيط و سيئون حضرموت الخميس ، فيما استقبلت الأطراف السلفية والجنوبية المرتبطة بالإمارات أسراها في عدن الجمعة .
بعد سنوات من الفشل الأممي ثمة نقطة ايجابية تسجل للأمم المتحدة ولمبعوثيها الى اليمن ، فعديد مرات الفشل تقابلها عشرات الصفقات المحلية الناجحة مع اطراف محلية داخل التحالف وحتى مع الطرف السعودي ، كل يمتلك اجندته ومصالحه وسجونه ومموليه وما يجمعه فقط مع الاطراف الاخرى المال السعودي او الاماراتي والتبعية للمحور الامريكي الصهيوني في المنطقة .
وبالإجابة عن السؤال لماذا نجحت الصفقة الكبيرة في اكتوبر 2020م وفشلت في فبراير 2019م فيمكن ارجاع ذلك الى جملة اسباب جلها ميدانية ، حيث تبدلت موازين القوى على الارض كثيرا منذ نهاية 2019م عملية نصر من الله ، وفبراير وحتى مايو 2020م عملية البنيان المرصوص وامكن منهم واللتين قلبتا موازين المعركة وغيرتا معادلات الميدان ، وصولا الى تطويق مدينة مارب معقل التحالف الاخير في شمال شرق اليمن .
وسياسيا حاجة التحالف ومن خلفهما الاخوان المسلمين إلى تهدئة لالتقاط الانفاس في مأرب احد الاسباب المباشرة كذلك في انجاح الصفقة يضاف اليها وجود الأسرى السعوديين والامريكيين وهو الكرت الذي تحتفظ به صنعاء لانجاح صفقات مستقبلية وصولا إلى الكل في مقابل الكل ، ولا يعلم كم تحتفظ صنعاء في جعبتها من اسرى نوعيين لكن مصادر في لجنة الاسرى بالأمس وجود اسرى اجانب لايزالون في جعبتها .
صفقة الأمس يمكن أن تؤسس لبناء الثقة في هذا الملف الإنساني وصولا إلى الهدف النهائي وهو الكل مقابل الكل ، وهو الأمر الذي ينشده السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي قائد الثورة ويعرقله الطرف الأمريكي حتى اللحظة وترضخ له جماعات المرتزقة رغم كون الملف إنسانياً وغالبية الأسرى الساحقة يمنيين وعرب .
ثمة سبب حيوي ومعركة تُدار حالياً في الخفاء تجلت ثمراتها في انجاز هذه الصفقة وعكست نمو وقوة ذراع صنعاء الاستخباري بحيث تمكن من اسقاط جواسيس أمريكيين وربما آخرين وادارة معركة يلعبها عادة الكبار ،وباتت تكسب فيها صنعاء نقاطا مع التحالف تجبره على تحقيق انفراجات في ملفات شتى ، الملف الإنساني إحداها .

قد يعجبك ايضا