كتب محمد ابو هثيم
يعد المولد النبوي على صاحبه أفضل الصلوات والسلام من أجلّ المناسبات الدينية وأغلاها والتي يحتفي بها جميع المسلمين في أرجاء المعمورة وذلك نظراً لما تمثله هذه المناسبة العزيزة والغالية من قيمة كبيرة وعظيمة روحية ودينية يبتهج بها الجميع في كل عام تحل فيه هذه الذكرى العطرة .
كان مولدهُ هو مولد النور والهدى، وجاء إلى الدنيا ليضيء جوانبها بالضياء والبهاء ويغمرها بالمحبة والرحمة والسلام والإيمان..
وكان يوم مولده العظيم هو ميلاد جديد للبشرية والحياة والكون..
وبداية عظيمة لمسيرة عظيمة في تاريخ البشرية ، مسيرة للنور والحرية والحق والجمال والتسامح والرحمة..
إنه ميلاد الرسول المصطفى صلوات الله عليه وآله .. رسول الله ،الهادي ،البشير والسراج المنير.. حيث كان يوم ميلاده ،هو أول أيام الضوء والنور والهدى في تاريخ البشرية المحفوف بالعتمة والصراع والمتاهات..
يوم ميلاد الرسول صلوات الله عليه وسلامه ،هو يوم لا شبيه له في الأيام ..يوم له مكانته الكبيرة والبهيجة في قلب كل مؤمن..
يوم اخضرّت فيه الحياة وصار هو ربيع البهجة والمحبة والإيمان في وجدان الإنسانية..
في يوم المولد النبوي الشريف ..تترنم القلوب وتشدو الأرواح والضمائر بصاحب المولد العظيم وبمولده الشريف .. وتدلي الأعماق والمشاعر والأفئدة بحب وعشق الحبيب المصطفى..
وعن هذه المناسبة الجليل كتبت من القصائد والملاحم الشعرية التي تمجد هذه المناسبة العطرة بكل ما فيها من قيم وصور إيمانية وروحية.. ومنها هذه القصيدة التي كانت هي بداية لتأسيس ومنطلق فن الشعر في مجال المديح النبوي الشريف وهي قصيدة (بانت سعاد) للشاعر كعب بن زهير:
بانتْ سعادُ فَقَلْبِي اليومَ مَتْبُولُ
مُتيَّمٌ إثْرَها لم يُجْزَ مَكْبُولُ
وما سعادُ غَداةَ البَيْنِ إذْ رَحَلُوا
إلاَّ أَغَنُّ غَضَيضُ الطَّرْفِ مَكْحُولُ
تَجْلُو عوارِضَ ذي ظَلْمٍ إذا ابتسَمتْ
كأنَّه مُنْهَلٌ بالرَّاحِ مُعْلُولُ
شُجَّتْ بِذِي شَبَمٍ مِن ماءِ مَحْنِيَةٍ
صافٍ بأَبْطَحَ أضْحَى وهو مَشْمولُ
تَجْلُو الرِّياحُ القَذَى عنه وأَفْرَطَهُ
مِن صَوْبٍ سارِيةٍ بِيضٌ يَعَالِيلُ
يا وَيْحَها خُلَّةً لو أَنَّها صَدَقَتْ
ما وَعَدَتْ أو لو أنَّ النُّصحَ مَقْبُولُ
لكنَّها خُلَّةٌ قد سِيطَ مِن دَمِها
فَجْعٌ ووَلْعٌ وإخْلاَفٌ وتَبْدِيلُ
فما تدومُ على حالٍ تكونُ بها
كما تلَّونُ في أَثْوَابِهَا الغُولُ
وما تَمَسَّكُ بالوَصْلِ الذي زَعَمَتْ
إِلاَّ كما تُمْسِكُ الماءَ الغَرَابِيلُ
كانت مواعيدُ عُرْقُوبٍ لها مَثَلاً
وما مَوَاعيدُها إلاَّ الأباطِيلُ
أرجو وآملُ أنَ يَعْجَلْنَ في أَبَدٍ
وما لَهُنَّ طَوالَ الدَّهْرِ تَعْجِيلُ
فلا يَغُرَّنْكَ ما مَنَّتْ وما وَعَدَتْ
إِنَّ الأَمَانِيَّ والأحلامَ تَضْلِيلُ
أَمْسَتْ سُعَادُ بأرضٍ لا يُبَلِّغُها
إِلاَّ العِتَاقُ النَّجِيباتُ المَرَاسِيلُ
وَلَنْ يُبَلِّغَها إِلاَّ عُذَافِرَةٌ
فيها على الأَيْنِِ إِرْقَالٌ وَتَبْغِيلُ
مِن كلِّ نَضَّاخَةٍ الذِّفْرَى إذا عَرِقتْ
عُرْضَتُها طَامِسُ الأعلامِ مَجْهُولُ
تَرْمِي الغُيُوبَ بِعَيْنَيْ مُفْرِدٍ لَهِقٍ
إذا تَوَقَّدَتِ الحُزَّانُ والمِيلُ
ضَخْمٌ مُقَلَّدُها فَعْمٌ مُقَيَّدُها
في خَلْقِها عن بَنَاتِ الفَحْلِ تَفْضِيلُ
حَرْفٌ أَخُوها أَبُوها مِن مُهَجَّنَةٍ
وعَمُّها خَالُها قَوْدَاءُ شِمْلِيلُ
يَمْشِي القُرَادُ عليها ثم يُزْلِقُهُ
مِنها لَبَانٌ وَأَقْرَابٌ زَهَالِيلُ
عَيْرانةٌ قُذِفَتْ في اللَّحْم عن عُرُضٍ
مِرْفَقُها عن بَنَاتِ الزَّوْرِ مَفْتولُ
كأنَّ ما فات عَيْنَيْها ومَذْبَحَها
مِن خَطْمِها ومِن اللَّحْيَيْنِ بِرْطِيلُ
تَمِرُّ مِثْلَ عَسِيبِ النَّخْلِ ذا خُصَلٍ
في غارِزٍ لم تَخَوَّنْهُ الأَحَاليلُ
قَنْوَاءُ في حُرَّتَيْها لِلْبَصِيرِ بِهَا
عِتْقٌ مُبِينٌ وفي الخَدَّيْنِ تَسْهيلُ
تَخْدِي على يَسَرَاتٍ وهي لاحِقَةٌ
ذَوَابِلٌ وَقْعُهُنَّ الأرضَ تَحْلِيلُ
سُمْرُ العَجَاياتِ يَتْرُكْنَ الحَصَى زِيَمًا
لم يَقِهِنَّ رُؤُوسَ الأَكْمِ تَنْعِيلُ
يومًا يَظَلُّ به الحِرْباءُ مُصْطَخِمًا
كأنَّ ضَاحِيَهُ بالنَّارِ مَمْلُولُ
كأَنَّ أَوْبَ ذَرَاعَيْها وقد عَرِقتْ
وقدْ تَلَفَّعَ بالقَوْرِ العَسَاقِيلُ
وقالَ للقومِ حَادِيهمْ وقد جَعَلَتْ
وُرْقُ الجَنَادِبِ يَرْكُضْنِ الحصى : قِيْلُوا
شَدَّ النهارِ ذِرَاعَا عَيْطَلٍ نَصَف
قَامَتْ فَجَاوبَها نُكْدٌ مَثَاكِيلُ
نَوَّاحَةٌ رَخْوَةُ الضَّبْعَيْنِ ليس لَهَا
لَمَّا نَعَى بِكْرَها النَّاعونَ مَعْقُولُ
تَفْرِي اللَّبانَ بِكَفَّيْهَا وَمِدْرَعُهَا
مُشَقَّقٌ عَنْ تَرَاقِيها رَعَابِيلُ
يَسْعَى الوُشاةُ بِجَنْبيْها وقولُهُمُ
إِنَّك يا بنَ أبي سُلْمَى لَمَقْتُولُ
وقال كلُّ خَلِيلٍ كنتُ آمُلُهُ
لا أُلْفِيَنَّكَ إِنِّي عنك مَشْغُولُ
فقلتُ خَلُّوا طَرِيقي لا أَبَا لكمُ
فكلُّ ما قَدَّرَ الرحمنُ مَفْعولُ
كلُّ ابنِ أَنْثَى وإِنْ طالتْ سَلامَتُهُ
يومًا على آلةٍ حَدْبَاءَ مَحْمُولُ
أُنْبِئْتُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ أَوْعَدنِي
والعَفْوُ عندَ رسولِ اللهِ مَأْمُولُ
مهلاً هداكَ الذي أعطاكَ نَافِلَةَ الـ
ـقُرْآنِ فيها مَوَاعِيظٌ وتفصِيلُ
لا تَأْخُذَنِّي بِأَقْوَالِ الوُشَاةِ ولَمْ
أُذْنبْ ولو كَثُرتْ عَنِّي الأَقَاوِيلُ
لقد أَقُومُ مَقَامًا لو يقومُ بهِ
أرى وأسمعُ ما لو يَسْمَعُ الفِيلُ
لظَلَّ يُرْعَدُ إِلاَّ أَنْ يكونَ لَهُ
مِن الرَّسولِ بإذنِ اللهِ تَنْوِيلُ
حتّى وَضَعْتُ يَمِيني لا أُنَازِعُهُ
في كَفِّ ذي نَقَمَاتٍ قِيْلُهُ القِيلُ
لذَاكَ أَهْيَبُ عندي إذْ أُكلِّمُه
وقيل إِنَّكَ مَسْبُورٌ ومَسْؤُولُ
مِن ضَيْغَمٍ مِن ضِرَاءِ الأُسْدِ مُخْدَرُهُ
ببَطْنِ عَثَّرَ غِيلٌ دونَه غِيلُ
يغدو فَيُلْحِمُ ضِرْغَامَيْنِ عَيْشُهُما
لَحْمٌ مِن القومِ مَعْفُورٌ خَرَاذِيلُ
إذا يُسَاوِرُ قِرْنًا لا يَحِلُّ لَهُ
أَنْ يَتْرُكَ القِرْنَ إلاَّ وهو مَفْلُولُ
منهُ تَظَلُّ حَمِيرُ الوَحْشِ ضَامِرَةً
ولا تُمَشِّي بِوادِيهِ الأَرَاجِيلُ
ولا يزالُ بواديهِ أَخُو ثِقَةٍ
مُطَرَّحُ البَزِّ والدِّرْسانِ مَأْكُولُ
إِنَّ الرَّسولَ لَسَيْفٌ يُسْتَضَاءُ بهِ
مُهَنَّدٌ مِن سُيوفِ اللهِ مَسْلُولُ
في عُصْبةٍ مِن قُرَيشٍ قال قَائِلُهمْ
ببَطْنِ مَكَّةَ لَمَّا أَسْلَمُوا زُولُوا
زالُوُا فما زال أَنْكَاسٌ ولا كُشُفٌ
عند اللِّقَاءِ ولا مِيْلٌ مَعَازِيلُ
شُمُّ العَرَانِينِ أبطالٌ لَبُوسُهمُ
مِن نَسْجِ دَاودَ في الهَيْجَا سَرَابِيلُ
بِيضٌ سَوَابِغُ قدْ شُكَّتْ لَهَا حَلَقٌ
كأنَّها حَلَقُ القَفْعاءِ مَجْدُولُ
يَمْشُونَ مَشْيَ الجِمالِ الزُّهْرِ يَعْصِمُهمْ
ضَرْبٌ إذا عَرَّدَ السُّودُ التَنَابيل
لا يفرَحون إذا نالتْ رِماحُهمُ
قومًا ولَيْسُوا مَجازِيعًا إذا نِيلُوا
لا يَقَعُ الطَّعْنُ إلاَّ في نُحُورِهمُ
ما إِنْ لهمْ عنِ حياضِ الموتِ تَهْليلُ