في دراسة اقتصادية صادرة عن المكتب التنفيذي لإدارة الرؤية الوطنية:

القطاع الخاص يمثل فرصة هامة لدعم المرونة الاجتماعية والاقتصادية وتعزيز الاستقرار في اليمن

 

 

غياب الاستقرار السياسي وضعف خدمات الكهرباء وانتشار الفساد على رأس المعوقات التي تواجه القطاع الخاص
القطاع الخاص أبدع في تعزيز مجالات الصمود الاقتصادي في ظل العدوان على اليمن
مساهمة القطاع الخاص في الناتج الإجمالي الحقيقي بلغت 70.8% عام 2020م مقارنة بـ67.1% عام 2015م
الإسهام في تقليل الانكماش الاقتصادي أثناء العدوان
83.1% مساهمة القطاع الخاص في الصناعات التحويلية حتى عام 2019م
المساهمة في قطاع الخدمات بنسبة وصلت عام 2019م إلى 74.3% مقارنة بـ62.3% عام 2015م
اليمن من الدول النامية التي تتطلب تحفيز وتنمية القطاع الخاص في ظل الحاجة للتعافي الاقتصادي
الحرب على اليمن قادت إلى تقليص فرص العمل والدخل والتصاعد المستمر لأسعار المستهلك
أزمة السيولة وانهيار الموازنة ترتب عليها أزمة حادة في مرتبات موظفي الدولة

الثورة / أحمد المالكي

أكدت دراسة اقتصادية جديدة صادرة عن وحدة التخطيط بالمكتب التنفيذي لإدارة الرؤية الوطنية أن القطاع الخاص اليمني أبدع في تعزيز مجالات الصمود الاقتصادي في ظل العدوان على اليمن ، وخلال المرحلة الأولى للرؤية الوطنية 2019-2020م.
وأشارت دراسة بعنوان “القطاع الخاص الوضع الراهن ودوره الاقتصادي والاجتماعي والإنساني” حصلت “الثورة” على نسخة منها إلى أن مساهمة القطاع الخاص في الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بلغت 70.8% عام 2019م مقارنة بـ67.1% عام 2015م ، وأن الأهمية الكبرى التي بات يحتلها القطاع الخاص في الاقتصاد اليمني أثناء الحرب تظهر مدى أهمية تعزيز دوره وأنشطته والدور الذي يمكن أن يلعبه في تخفيف المعاناة واستمرار الحد الأدنى من الحياة الاقتصادية اليمنية ،والقدرة على المساهمة في التنوع الاقتصادي وخلق فرص العمل حيث ينبغي أن تركز الخطة المرحلية الثانية على خطوات لتشجيع ودعم القطاع الخاص في الاقتصاد اليمني.
مضيفة أن القطاع الخاص ساهم بالحد والتقليل من الانكماش الاقتصادي أثناء فترة العدوان حيث بلغ متوسط الانكماش الحقيقي للناتج المحلي الإجمالي للقطاع الخاص خلال الفترة 2015-2019م 8.9% -14.7%.
وأوضحت الدراسة أن القطاع لعب دوراً في الأنشطة الاقتصادية المختلفة حيث تشير بيانات تحليل الأهمية النسبية داخل القطاعات الاقتصادية أن مساهمة القطاع الخاص في الصناعات التحويلية وصلت إلى 83.1% عام 2019م مقارنة بـ82.4% عام 2015م وبمتوسط بلغ 81.3% خلال الفترة 2010-2014م فيما وصلت مساهمة القطاع الخاص في قطاع البناء والتشييد إلى 63.2% عام 2019م مقارنة بـ19.9% عام 2015م وبمتوسط بلغ 45.1% خلال الفترة 2010- 2014م ووصلت نسبة مساهمته في قطاع الخدمات إلى نحو 74.3% عام 2019م مقارنة بـ62.3% عام 2015م وبمتوسط 68.1% خلال الفترة 2010-2014م.
وأضافت الدراسة أنه نظراً لما يتمتع به القطاع الخاص من مزايا وإمكانيات كبيرة تؤهله للقيام بدور ريادي في شتى المجالات الاقتصادية وإعادة الأعمار والتعافي والبناء المؤسسي، فإن الأمر يتطلب التركيز خلال الخطة المرحلية الثانية للرؤية الوطنية 2021-2025م دعم وتشجيع مختلف الأنشطة للقطاع الخاص، والتدخل عبر الإجراءات والتسهيلات اللازمة التي تمكن هذا القطاع الحيوي من مواجهة أية صعوبات مستقبلية وتعزيز دوره الاقتصادي.
مبينة أن مساهمة القطاع الخاص في الاستثمار وصلت إلى 91% عام 2019م مقارنة 76% عام 2012م وأن هذه النسب تعكس الدور الكبير للقطاع الخاص كجهاز إنتاجي وخدمي ، كون اليمن من الدول النامية التي تقتضي فيها الأمور تزايد تحفيز ،وتنمية القطاع الخاص خاصة في ظل الحاجة إلى إعادة الإعمار، واستعادة التعافي الاقتصادي ، والبنية المؤسسية ،وإعادة البناء وتعزيز مقومات الاستقرار.
وعن الدور الاجتماعي للقطاع الخاص أوضحت الدراسة أن الحرب الجارية قادت إلى تقليص فرص العمل، والدخل والتصاعد المتواصل في أسعار المستهلك ، كما أن تفاقم أزمة السيولة وانهيار الموازنة ترتب عليها أزمة حادة في مرتبات موظفي الدولة والتحويلات النقدية للفقراء ،ومحدودية وصول الفئات الضعيفة إلى الخدمات، والمتقاعدين، وتعليق الخدمات الاجتماعية في التعليم والصحة الأمر الذي نتج عنه تفاقم ظاهرة البطالة والفقر وانعدام الأمن الغذائي ،وقُدر عدد اليمنيين المحتاجين إلى مساعدة إنسانية بحوالي 22.2 مليون شخص، وأنه وفي ظل هذه الظروف ،فإن دور القطاع الخاص في التخفيف من البطالة والفقر يزداد أهمية مع الزمن، خاصة مع تضاؤل الدور الحكومي في ظل الحصار الاقتصادي الشامل وتأثيره على العملة اليمنية ،وأن هناك أولويات قصوى في هذا الجانب تتمثل بوقف الحرب وتحييد الاقتصاد والقطاع الخاص وتسهيل الإجراءات وتذليل الصعوبات.
ووفقاً للدراسة فإن القطاع الخاص يستوعب النسبة الكبرى في تشغيل العمالة وبنسبة 69% ، وأن العاملين في القطاع غير المنظم يشكلون نسبة 73% من حجم قوة العمل ، كما أن الإدارة الحكومية وقطاع الأعمال لا يسهم بتشغيل سوى 27% من حجم القوة، ما يظهر أهمية القطاع في الوقت الحاضر في امتصاص أعداد متزايدة من العاملين وأن القطاع الخاص يعول عليه في امتصاص أعداد متزايدة من العمالة إذا توافرت له الظروف المناسبة مثل تهيئة البيئة المحيطة للاستثمار لأنه سيكون الأسرع في معدل النمو ، كما أن التطوير الذي سيلحق القطاع الخاص غير المنظم سيحوله إلى قطاع منظم، ناهيك عن قدرة القطاع الخاص على استيعاب أعداد متزايدة من موظفي الدولة في ظل انقطاع الرواتب.
وأكدت الدراسة على أهمية توفير البيئة المناسبة للقطاع الخاص في توفير خدمات المجالات الصحية ،وصياغة رؤية عملية لشراكة استراتيجية بين القطاعين الخاص والعام في نطاق الخدمات الصحية وتأمين احتياجات القطاع الصحي ، إضافة إلى تعاظم دور القطاع الخاص في مختلف مجالات التعليم ، وأهمية إيجاد نوع من الشراكة بين القطاع العام والخاص في عملية تسريع التنمية في قطاع التعليم في ظل محدودية الطاقة الاستيعابية للمؤسسات التعليمية الحكومية ، وتزايد وعي المواطنين بأهمية التعليم.
ولفتت الدراسة إلى أن الجهات الفاعلة في المجال الإنساني تعتمد على القطاع الخاص لتوفير خدمات سلسلة الإمداد مثل النقل والتخزين ، وخدمات التخليص الجمركي وإعادة الشحن ، كما اعتمدت الجهات الإنسانية العاملة في جهود الاستجابة للكوليرا على الشركات اليمنية للحصول على المستلزمات الطبية ، حيث لعب القطاع الخاص دوراً أساسياً في توزيع المساعدات الإنسانية بما في ذلك التحويلات النقدية ،والتحويلات المادية.
ونوهت الدراسة إلى دور القطاع الخاص في الحياة الاجتماعية والعمل الخيري لإنشاء ودعم المؤسسات الخيرية والجمعيات التعاونية ، وإنشاء دور الأيتام والمستردين ، ورعاية ذوي الاحتياجات الخاصة، إنشاء ودعم دور العجزة وكفالة الأيتام والأرامل والأسر الفقيرة ودعم المناسبات الاجتماعية كالزواج الجماعي، وتقديم القروض المحسنة ، والمساعدات للفقراء القادرين على الإنتاج وهو ما يتطلب وضع آلية تسهل عمل القطاع الخاص في عمليات الإغاثة عبر أنشطتهم المختلفة وخصوصاً في توفير السلع والخدمات الضرورية في مجال الغذاء أو الصحة أو التعليم، وتوفير المواد الطبية اللازمة لتفعيل الإجراءات الوقائية لمواجهة الأمراض المنتشرة خلال الحرب وأنه من المهم أن تعمل الجهات المانحة على وضع التسهيلات اللازمة لعملية التمويل المالي للقطاع الخاص ومعه أولويات المشاريع.
وتطرقت الدراسة إلى المعوقات ،والتحديات التي تواجه القطاع الخاص وقالت : إن تعزيز دور القطاع الخاص في الحياة الاقتصادية يتطلب تبني الكثير من الإصلاحات التنظيمية والتشريعية اللازمة لتحرير الاقتصاد وتطوير بيئة أداء الأعمال ،وتحسين مناخ الاستثمار من خلال معالجة العديد من العوامل والأسباب منها ضعف سيادة القانون، وهو ما يؤكده تدني مرتبة اليمن في مؤشرات بيئة أداء الأعمال بما فيها مؤشرات سهولة الوصول إلى التمويل ، وحماية المستثمرين وبدء الأعمال.
وبينت الدراسة أن مؤسسات القطاع الخاص أصبحت تواجه صعوبة كبيرة في الحصول على العمالة العالية المهارة التي غادرت اليمن بسبب العدوان ، حيث تعتمد العديد من الشركات والمؤسسات الخاصة على العمالة الأجنبية للوفاء باحتياجاتها من التخصصات النادرة ، وارتفعت نسبة المنشآت الكبيرة التي تفتقد للعمالة عالية المهارة إلى 58% بعد الحرب مقارنة بـ25% قبل الحرب وانخفض عدد العاملين العرب والأجانب المرخص لهم من وزارة الشؤون الاجتماعية من 4130 عاملاً عام 2015م إلى 1341عاملاً عام 2018م وبنسبة تراجع بلغت 67.5% مؤكدة أن القطاع الخاص يعاني العديد من الصعوبات والمعوقات في جانب الاستثمار وأنه تم تحديد عشر عوائق تواجه أعمال الشركات الخارجية على رأسها غياب الاستقرار السياسي ،وضعف خدمات الكهرباء ،وانتشار الفساد ،كما أن تداعيات العدوان قد فاقمت المعوقات التي تواجه القطاع الخاص.
وعن الدور المنشود للقطاع الخاص في الخطة المرحلية الثانية للرؤية الوطنية 2021-2025م أكدت الدراسة على أن مشاركة القطاع الخاص يعد ضرورة حتمية من أجل النهوض بالتنمية ورفع مستوى المعيشة للمواطنين ، حيث يشارك القطاع الخاص في رسم السياسات الاقتصادية وبحث السبل الكفيلة بتنفيذها خلال الخطة الثانية (البنية المؤسسية وإعادة البناء وتعزيز مقومات الاستقرار) وهناك أهمية في العمل على تطوير مبادرات تساهم في تحفيز عمل القطاع الخاص عبر الجوانب المختلفة مثل الإعفاء الضريبي أو الجمركي وخصوصاً في المشاريع الحيوية في قطاع الخدمات العامة أو البنية التحتية ،وفي الخطة المرحلية الثانية للرؤية الوطنية التي تتطلب تقديم تسهيلات واسعة للقطاع الخاص للمساهمة في عملية تنفيذ المشاريع في مدى زمني مقبول لتحقيق أكبر فائدة في أسرع وقت ممكن.
وأكدت الدراسة على الدور الأساسي للقطاع الخاص في الخطة المرحلية الثانية 2021-2025م والذي يمكن أن يبرز عبر المؤسسات الممثلة له سواء عبر تفعيل دور غرف التجارة في المحافظات أو تعزيز دور الاتحاد العام بالإضافة إلى توسيع نادي الأعمال ، حيث من المهم أن تعمل تلك الكيانات على التعبير عن رؤى عناصر القطاع الخاص بشكل متوازن يعكس الفئات المختلفة لهذا القطاع في الخطة المرحلية الثانية مع إبراز المشاكل التي تظهر أثناء عملية تنفيذ المشاريع لتجاوزها وتحقيق مستوى عال من الاستدامة لها.
وعن دور القطاع الخاص المنشود في البناء المؤسس والتعافي وإعادة الإعمار قالت الدراسة: أن القطاع الخاص في اليمن يمثل فرصة هامة وأداة لا غنى عنها لدعم عملية التعافي والمرونة الاجتماعية والاقتصادية وإعادة الإعمار وتعزيز الاستقرار في اليمن، حيث تؤدي عملية إعادة البناء ،والبنية المؤسسية إلى زيادة فرص العمل في الأنشطة المختلفة والبناء والتشييد للقطاع الخاص وبما يحقق أثراً سريعاً ، وأنه وبصورة أشمل فإن سرعة تعافي القطاع الخاص، بصفته مزود رئيسي للسلع والخدمات والوظائف في اليمن، يمكن أن يساعد على إعادة مئات الآلاف من الناس إلى العمل في جميع أنحاء البلاد، فالقطاع الخاص بما في ذلك المنشآت الصغيرة والمتوسطة التي تعتبر النمط السائد للمشاريع التجارية في اليمن ، يمثل مصدراً رئيسياً للعمالة والمزود للسلع والخدمات الأساسية ، الأمر الذي يجعله جزءاً هاماً من النظام الاجتماعي والاقتصادي وتعزيز الاستقرار.
وخلصت الدراسة إلى أن قدرة القطاعات التجارية والمالية والزراعية والبناء والمقاولات ستكون ذات أهمية خاصة بالنسبة للتعافي وإعادة الإعمار، والبنية المؤسسية وإعادة البناء وتعزيز مقومات الاستقرار ، وبالتالي فإن نجاح القطاع الخاص في المشاركة الفاعلة في الخطة المرحلية الثانية للرؤية الوطنية 2021-2025م يعتمد على الحكومة والقطاع الخاص نفسه ، وأنه من الأهمية بمكان فهم العوامل المحركة لسلوك المنشآت الخاصة وحوافزها والعناصر والقيود والبيئة التي تعمل فيها كما أن التعافي الذي يولد نمواً عادلاً، ويخلق فرص عمل يعد عاملاً هاماً في تحقيق أهداف الرؤية الوطنية ،وهو الأمر الذي يتطلب دراسة كل العوائق المرتبطة والصعوبات الرئيسية على القطاع الخاص والأولويات الخاصة بدعم التعافي وتسهيل المشاركة الفاعلة للقطاع الخاص .

قد يعجبك ايضا