القات والوقت والشباب

 

محمد العزيزي

الشباب هم عماد وصناع المستقبل ورافعته وهم بناة الأوطان وتقدمها، فلا يرتقي شعب إلى أوج العلا ما لم يكن بانوه من أبنائه، ولا ينحدر وطن وشعبه إلا إذا ذهبت الأخلاق وفقدت بوصلة العلم والعلوم واستخف بناة الوطن وبالذات شبابه بأهمية الزمن والوقت وعدم الاستفادة من كل ثانية تمر من أعمارنا وتشبث قادة المستقبل بالعادات والتقاليد السيئة التي تقف حجر عثرة أمام الشعوب.
بالنسبة لشباب الأمة العربية هم أكثر شعوب العالم ضياعا بسبب الموروث والتركة الثقيلة التي ابتليت بها الشعوب العربية وشبابها وجعلت طاقة شبابها مهدرة ولا قيمة لها ولهم.
حقيقة بلادنا اليمن كغيرها من البلدان العربية شبابها غارقون في مشاكل العادات والأعراف وسلوكيات لا تخدم الأوطان والشعوب بل تساهم بشكل كبير في الاستمرار بالتخلف عن ركب العالم وتقدمه وازدهاره، ولعل القات وعادة مضغ القات وما يتسبب من إهدار وضياع لملايين وآلاف الساعات مع ماراثون بحشامة وجلسات القات والتي لو استغلها الشباب في العمل والإنتاج لكان اليمن أكبر مصدر لاحتياجات العالم لمتطلبات الحياة كما قامت وعملت جمهورية الصين الشعبية اليوم التي تصنع لشعوب العالم كل شيء من الإبرة حتى الصاروخ والأقمار الصناعية وتصنيع ما يحتاجه ويطلبه ويتخيله أي إنسان وفي أي مجال من مجالات الحياة.
المشكلة وما تعانيه بلادنا الحبيبة اليمن ليست في عموم الناس بل في فئة الشباب الذين ابتليوا بالقات والسهر إلى أوقات متأخرة من الليل والبعض إلى الساعات الأولى من الفجر وهم في قمة الشباب والعطاء ولكن القات والسهر سرق من شبابنا شبابهم وفتوتهم ويسرق ويهدر طاقاتهم وحيويتهم ومستقبلهم ومستقبل وطن.
تخيلوا يا سادة يا كرام ويا إنس ويا بشر أن بعض الشباب ينام حتى الظهيرة يقوم من نومه إلى سفرة الطعام وفورا إلى سوق القات والعودة إلى مجالس القات ومع الخبرة وشلة الأنس والمرح، حتى أصبحت هذه العادة أو الظاهرة هي الموضة التي اختطها الكثير من الشباب لتكون حياتهم على هذا النحو.
هي في الحقيقة كارثة الكوارث وأم المصائب على الشباب والشعب والمستقبل والتنمية وعلى نهضة الأمة والوطن، بل هي الحقيقة المرة والجرح الناكي والمؤلم أن القات آفة الشعب اليمني ومدمر لشبابه واقتصاده، خاصة بعد أن حول القات وجلساته الشباب أسرى هذه النبتة الخبيثة القاتلة للوقت ولروح الشباب ونشاطهم وإنتاجهم وأن يفقد شبابنا اليوم أكثر من اثنتي عشرة ساعة مع القات وست ساعات في النوم بعد رحلة طويلة مع مضغ القات.
والسؤال: هل نتوقع من جيل وشعب شبابه غاطس أو غارق في وحل القات وعاداته في صناعة المستقبل المنشود ومنافسة شعوب العالم فيما وصل إليه من تطور وعلوم وتكنولوجيا، ولو 20% مما هم عليه اليوم ومستقبلا في ظل هذا الواقع البائس للشباب وبغض النظر عن مآسي وحال الأمة العربية واليمنية والواقع المؤسف الذي تمر به بلداننا اليوم.
الغريب في الأمر أيضا أن الحكومة والدولة تشجع هذا العبث وتساهم في تدمير حياة جيل بكامله ومستقبل وطن وما يمكن أن ينتجه القات من تخلف وضياع للأجيال القادمة، وهنا قد يقول قائل وماذا بإمكان الحكومة فعله.. أقول بإمكانها أقل القليل تقنين أو قوننة القات وتعاطيه، وانتشار رقعة زراعة القات في البلاد.

قد يعجبك ايضا