21 سبتمبر.. ثورة الإنقاذ والتحرّر والاستقلال التي أعادت ثقة الشعب بنفسه

اللحظة الثورية والإنجاز الذي تحقق:
يناقش أ. حسن زيد في مقابلة معه، ثورة الحادي والعشرين من سبتمبر في عيدها السادس، وانعكاساتها، وكيف تمكنت من تحرير القرار السياسي وإسقاط وصاية السفراء ، ونظام الارتهان الذي كان يحكم من صنعاء تحت إشراف سعودي – أمريكي – بريطاني

المبادرة الخليجية التي شاركت أنا في توقيعها في العاصمة السعودية كرست الوصاية

ثورة الحادي والعشرين من سبتمبر ، هي ثورة شعبية انطلقت في الرابع من أغسطس 2014م ، بواسطة مظاهرات شعبية كبيرة خرجت في العاصمة صنعاء ، وفي عواصم المحافظات ، ثم توالت المظاهرات الشعبية التي شارك فيها ملايين اليمنيين ، وحين بدأت مرحلة التصعيد الثوري في صنعاء ، دخلت الثورة الشعبية مرحلة مواجهة عسكرية مع مليشيات الإصلاح ومجندين تابعين لجامعة الإيمان ومعسكرات الفرقة الأولى مدرع بقيادة علي محسن الأحمر ، وأسفرت الثورة الشعبية عن إسقاط حكومة باسندوة ، وطرد علي محسن من صنعاء ، وإنهاء حقبة الحكم السياسي الذي تشكل بناء على مبادرة سعودية وقعتها الأطراف السياسية في 23 أكتوبر 2011م ، وبعد انتصار الثورة الشعبية مساء الحادي والعشرين من سبتمبر من العام 2014م ، وقعت الأطراف السياسية اتفاقا سياسيا برعاية الأمم المتحدة ، باركه المجتمع الدولي وجامعة الدول العربية ، ثم لاحقا تشكلت اللجان الثورية والشعبية ، للدفاع عن مكاسب الثورة والحفاظ على الممتلكات العامة والخاصة ، بعد تقديم الرئيس المدعوم سعوديا استقالته مع حكومته في 22‏ يناير 2015م ، ثم هروبه إلى الرياض لاحقا ، ضمن ترتيبات الحرب الأمريكية – السعودية – البريطانية على اليمن والتي بدأت في السادس والعشرين من مارس لنفس العام، ولم تتوقف حتى اللحظة.
الأستاذ حسن محمد زيد ، وزير الشباب والرياضة في حكومة الإنقاذ الوطني حالياً ، وهو أمين عام حزب الحق ، أحد الأحزاب التي انخرطت في تحالف اللقاء المشترك «أحزاب المعارضة سابقا» ، كان وزيرا للدولة في حكومة بحاح التي تشكلت عقب ثورة الحادي والعشرين من سبتمبر 2014م ، بمنصبه الحزبي كان أحد الموقعين على المبادرة الخليجية في عاصمة السعودية ، وأحد الموقعين على اتفاق السلم والشراكة، الاتفاق التاريخي الوطني الذي صاغته ثورة الحادي والعشرين من سبتمبر ، ووقعته الأطراف السياسية ليلة انتصار الثورة في صنعاء ، يدوِّن حسن زيد في تعليقات عن ثورة الـ21 من سبتمبر ، وحول المفاوضات التي جرت تزامنا مع تحرك الثوار في العاصمة صنعاء وعواصم المحافظات:

الثورة/ يحيى الضلعي

بداية…هل كانت ثورة الحادي والعشرين من سبتمبر ثورة شعبية..حققت التحرر والاستقلال وخلصت اليمن من التبعية والوصاية الخارجية؟
– هي ثورة شعبية شاركت فيها مختلف الفئات والمكونات والفعاليات والتنظيمات الشعبية في اليمن بما في ذلك القبائل والأمن والجيش، قادها حملة شعار (الله أكبر، الموت لأمريكا، الموت لإسرائيل، اللعنة على اليهود، النصر للإسلام)، ودلالته هي رفض الوصاية الصهيونية على القرار الوطني سواء كان في اليمن أو أي دولة عربية وغير عربية، ولا يمكن أن تتحقق السيادة إلا بالوحدة الوطنية، ولهذا سعوا أي حملة الشعار منذ أن كانوا في صعدة بل من لحظات البداية التي بدأت بمحاضرات الشهيد السيد القائد المؤسس حسين بدرالدين الحوثي رضوان الله عليه، إلى التحرك ضمن مشروع التحرر الذي يترجمه الشعار المعروف.
هم يعتبرون أن اليمنيين والعرب والمسلمين والانسانية مستهدفون من الهيمنة الصهيونية بأدواتها أمريكا وبريطانيا وعملائها من الحكام، فالمشكلة من وجهة نظرهم هي ضعفنا الذي أدى إلى خضوعنا للهيمنة الأمريكية التي تتحدد علاقتها بِنَا وفقاً لمصالح الكيان الغاصب، ويتجسد خضوعنا في اعتقاد الصفوة، أو أغلبهم لوهمهم، أن أمريكا وإسرائيل لا تهزمان، كأن إرادتها هي القضاء والقدر، ولذلك يسعى الحكام والطامحون إلى تنفيذ ما تريده وكأنهم يعبدونها، وهذا معناه أن إدارة أموال النفط الخليجية تتحكم فيها أجهزة الاستخبارات الأمريكية(الخادمة للصهيونية)، ولمواجهة ذلك لابد من التمسك بالوحدة الوطنية والعمل على تجسيدها واقعاً، وهذا ما عمل قادة أنصار الله على تحقيقه من خلال موافقتهم على حكومة بحاح، التي شكلت بقوة الزخم الثوري، وقبلوا أن يُستبعدوا منها، واكتفوا بمحاولة إعادة التوازن في القرار بتوسيع الشراكة في الحكومة، وإيجاد رقابة مجتمعية من قبل القوى السياسية التي نص اتفاق السلم والشراكة على مسؤوليتهم في الرقابة على تشكيل الحكومة، وتوسيع الشراكة في التمثيل بها ومنحوا بحاح تفويض اختيار الوزراء،وحُدد لـ عبدربه أربعة وزراء فقط).
لقد أرادوا تحرير قرار المكونات السياسية وإرادتها من براثن سفراء الدول العشر، وأردوا تطمين المكونات والاحزاب والمسؤولين وقتها، لكن الذي حدث لاحقا من بحاح وهادي والقيادات السياسية المرتبطة بالولاء لداعميهم في الخارج والمتمثلين بالقوى الكبرى على رأسها أمريك ا، باختصار لقد مد أنصار الله والثوار أيديهم للجميع بما فيهم من شنوا الحروب عليهم، لكن خصومهم عملوا على إقصائهم واستبعادهم، ثم لاحقا شنوا الحرب والعدوان على اليمن.
ما الذي غيَّرته ثورة الحادي والعشرين من سبتمبر، وما الذي كرسته، وكيف أسقطت النظام السياسي الذي كان مرتهنا لسفراء ما سميت بالدول العشر وعلى رأسها أمريكا وبريطانيا والسعودية؟
– يحسب لثورة الـ 21 من سبتمبر 2014م كمحصلة ونتيجة لفكر المسيرة التي بدأها الشهيد القائد المؤسس حسين بدر الدين الحوثي والانتصارات العظيمة التي تحققت في مواجهة العدوان، يحسب لها إعادتها الثقة بقدرة الإنسان اليمني وشجاعته وتفوقه بإيمانه وتوكله على الله واعتماده على ذكائه في تحقيق النصر)، وبفعل ثورة الشعب اليمني تحرر القرار، واليمن تعاني من الوصاية وكان القرار السياسي بكامله مرتهنا للخارج، ثورة الشعب اليمني أصبحت نقطة تحول في استعادة القرار، فالشعب اليمني فرض إرادته.
ثورة سبتمبر حررت اليمن من الوصاية السعودية والأمريكية.
– اليمن وضعت رسمياً تحت الوصاية الدولية بقرارات من مجلس الأمن (وأُخضعنا للفصل السابع)، المبعوث الأممي جمال بنعمر ومعه السفراء وبالذات السفير الامريكي كانوا يتصرفون وكأنهم الحكام الفعليون لليمن، وكرست الاتفاقية الخليجية ( التي شاركت شخصياً في توقيعها) هذه الوصاية، ومنحت القوى الدولية دور الرعاة والضامنين لتنفيذ الاتفاقية، مقابل وعود بالدعم مستغلين الانقسام السياسي الذي أسهموا في توسيعه وتعميقه، الدور الذي كان يقوم به السفراء «الامريكي والسعودي والبريطاني والفرنسي وغيرهم»، أوضح من أن نتحدث عنه، بمعنى لا يحتاج للحديث عنه فقد كان مكشوفا ومعلنا، والهيمنة السعودية والأمريكية على القرار اليمني قديمة بدأت عام 1968م عقب المصالحة اليمنية بعد الحرب الأهلية ( الاقليمية )عقب ثورة سبتمبر 1962م..
الشواهد على ذلك كثيرة، يكفي أن نذكر منها اغتيال الرئيس إبراهيم الحمدي على يد الملحق العسكري السعودي، بقرار من السعودية، فقد كانت السعودية كواجهة أو أداة لأمريكا في المنطقة، ومن خلفها الصهيونية متحكمة بالقرار اليمني، إلى درجة أن تشكيل الحكومة اليمنية لا تتم إلا بموافقة السعودية التي تعمل كأداة وواجهة للقوى المتحكمة بالقرار السعودي نفسه، فكانت السعودية تستبعد أسماء من الحكومة وتفرض أسماء أخرى، ونذكر أنه قبل 2011م كانت أمريكا تشرف على تدمير الصواريخ المضادة للطيران والبالستية الموروثة من جيش الوحدة، وقد عقدت الاتفاقات الأمنية مع أمريكا تحت عنوان الشراكة في مكافحة الإرهاب، ومنحت هذه الاتفاقيات امريكا حق قتل أي يمني تتهمه بالانتماء للقاعدة، وأشرفت القوات الأمريكية على إنشاء قوات مكافحة الإرهاب والأمن القومي وركزت كثيراً على السيطرة على قوات خفر السواحل، كنا نشاهد «المارينز» في شوارع العاصمة صنعاء، بل أن السفير الأمريكي كان يطوف المحافظات لشراء الأسلحة تمهيداً لتجريد المجتمع اليمني من السلاح حتى الفردي المسموح بامتلاكه (للمواطن الامريكي داخل أمريكا).
كنّا منذ عام 1968م تحت الوصاية المباشرة وإن حاول بعض القادة في اليمن التخلص من وصايتها والتمرد عليها قامت باغتياله، أو الانقلاب وزعزعة نظامهم، مستغلة الحاجة للدعم وأيضاً الانقسام السياسي الحاد، وغياب المشروع الوطني بتأثير ضعف الانتماء والهوية الوطنية لدى المكونات والسياسيين، لصالح الهويات القبلية والحزبية والقروية والمذهبية والعرقية، أو القفز على الهوية الوطنية لصالح الجامع القومي والأممي، كما اشيعت ثقافياً من قبل الأحزاب القومية والأممية والإسلامية والاشتراكية، عقب سقوط بغداد تفشت الهوية الفردية كرد فعل يائس على الهزيمة التي توجت سلسلة من الهزائم التي بدأت بنكبة وكارثة يونيو عام 1967م..
كنت ضمن أعضاء لجنة التفاوض التي توصلت إلى اتفاق السلم والشراكة.. كيف جرت المفاوضات وصولا إلى توقيع اتفاق السلم والشراكة؟
– نعم كنت من ضمن اللجنة التي نزلت صعدة، والذي كان يطرح ما أعلن عنه بيومه وفِي وقته، لقد كنّا نحاول أن نتجنب تداعيات القرار الغريب الذي اتخذه عبدربه منصور هادي برفع الدعم عن المشتقات النفطية وفرضه على الشعب كي يفجِّر الأوضاع في مواجهة الحكومة، ليتخلص من الشراكة التي تضمنتها نصوص الاتفاقية الخليجية وآليتها التنفيذية، ومنحت رئيس الوزراء المكلف من أحزاب (المعارضة) المشترك، مع رئيس الجمهورية التوافقي، حق الشراكة في اتخاذ القرارات.
كشفت الأيام في ما بعد أن هادي كان مجرد أداة بيد السعودية ومن يقف خلفها، للتمهيد للعدوان من خلال اتخاذ مواقف متصلبة في مواجهة الإرادة الشعبية سواء في ما يتعلق بالتعسف في استخدام (السلطة الدستورية)، مستعينًا بدعم السفارات(الامريكية والبريطانية والسعودية) والمبعوث الدولي، ولتفكيك القوات المسلحة بحجة اعادة الهيكلة والتفرد بالسلطة باستبعاد المؤتمر الشعبي الذي رشحه للرئاسة والحراك الجنوبي وأنصار الله، بل وحتى الأحزاب التي انضوت تحت مسمى المؤتمر الوطني للحوار، مقتصراً على التعامل مع بعض الشخصيات النافذة في حزب الإصلاح والمؤسسة العسكرية مرحلياً لكي يستعين بها للتخلص من القوى الفاعلة، ثم ينقلب عليها.
كان هادي صاحب المخطط؟
– لا أعتقد إنه صاحب المخطط بل هو مجرد أداة لتفجير الصراعات تمهيداً للتدخل العسكري الخارجي الذي نواجهه متمثلا بالعدوان السافر والمستمر على بلادنا، أي أن عبدربه كلّف بالتمهيد للعدوان الخارجي الذي كان سيحدث، بصرف النظر عمَّن يمسك بزمام الأمور في صنعاء، لأن العدوان يهدف إلى تفكيك المجتمع اليمني، وتمزيق وحدته ليسهل على (الكيان العنصري الغاصب لفلسطين ) من خلال أدواته الإمارات والسعودية، الهيمنة على الدول العربية وبالذات دول الطوق وشبه الجزيرة العربية).
تقصد أن الهدف من قرار «حكومة هادي» بفرض الجرعة ورفضهم التراجع كان هدفه الدفع بالأمور نحو التصادم؟
– نعم كان الهدف من القرار الدفع بالأمور إلى المواجهة المسلحة بين القوى التي تمسكت بما اعتبرته مكاسب في السيطرة على قرار الحكومة ( الاصلاح تحديداً )، والثوار الذين استمروا في المطالبة بالتغيير كامتداد لثورة فبراير 2011م، ومن انضم اليهم سواء من المتضررين من استئثار الاصلاح بالحكومة، وأيضا جماهير واسعة وعريضة من الشعب اليمني، وحين تم استفزاز الثوار بقتل عدد منهم وتطورت الأمور بإقدام عناصر علي محسن صالح الأحمر على القصف بالأعيرة النارية المختلفة من التلفزيون ومن ألوية الفرقة الأولى مدرع المسيطرة على شمال أمانة العاصمة آنذاك، بداية من «تبة التلفزيون، إلى جسر الصداقة داخلاً فيها الإذاعة الجديدة والقديمة ومبنى رئاسة الوزراء ومكتب الرئاسة ومقر القيادة ( اللواء الرابع ) ومقر الفرقة الأولى مدرع، والحصبة وشمال غرب الأمانة وشمال شرقها»، وقبلها حدثت اشتباكات واعتداءات على الثوار في قرية القابل، حيث أسفرت المواجهات عن حدوث فراغ أمني وعسكري، وعمليات نهب للمؤسسات التي كانت تحت حراسة قوات علي محسن صالح من قبل أفراد الألوية التي كانت تشكل الفرقة الأولى مدرع، ما فرض على الثوار تشكيل لجان شعبية لملء الفراغ الأمني والعسكري بغية الحفاظ على المؤسسات والممتلكات العامة والخاصة والحد من عمليات النهب.
كانت الاشتباكات تجري تزامنا مع المفاوضات؟
– المواجهات آنذاك تزامنت مع استمرار المفاوضات بوساطة جمال بنعمر المبعوث الدولي، والتي تمخضت عن صياغة اتفاق السلم والشراكة، وقتها كنّا نحن قيادات الأحزاب والمكونات السياسية منذ الصباح الباكر في دار الرئاسة منتظرين للتوقيع على اتفاق السلم والشراكة الذي استدعينا للتوقيع عليه، قبل بدء المواجهات بين الجماهير الشعبية في ساحات الثورة، وعناصر الفرقة وألويتها، أي أن مشروع الاتفاق كان مقرراً التوقيع عليه حتى قبل ملء اللجان الشعبية للفراغ الأمني والعسكري).
من صاغ الاتفاق ومن وافق عليه ومن رفضه؟
– الاحزاب التي لم تشارك بصورة مباشرة في المفاوضات التي نتج عنها اتفاق السلم والشراكة كانت قد التزمت بالموافقة على أي نتيجة يصل إليها المتفاوضون تجنباً لإراقة الدماء ومنعاً من الإنزلاق نحو الفوضى والفراغ، وما حدث أنه بمجرد توصل المتفاوضين لصيغة «اتفاق السلم والشراكة» تم التوقيع عليها بدون تردد من الجميع، كان الوحيد الذي تحفظ هو أمين عام التنظيم الوحدوي الشعبي الناصري الذي اشترط توقيع الملحق الأمني والعسكري، لكنه وقع في الأخير، ولَم يكن هناك أي تحفظ أو اعتراض على أي جملة أو فقرة من فقرات اتفاق السلم والشراكة لأنه صيغ بما يتوافق مع قناعات الجميع بضرورته كحل لمشكلة نتجت عن اختلال موازين القوة التي تسبب بها الانقسام في مكونات حكومة الوفاق واستفزاز القوى التي استبعدت من المشاركة واقصيت، والأهم تعسف الرئيس وحلفائه آنذاك في استخدام سلطتهم الدستورية بصورة تتناقض مع التوافق الذي بنيت عليه.

قد يعجبك ايضا