20 ألف منظمة مكبلة بضعف البنية المؤسسية والإدارة الرشيدة ومحدودية برامجها التنموية والاجتماعية

 

الاعتماد على دعم المنظمات الدولية أدى إلى تدني البعد الاستراتيجي في عمل المنظمات المحلية
باحثون يحثون منظمات المجتمع المدني على الاضطلاع بدورها في تعزيز مفاهيم الصحة النفسية
غياب آلية للتواصل بين وزارة الشؤون الاجتماعية ومنظمات المجتمع المدني أفقد الكثير من المنظمات صفة المدنية

 تعتبر منظمات المجتمع المدني المهتمة والمتخصصة في مجال الصحة النفسية الشريك الأول للحكومة في التنمية وعين المجتمع على الحكومة في صناعة التنمية وتقييم السياسات العامة في مختلف جوانب الحياة  ولا بد أن تعبر بشكل جلي وواضح عن اهتمامات المواطنين بالدرجة الأولى ، دون أن يكون في حساباتها أي مقصد سياسي أو منفعة ذاتية تهدف إلى الربحية، وتوضح الأرقام الواردة من وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل وبشكل جلي تضخماً في حجم وأسماء منظمات المجتمع المدني البالغة أكثر من عشرين ألف منظمة، إلا أنها تعاني من ضعف في بنيتها المؤسسية والإدارة الرشيدة ونقص في مؤهلات وشروط مزاولة العمل المدني ومحدودية تبني كل منها برامج  تنموية أو اجتماعية قد تجعلها منظمة مجتمع مدني وفقاً لما هو متعارف عليه على الصعيد العالمي ، .. وللتوضيح أكثر نقرأ من خلال السطور التالية آراء عدد من الباحثين ..فلنتابع:

الثورة  / حاشد مزقر

المهندس عبدالرحمن العلفي – رئيس المركز اليمني للدراسات التاريخية واستراتيجيات المستقبل (منارات)، اعتبر أن العوامل الاجتماعية والاقتصادية والثقافية لها دور بارز في توفير بئية مناسبة لنشاط منظمات المجتمع المدني بعيداً عن الاستقطاب السياسي أو المذهبي والمناطقي والعمل بدوافع وطنية ومهنية بحتة بالدرجة الأولى وفقاً لخارطة احتياجات محددة سلفا تشمل التنوع الجغرافي والثقافي للجمهورية اليمنية،  مشدداً على أهمية خلق تنمية مستدامة  تقوم على توفير الفرصة واستدامتها بالاعتماد على استغلال موارد البلد البشرية والطبيعية وتخلق بالضرورة فرصاً للاستقرار الاجتماعي والمعيشي الذي ينعكس بدوره -بصورة مباشرة- على الاستقرار النفسي والاطمئنان للمستقبل، مضيفاً أن العامل الاجتماعي بدوره يمثل واحداً من أهم عوامل الاستقرار النفسي  في حال كانت أواصر المجتمع قوية ومتينة، لذا يجب أن تتضمن برامج المنظمات المدنية غرس  قيم المحبة والتكافل بدلاً عن قيم التوجس والخوف حتى تسود قيم السلم الاجتماعي بشكل كلي.
ضعف المشاركة
ويرى الباحث الاجتماعي عبدالحكيم شوكت  أن العامل السياسي أيضاً  يصر على ألا يصنع بصماته بالسلب أو الإيجاب  على الحالة العامة التي يعيشها المجتمع، فضعف المشاركة السياسية  وتدني دور المجتمع بصورة عامة فتتعطل طاقات الشباب والنخب العامة وتتراجع أدوارهم فتنتشر ضداً لذلك  قيم الفوضى وعدم الشعور بالمسؤولية وتتفشى حالات الإحباط  وعدم الثقة بين المؤسسات الاجتماعية من طرف والرسمية من طرف آخر،  وبالتالي لم يشهد الفعل السياسي استيعاب عوامل الصحة النفسية  وصولاً إلى انهيار المؤسسات المعنية بالصحة النفسية والعلاجية والإرشادية .
زيادة الأعباء
ويشير الكاتب والباحث عبدالله البعداني إلى أن زيادة أعباء الحياة الاقتصادية وزيادة المسؤولية الاجتماعية  وتعقد أنماط الاستهلاك،  أدت بالضرورة إلى  زيادة الضغوط النفسية وخلقت نوعاً من التوتر المشوب بالقلق  والخوف من المجهول، غذته الصراعات والحروب المتكررة التي انعكست على أنماط سلوكية قد تستفحل وتتطور إلى اضطرابات نفسية ما لم يتم تدارك الأمر بصورة سريعة.
ضعف الحوكمة الإدارية
وفي ذات السياق يرى المهندس ماجد الرفاعي مدير وحدة الطوارئ والكوارث البيئية أن عدم وجود آلية للتواصل بين وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل ومنظمات  المجتمع المدني أفقد الكثير من المنظمات صفة المدنية الحقيقية التي يجب أن تعمل في إطارها، وأضاف: وبالتالي فإنه لا بد من إعادة رسم سياسيات عمل منظمات المجتمع المدني وفق الآلية الاجتماعية  نتيجة لضعف الحوكمة الإدارية بمعنى أصح في أغلب المنظمات المصرحة وكذلك ضعف الشفافية  والمساءلة والإجراءات الإدارية  والمالية المناسبة  و الممارسة الديمقراطية.
وأشار الرفاعي إلى أن  شحة الموارد الذاتية  والاعتماد بشكل كلي على منح المنظمات الدولية والبرامج الحكومية،  أدى بالضرورة إلى تدني البعد الإستراتيجي في عمل المنظمات العاملة في مجال الصحة النفسية والتي تأخذ طابع الموسمية، مؤكدا أن كل هذه الأسباب مجتمعة أدت بالضرورة إلى غياب شبه كلي لجوانب الصحة النفسية والعمل على صنع  وتنمية وتنفيذ برامج تهتم بالصحة النفسية بشكل أساسي .. لافتاً إلى أنه بالمقابل هناك اهتمامات لمنظمات متخصصة بهذه الجوانب وسبق أن نفذت برامج  محدودة في الدعم النفسي أو الرعاية النفسية والتي اتسمت بالمنهجية العلمية وتطبعت بطابع خيري بالدرجة الأولى والعون المباشر عبر تقديم الرعاية والعون النفسي للحالات بشكل مباشر في مراكز وعيادات محدودة أو عبر مراكز الرعاية النفسية،  وهذه بادرة مشجعة في حد ذاتها يجب  أن تلقى مزيدا من التشجيع لتكون أنموذجا جديراً بالإقتداء على أن لا يقتصر النشاط على أمانة العاصمة والمدن الرئيسية فحسب، بل  يجب أن يمتد إلى المدن الثانوية وأقاصي الريف .

قد يعجبك ايضا