العيد في اليمن فرحة مشبعة بألم الحرب ووجع المعاناة.. ضبط الأسعار يصنع السلام

 

عبدالرحمن علي الزبيب

يحل عيد الأضحى المبارك لعامنا هذا 1441هـ على العالم بفرحة عيد ومناسبة سعيدة ولكن ؟
العيد في اليمن مختلف جداً في وطن تمزقه الحرب المدمرة :اقتصاد منهار ووضع إنساني متدهور وبائس وعالم يتفرج مكتوف اليدين وكأنه يشاهد فيلم درامياً مؤلماً ينتظر نهاية الفيلم مهما كان مؤلماً، المخرج فقط هو من يعرف نهاية الفيلم، الجميع يستمتعون في مشاهدة وجع ألم الشعب اليمني مهاما كان فظيعاً لأنهم يشاهدونها من بعيد ليسوا في ميدان الحرب لم يطعموا وجع الدمار وفقدان الأحبة والموت جوعاً ومرضاً، ووطن يحترق باستمرار يشاهدونه من مكاتبهم الفارهة مثل من يشاهد فيلماً من بلكونة دار السينما.
يحل العيد ومعظم الشعب اليمني في جميع محافظات اليمن تحت خط الفقر لا يستطيع تغطية احتياجاته ومتطلبات الحياة اليومية في الأيام العادية ليأتي العيد ككابوس كبير يصطدم فيها المواطن بهموم ومعاناة طويلة، فالرواتب منقطعة والاقتصاد منهار والحرب تطحن الوطن وتدمر المدن والأرياف وحقوق الإنسان أصبحت خدمة كمالية، المطالبة بها ترف وفي هذه الهوجة الكبيرة يقع المواطن أيضا باستمرار في مواجهة احتياجات استثنائية تتضاعف أسعارها بشكل جنوني ومنفلت ومؤسسات الدولة تقف مكتوفة الأيدي أو مبررة لعجزها وفشلها في ضبط انفلات الأسعار مبررات طويلة ومنها الوضع الاستثنائي والحرب والحصار هو المتسبب في شل أيدي تلك الجهات في ضبط الأسعار.
وهنا هذا التبرير معاكس للمنطق تماما، فالمنطق يقول إنه أثناء الظروف الاستثنائية مثل الذي يعيشها اليمن الآن وسع القانون والدستور صلاحيات تلك الجهات للقيام بجهودها بشكل مضاعف ومنحها صلاحيات استثنائية قوية جداً لأن انفلات الأسعار في الوضع الطبيعي تأثيره على المواطن أقل منه في الوضع الاستثنائي. في الوضع الاستثنائي انفلات الأسعار وجنونها كارثة على المواطن وحكم إعدام عليه، لذلك المنظومة القانونية منحت صلاحيات كبيرة للجهات المختصة لضبط الأسعار ومنحتها صلاحيات واسعة وخيارات متعددة ابتداء بعقوبات وإجراءات قاسية ضد المتلاعبين بالأسعار وصولاً إلى تأميم المؤسسات والشركات..
نحن في اليمن لا نطالب بتأميم شركات ومؤسسات القطاع الخاص فقط مطالبنا بسيطة تكمن بضبط الأسعار وفقا لقوائم سعرية عادلة ومنصفة للمستهلك والتاجر وبهامش ربح بسيط جداً حتى لا يتحولوا إلى تجار حروب وتصبح الحرب مصلحة لهم فتستمر في الاشتعال حتى لو كانت هناك بوادر لإيقاف الحرب فإن تجار الحروب سينفخون في رمادها لتستمر في الاشتعال… ضبط الأسعار في السوق الوطنية إذا تحققت فقد خطونا خطوات نحو السلام وقطع الطريق على تجار الحروب ومنعهم من تحقيق مصالح بإجراءات الضبط القاسية التي تخفض هوامش الربح إلى مستوى سعر التكلفة أو أقل منها مراعاة لظروف الشعب وهنا تكون الحرب واستمرارها مشكلة لتجار الحروب وسيتوقفون عن النفخ في رماد الحرب وسيحاولون ردم نيران الحرب برماد كثيف لإطفائها كون الحرب أصبحت مصدر قلق واستنزافا لهم ولا تحقق لهم أي مصلحة..
كسر سلسلة المصالح من الحروب هي من ستصنع السلام في اليمن كون الحرب اشتعلت لتحقيق مصالح واستمرت تطحن اليمن لتحقق مصالح ولن يوقفها إلا سحب بساط المصالح من تحت أقدام تجار الحروب ليتضرروا من الحرب مثل المواطن الضعيف البائس..
وفي الأخير :
نتقدم إلى جميع أفراد الشعب اليمني رجالاً ونساء كبارا وأطفالاً في جميع المحافظات بجزيل التهاني والتحايا بمناسبة عيد الأضحى المبارك الذي نبتهل إلى الله عزوجل أن يفرج عن الشعب اليمني كربته ويوقف كارثة الحرب المدمرة والى جوار هذا الدعاء، نأمل من الجميع في اليمن التكاتف والتعاضد لصناعة تغيير في مسار الأحداث في اليمن وسحب المسار من سكة الحرب والدمار إلى طريق السلام والأمن والاستقرار والتسامح..مهما كانت المصالح المحققة من استمرار الحرب في اليمن، فالأضرار أكبر والجميع مقتنع أن نيران الحرب ألتهمت الكثير وستلتهم الجميع ومن نجا حتى الآن من نيران الحرب ستكويه غداً..
يكفي من استمرارية هذه الحرب المدمرة أنها تمزق النسيج الاجتماعي وتمزق أواصر الإخاء والتعاون والتسامح واستبدالها بروح العداء والبغضاء والكراهية للآخر بسبب هذه الحرب الجميع ضحاياها ومستمرون في سلك طريق الحرب رغم أن هناك خياراً آخر يحقق للجميع هدفهم السامي في وطن آمن مستقر يحتضن جميع أبنائه دون تمييز ولا إقصاء ولا استثناء خيار السلام..
لا يوجد أحد في اليمن يرفض السلام فالجميع ينادون به ويطالبون به حتى من في ميدان الحرب يؤكد أنه ينشد السلام ولكن ؟
ضعف وفشل إدارة السلام في اليمن وضعف الثقة في الجهة الوسيطة – الأمم المتحدة – هي المتسبب في تضاؤل فرص السلام يستلزم على الأمم المتحدة تقييم أدائها في اليمن وخصوصاً في ملف السلام لتحدد اخفاقاتها وتشخص أسباب ذلك وتقترح معالجات يتم تطبيقها بسرعة وبإمكان الأمم المتحدة سلوك هذا الطريق وسيحقق الهدف الذي تسعى اليه الأمم المتحدة وفقا لميثاق تأسيسها المتمثل في اطفاء الحروب..
مازال لدى الشعب اليمني بصيص امل في الأمم المتحدة لتحقيق سلام مستقر ومستدام في اليمن نخشى أن ينطفئ هذا البصيص ليعم ظلام الحرب والدمار ويلف وطننا بردائه الأسود الكئيب.
قطع طريق تجار الحروب في اليمن سيحفز على صناعة السلام وسيضعف كثيراً فريق مشعلي الحروب لتحقيق مصالح لن يكون هناك أحد في صف استمرار الحرب حتى تجار الحروب، إذا توقفت مصالحهم سيتحولون إلى وعاظ ودعاة سلام مؤكدين أن العيد في اليمن فرحة مشبعة بألم الحرب ووجع المعاناة.. ضبط الأسعار يصنع السلام..

قد يعجبك ايضا