اليمن نحو مرحلة جديدة من استراتيجية الهجوم ..

الهزيمة تلاحق منظومة العدوان في خضم تحولات كبرى

الثورة /
أكد وزير الدفاع اللواء الركن محمد ناصر العاطفي، أن القوات المسلحة اليمنية مستمرة في تنفيذ العمليات الهجومية الاستراتيجية الواسعة في عمق العدو الجغرافي والتي ستضع حداً نهائياً لغطرسته وعدوانه وحصاره وارتكابه للجرائم الوحشية بحق الشعب اليمني ، وقال العاطفي بأن المعادلات السياسية والعسكرية تغيرت لصالح اليمن وقوى العدوان قد هُزمَتْ ولم يعد لها بعد اليوم من سبيل سوى الرحيل من الوطن ولدينا من القدرات ما يجعلنا في موقع القوة لإجبار المحتلين على مغادرة بلادنا شاءوا أم أبوا فذلك هو خيارنا الوطني والاستراتيجي وحقنا المشروع في الدفاع عن سيادة الوطن ووحدته واستقلاله ومقدراته وثرواته وموقعه الاستراتيجي الهام في المنطقة والعالم” ، وأضاف بأن اليمن يقف اليوم أمام مرحلة جديدة تستدعي تضافر جهود كل اليمنيين الشرفاء في الداخل والخارج لاستكمال معركة التحرر والاستقلال التي حتما حان موعد انتصارها الكبير والعظيم.
وتشير تصريحات اللواء العاطفي إلى مرحلة ما بعد عملية “توازن الردع الرابعة” التي نفذتها القوة الصاروخية والطيران المسير وفرضت معادلاتها على واقع المواجهة تعكس ما يمتلكه اليمن من قدرات عسكرية قادرة على ردع تحالف العدوان واستهداف مواقعه الاستراتيجية والحيوية بقدرات عسكرية متطورة.
وفي وقت سابق أكد وزير الدفاع اللواء محمد العاطفي ، أن القوات المسلحة استكملت كـل جوانب البناء التي تؤهّلُها لشن هجوم استراتيجي شامل يشل قدرات العدو ، وقال إن زمام المبادرة في المعركة الهجومية بأيدي القوات المسلحة اليمنية وليس بأيدي تحالف العدوان ،.. وقال “إن الصناعات العسكرية تتسارع الخطى بشكل لا يتوقعه أحد، مشيرا إلى تطوير وصناعات مختلفة للأسلحة الرادعة والهجومية بخبرات وأياد وطنية.

من الدفاع إلى الهجوم
منذ بداية العدوان حتى العام الماضي 2019م ، اتبعت بلادنا استراتيجية عسكرية تزاوج بين الهجوم والدفاع، وقد تمكنت من ضرب نقاط قوة العدو، وإنهاكه واستنزافه على امتداد السنوات الخمس الماضية ، واستطاعت القوات المسلحة التعامل مع التحولات الطارئة بقدر كبير من المرونة والانتقال من استراتيجية إلى أخرى، أو الجمع بين عدد من الاستراتيجيات لمواجهة عدو يتفوق في القوى والوسائل ومختلف الإمكانيات ، ذلك ما مكنها من ضرب نقاط تفوق العدو واستنزافه وإنهاكه ، مع تعزيز قدراتها في مختلف أدوات المواجهة ، وتحصين الجبهة الداخلية وتعزيز الموقف الشعبي وتماسكه.
إلى ذلك تستمد الاستراتيجية الهجومية قوتها من القدرات الصاروخية التي تقض مضاجع العدوان، والتي أدى تطورها في التهديف والمناورة والمديات إلى تمكنها من ضرب الأهداف الاستراتيجية الواقعة على مديات كبيرة، كحال الأهداف الواقعة في إطار الرياض، وما بعدها وما بعد بعد الرياض ، كما مثلت التطورات الكبيرة في مجال الطائرات المسيَّرة عوامل تفوق ودعم لاستراتيجة الهجوم التي أكدها وزير الدفاع في تصريحه أمس ، حيث باتت اليمن تملك مخزونا كبيرا من الطائرات المتعددة المهام والأحجام.
وطورت القوات المسلحة من الأسلحة الاستراتيجية الهجومية ، حيث شهد العام 2020م ، تطورات نوعية واستراتيجية في مختلف مسارات المواجهة مع تحالف العدوان ، على مستوى الأسلحة زاد الإنتاج الحربي والعسكري من تصنيع الأسلحة الهجومية الرادعة وعزز من القدرات الدفاعية ، وعلى مستوى القوى المقاتلة انضمت تشكيلات عسكرية جديدة إلى جانب وحدات قتالية نوعية مع تشكيل قوات بشرية كبيرة من المجندين والمتطوعين كقوة احتياط استراتيجي ، وأدت مضاعفة الإنتاج الحربي والصناعات العسكرية في الصواريخ إلى تدشين منظومات صاروخية باليستية ومجنحة دخلت الخدمة لأول مرة وحققت نجاحات كبيرة وبمديات تزيد عن 2000 كيلو متر وتقنيات إصابة دقيقة ، كما أدت إلى تعزيز القدرات الهجومية لسلاح الجو المسير إلى 400 بالمائة عما كان عليه في العام السابق.

بنك أهداف واسع في عمق دول العدوان
وتمتلك القوات المسلحة بنك أهداف واسعة في العمق السعودي والإماراتي ، منها أهداف حساسة ، حيث أعلن المتحدث الرسمي للقوات المسلحة العميد يحيى سريع توسيع بنك أهداف القوات المسلحة لتشمل مراكز حيوية وحساسة على طول وعرض جغرافيا دول العدوان ، ينقسم بنك الأهداف إلى ثلاثة مستويات يشمل الأول تسعة أهداف بالغة الأهمية ستة في السعودية وثلاثة في الإمارات ، فيما تؤكد الاستمرار في تنفيذ المهام والواجبات دفاعاً عن الوطن واستمرار العمل على تعزيز القدرة الدفاعية وفرض معادلات عسكرية جديدة تقوم على استراتيجيات الضربات المفاجئة في المكان والزمان الذي لا يتوقعه العدو.
وتضيف عملية الردع الرابعة معادلة استراتيجية جديدة ، تكرس ما تؤكده القوات المسلحة على أن الرد سيكون بالمثل على عمليات العدوان وبما يتناسب مع كل عملية وحجمها وهدفها ونتائجها، واستهداف كافة التحركات المعادية التي تشكل خطراً على اليمن ورفع مستوى وحجم ونوعية الرد على الجرائم التي تؤدي إلى استشهاد وجرح مواطنين سواء بالغارات أو القصف البحري أو البري بما في ذلك أي جرائم قد ترتكب بحق المواطنين في المناطق المحتلة ، فقد أتت العملية بعد يوم من الجريمة التي ارتكبها طيران العدوان في خولان صعدة وأدت إلى استشهاد مواطنين.
علاوة على ما تمتلك اليمن من القدرة على صناعة منظومات صاروخية متكاملة ، وبأجيال مختلفة من طائرات دون طيار الهجومية والاستطلاعية، تمتلك مخزوناً استراتيجياً من الصواريخ بمختلف أنواعها إضافة إلى سلاح الجو المسير بما يؤهلها لشن عمليات عسكرية هجومية مدمرة وضربات مزدوجة ، كما أنه وعلى المستوى الدفاعي شهد العام 2019م استكمال مرحلة تأسيسية مهمة على صعيد بناء قوات الدفاع الجوي وتفعيل المنظومات الدفاعية، بإعلان القوات المسلحة عن دخول منظومات دفاع جوي عدة ، وكان قد سبق أن أعلنت عن مسار عملي في تطوير منظومات دفاعية أخرى تم تجربتها بكفاءة عالية وحققت نجاحاً في التصدي والإصابة والإجبار على المغادرة ، وحماية مسرح العمليات ، والحال نفسه في القوات البحرية والذي يعد مسارا متقدما من التطوير والتحديث والبناء.

استنزاف وأثمان وكلف باهظة
تحولت اليمن إلى بؤرة استنزاف هائل لمملكة العدوان السعودي وإمارات البغاء الزايدية ، على أن رهان نظام العدوان السعودي على الإيرادات النفطية، بات رهانا خاسا بكل المعايير، فبالإضافة إلى توقف الإنتاج بسبب الضربات الجوية والصاروخية على منشآت أرامكو ، أدى انخفاض أسعار النفط وتفشي كورونا إلى نضوب الموارد السعودية ودفعها لرفع الضرائب وتخفيض المرتبات وتقليصها ، كما أن ارتداداتها على دويلة الإمارات جعلتها على خريطة المناطق غير المستقرة، والتي لا تقدم عليها الاستثمارات الأجنبية، ولا يخفى حالة الخروج لرؤوس الأموال من الإمارات خلال الفترة الماضية، وتدن غير مسبوق في الموارد والاستثمارات والبورصات والتي تتسبب بانهيار وشيك.
حسب تقديرات فإن تكلفة فترة ما بعد الشهور الستة الأولى للعدوان على اليمن قدرت بقرابة 1.5 تريليون دولار، الآن ونحن بعد مرور ما يقرب من ستة أعوام كم هي الأثمان التي دفعتها مملكة العدوان ومعها إمارات أولاد زايد منذ مارس 2015 ، في شراء الأسلحة والتقنيات والخبراء والعمليات إلى آخر ذلك من الإنفاق الباهظ ، وإلى كم تستطيع تحمل تكاليف حربها ، مع تعاظم التهديدات المصيرية التي ستلحق بها بالضربات الصاروخية والمسيرة ، إن استمرت منظومة العدوان في مواصلة عدوانها على اليمن.
إذا تحدثنا على تكاليف السلاح المستخدم في العدوان على اليمن ، والخسائر البشرية والمادية الأخرى لمنظومة العدوان ، فإن هناك تكاليف غير مباشرة، لا بد أن تؤخذ في الحسبان، منها أثر تلك الحرب على مناخ الاستثمار في ” السعودية والإمارات” باعتبار الارتدادات التي أحدثتها الحرب وجعلت اليمنيين يطورون أسلحة رادعة قادرة على الوصول إلى عواصم دول العدوان ، وهو ما يظهر في وضع مملكة العدوان السعودية بشكل كبير حيث تتاح بعض البيانات الخاصة بتراجع احتياطيات النقد الأجنبي ليكون في مستوى أقل من 100 مليار دولار ، أو إقدام النظام السعودي على الاستدانة الخارجية، والتي كان آخر أخبارها تخفيض المرتبات ورفع تكاليف الخدمات والضرائب وإلغاء الدعم عن السلع والخدمات الأساسية.

بعد استحالة تنفيذ الأهداف.. هزيمة أكيدة تنتظر النظام السعودي
للحرب على اليمن محركاتها ودوافعها وأهدافها، وللحرب جذورها دائما، منها ما هو إقليمي له علاقة بالأطماع “السعوإماراتية” في الثروات والنفوذ والزعامة السياسية ، ومنها ما هو دولي له علاقة بتنفيذ الأجندات الأمريكية في حروب الإخضاع لتحقيق المصالح السياسية والاقتصادية لها والهيمنة على الممرات الدولية والتحكم والسيطرة على اليمن كأهم بوابة تتوسط بين الشرق والغرب ، ونافذة مهمة على القرن الأفريقي ، وتلك أهداف ذات صلة وعلى علاقة بالأهداف والمخططات الأمريكية التي تستهدف المنطقة والعالم.
وقد أحدثت الحرب الأمريكية التحالفية على اليمن ، هزات وارتدادات إقليمية ودولية ، أثرت على سير الأحداث والإستراتيجيات والمسلّمات العسكرية ، فما عاد السلاح الذكي حاسما ولا التقنيات الحربية الغربية الأمريكية فارقة في الحروب ، وأثبتت أن نجاعة القوة الذاتية المبنية على خيارات وطنية في بناء سيادة الدول وتكريس أدوارها وتموضعاتها الإستراتيجية، فالصواريخ الباليستية، والطائرات المسيّرة، المصنعة يمنيا وبأيد وخبرات وطنية مثلا ، وما تنفذه من عمليات واسعة على أهدافٍ ذات أهمية استراتيجية، مثل المطارات والبوارج والناقلات البحرية والمناطق الحدودية والعواصم لها تأثير معنوي ومادي أيضا كبير يفوق كثيراً تأثيرات الأسلحة المشتراة بمليارات الدولارات ، وتمتلك القدرة لاختراق المنظومات الدفاعية الأمريكية التي جلبتها مملكة العدوان للاحتماء بها.
مرت أكثر من خمس سنوات منذ شنت منظومة العدوان الغاشم الحرب العسكرية التحالفية على اليمن، وعلاوة على ابتعاد منظومة العدوان عن أهدافها المعلنة والمخفية ، أصبحت حرب التحالف العشري نموذجاً “لعجز القوة النارية الغاشمة ، وفشل الحروب الذكية والحديثة التي تعتمد عليها أمريكا ، كما أن الحصار والتجويع لم يحقق لمنظومة العدوان ذاتها ما تريد من الإخضاع والتركيع والاستسلام ، وقد أدى صمود الشعب اليمني إلى حالة من الانهيار في منظومة التحالفات والاحتشادات الأمريكية المشبوهة في المنطقة والتي تقف في مواجهة الخيارات الوطنية ، كما أدت إلى تهديد مباشر لأهم الكيانات الوظيفية لأمريكا ومنظومة الهيمنة والطغيان ، وألحقت أضرارا بالغة باقتصاديات النفط والدولار اللتين تعتمد عليهما أمريكا في حروبها القذرة والتفكيكية.
على المستوى السياسي ينهار تحالف العدوان العشري ويتفكك، إذ انتهى به الحال متصارعا يخوض حربا مشتعلة ومتنقلة بين أدواته في الميدان ، وعلى عكس ما أرادوه في بداية العدوان من استجماع المشبوهات والجيوش والتحالفات والمرتزقة وبلاك ووتر والجنجويد لإخضاع اليمن ، فقد تبدد الجيش والتحالفات إلى جماعات وكيانات متصارعة ومتقاتلة تقتل وتقاتل بعضها ،وسيبقى العدوان على اليمن، نموذجاً لعجز القوة الغاشمة وانهيار تحالفات المال والدولار والنفط ، وستبقى استنزافات مفتوحة لمنظومة العدوان ، وهي بالتأكيد أسباب لانهيار وتلاشي الكيانات الوظيفية في المنطقة ، وعودتها إلى طبيعتها وسياقاتها الديمغرافية والتاريخية والاستراتيجية.

قد يعجبك ايضا