خبراء: احتجاجات أميركا انتفاضة ضد ترامب

 

رأى خبراء أميركيون أن احتجاجات الولايات المتحدة إثر مقتل المواطن من أصول أفريقية جورج فلويد نتيجة عنف الشرطة بولاية مينيسوتا، هي انتفاضة ضد الرئيس دونالد ترامب وسياساته المحرضة على ممارسة العنف.
وحمّل خبراء مسؤولية الأوضاع المتدهورة في البلاد لشخصية الرئيس التي لا تراعي المؤسسات والقيم والأيديولوجيات، وتضع البلاد في أزمة سياسية مدمرة، بحسب وصفهم.
كما اعتبر هؤلاء أن الهيكل التنظيمي لمؤسسة الشرطة الأميركية منذ تأسيسها أواخر القرن الثامن عشر، وممارساتها عقب الحرب الأهلية في ستينيات القرن الماضي، جزء من المشكلة العنصرية القديمة المتجددة ضد السود.
وقال أستاذ قسم الإدارة العامة بجامعة هارفارد “تيموثي مكارثي”: إن المجتمع الأميركي يواجه حاليا أزمات متعددة.
وأضاف «مقتل فلويد على يد الشرطة، كان بمثابة الشعرة التي قصمت ظهر البعير والشرارة التي أشعلت الاحتجاجات».
خبراء رأوا أن تردد ترامب في إظهار التعاطف مع جورج فلويد أجج الاحتقان (رويترز)
شخصية نرجسية
ولفت مكارثي إلى أن تذبذب موقف ترامب من مقتل فلويد والشخصية النرجسية التي يتسم بها، وتردده في إظهار التعاطف مع المواطن الأميركي من أصل أفريقي، كلها عوامل أججت حالة الاحتقان.
ووصف الأستاذ الجامعي إدارة ترامب بأنها نظام «يضع البلاد في أزمة سياسية مدمّرة»، مشيرًا إلى أن تفشي فيروس كورونا والتمييز الذي يعاني منه السود عمّقا الأزمات السياسية التي تعاني منها البلاد.
وأكد مكارثي أن الولايات المتحدة تشهد مرحلة تطفو فيها الأزمات القديمة المتجددة على السطح، ولا سيما أن التمييز ضد السود يعد أبرز «المشكلات القديمة» التي يعاني منها المجتمع، بحسب تعبيره.
وذكر أن النزعة العنصرية والعنف في أقسام الشرطة بالولايات المتحدة كانت موجودة بالفعل منذ قيام الدولة.
واستدرك بأن «إنشاء قوات الأمن الداخلي (الشرطة) في البلاد أواخر القرن الثامن عشر، تزامن مع إلغاء الرق في المقاطعات الشمالية واستمراره في المقاطعات الجنوبية».
ولفت إلى أن الشرطة في تلك الفترة كانت تلقي القبض على العبيد الذين فروا من الجنوب إلى المحافظات الشمالية، وأن الهيكل التنظيمي للشرطة الأميركية لا يزال ينتمي لتلك الحقبة.
وذكّر مكارثي بأن تطبيق القانون في الولايات المتحدة، منذ الحرب الأهلية الأميركية في ستينيات القرن التاسع عشر وحتى حركات الحقوق المدنية في الستينيات من القرن الماضي، جرى استخدامه بطرق مختلفة للضغط على المواطنين السود.
وقال «في الولايات المتحدة، لا يوجد يوم واحد لا يرتكب فيه تمييز ضد المواطنين من أصل أفريقي، وذلك من قِبَل الشرطة والمؤسسات الحكومية والقضائية».
أستاذ الفلسفة بجامعة نورث كارولينا، ستيفن فيرغسون، وافق مكارثي في أن «عنف الشرطة ناجم بشكل رئيسي عن هيكلية هذه المؤسسة الأميركية».
وأشار فيرغسون إلى أن نقابات الشرطة وغيرها من المنظمات والجماعات المؤيدة للتسلح، لم تسمح بإجراء تغيير جذري من شأنه وضع حد لهذا العنف من مؤسسة الشرطة.
ولفت إلى أن 98% من رجال الشرطة المتورطين في هجمات مسلحة في البلاد لم يعاقبوا، وأن المشكلة لا تتعلق فقط بسلوك عناصر الشرطة، بل في الهيكل التنظيمي لهذه المؤسسة.
وذكر مكارثي أن بعض البيض يضطلعون بدور فعال أيضا في مكافحة التمييز، مشددا على إمكانية تغيير الواقع السيئ في الولايات المتحدة من خلال تكاتف عدد كاف من المواطنين، ومنوها بأن حركات الحقوق المدنية اليوم تختلف عن نظيراتها في الماضي.
وأوضح أن مشاركة جميع تفاصيل الأحداث والمظاهرات الاحتجاجية عبر منصات التواصل الاجتماعي ساهمتا في إيصال مطالب المواطنين بالتغيير.
وأشار مكارثي إلى أن العالم كان يراقب فلويد وهو يقتل ويعذب لمدة تسع دقائق من خلال صور جرى التقاطها عبر هاتف محمول.
وأكد أنه شاهد الصور عشرين مرة على الأقل وأن تلك الصور أحدثت فرقًا كبيرًا في إيصال حقيقة ما جرى، وأنه من الضروري العمل بجد لتحويل الاحتجاجات إلى حركة لمكافحة التمييز.
وعلق على استمرار الاحتجاجات بأن «هذه صرخة ألم تعبر عن خوف وقلق وصدمة المواطنين الأميركيين وتطالب الدولة بفعل شيء».
أسوأ الرؤساء
كما انتقد مكارثي طريقة ترامب في التعامل مع الأحداث، واصفًا إياه بأنه «واحد من أسوأ الرؤساء في تاريخ الولايات المتحدة».
واتهم مكارثي ترامب بأنه شخصية تدمر المؤسسات والقيم والأيديولوجيات وحتى العواطف.
وأضاف «ترامب نقيض لجميع القيم العالمية مثل الحرية وحرية التعبير والمساواة وحقوق الإنسان.. وعقليته شجعت العنصريين البيض في الولايات المتحدة».
وأكد «نحن الآن في حالة حرب بين ملائكة أمتنا وشياطينها، فالانتفاضة التي يشهدها الشارع الأميركي هي ضد الرئيس دونالد ترامب في المقام الأول».
من جهته، أعاد فيرغسون التنويه بأن الاحتجاجات المستمرة منذ أكثر من عشرة أيام في الولايات المتحدة قد تكون خطوة نحو التغيير.
وأكد أنه من الصعب حدوث تغيير خلال فترة إدارة ترامب، بسبب سياسات الأخير «الفوضوية والافتقار للإرادة السياسية»، فضلا عن أنه «لا يمتلك سياسة إصلاح واضحة».

قد يعجبك ايضا