انتقادات حادة لقراراته وتصريحاته

الاحتجاجات الأمريكية تزداد ضراوة .. وترامب يهدد بتدخل الجيش

 

 

عواصم/ وكالات
تجددت الاحتجاجات في عدة مدن بالولايات المتحدة بعد ليلة من الاضطرابات وعمليات النهب، في حين نقلت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) أن نحو 1600 عنصر من قوات الجيش وصلت إلى منطقة واشنطن، وسط ضغوط من الرئيس دونالد ترامب من أجل حل عسكري.
في حين قدم الديمقراطيون مشروع قرار يهدف إلى إدانة الرئيس ترامب لإصداره أوامر باستخدام الرصاص المطاطي والغاز المسيِّل للدموع.
وتواصلت الاحتجاجات في العاصمة واشنطن أمام البيت الأبيض رغم سريان حظر التجول وألقت قوات الأمن قنابل الغاز المدمع على محتجين حاولوا إزالة السياج الحديدي من أمام البيت الأبيض.
وكان المئات قد تجمعوا أمام سياج حديدي يحيط بحديقة “لافاييت”، حيث وقف عناصر الحرس الوطني حائلا بين المحتجين والبيت الأبيض، ورفع المحتجون شعارات تندد بالرئيس ترامب وتطالب بالعدالة ووضع حد لعنف الشرطة.
وعلى الرغم من سريان حظر التجول فإن المحتجين لا يزالون في الشوارع، متحدين بذلك الرئيس الأمريكي وتهديده باستخدام القوة العسكرية لضبط الوضع الأمني.
من جهته قال وزير العدل وليام بار إن تعزيزات إضافية سترسل إلى العاصمة واشنطن، وأكد أن من مهام الحكومة حماية الناس وحقوقهم، واعدا بتحقيق ذلك في العاصمة.
وقال المتحدث باسم البنتاغون جوناثان راث هوفمان في بيان “القوات في حالة تأهب قصوى لكنها لا تشارك في الدعم الدفاعي لعمليات السلطة المدنية”.
وفي أتلانتا بولاية جورجيا دخل حظر التجول حيز التنفيذ، ورغم سريانه تجمع محتجون في شوارع المدينة تنديدا بمقتل جورج فلويد، وذلك لليوم الخامس على التوالي.
وردد المحتجون هتافات “لا تطلقوا النار”، و”لا أستطيع أن أتنفس”، وقد استخدمت قوات إنفاذ القانون القنابل المدمعة لتفريق المحتجين مع حلول الليل، واعتقلت قوات الأمن عددا من المتظاهرين.
كما وجهت تهم لستة ضباط شرطة على خلفية استخدامهم العنف خلال اعتقال اثنين من المحتجين مساء السبت الماضي.
واشتعلت الشرارة الأولى لهذه الأحداث من مدينة مينيابوليس بولاية مينيسوتا في 25 مايو الماضي، بعد أن انتشر على شبكات التواصل الاجتماعي مقطع فيديو يظهر وفاة جورج فلويد الأمريكي الأسود البالغ 46 عاما والذي قضى اختناقا خلال توقيفه على يد شرطي أبيض.
ولنحو تسع دقائق ضغط الشرطي ديريك شوفين بركبته على عنق فلويد الذي كان يردد “لا أستطيع التنفس”، في حين أصابت حالة من القلق المارة الذين شهدوا الحادث.
وفي سياق ذي صلة دهست سيارة مجموعة من المتظاهرين في مدينة بورتلاند بولاية أوريغون في الشمال الغربي للولايات المتحدة بعد إلقاء الشرطة قنابل مدمعة على المحتجين، فيما لم ترد بعد أي تفاصيل إضافية.
وفي نيويورك أفادت وسائل إعلام محلية بإصابة خمسة أشخاص على الأقل -بينهم ضابطان في الشرطة في إطلاق نار بحي بروكلين.
وفي رده على ما حدث في نيويورك قال ترامب “القوات الأمريكية يجب أن تنزل إلى شوارع مدينة نيويورك”.
وهدد ترامب باستخدام الجيش لمكافحة العنف الذي اندلع غالبا في الليل بعد نهار من الاحتجاجات السلمية التي ينضم إليها مختلف الأمريكيين.
وسخر ترامب من مسؤولي السلطات المحلية -ومن بينهم حكام الولايات- بسبب طريقتهم في التعامل مع الاضطرابات، قائلا على تويتر “يا نيويورك استدعي الحرس الوطني، التعساء والخاسرون يدمرونك، تصرفي بسرعة”.
وعبَّر حاكم ولاية نيويورك درو كومو عن غضبه إزاء الاضطرابات في مدينة نيويورك، أكبر مدينة أمريكية.
وقال ” شرطة المدينة فشلت في حماية الأعمال والجمهور من النهب وغيره ذلك من أوجه النشاط الإجرامي الليلة الماضية”، مضيفا أن رئيس بلدية المدينة رفض تلقي مساعدة الحرس الوطني.
وتأتي إجراءات حظر التجول في أكثر من 40 مدينة والانتشار الأمني بمستويات لم تشهدها الولايات المتحدة منذ أعمال الشغب التي أعقبت اغتيال مارتن لوثر كينغ عام 1968، وانتشر الحرس الوطني آنذاك في 23 ولاية وفي العاصمة واشنطن.
وبالتوازي مع هذه التطورات كشف أعضاء ديمقراطيون في مجلس الشيوخ الأمريكي النقاب عن مشروع قرار يدين الرئيس ترامب بسبب إصداره أوامر باستخدام الغاز المدمع والرصاص المطاطي لتفريق المحتجين قبالة البيت الأبيض أول أمس الاثنين.
من جهتها، قالت عضوة مجلس النواب الأمريكي إنها تعمل مع أعضاء آخرين على إعداد مشروع قانون يعنى بطبيعة عمل قوات الأمن والشرطة ويسمح بتعزيز إجراءات التحقيق معهم.
وفي سياق متصل دعا الرئيس الأمريكي الأسبق جورج دبليو بوش الولايات المتّحدة إلى النظر مليّاً في “إخفاقاتها المأساوية” بعد مقتل المواطن جورج فلويد اختناقاً تحت ركبة شرطي أبيض، معتبراً أنّ الظلم العرقي يقوّض المجتمع الأمريكي.
وقال رئيس الولايات المتّحدة بين العامين 2001 و2009م في بيان “ما يبقى فشلاً صادماً هو أنّ العديد من الأمريكيين الأفارقة، وبخاصة الشباب – يتعرّضون للمضايقة والتهديد في بلدهم”.
وأضاف في معرض تعليقه على مقتل فلويد “هذه المأساة – وهي جزء من سلسلة طويلة من المآسي المماثلة – تثير سؤالاً لا مفرّ منه: كيف يمكننا وضع حدّ للعنصرية النظامية في مجتمعنا؟”.
وشدّد الرئيس الجمهوري السابق على أنّه “حان الوقت لأن تنظر أمريكا مليّاً في إخفاقاتنا المأساوية”.
ومع أنّ بوش لم يأت في بيانه على ذكر الرئيس دونالد ترامب، إلا أنّه شدّد على ضرورة الاستماع إلى “أصوات أولئك الذين يعانون”، قائلاً “أولئك الذين يحاولون إسكات هذه الأصوات لا يفهمون معنى أمريكا”، كما دعا الجميع إلى إظهار “التعاطف”.
كذلك، أكّد الرئيس الأسبق أنّ “أبطال أمريكا – من فريدريك دوغلاس إلى هارييت توبمان أو أبراهام لنكولن أو مارتن لوثر كينغ جونيور – هم أبطال وحدة”.
من جانب آخر أثار رئيس الوزراء الكندي، “جاستن ترودو”، جدلاً نتيجة رد فعله حينما سُئل عن تلويح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب باستخدام القوة العسكرية للجيش ضد المتظاهرين المحتجين على وفاة جورج فلويد على يد شرطي.
وتوقف ترودو أثناء مؤتمر صحفي له، أمس الثلاثاء، لمدة 20 ثانية قبل الإجابة على سؤال مراسل شبكة “CBC” الرسمية الكندية حول دعوة ترامب لاستخدام القوة العسكرية ضد المتظاهرين.
وتجنّب ترودو الإشارة بشكل مباشر إلى ترامب، لكنه قال “الكنديون يشاهدون ما يحدث في أمريكا ويشعرون بـ”رعب”، لافتاً إلى “مظالم” تقع.
وأَضاف “نحن جميعاً نراقب برعب وقلق ما يجري في الولايات المتحدة، لقد حان الوقت لجمع الناس معاً.. إنه وقت للاستماع. إنه وقت للتعلم”.
ولاقى هذا المشهد تفاعلاً وجدلاً على وسائل التواصل الاجتماعي، وتداول كثيرون هذا المقطع من كلمته.
ولم يسبق أن ذكر ترودو في أي وقت الرئيس الأمريكي بالاسم أو انتقد تصرفاته بشكل علني، إلا أن لقطات مصورة أظهرته مع عدد من قادة العالم في قمة حلف شمال الأطلسي (ناتو) في العاصمة البريطانية لندن، في ديسمبر، وهم يسخرون من ترامب.
وقتها، لم يكن يعلم هؤلاء القادة أنه يمكن سماع صوتهم وأن الميكروفونات الموجودة في قصر باكنجهام كانت مفتوحة.
ووجّه ترامب الاثنين الماضي الشرطة وقوات الحرس الوطني بإخراج المتظاهرين قسراً من ساحة لافاييت، وهي حديقة تقع مباشرة قبالة الحديقة الشمالية للبيت الأبيض، حتى يتمكن من المشي لاحقاً إلى كنيسة سانت جون القريبة للحصول على فرصة لالتقاط الصور أمامها.
وقبل تحركه إلى الكنيسة هدد ترامب بأنه إذا لم ينشر المحافظون الحرس الوطني بأعداد كافية “للسيطرة على الشوارع”، فإن الجيش سيتدخل من أجل “حل المشكلة بسرعة بالنسبة لهم”.

قد يعجبك ايضا