معجزة كورونا

حمدي دوبلة
{ يَا أَيُّهَا الْإِنسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ ❍ الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ ❍ فِي أَيِّ صُورَةٍ مَّا شَاء رَكَّبَك} صدق الله العظيم
-كم انت ضعيف وواهن وعاجز أيها الإنسان وكم أنت بحاجة إلى ألطاف الله ورحمته وبدون قوته وحمايته لا تساوي شيئا..{ وَلَوْلَا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاء اللَّهُ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ}
-تتجلى اليوم قدرة وعظمة الخالق سبحانه من خلال هذا الفيروس الصغير الذي حتما لم يرسله الله ليقبض الارواح وينشر الموت ويثير كل هذا الذعر والهلع في أوساط العباد وانما ليحيي ما مات من الضمائر ويعيد إلى الناس الفطرة السليمة بعد أن غرقت الأمم في بحور الماديات والمصالح الدنيوية الزائفة.. جاء ليوقظ العباد من غفلة طال أمدها وينفض الغبار عن قلوب وعقول أصابها الصدأ وطغت عليها الغفلة وتمكن منها الجحود ..أتى ليحد من غرور هذا المخلوق البشري الذي ظلم نفسه وظن أنه قادر على أن يخرق الأرض ويبلغ الجبال طولا.
-خُلقت الفيروسات كما يقول العالم المصري الراحل مصطفى محمود فقط من أجل كبح غطرسة الأنسان وإعادة الصواب اليه كلما تمادى في التكبر والتجبر وهانحن نعيش حاليا زمن كورونا هذا الفيروس الخفي الذي لم يستطع البشر رغم كل تقنياتهم المتقدمة وما بلغوه من علم إدراك كنهه أو إزالة غموضه وما ينطوي عليه من أسرار وعجزوا فرادى وجماعات حتى اللحظة عن مجرد تحديد ما إذا كان كائنا حيا أو غير حي وجل ما استطاع التوصل اليه المعهد القومي لبحوث الجينوم البشري للفيروسات الأميركي هو القول بانه من الصعب تحديد إذا كان كائناً حياً أم لا بل يقع هذا الفيروس الغامض بالقرب من الحد الفاصل بين الأحياء وغير الأحياء.
-هذا العجز العالمي الواضح عن فهم طبيعة فيروس كورونا كان بطبيعة الحال مؤشرا للفشل الذريع في الحد من انتشاره أو على الأقل تفسير لماذا تزداد سطوته وخطورته في البلدان الأكثر تقدما ولماذا تخف خطورته وحدة انتشاره في الدول الأكثر فقرا ولاتزال الأبحاث والدراسات العلمية والمخبرية وعددها بحسب التقارير الإعلامية اكثر من (440) دراسة وبحثاً في مختلف قارات العالم مذهولة عن فهم حقيقة عدم فتك الفيروس بالأطفال ولماذا لا تظهر أعراضه الخطيرة على الرضع والمواليد في حالة الإصابة به وحتى في البلدان التي لا زلنا نظنها عظمى ومتقدمة فإن نسبة الإصابات عالية في الطبقات الغنية بعكس الفئات المهمشة على غرار العاصمة البريطانية لندن اذ لم تسجل إصابات في أوساط المشردين ممن لا بيوت تأويهم ويتخذون من الشوارع والطرقات أماكن لحياتهم ونومهم لكن الفيروس وصل إلى القصر الملكي وأصاب ولي العهد وبطش برئيس الحكومة ووزير صحته وآخرين من الأكابر والاثرياء في المملكة المتحدة ومختلف بقاع الأرض ليبقى الجميع حائرين وفي أذهانهم الكثير والكثير من التساؤلات والاستفهامات .
تُرى لماذا يصاب عشرات الآلاف يوميا من الأمريكيين بالوباء فيما يتناقص هذا العدد تدريجيا في مختلف البلدان ليصل إلى أقل عدد ممكن في الدول التي لا تملك أية قدرات أو إمكانيات؟ ولماذا تظل الأعداد قليلة جدا في بلدان افريقيا الفقيرة التي لم تتجاوز الإصابات فيها العشرات وصولا إلى اليمن ذات الإصابة الوحيدة والتي لاتزال تحوم حولها الشكوك والظنون خاصة مع بقاء هذا الرقم المميز صامدا دون زيادة بعد مرور أربعة أيام على إعلانها رسميا؟
-هذه الإصابة التي تم تسجيلها بمدينة الشحر بحضرموت وتم الإعلان عنها يوم الجمعة الماضي إن كانت حقيقية وليست من قبيل محاولات بعض ممتهني الارتزاق استجداء الأموال المدنسة من الخارج فإنها معجزة أخرى أن تظل وحيدة دون أن يضاف اليها اية حالات أخرى في محيطها الاجتماعي على ما يعرف عن هذا الفيروس من الانتشار السريع والواسع وان كانت كذبة وتمثيلية أخرى لمجرد استقطاب دعم وأموال المنظمات الدولية فإن المعجزة الربانية مستمرة بخلو هذا البلد الجريح والمثقل بالصراعات والأحزان خاليا من هذا الوباء الخطير وسط كل هذا المحيط الموبوء.
-إننا أمام معجزة إلهية وإحدى الآيات البينات في هذا الزمان والعاقل فقط من يدرك ويستوعب الرسائل الربانية التي تنطوي عليها ويسارع إلى التوبة والتضرع والعودة إلى خالقه العظيم.

قد يعجبك ايضا