الهيمنة الاقتصادية لدول الغرب الرأسمالي بزعامة “أمريكا” في فكر الشهيد القائد

الشهيد القائد شخَّص مفهوم التنمية من منظار الآخرين بتحويلنا إلى أيدٍ عاملة لديهم

أمريكا تسعى للحصول على أكبر عدد ممكن من مناطق النفوذ في العالم بهدف ضمان استمرار فتح أسواقٍ أمام منتجاتها الصناعية
القروض الربوية والمساعدات تعد من مظاهر الهيمنة الاقتصادية لدول الغرب الرأسمالي عبر صندوق النقد والبنك الدوليين
إن كانت هناك تنمية فهي مقابل أحمال ثقيلة تجعلنا عبيداً للآخرين
هناك عدة تجارب عالمية تدحض إمكانية نجاح تنمية شاملة تعتمد على الدعم الخارجي والمساعدات الدولية
الأمة أصبحت عالة على الآخرين في مأكلها وملبسها والأشياء الضرورية الأخرى كالأدوية

مما لا شك فيه أن السيد الشهيد القائد حسين بدر الدين الحوثي كانت له نظره ثاقبة وحقيقية حيال الجانب الاقتصادي والتنموي وكيف هيمن أعداء الأمة على مقدرات الاقتصاد، وكيف هيمنت قوى الاستعمار والاستكبار الأمريكية الصهيونية على شعوب العالم والأمة العربية والإسلامية المستضعفة باسم التحرر والتنمية، فقال” إن تنميتهم لا تخرج عن استراتيجية أن تبقى الشعوب مستهلكة وغير منتجة ، بل وسعت الى تحويل شعوب هذه الدول إلى أياد عاملة في مصانعهم وداخل بلداننا.. وكانت للشهيد القائد نظريات اقتصادية ثاقبة للتحرر من الهيمنة الاقتصادية بالتحول نحو الزراعة وتشجيع المنتجات المحلية.. إلى التفاصيل:
الثورة/ أحمد المالكي

كان للشهيد القائد نظرة ثاقبة في الجانب الاقتصادي ، وناقش بشكلٍ كبيرٍ كُل الأسباب الرئيسة التي أدَّت إلَـى وصول الأمة الى هذه الوضعية ، حيث يوضح في درس (اشتروا بآيات الله ثمناً قليلاً ، ص9) طبيعة “التنمية” في سياق الهيمنة الاقتصادية بالقول : “لا تخرج تنميتهم عن استراتيجية أن تبقى الشعوب مستهلكة، ومتى ما نمت فلتتحول إلى أيد عاملة داخل مصانعهم في بلداننا لإنتاج ماركاتهم داخل بلداننا, ونمنحها عناوين وطنية [إنتاج محلي] والمصنع أمريكي، المصنع يهودي، والمواد الأولية من عندهم، وحتى الأغلفة من عندهم”.
ويضيف في هذا الصدد بالقول “التنمية لهم هنا, وفروا على أنفسهم كثيراً من المبالغ لأن الأيدي العاملة هنا أرخص من الأيدي العاملة لديهم في بلدان أوروبا وأمريكا وغيرها من البلدان الصناعية (اشْتَرَوْاْ بِآيَاتِ اللّهِ ثَمَنًا قَلِيلاً)”.
ويشّخص الشهيدَ القائدَ مفهوم التنمية بالقول “التنمية من منظار الآخرين هي تحويلنا إلى أيدٍ عاملة لمنتجاتهم ، وفي مصانعهم , تحويل الأمة إلى سوق مستهلكة لمنتجاتهم ، أن لا ترى الأمة , أن لا يرى أحد, وليس الأمة, أن لا يرى أحد من الناس نفسه قادراً على أن يستغني عنهم؛ قوته، ملابسه، حاجاته كلها من تحت أيديهم، هل هذه تنمية؟ (اشْتَرَوْاْ بِآيَاتِ اللّهِ ثَمَنًا قَلِيلاً)”.
وفي هذا الصدد يشير الشهيدَ القائدَ إِلَـى أن ابرز مظاهر الهيمنة الاقتصادية لدول الغرب الرأسمالي بزعامة “أمريكا” التي ترتدي عباءة التنمية منها ما يأتي لإبقاء الأُمَّــة العربية والإســلامية مجرد أسواق لمنتجات شركاتها العملاقة العابرة للقارات ، وتكون مجرد مجتمعات استهلاكية غير منتجة وذلك من خلال اتفاقيات دولية ومنظمات مالية “منظمة التجارة العالمية” في سياق النظام الرأسمالي ، بالإضافة الى جعل شعوب الأمة مجرد أياد عاملة داخل مصانعهم التي ينشئونها داخل البلدان العربيةِ والإســلامية عبر شركاتهم العملاقة متعددة الجنسيات.

فتح أسواق
وتسعى دول الغرب الرأسمالي بزعامة “أمريكا” للحصول على أكبر عدد ممكن من مناطق النفوذ في العالم بهدف ضمان استمرار فتح أسواقٍ أمام منتجاتها الصناعية ، وإيجاد الأسواق لتصريف إنتاجها ، لا سيما وأن الثورة الصناعية ولّدت حركة تصنيع واسعة، فانتشرت المصانع الكبيرة في الدول الاستعمارية “دول الغرب الرأسمالي” ، وزاد إنتاجها عن حاجة أسواقها، فبدأت تبحث عن أسواق جديدة لتصريف منتجاتها ، وعملت على نقل بعض مصانعها إلى الدول النامية ، للاستفادة من رخص الأيدي العاملة في هذه الدول ، والحصول على الأيدي العاملة الرخيصة.
وفي المقابل ، يبَّن الشهيدَ القائدَ أن القروض الربوية والمساعدات تعد من مظاهر الهيمنة الاقتصادية لدول الغرب الرأسمالي عبر صندوق النقد والبنك الدوليين اللذين يمنحان القروض الربوية تحت يافطة مشاريع التنمية لتجعل شعوب الأمة مستعمرين أشد من الاستعمار الذي كانوا يعانون منه قبل عقود من الزمن ، لاسيما وأن حقيقة تلك القروض هي لفرض حالة من التبعية وتكون بشكل قروض منهكة بالشكل الذي لا ينفع الأمة ، ويتم استخدامها لتنفيذ مشاريع سطحية وليست إنتاجية بما يعزز حالة التبعية وإبقاء شعوب الأمة مجرد أسواق ومجتمعات استهلاكية غير منتجة.
وفي سياق ذلك ، يقطع الشهيدَ القائدَ الشك باليقين ويؤكد أن تلك “التنمية” المزعومة تجعل شعوب الأمة مستعمرين أشد من الاستعمار الذي كانت تعاني منه الأمة قبل عقود من الزمن ، حيث يقول : وإن كانت هناك تنمية فهي مقابل أحمال ثقيلة تجعلنا عبيداً للآخرين، ومستعمرين أشد من الاستعمار الذي كانت تعاني منه الشعوب قبل عقود من الزمن. (اشْتَرَوْاْ بِآيَاتِ اللّهِ ثَمَنًا قَلِيلاً).
تلك الأحمال الثقيلة تكون في حال ما إذا صدقوا في شكل قروض منهكة بالشكل الذي لا ينفع الأمة ، وهذا ما تحدث به الشهيدَ القائدَ بالقول : القروض التي يعطوننا قروض منهكة، مثقلة.. وهل تعتقدون أن القروض تسجل على الدولة الفلانية, أو على الرئيس الفلاني، وعلى رئيس الوزراء الفلاني؟. تسجل على الشعب، وهي في الأخير ستدفع من أجساد الشعب نفسه في حالة التقشف التي مرت بها بلدان أخرى أنهكتها القروض، يفرضون حالة من التقشف. ألسنا متقشفين؟ ستفرض حالات أسوأ مما نحن فيه تحت عناوين أخرى، ستدفع أنت ثمن تلك القروض من شحمك ولحمك أنت وأبناؤك، تذبل أجسامنا من سوء التغذية، فندفع تلك الفوائد الربوية، من أين؟ من شحمنا ولحمنا ودمائنا، ألستم تسمعون بأن هناك بلدانا كالبرازيل وبلداً كتركيا أصبحت الآن مشرفة على أن تعلن عن حالة التقشف؟ واليمن ألستم تسمعون كل شهر عن قروض؟.

مظاهر الهيمنة
تم الترويج لفكرة التنمية الشاملة والمستدامة والقائمة على الدعم الدولي الخارجي من قروض ربوية ومساعدات ، وكان من اكبر مروجي تلك الرؤية البنك الدولي وصندوق النقد الدولي ، فجاءت عدة تجارب عالمية تدحض إمكانية نجاح تنمية شاملة تعتمد على الدعم الخارجي والمساعدات الدولية ، لا سيما أن فكرة التنمية لم تكن أكثر من تلبية لاحتياجات النظام الرأسمالي في تهيئة أسواق تستوعب منتجاته ، والحصول على الأيدي العاملة الرخيصة في دول ما يُسمى بالعالَمِ الثالث “الدول النامية” من جهة ، ومن جهة أخرى لا تعدو التنمية في النهاية إلا زيادة في إيجاد حالة من التبعية للمركز الرأسمالي الذي يتقدم بسرعة مذهلة، حيث يستخدم مدخل التنمية والمساعدات والقروض وخطط البنك الدولي وصندوق النقد الدولي في النهاية لتحقيق حالة التبعية السياسية والاقتصادية للمركز الرأسمالي، كي لا يسمح لأي دولة أن تشب عن الطوق وتتمرد ، بعد أن تمكنت من إعادة هيكلة اقتصاديات دول ما يُسمى بالعالَمِ الثالث بناء على مصالحها بما يخدم الرأسمال الامبريالي تحت خطابات التنمية أو خطط البنك الدولي وصندوق النقد الدولي.
وتتجلى بوضوح طبيعة الدور الاستعماري لتلك المؤسسات “البنك الدولي وصندوق النقد الدولي” ، حيث نجد أن صندوق النقد الدولي يضطلع بالإشراف على ما يسمى بـ”برامج التثبيت” التي تشمل جميع السياسات المالية والنقدية الهادفة الى معالجة الفجوات في الموازنات العامة للدول وموازين المدفوعات ، حيث أن للصندوق صلاحية الإشراف على ميزانية الدول من اجل معالجة الاختلال في هذه الميزانيات ، ويلزم الصندوق الدولة بانتهاج السياسات في شكل وصفة جاهزة من خلال برامج الإصلاح الاقتصادي على أساس أنها الأسلوب المناسب لعلاج تلك الاختلالات التي تعاني منها هياكل اقتصاديات الدول ، غير أن تجارب تطبيق برامج الإصلاح الاقتصادي أثبتت عكس ذلك.

دور
ويأتي دور البنك الدولي عبر “برامج التكيف وإعادة الهيكلة” وهي جملة من الإجراءات الهادفة الى تحرير الأسعار وتحرير التجارة وخصخصة مؤسسات القطاع العام ، حيث يعمد البنك الدولي إلى دعم ما يسمى “بناء البنية التحتية “، والتركيز على الثروات السيادية من اجل استثمارها كما يزعم ، ولكنه ينتقي المشاريع التي لا تعود بالربح على الدولة ، مثل مشاريع المحافظة على التراث ، ومشاريع البيئة ، والمشاريع السياحية ، ومشاريع الصحة الإنجابية(تقليل عدد السكان) وغيرها، أما المشاريع الضخمة والاستراتيجية فإن البنك لا يقوم باستثمارها إلا إذا قامت بها شركات غربية (متعددة الجنسيات) ، ثم يغرق الدولة بالديون، ويعطل عجلة التنمية، ويساعد على نهب ثروات الأمة وهذا يعني سلب المقدرات الاقتصادية باسم الخصخصة ، وفتح الأبواب للشركات الأجنبية لاستثمار أموالها في شراء هذه المؤسسات أو المشاركة فيها.
وتأسيساً على ما تقدم ، يقدم الشهيدَ القائدَ التشخيص الفعلي والدقيق لمفهوم “التنمية” من منظور دول الغرب الرأسمالي في سياق الهيمنة الاقتصادية التي تأتي عبر عدة مظاهر منها:
إبقاء شعوب الأُمَّــة العربية والإسْــلامية مجرد مجتمعات استهلاكية غير منتجة وأسواقاً لمنتجات شركاتها العملاقة “متعددة الجنسيات”.وجعل شعوب الأُمَّــة العربية والإسْــلامية مجرد أيادٍ عاملة داخل مصانعهم التي ينشئونها داخل البلدان العربيةِ والإســلامية، وتقديم منح قروض ربوية منهكة لاستخدامها في خطط فاشلة بالشكل الذي لا ينفع الأمة.
كما يؤكد الشهيدَ القائدَ أن تلك التنمية هي خنق لشعوب الأمة وذلك بعد أن تساءل: هل هذه تنمية؟ أم هذا خنق للأمة؟ خنق للشعوب؟ ، ليقطع الشك باليقين حول تلك “التنمية” المزعومة بالقول : ليس هناك تنمية؟ ؛ إذاً نقول: لا تخدعونا بالتنمية؟

أسواق استهلاكية
وبلا شك يمكن القول إن معظم البلدان العربية والإسلامية لا زالت مجرد أسواق استهلاكية لمنتجات الشركات العملاقة في ظل توجهات منظمة التجارة العالمية التي تفتح المجال وتكسر الحواجز الجمركية أمام الشركات العملاقة متعددة الجنسيات ، ويكشف الشهيدَ القائدَ سعي دول الاستكبار العالمي بقيادة أَمريكا عبر نظامها الرأسمالي ومؤسساتها المالية وشركاتها متعددة الجنسيات الى إبقاء شعوب الأمة العربية والإسلامية مجرد مجتمعات استهلاكية ، وجعلها مجرد أسواق استهلاكية لمنتجاتها ، حيث يقول :هم يعملون أشياء أخرى ولكن لن تجد نفسك أكثر من متجول في سوق كبيرة تستهلك منتجاتهم، ولن تجد نفسك تتجول داخل مصانع يمنيه.. المصانع تتحرك، والأيدي العاملة تتحرك وتحركها, كلها تعمل معهم (اشْتَرَوْاْ بِآيَاتِ اللّهِ ثَمَنًا قَلِيلاً ، ص9).
وتحرص دول الغرب الرأسمالي على محاربة كلَّ الجهود الحكومية والشعبية في مختلف البلدان العربية والإسلامية في أن تصل إلى مستوى الاكتفاء الذاتي في مختلف شؤون الحياة ، وتعمل على أن تُعمم عليها النمط الاستهلاكي في الحياة لمنتجاتها التي تغرق بها الأسواق العربية والإسلامية عبر أدواتها الاستعمارية الجديدة ما يعرف بمنظمة التجارة الدولية وصندوق النقد والبنك الدوليين والشركات متعددة الجنسيات.

تحذير
وهذا ما يحذر منه الشهيدَ القائدَ بالقول : هم لا يريدون أن يصل الناس إلى مستوى أن يصنعوا لأنفسهم ، أن يكتفوا بأنفسهم في مجال الزراعة, في مختلف شؤون الحياة لا يودون لنا أي خير يريدون منا أن نظل سوقاً استهلاكية نستهلك منتجاتهم.( يوم القدس العالمي ، ص8 – 9).ويضيف بالقول : في اليمن نفسه كم من الأراضي في اليمن تصلح للزراعة, ونحن نستورد حتى العدس وحتى الفاصوليا والقمح والذرة من استراليا ومن الصين وغيرها؟ واليمن يكفي – لو زُرع – لليمن ولغير اليمن.

وضعية خطيرة
ويوضح الشهيدَ القائدَ الوضعية الخطيرة التي وصلت إليها الأمة في أن كل ما هو موجود في الأسواق هو من عند أعدائنا ، حيث يقول : حتى البيضة تأتي من الخارج، الدجاجة تأتي من الخارج، كل ما بين أيدينا كل ما في مطابخنا، كل ما في أسواقنا كله من الخارج، من عند أعدائنا، أليست هذه وضعية سيئة، وضعية خطيرة جداً. (معرفة الله ـ نعم الله ـ الدرس الخامس ).

عالة
وبالرغم من امتلاك الأمة للثروات المختلفة ، يبين الشهيدَ القائدَ أن الأمة أصبحت عالة على الآخرين في مأكلها وملبسها والأشياء الضرورية الأخرى كالأدوية ، حيث يقول :ولهذا تجد الناس ثرواتهم لم تعد تشكل شيئاً. ألم نصبح نحن عالة تقريباً في مأكلنا، في ملبسنا على الآخرين؟! حتى في البلدان التي لديها ثروات هامة أصبحت عالة على الآخرين! مأكلنا، ملبسنا، أدويتنا، الوسائل الضرورية والكمالية كلها من عند الآخرين من الخارج (سورة البقرة ــ الدرس التاسع ، ص7). ويضيف بالقول : الدواء كذلك معظم الأدوية من شركات أجنبية( يوم القدس العالمي)

كارثة
ويشُير الى حجم الكارثة التي وصلت إليها هذه الأمة وانها أصبحت تستورد كل شيء ، حتى “الملاخيخ”، حيث يقول في درس (مَنْ نحنً ومَنْ هُمْ ، ص 3) : ساحات واسعة صالحة للزراعة مهملة, ونستورد, نستورد كل شيء حتى [الملاخيخ], نستورد كل شيء حتى [القلوة]! ألسنا نستوردها؟ يذهب واحد يشتري كم [فشار]! وهكذا وضعية البلدان الأخرى. تدخل سوق الملح, أسواق صنعاء, وترى فيها فاصوليا, وعدس, وترى فيها فول, وترى فيها مختلف الحبوب, هذا من استراليا, وهذا من الصين, وهذا من تركيا, وهذا مدري من أين..!
وبعد أن أكد الشهيدَ القائدَ على: كل موادنا الغذائية، كل أكلنا، كل لباسنا، كل معداتنا، كل شيء من الضروري والكمالي لنا كله يخضع لهيمنة أمريكا، وبقرار من أمريكا تستطيع أن تقطع كل شيء ؛ يتساءل: لماذا يستورد اليمنيون كل شيء مما هو خاضع لهيمنة أمريكا وإسرائيل؟.(يوم القدس العالمي).

تشخيص قرآني
وهنا يقدم الشهيدَ القائدَ تشخيصاً قرآنياً لذلك حيث يقول : كراهتهم أن يروا المسلمين في خير, في تقدم, في رخاء.. فذلك شيء يعملون بجدٍ على أن يحولوا بين الأمة وبين الوصول إليه {مَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلا الْمُشْرِكِينَ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْكُمْ مِنْ خَيْرٍ مِنْ رَبِّكُمْ}(البقرة: من الآية105) وفعلاً نحن هنا في اليمن كمثال ناهيك عن بقية الدول العربية والمسألة هي واحدة طعامنا، لباسنا، أدْوِيَتُنا، مختلف الكماليات التي نستخدمها، الصابون، الشامبو مختلف المشروبات، مختلف العطور، الأشياء الكثيرة جداً جداً التي نستهلكها معظمها شركات أجنبية بأيدي اليهود.. (يوم القدس العالمي).
ويتساءل: أليس هذا قد يحصل؟. لكن اليهود بالنسبة لنا مشاعر داخلية توجه داخلي حالة نفسية لديهم أنهم لا يريدون لنا أي خير ويعملون على أن لا نصل إلى أي خير لماذا؟ لأنهم أعداء ويريد الله أن يقول لنا إنهم أعداء, إنهم أعداء، ويجب أن تتعاملوا معهم كأعداء وأن تحملوا لهم عقدة العداء.( يوم القدس العالمي)
يحملون عداوةً شديدةً لكم فهم لا يودون لكم أي خير، وهم دائماً دائماً مستشعرون لهذه العداوة لأنه أناس لا تعرفهم ولا بينك وبينهم، أنت لا تودهم, ولا تبغضهم, لا تعاديهم, ولا تواليهم ( يوم القدس العالمي).

تحت رحمتهم
وفي خضم ذلك يبين الشهيدَ القائدَ احد الأسباب التي أدت إلى وصول الأمة إلى هذه الحالة ، يؤكد في درس (يوم القدس العالمي) أن أعداء الأمة تحركوا لجعل القوت الضروري للأمة تحت رحمتهم وعطلوها من أن تنتج الخيرات من داخلها حيث يقول: لكن هؤلاء لما عملوا على أن يمسحوا من الأمة مشاعر العداء لليهود والنصارى.. أولئك لأنهم أعداء والعدو لا بد أن يعمل ضدك – كما أشار القرآن – لا بد أن يعمل بكل جد اتجهوا إلى أن يجعلوا حتى قوتنا تحت رحمتهم، أذلونا وقهرونا إلى هذه الدرجة.
ويوضح الشهيدَ القائدَ كيف عطلت “حكومات الدول العربية” البلاد الإسلامية من أن تنتج الخيرات من داخلها ، فيحصل أبناؤها على الاكتفاء الذاتي في أغذيتهم, وملابسهم والأشياء الضرورية الأخرى ، مؤكداً أنهم هم الذين أوصلوا المسألة وطوروا القضية من صراع عسكري إلى صراع حضاري يحتاج إلى أن تنهض الأمة من جديد, وتبني نفسها من جديد، حتى تكون بمستوى المواجهة للغرب ، ويقول :وكما قلت سابقاً لماذا لم تحي الدول العربية كحكومات [يوم القدس]؟ ليسوا جادين في مقاومة إسرائيل، ليسوا جادين في محاربة اليهود والنصارى، هم أولياء لليهود والنصارى، هم أصدقاء لأمريكا، أصدقاء لبريطانيا، أصدقاء حتى بعضهم أصدقاء لإسرائيل لا شك في ذلك. هم الذين عطلوا البلاد الإسلامية من أن تنتج الخيرات من داخلها، فيحصل أبناؤها على الاكتفاء الذاتي في أغذيتهم, وفي ملابسهم, وفي غيرها. هم الذين أوصلوا المسألة وطوروا القضية من صراع عسكري إلى صراع حضاري يحتاج إلى أن تنهض الأمة من جديد, وتبني نفسها من جديد، حتى تكون بمستوى المواجهة للغرب, والمواجهة لربيبة الغرب إسرائيل. (يوم القدس العالمي).

واقع الحياة
وهنا يخاطب الشهيدَ القائدَ أبناء هذه الأمة بالقول : عد إلى واقع الحياة، أين التنمية الزراعية, أين الزراعة؟ أين قوت الناس الضروري؟ ألم يكن قد غاب؟ ألم يغب نهائياً؟ لقد غاب فعلاً، هل يملك اليمن الآن ما يكفيه شهراً واحداً من إنتاج أرضه, من قوته من الحبوب؟ لا يوجد. هم يعملون أشياء أخرى ولكن لن تجد نفسك أكثر من متجول في سوق كبيرة تستهلك منتجاتهم، ولن تجد نفسك تتجول داخل مصانع يمنيه.. المصانع تتحرك، والأيدي العاملة تتحرك وتحركها, كلها تعمل معهم، ليس هناك تنمية؟. (اشْتَرَوْاْ بِآيَاتِ اللّهِ ثَمَنًا قَلِيلاً).

تأمين
وهنا يجزم الشهيدَ القائدَ بأنه مادام وأن الأمة تفتقد إلى تأمين غذائها فلا نستطيع أن نقف موقفاً واحداً ضد أعداء الله ، ويؤكد أن الامة أصبحت بحاجة إلى الغذاء أشد من حاجة المسلمين إلى السلاح ،حيث يقول :ما دمنا مفتقدين إلى تأمين غذائنا فلا نستطيع أن نعمل شيئاً، ولو كانت كل الصحارى قات، ولو كانت كل الجبال قات، لا نستطيع أن نقف موقفاً واحداً ضد أعداء الله، أصبحت حاجتنا إلى الغذاء أشد من حاجة المسلمين إلى السلاح.. هل تفهمون هذا؟. حاجتنا إلى الغذاء أشد من حاجتنا إلى السلاح في ميدان وقفتنا ضد أعداء الله.
الغذاء، القوت الضروري لا تستطيع أن تقف على قدميك وتصرخ في وجه أعدائك وأنت لا تملك قوتك، وإنما قوتك كله من عندهم. معرفة الله ـ نعم الله ـ الدرس الخامس.

قد يعجبك ايضا