من ثمار »توازن الردع« و »نصر من الله«

رويترز : السعودية تدرس «مبادرة المشاط» مخرجاً من مأزق اليمن

 

 

الثورة / خاص
بدأت عملية «توازن الردع الثانية» و”نصر من الله” تؤتيان ثمارهما في تجسيد الردع لتحالف العدوان السعودي الإماراتي الامريكي على اليمن، عبر توجهات وتحركات متسارعة باتجاه انهاء العدوان والاستجابة لمبادرة الرئيس مهدي المشاط للسلام، حسبما أكدت مصادر دبلوماسية أمس الأول الجمعة.
وكشفت وكالة أنباء عالمية عن توجه جاد لدى السعودية لمغادرة مأزق اليمن بدءاً من التعاطي رسميا مع مبادرة رئيس المجلس السياسي الأعلى مهدي المشاط للسلام التي أعلنها في الحادي والعشرين من سبتمبر الماضي.
وقالت وكالة «رويترز» البريطانية للأنباء «تدرس السعودية اقتراح المجلس السياسي في صنعاء لوقف متبادل لإطلاق النار، الأمر الذي قد يعزز جهود الأمم المتحدة إذا تم التوصل لاتفاق لإنهاء حرب مدمرة تشوه سمعة الرياض».
رضوخ وشيك
الوكالة، نقلت منتصف ليل أمس الأول الجمعة، عن مصادر دبلوماسية لم تسمها، قولها إن «السعودية تدرس بجدية وقف إطلاق النار المتبادل في اليمن» استجابة للمبادرة المعلنة من الرئيس مهدي المشاط.
وكالة «رويترز» عززت هذه التسريبات الدبلوماسية السعودية بنقلها عن «مصدر عسكري كبير» لم تسمه، قوله إن: «الرياض فتحت خط اتصال مباشر مع رئيس المجلس السياسي في صنعاء عبر طرف ثالث».
وأضافت وكالة الأنباء البريطانية نقلا عن دبلوماسي اكتفت بوصف جنسيته وأنه أوروبي، إن: «ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان يريد مغادرة مأزق اليمن وجار البحث عن مخرج مشرف يحفظ ماء الوجه».
الوكالة نقلت أيضاً تغريدة لنائب وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان على «تويتر»، الخميس، قوله: إن «المملكة تنظر إلى هدنة الحوثيين بإيجابية» وأعادت نشر تعليقات سابقة هذا الأسبوع لولي العهد محمد بن سلمان.
وبحسب وكالة «رويترز» فإن مصدرين دبلوماسيين أبلغاها إن «الضربات الجوية السعودية على المناطق غير الخاضعة للتحالف تراجعت بشكل كبير وإن هناك ما يدعو للتفاؤل بشأن التوصل لحل قريبا».
تأتي هذه التسريبات بعد يومين على نشر الوكالة تقريراً عن موجة استياء متنام داخل الأسرة السعودية الحاكمة من إدارة ولي العهد للبلاد وتداعيات الهجوم على منشآت شركة أرامكو النفطية.
ونقلت «رويترز» عن 5 مصادر مقربة من أمراء سعوديين أنهم يفضلون تنحي ابن سلمان لصالح عمه الأمير احمد بن عبد العزيز، عقب عودته غير المتوقعة إلى المملكة مؤخرا بعد إقامته خارجها لأسباب تتعلق بانتقاداته السياسية.
حل عاجل
تسريبات وكالة «رويترز»، تأتي أيضاً بعد أيام على إعلان ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، أن “الحل السياسي في اليمن أسهل وأفضل من الحل العسكري”. مبديا ترحيبه بمبادرة الرئيس المشاط.
واعتبر ابن سلمان في مقابلة مع “سي بي أس” الأمريكية، الأحد، أن مبادرة رئيس المجلس السياسي مهدي المشاط للسلام “خطوة إيجابية قد تؤدي إلى حوار سياسي أكثر جدية”.
وقال ولي العهد السعودي: “نحن اليوم نفتح كل المبادرات للحل السياسي داخل اليمن، ونتمنى أن يحدث هذا اليوم قبل الغد”. لكنه في الوقت نفسه، اشترط ما سماه “وقف دعم إيران لمن وصفهم بالحوثيين”.
وفي رده على سؤال برنامج «60 دقيقة» في “سي بي أس” الأمريكية عن مدى استعداد الرياض للتفاوض لإنهاء العدوان على اليمن، قال ابن سلمان: “نحن نقوم بذلك كل يوم، لكن نحاول أن ينعكس هذا النقاش إلى تطبيق فعلي على الأرض”.
في المقابل رحب عضو المجلس السياسي الأعلى محمد علي الحوثي بتصريحات ابن سلمان بشأن الترحيب بأي مبادرات لإنهاء الحرب على اليمن وأي جهود تبذل لإنهاء الصراع الذي يدفع منطقة الخليج إلى شفا الحرب.
وقال: «تفاؤل محمد بن سلمان بوقف الحرب إيجابي، كان يجب أن يكون قبل إعلان عدوانهم على اليمن». مضيفا: إن «تحويل الانفتاح إلى مفاوضات ذات مغزى يتطلب الجدية والتعامل بشكل واقعي مع الموقف بعيدا عن أي إملاءات، كونها لن تجدي بل تصنع العوائق في طريق إيقاف العدوان والوصول إلى السلام الدائم».
استشعار الخطر
ويعزو مراقبون هذه التسريبات والتصريحات السعودية إلى آثار قصف سلاح الجو اليمني المسير في 14 سبتمبر أهم منشآت انتاج وتصدير النفط السعودي في بقيق وخريص، وسقوط 3 ألوية للتحالف وأسر جنودها واغتنام عتادها في محور كتاف/ نجران.
كما يرجع مراقبون تسارع هذه التوجهات من جانب السعودية، وتراجعها عن تصعيد غارات طيرانها في الأسبوعين الاخيرين، إلى تحذيرات رئيس المجلس السياسي الأعلى الأخيرة، والمؤكدة لتحذيرات قائد الثورة السيد عبد الملك الحوثي.
وقال السيد عبد الملك الحوثي، في بيان له مساء السبت الماضي: “من مصلحة تحالف العدوان الاستفادة من المبادرة التي قدَّمها رئيس المجلس السياسي الأعلى، إذ بوقف عدوانهم وقصفهم وحصارهم سيوقف الجيشُ واللجانُ الشعبية الضرباتِ التي يوجهها إلى العمق بالطائرات المسيَّرة والصاروخية”.
وأضاف: “أما مع استمرار القصف والحصار والعدوان، فإن الضربات الأكثرَ إيلامًا والأشدَّ فتكًا والأكبر تأثيراً ستصلُ إلى عمق مناطقهم وإلى أهم منشآتهم الاقتصادية والنفطية والحيوية، ولا خطوط حمراء في هذا السياق”. داعيا المواطنين في تلك المناطق إلى “أخذ الحيطة والحذر”.
التحذيرات هذه جددها الرئيس المشاط بإعلانه الثلاثاء عن مزيد من الهجمات عبر الحدود ما لم يتم الإصغاء إلى المبادرة المعلنة من أجل السلام. قائلا: «من أجل السلام أجلنا كثيرا من الضربات الاستراتيجية التي لا تقل في حجمها وتأثيرها عن الهجوم على أرامكو».
بذل وساطات
استشعار الرياض عواقب الاستمرار في قيادة تحالف العدوان السعودي الاماراتي الامريكي على اليمن، تجلى مؤخرا في الإيعاز للعراق بالتوسط للتهدئة بين السعودية وايران من ناحية وصنعاء والرياض من ناحية أخرى.
وأكد رئيس مجلس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي أن السعودية تبحث عن التهدئة والسلام وأن اليمن مفتاح هام لحل أزمة الخليج، كاشفا أن زيارته الاخيرة للسعودية جاءت في هذا السياق.
وقال عبد المهدي في مقابلة أجرتها معه قناة الجزيرة” الاثنين إن «استمرار القتال في المنطقة يمثل خسارة كبيرة عليها، واليمن يعتبر مفتاحا هاما للحل يمكن أن يساعد بإنهاء أزمة الخليج».
عبد المهدي أوضح أن زيارته للسعودية “هدفت إلى التهدئة التي تعني تقديم تنازلات وفتح حوارات، والانفتاح على ملفات كانت مغلقة ولا يسمح بفتحها في مرحلة معينة”. مشيرا إلى أن «السعودية (أصبحت) تبحث عن التهدئة وإحلال السلام».
وزار رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي نهاية سبتمبر الفائت، السعودية لساعات التقى خلالها الملك سلمان في مدينة جدة، وسط أنباء عن مبادرة عراقية للوساطة بين الرياض وكل من طهران، وصنعاء، والدوحة.
وفي حين اعتبرت هذه التصريحات إشهاراً لاستعداد الرياض تقديم تنازلات في ملف اليمن وأزمة قطر، قال رئيس الوزراء العراقي بأن “هناك دولاً عديدة يمكن أن تكون ساحة للحل والمفاوضات ومنها دولة العراق».
وقد علق وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف، الأربعاء، على مساعي الرياض للتهدئة، على هامش اجتماع الحكومة، بأن «إيران مستعدة للانفتاح على السعودية إذا ما عدلت الأخيرة سلوكها».
وقال ظريف، حسبما نقل التلفزيون الإيراني: «سنستقبل السعودية بالأحضان إذا ما قامت بتغيير سلوكها ووصلت إلى نتيجة بأنها لا تستطيع توفير أمنها من خلال شراء السلاح وتسليم سيادتها لقوى الهيمنة الغربية».
مكابرة الرياض
لكن الرياض ما زالت تكابر، وسبق أن سرّبت لصحف أمريكية الأسبوع الفائت انباء عن اتفاق وقف جزئي للغارات الجوية على 4 مدن غير خاضعة لتحالف العدوان بينها العاصمة صنعاء.
الأمر الذي نفى صحته المجلس السياسي وحكومة الانقاذ وأكدا أنه غير مقبول، وقال عضو المجلس السياسي محمد علي الحوثي “إن مبادرة الرئيس المشاط تقضي بوقف كامل للعدوان والحصار». مشددا على أن المبادرة لا تقبل التجزئة.
كذلك وزير الإعلام في حكومة الإنقاذ الوطني وناطقها ضيف الله الشامي أعلن أن «المطلوب هو الوقف الكامل للغارات الجوية في جميع أنحاء اليمن ووضع حد لحصار الشعب اليمني». مشددا على أن «اليمن كل لا يتجزأ وجميع اليمنيين يعنوننا».
وتوقع مصدر دبلوماسي أن ترضخ الرياض للمبادرة كما هي. وقال لوكالة «رويترز» أمس الأول الجمعة: إن «موافقة السعودية على وقف الغارات الجوية سيعني فعليا نهاية الحرب لأن السعودية لا تملك قدرات كبيرة على الأرض».
ضغط أممي
أممياً، تبرز مؤشرات على توافق المجتمع الدولي في تشجيع الرياض على الحوار مع المجلس السياسي الأعلى في العاصمة صنعاء، على وقف الحرب وانهاء العدوان والحصار المتواصلين منذ نحو 5 سنوات، وتداعياتهما الانسانية الكارثية.
من هذه المؤشرات كان على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة الأسبوع الماضي في نيويورك، اجتماع ثماني دول بينها الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي، بشأن مبادرة الرئيس المشاط.
وأعلنت بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة والصين وروسيا أن المبادرة «خطوة أولى مهمة باتجاه عدم التصعيد ينبغي أن يعقبها تحرك إيجابي على الأرض من جانب الحوثيين علاوة على ضبط النفس من التحالف».

قد يعجبك ايضا