رمضان في ريمة….أجواء فرائحية ونفوس روحانية

 

رشا محمد
تعيش محافظة ريمة في رمضان أجواء فرائحية مبهجة، ابتهاجا برمضان وصفاء للقلوب يعزز روح التكافل الاجتماعي.. ويزيد المحافظة جمالاً وبهاءً إلى جمالها ،وبهائها الطبيعيين الآسرين التي تجعل أيام ريمة كلها روحانية مباركة..
ففي الحقيقة رمضان كان وما زال بالنسبة لهم مدرسة روحانية إيمانية عظمى يستشعرون منها لذة العودة الصادقة إلى الله نابذين بذلك زمام التفرقة ، فتكثر التجمعات للمحاضرات الدينية نقطة تجمعنا واتفاقنا وتآخينا نسعد فيها معاً ونصلي معاً ونتبادل السهرات الرمضانية المليئة بالأناشيد والموشحات الدينية والأذكار والاستغفار فتلك المجالس الذي تبدأ لحظة غروب الشمس في الأفق يوما بعد يوم..
و قبل أيام قليلة من قدوم شهر رمضان المبارك يتجهون إلى الأسواق والمحلات ابتهاجاً بهذا الضيف الكريم، وأكثر ما يلاحظه الجميع هو روح التكاتف المجتمعي بين أبناء مناطق وقرى ريمة فالذي لا يملك زادا أو مالا يسعد به أهله وأفراد أسرته قبل قدوم رمضان فيبادر المقتدرون إلى الوقوف معه ومساعدته وإدخال السرور وفرحة رمضان إلى منزله كون متطلبات رمضان تكون مكلفة على البعض نوعاً ما إلا أنهم بروح الأخوة الواحدة يشتركون في شرائها ويجتمعون في أكلها وتوزيعها فما أن يأتي رمضان حتى ترى ريمة قد دخلت السعادة والفرحة إلى كل منزل من منازلها فليس هناك محروم ولا شقي أو تعيس الحظ بيننا!!
كما أن العديد من شباب ريمة يهاجرون إلى صنعاء للبحث عن عمل يفي باحتياجاتهم ومتطلبات أسرهم المعيشية خاصة في هذا الشهر المبارك فهم يكدون ويجتهدون في مختلف الأعمال الحرة ليلاً ونهاراً حتى يتمكنوا من الراحة مع أسرهم في فترة إجازة عيد الفطر بعد أن تمكنوا من اقتناء مستلزمات هذا العيد من مأكل ومشرب وملبس وبهذا يعول عليهم كل أفراد أسرتهم هنا.
فيقضون هذا الشهر ما بين العبادة والعمل والجهد المضاعف ليأتي لنا العيد ونحن نستشعر ذلك الجزاء الجميل ولذة الفرحة الغامرة التي لا تكتمل إلا بصلة الأرحام وإزالة أسباب التشاحن والتغاين وجمعة القريب والبعيد بين أفياء مجلس واحد..
وفي نهاية شهر رمضان يقبلون بأعداد كبيرة وبكم هائل إلى دور الذكر والمساجد وحلقات القرآن والاعتكاف وسماع مختلف الخواطر والمحاضرات الدينية التي تبين فضل هذه الليالي وعظمتها عند الله وضرورة الاستزادة بكل دقيقة وساعة من أيامها المباركة والمقابل تبين السلوكيات والأعمال المستحب والواجب عمله في أيام العيد، وهكذا ترى الأقرباء يتقاسمون أيام العيد بينهم في الزيارات والعزائم والولائم وترى كبار القوم منهم يتسابقون ويتنافسون في الصدقات والخيرات للإحسان إلى الفقراء والمساكين والأيتام والأرامل وهذا هو حالهم وشأنهم..
أما النساء والفتيات في المحافظة قبل حلول رمضان وفي كل عام يحرصن على التحلي بالنقوش الجميلة على أيديهن وخاصة نقشة الحناء ببداية رمضان وفي العيد أيضاً فبالنسبة لهم جميعا بمثابة عرس الكل يحتفي به ويعد له عدته ثم قبل رمضان تقوم النسوة بتجهيز كعك و التي لها في ريمة ميزة خاصة ونكهة مختلفة عن بقية المحافظات اليمنية إذ تسمى عندهم (المفتوق) بالذرة وهي الأكلة الأساسية لاستقبال رمضان ولاستقبال العيد وما من بيت إلا ويقوم بتحضيرها وتوزيعها ليلة رمضان وكذلك صباح العيد وهكذا نجتمع النسوة في هذه الليالي بإعدادها وتجهيزها بكميات كبيرة. تكاد أن تكون الوجبة الرئيسية في ريمة كذلك الفتة والمعصوبة وهي المعجونة بالسمن البلدي والعسل وتؤكل قبل المأكولات الباردة لدى الكثير من الناس مثل الشفوت وفتة اللحوح وهو المصنوع من الذرة المرهي كان فيما سبق يطحنونه عجيناً.
وعند الإفطار في المساجد يحضرون صحون الشفوت والتمر واللبن واللحوح وتراهم يتبادلون الصحون من منزل إلى منزل ويتسابقون إلى فعل الخير.
أما العيد في ريمة محفوف بالجمال الرباني والخضرة المنعشة في النفس معاني الغبطة والسرور بعيدا عن ضوضاء المدن وإزعاجها لتشعر بأنك هناك في جنة الأرض حال رؤيتك للمدرجات الزراعية المكسية بحلل متناثرة من الأحزمة الخضراء وهوائها العليل الشافي للنفس من أدران مشاغل الحياة وهمومها وأتعابها.
ولهذا يشد الرحال جميع ابناء المحافظة للعودة إلى ريمة ففيها العيد أهنأ والعيش أطيب.
فمن المحال والمستحيل أن يمر عليهم عيد من الأعياد إلا ويقضونه في بلاد السحاب ريمة ولو علم الناس سحرها وجمالها لرأيتهم من كل صوب وحدب يأتون إليها فكل أيامها عيد.
خيرات الأرض..
ريمة بفتح الراء وسكون الياء وفتح الميم المختوم بتاء التأنيت مربوطة اسم مشترك لعدد من المواضع في اليمن هي ، ريمة المناخي في العدين ، ريمة حميد في سنحان ، و ريمة اسم جبل في بني قيس من خبان ، وقد نالت إعجاب المؤرخين فأطنبوا في ذكر جمالها ووفرة مياهها وخصوبة أراضيها وجودة منتجاتها حتى سماها الأعراب بسَّكاب اليمن ، ثم تلاشت تلك التسميات وأصبحت ( ريمة ) بدون إضافات ، وما تزال بعض العزل والطرق في ريمة تحمل أسماء هذه السلالات التي تتحدث عنها كتب التاريخ متضمنة عدداً من البطون الحميرية ، كما يقال -أيضاً- بأنها سميت ريمة اشتقاقاً من ( ريم ) – وهو اسم للغزال – نظراً لوداعة ساكنيها أو نسبة لجمال طبيعتها .
تعد محافظة ريمة إحدى المحافظات اليمنية التي تم استحداثها مؤخراً خلال العام 2004، وتتميز محافظة ريمة بطبيعة وعرة وجبال شاهقة في الارتفاع، ومن أهم مدنها السخنة، مدينة الطعام وبلاد الشرق. وتعد الزراعة من ابرز الأنشطة التي يمارسها سكان هذه المحافظة الواعدة، حيث يزرع فيها العديد من الخضروات والفواكه والحبوب والبن، فضلاً عن الاهتمام بتربية الحيوانات والنحل وإنتاج العسل. ويتميز مناخ المحافظة بالبرودة في فصل الشتاء والاعتدال في فصل الصيف. ولا تتوفر المزيد من المعلومات عن محافظة ريمة نظراً لحداثة نشأتها.

قد يعجبك ايضا