تنبأ باستشهاده قبل عشرة أيام

الرئيس الصماد والحديدة ..حب متبادل وعناق أبدي

 

عبد الملك الشرعبي

عشق الحديدة وأولاها جل اهتمامه منذ توليه رئاسة المجلس السياسي الاعلى فعشقته الحديدة وبادلته الحب والوفاء ، لترتقي روحه المجاهدة منها وإلى بارئها شهيدا .. إنه الرئيس الشهيد صالح علي الصماد الذي ظل يولي هذه المدينة اهتماما خاصا من خلال زياراته المتكررة لها والاطلاع على احتياجاتها واحتياجات مواطنيها الخدمية ،وتوجيه الحكومة بإيلاء هذه المحافظة اهتماما كبيرا بقدر المتاح ، لتلبية احتياجاتها ، ولتكون آخر عهده من الدنيا وآخر نظراته إليها .. الحديدة التي ودعها يوم التاسع عشر من شهر أبريل 2018م ، قبل أن تغتاله يد العدوان السعودي الامريكي ظهر نفس اليوم بطائراتها الغادرة بعد ساعة من لقائه بقيادة ومسؤولي السلطة المحلية فيها ، وإلقائه خطاب الوداع الاخير ، وزيارته لورشة تصنيع طائرات دون طيار، والمدافع، والذخيرة الحية ..

لقد مثلت زيارة الرئيس الشهيد الصماد الاخيرة للحديدة رسالة قوية للعدوان ، كونها جاءت في الوقت الذي يقترب فيه موعد معركة الساحل الغربي التي ظل يخطط لها تحالف العدوان منذ امد ، كما تزامنت زيارته مع احاطة المبعوث الدولي غريفيث البديل لولد الشيخ ، والذي قدم احاطة الى مجلس الامن بشأن اطلاق مسار تفاوضي للقضية اليمنية لمدة شهرين او ثلاثة اشهر ، وأنه قادم على عملية وشيكة في الحديدة .
وتضمنت المشاهد الاخيرة للرئيس الشهيد -التي وزعها الاعلام الحربي- زيارته لورشة تصنيع طائرات دون طيار، والمدافع، والذخيرة الحية، والألغام المتنوعة، بالإضافة إلى عرض مشاهد لمدفعية “رجوم” المصنعة محليا.
وتحدث الرئيس الشهيد في خطابه الاخير عن جُملة من المواضيع المتعلقة بالعدوان والتحضيرات التي يجريها لغزو الحديدة والاستيلاء عليها ، نظرا لأهميتها الاقتصادية ولكونها تمثل شريانا رئيسيا لاستقبال وإدخال المساعدات الانسانية لليمنيين المحاصرين ..
ولعل من ابرز ما قاله الرئيس الضماد في خطابه الاخير للسلطة المحلية ولأبناء تهامة “إنَّ ابناء اليمن سيخوضون البحر دونكم لدرء العدوان الغاشم الذي يخطط لغزو المدينة الباسلة، وسنقدم اكثر مما تقدمونه لأنفسكم ، فنحن جميعا في خندق واحد” .
ودعا ابناء الحديدة الى استيعاب التطورات الجديدة التي يحضِّر لها العدوان وأن يستنفروا للمواجهة ومعهم ابناء اليمن الشرفاء من صعدة الى المهرة الذين سيهبون للدفاع عن هذه المحافظة .وذلك ردا على التصعيد الجديد من قبل العدوان على الساحل الغربي، حيث خاطبهم الصماد بشجاعته المعهودة قائلاً : “لن تجدوا في الحديدة مرتزقاً يبلغكم مبلغكم، وما مخادعة العملاء القدامى الجدد لكم بأن أبناء الحديدة سيستقبلونكم بالورود إلا أوهام”. ، كما خاطب السفير الأمريكي ماثيو تيلر قائلاً: “سنستقبلك مع ابناء هذه المحافظة الغالية على خناجر بنادقنا”.
وقال: إنَّ الجيش واللجان الشعبية سيمثلون مع ابناء الحديدة سياجا منيعا للدفاع عنها “، ولتنطلق منها مسيرة البنادق العارمة في رسالة قوية وجهها ابناء المحافظة الى العدوان وأذنابه .
ولفت في خطابه الى ان امريكا هي المتبنية لعملية الحديدة ، خصوصا بعد إسقاط الطائرة الامريكية فيها قبل يوم من خطابه -، وأن السعودية والامارات واذنابهما من المرتزقة هم مجرد خدام لأمريكا واجندتها ، وتطرق الى ما يتعرض له ابناء المناطق المحتلة والمهجرين فيها من الافارقة من اهانات ، وامتهان لكرامة الانسان اليمني ، واعتقالات وتعذيب من قبل المحتل الاماراتي .
ومما قاله الرئيس الشهيد الصماد في آخر خطاب له: ” إنَّ الحديدة تستحق من الكل الاهتمام ، والخير ، وقد حوربت كثيرا من قبل السعودية في فترات سابقة ، حتى لا تنشأ مدينة على ساحل البحر الاحمر تضاهي مدينة جدة ، وأضاف: السعودية كانت دوما حريصة على افشال اي مخطط للتنمية في هذه المحافظة .. مؤكدا أن الحديدة ستكون ضمن اولويات المجلس السياسي الاعلى والحكومة ، من اجل ان تكون محافظة نموذجية بمجرد انتهاء العدوان، وأنه في الوقت الحالي سيتم العمل قدر المتاح والممكن ، لتلبية احتياجاتها في المجالين الحدمي والتنموي .
وكان الرئيس الشهيد صالح الصماد قد تنبأ باستشهاده قبل عشرة ايام وتحدث عن وفاته خلال كلمة له في مؤتمر جماهيري بذمار قال فيه “إذا استشهد صالح الصماد يوم غد “، فإن أولاده لن يجدوا منزلا ينامون فيه وسيعودون إلى مسقط رأسهم (صعدة).كونهم لا يمتلكون منزلا في صنعاء ، وهي نعمة كبيرة من الله” .
وكان الكثير من المراقبين يتنبأون باستشهاده لكثرة تحركاته في ساحات المعارك والجبهات وتفقده أحوال المواطنين في مختلف المحافظات بشكل مكشوف ، ودون حماية امنية كافية، ورغم ذلك فشل العدوان في الوصول إليه ، ليضعه في مرتبة المطلوب الثاني وتخصيص جائزة 20 مليون دولار لمن يدلي بمعلومات حوله.. هذا الإخفاق رغم حركة الصماد اليومية المكشوفة بين صنعاء ومختلف المحافظات والجبهات التي كان يجول عليها في وضح النهار دليل على شجاعة الصماد وبذله من ناحية، وعلى إخفاق استخباري من ناحية أخرى، إلى أن بلغ الامر حد رفع درجة المخاطرة بحياته بحجم الخطر الذي يتهدد الحديدة.
ويتكشف من سياق العملية والصور الجوية التي بثها العدوان والتي بينت أن هناك عملية مشتركة سعودية أميركية كانت وراء استهداف سيارات غير معلوم من يستقلها، ، ولم يصدر العدوان بعدها أي إشارة الى طبيعة الهدف الذي تم استهدافه وأنه كان موكبا قيادياً رفيعا رغم مضي أربعة أيام قبل إعلان المجلس السياسي الأعلى نبأ استشهاد الرئيس الصماد.
وفي الأخير يظل مشروع الدولة اليمنية الذي أطلقه الرئيس الشهيد صالح الصماد ” يد تحمي.. ويد تبني ” مشروع كل اليمنيين. كما ستظل كلمته المشهورة : “أن أمسح الغبار عن نعال المجاهدين أشرف لي من كل مناصب الدنيا” خالدة في اذهان كل اليمنيين ، كما هي رسالة للعالم بأن استشهاده لن يثني أنصار الله أو الجيش واللجان ولا الشعب اليمني عن مواصلة درب الصمود والمواجهة دفاعاً عن الوطن تبني الأرض والإنسان.

قد يعجبك ايضا