الغش التجاري .. وحماية المستهلك

 

محمد عبدالمؤمن الشامي

الغش التجاري هو إخفاء حقيقة البضاعة بتغييرها تغييراً مادياً حتى تصبح شيئاً آخر، وإظهارها بغير مظهرها الحقيقي بعد التغيير، وتكون جريمة الغش في المواد الغذائية والطبية، والغش في هذه الحالة متجه إلى ذات البضاعة لا إلى المتعاقد ولذلك تقع الجريمة حتى ولو لم يكن هناك متعاقد، وأيضا حتى إذا لم تكن هناك هناك نتيجة جرمية. ويعتبر الغش بأنواعه وصوره كافة آفة اجتماعية واقتصادية خطيرة.
إذا قام التاجر بوضع بضاعة وطنية في علب كرتون مطبوع عليها عبارات فرنسية أو لبنانية تدل على أن مصدرها المصانع الفرنسية أو اللبنانية ، فيكون قد ارتكب غشاً من شأنه حمل المستهلك على شراء بضاعة مصنوعة في اليمن باعتبارها بضاعة فرنسية أو لبنانية ؛ إذ أن ذلك يثير الغش في ذهن المشتري ويحمله على شراء بضاعة بسبب البيان الكاذب عن مصدر البضاعة.
كذلك بيع مياه معدنية اصطناعية باسم مياه معدنية طبيعية، يشكل غشاً في جنس البضاعة؛ أي في مجموع صفاتها الجوهرية التي تلازمها والتي لولاها لما أقدم المشتري على الشراء نتيجة تغيير ذات الشيء أو نوعه أو مصدره، أو حمل المشتري على شراء شيء بإعطائه بيانات كاذبة عنه أو إبدال الشيء الذي وقع عليه الاختيار بشيء أقل قيمة.
تشكل السلع المقلدة والمغشوشة ظاهرة سلبية تعرقل جهود التنمية الاقتصادية القائمة على الجودة النوعية والمنافسة الشريفة، وتتسبب بذلك في كساد السلع الأصلية، وتضيّق على التاجر الأمين، وتعرض السلامة العامة للمستهلكين للخطر، خاصة حين يكون هذا الغش في السلع والأشياء المرتبطة بشكل مؤثر بحياتهم، ومنها – على سبيل المثال – المواد الغذائية والأدوية وبعض الأجهزة الكهربائية وأجهزة الهاتف وقطع غيار السيارات وإطاراتها، لذلك يجد المستهلك نفسه حائراً في الاختيار في ظل وسائل الترويج والدعاية وإغراءات السعر المتدني.
في الآونة الأخيرة وفي ظل الظروف الاستثنائية من تاريخ البلاد من عدوان وحصار، هناك تجار يستغلون ويستثمرون هذه المعاناة غير مستشعرين معاناة البسطاء والمواطنين الذين يواجهون بشكل يومي حرباً اقتصادية ضروساً من قبل العدوان.
لذلك يبرز دور وزارة الصناعة والتجارة في حماية المستهلك من خلال اللجنة العليا لحماية المستهلك، والتي يرأسها وزير الصناعة والتجارة وتضم عضوية كل من: وكيل وزارة الصناعة والتجارة لقطاع التجارة الداخلية، ووكيل وزارة الـزراعة والــري، ووكيل وزارة الإعلام، ووكيل وزارة الادارة المحلية، ووكيل وزارة حقوق الإنسان، ورئيس الهيئة العامة لحماية البيئة، ومدير عام الهيئة اليمنية للمواصفات والمقاييس وضبط الجودة، ومدير عام الهيئة العليا للأدوية والمستلزمات الطبية، وممثل عن جمعيات حماية المستهلك الأكثر فاعلية، وممثل عن الاتحاد العام للغرف التجارية الصناعية يرشحه الاتحاد لعام للغرف التجارية الصناعية، وخبيران من الأكاديميين أو المختصين في مجالات الاستهلاك يعينهما الوزير ومدير عام الادارة العامة لحماية المستهلك عضواً ومقرراً.
وتتولى هذه اللجنة دعم دور المستهلك في الاقتصاد الوطني والحفاظ على صحته وسلامته وحقوقه وتوعيته وإرشاده وتأمين سلامة السلع والخدمات وجودتها. وفي ظل الجهود لمكافحة انتشار ظاهرة الغش التجاري والسلع المقلدة والمغشوشة وتطبيقا لقانون حماية المستهلك رقم( 46) لسنة 2008م وقرار رئيس مجلس الوزراء رقم ( 272 ) لسنة 2010م بشأن اللائحة التنفيذية للقانون رقم (46)لسنة 2008م بشأن حماية المستهلك، فإن دور وزارة الصناعة والتجارة، ومن خلال الإدارة العامة لحماية المستهلك تقوم بالآتي:
الإشراف على تنفيذ السياسة العامة لحماية المستهلك بالتعاون مع الجهات المختصة، والتنسيق والتعاون مع الجهات المختصة والجمعيات في نشر الوعي الاستهلاكي حول السلع والخدمات ، وتعريف المستهلكين بحقوقهم وطرق المطالبة بها، وتلقي شكاوى المواطنين، مما قد يتعرضون له من محاولات الغش والتدليس أو ما يشاهدونه في الأسواق من ممارسات ضارة ومخالفة للأنظمة المرعية ، وتقوم بفحص الشكاوى المقدمة إليها من المستهلكين أو جمعيات حماية المستهلك، واتخاذ إجراءات التقصي والبحث وجمع الاستدلالات والبت في الشكاوى وفقاً للقواعد والإجراءات المحددة ثم إحالتها للجهات المختصة، وتقوم بضبط ومتابعة الممارسات المخالفة لأحكام هذا القانون ” قانون حماية المستهلك” وتقوم بجولات تفتيشية على الأسواق والمحلات والمستودعات للتحقق من سلامة المعروض من المواد التموينية والسلع الاستهلاكية الاخرى، من حيث جودتها وصلاحيتها للاستهلاك الآدمي.
إن المواطن المستهلك لم يعد أول ضحية لظاهرة الغش والتقليد التجاري للسلع ،وإنما يتعدى الامر ذلك بمخاطر تشمل اقتصاد الوطن برمته، ولهذا فإن الوزارة تسعى إلى رفع وعي وحماية المستهلك ضد الممارسات الضارة باقتصادياته مادياً وصحياً، وتعديل العقوبات، حيث أن الوضع يدعو وبإلحاح شديد إلى تشديد العقوبات على مرتكبي مخالفات الغش التجاري والتقليد، وإصدار قائمة سوداء بشأنهم ،مع التشهير بالشركات والمؤسسات المستورة التي تتعامل مع هذا النوع من النشاط التجاري غير المشروع والضار بالاقتصاد الوطني والمواطن.

قد يعجبك ايضا