بداية التاريخ الإسلامي‮ ‬في‮ ‬اليمن

 - 
طبقاٍ‮ ‬للروايات الكثيرة لدخول الإسلام إلى اليمن‮.. ‬فإن أول جمعة في‮ ‬رجب تصادف إشراقة هذا الدين السامي‮ ‬على اليمن‮.. ‬يومَ‮ ‬تشربت فيه أرضاٍ‮ ‬وإنساناٍ‮ ‬بغيث الإسلام الصافي‮ ‬الذي‮ ‬أروى الظمأ ا
محمد علي‮ ‬السهماني –

طبقاٍ‮ ‬للروايات الكثيرة لدخول الإسلام إلى اليمن‮.. ‬فإن أول جمعة في‮ ‬رجب تصادف إشراقة هذا الدين السامي‮ ‬على اليمن‮.. ‬يومَ‮ ‬تشربت فيه أرضاٍ‮ ‬وإنساناٍ‮ ‬بغيث الإسلام الصافي‮ ‬الذي‮ ‬أروى الظمأ المضني‮ ‬جراء عصور الظلام والتمزق‮.. ‬
جاء الإسلام لينير القلوب بضياء الإيمان الوهاج وليأذن لأهل الحكمة الولوج في‮ ‬منارات الهدي‮ ‬واشراقات المعرفة والعبادة الحقة للمولى جل جلاله‮ ‬وعلاوة على أن الإسلام هو الدين الوحيد الخاتم الذي‮ ‬يضمن سير الإنسان في‮ ‬مساره الصحيح باعتقاده بالجهة الاعتقادية السليمة في‮ ‬التعامل مع خالق الخلق ومستحق العبادة وحده‮.. ‬فإنه‮ (‬أي‮ ‬الإسلام‮) ‬حفظ بقدومه إلى اليمن مضي‮ ‬هذا البلد في‮ ‬إشراق تاريخه الناصع من خلال المحافظة على أصوله النابعة من الشورى والحكمة‮.. ‬مجنبا إياه مزالق التخبط والعشوائية المقيتة في‮ ‬غياهب الجهالة بالعبادات الباطلة والديانات المزرية‮.‬
ان احتفال اهل اليمن بشهر رجب كمعلم خالد لدخولهم الى الإسلام من العلامات الفارقة في‮ ‬تاريخنا كون هذا الشهر الكريم‮ ‬يمثل نقلة نوعية كاملة المعنى وباهية الجوهر في‮ ‬حياة اليمنيين جميعاٍ‮.. ‬فكيف لا‮ ‬ينظر إلى الاحتفائية المشروعة بهذه المناسبة بأنها جديرة بالتخليد البهيج‮ ‬كلما حان موعدها ودنت ذكراها وحلت ذكرياتها‮ ‬كونها نقلت الإنسان من الظلام إلى النور ومن الشقاء إلى السعادة ومن الفجور إلى الإيمان ومن جور الأديان وظلمة العيش إلى نور الإسلام ورغد العيش‮.. ‬فكيف‮ ‬يستسيغ‮ ‬البعض حتى وإن كانوا منا أن‮ ‬يضيقوا على الناس ما‮ ‬يسره الله‮ .. ‬وأن‮ ‬ينالوا من حق الفرحة بهذا العيد مالا‮ ‬يجب أن‮ ‬ينال من مناسبة هي‮ ‬أحق المناسبات في‮ ‬الاحتفال والابتهاج بها لما ننعم به جميعا من ظلالها وفضلها‮.. ‬تحت ذريعة أن الاحتفال بذكري‮ ‬شهر رجب بدعة‮ ‬يدعي‮ ‬صاحبها أن الله ما أنزل بها من سلطان‮.. ‬وأعجب مندهشاٍ‮ ‬أن مسلما‮ ‬ينأى بنفسه عن المشاركة مع عموم الأمة في‮ ‬الاحتفاء بهذه المناسبة التي‮ ‬يتقاسم شكرها هذا المعارض مع‮ ‬غيره من الناس‮.. ‬بل‮ ‬يزيد العجب ونحن في‮ ‬شهر رجب أن الممانع لإقامة هذه المناسبة‮.. ‬يعتلي‮ ‬مقاما منبريا ليعلن عاليا أن الناس‮ ‬يحيون بدعة والعياذ بالله من مقولة تمجها العقول وتسأمها الألسن وتتنكر لها القلوب السليمة‮.. ‬والحديث عن العجب إلى حالة الاستغراب من حال هؤلاء المنكرين لمشروعية الاحتفال بشهر رجب‮.. ‬في‮ ‬صورة من وضعوا أنفسهم في‮ ‬صورة المعارض للمرغوب والممنوع على حد سواء دون إعمال الفكر في‮ ‬مفهوم الاحتفالية المشروعة التي‮ ‬ينبغي‮ ‬أن تعزز ويشجع على إحيائها لا على أنها عاده سنوية فحسب ولكن على أنها شعيرة دينية تذكر الناس أنهم في‮ ‬مثل هذه الساعة من الزمن تحلى أجدادهم بأفضل ما‮ ‬يمكن للإنسان أن‮ ‬يتحلى به في‮ ‬سائر ايام حياته‮.. ‬وعلي‮ ‬أن هذه الذكرى تذكر صاحبها بأن الله أذن له أن‮ ‬يحوز أعظم ما‮ ‬يملكه الإنسان في‮ ‬حياته وهو الدين‮.. ‬ألا‮ ‬يدرك كل من‮ ‬يعارض الاحتفال المشروع بشهر رجب أن ذكرى دخول الإسلام اليمن‮ ‬يمثل محطة سنوية‮ ‬يجدد الناس فيها ولاءهم وعهودهم مع الدين وتحصل الأمة في‮ ‬مثل هذا الموعد فرصة لتجديد هويتهم والانتباه كلما حلت الذكرى للمحافظة على هويتهم وانتمائهم لهذا الدين الذي‮ ‬تكاد دعوات التشدد وصيحات البدعة أن تطمس معالمه وروحانيته‮.. ‬وأن توصد حق الفرحة على الصغار والكبار بلغة الممنوع والمحرم والمكروه والبدعة والضلالة ووو‮… ‬معتمدة في‮ ‬تعتيم الواقع وتشويه الصورة بمفهوم خاطئ لمسألة جزئية لا تحتمل كل هذا الصخب الهائل الذي‮ ‬يحتكر إصدار الأحكام وأخذ الوصاية بإطلاق الحلال والحرام في‮ ‬وجوه الناس‮ ‬ونعلم جميعا أنه لا وصاية على الدين ومن الجرم الإنكار على مسألة خلافية إن سلمنا هنا أن الاحتفاء بجمعة رجب مسألة خلافية‮.. ‬وإن كنت أرى فيها‮ ‬غير ذلك لأننا نطلق عليها احتفائية مشروعة والمشروع دائما لاينكر عليه حتى وإن فهم البعض خلاف ذلك فليسوا بحجة في‮ ‬الأخذ منهم ويبدو أن من‮ ‬يصر على خلق مسائل الخلاف والفرقة حتى في‮ ‬المسائل الجزئية‮ .. ‬ينزع إلى الجدل إلى حد الاستخفاف بمشاعر وعواطف الناس حاله حال من استخف ولم‮ ‬يبال قديما بدم الإمام الحسين ليأتي‮ ‬سائلا عن حكم دم البعوض إذا وقع على الثوب أثناء الصلاة‮.. ‬وهكذا دائما نسمع مرغمين على مثل هذه الأصناف من الناس ولا‮ ‬غرابة في‮ ‬ذلك حتى وإن تقمص البعض جلباب الدين وتعمر بعمامة الدعاة لكن‮ ‬يبقى أن نفهم أن كل قول‮ ‬يؤخذ منه ويرد إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي‮ ‬أرسل إلى اليمن العديد من الصحابة الكرام تقديرا لأهلها الذين استجابوا بالفطرة للإسلام ولم‮ ‬يقاوموا أو‮ ‬يعاندوا بل استقبلوا فرحين رسل النبي‮ ‬الكريم ومازالت آثار ومعالم الإمام علي‮ -‬كرم الله وجهه‮- ‬الذي‮ ‬قيل إنه أمر ببناء المسجد الكبير في‮ ‬صنعاء والصحابي‮ ‬معاذ بن جبل الذي‮ ‬صح انه قام ببناء جامع الجند وغيرهم من الصحابة الذين أوفدهم رسول الله إلى اليمن كدعاة ومبلغين وولاة‮.. ‬كل هؤلاء استحقوا من الناس الاحتفاء بهم في‮ ‬حياتهم‮.. ‬فكيف لانحتفل اليوم بذكراهم علينا‮.. ‬أم أن البعض‮ ‬يحسدنا في‮ ‬تجديد العهد مع الدين الذي‮ ‬سلم به الأولون عن طواعية واختياراٍ‮ ‬وقناعة دون أن‮ ‬ينصاعوا لنزعات الأنفس المتغطرسة التي‮ ‬كرهت منعت نفسها من نعمة الإسلام وكرهت لغيرها من بني‮ ‬قومها حق الفرحة بالدخول في‮ ‬دين الله افواجا‮.. ‬وها نحن في‮ ‬زماننا نعاني‮ ‬من الصنف الذي‮ ‬يحرم نفسه من الفرح بفضل الله ورحمته المأمورين بها بنص كتاب الله‮ (‬قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما‮ ‬يجمعون‮) ‬ويكره لغيره التعبير بالوسيلة المشروعة في‮ ‬إظهار فرحته‮.. ‬وأدعوا الجميع دون استثناء خاصة الممانعين للاحتفاء بجمعة رجب والوقوف قليلاٍ‮ ‬عند هذه الآية والبحث عن تفسيرها وأسباب نزولها عسى أن تكون لهم شفاءٍ‮ ‬لما تلوكه ألسنتهم وما تبطنه قلوبهم‮.. ‬

والله الهادي‮ ‬وحده للصواب
mohsahman@gmail.com‮ ‬

قد يعجبك ايضا