خواطر فضولي.. الغيرة على البنات

عباس علي الديلمي
منذ عُينت مديراً عاماً للبرامج في الإذاعة (البرنامج العام) إلى أن عُينت رئيساً لقطاع الإذاعة, حتى صدر القرار الجمهوري رقم (269) بتاريخ 29/12/2013م بتعييني مستشاراً لوزير الإعلام (كي لا يظل أحد المقربين من النظام السابق في ذلك المكان) وأنا أحرص إلى درجة الاختلاف مع زملائي وأصدقائي من المذيعين على تثبيت الحق الأدبي للمبدعين عند بث أي عمل غنائي أو إنشادي بتقديمه مع ذكر اسم المؤلف والملحن والمؤدي، أو اختتامه بذلك التعريف إن سها المذيع عند التقديم.. وكان الأمر ـ عند المخالفة ـ يتدرج من لفت النظر إلى العقوبة.. انطلاقاً من رسالة تعميم للمعرفة وحق المستمع في معرفة من مؤلف وملحن ومؤدي المادة التي سيستمع إليها، ولأن الحق الأدبي والفكري للمبدع يلزمنا بذلك، ولسبب ثالث له أهميته لدي منذ قرأته في كتاب مقامات الحريري ـ في صغري ـ وهو قوله “غيرة الشعراء على بنات الأفكار كغيرتهم على البنات الأبكار”، وهي مقولة تركت أثرها في نفسي ولو كان وزير الثقافة والإعلام السعودي “الحالي” قد قرأها في صغره أو بعد تعيينه في ذلكم الموقع الهام لما كان قد اغتصب بعض بنات أفكار أمير الشعراء أحمد شوقي ونسبها إليه في قصيدة ألقاها أمام أمير مكة.. مما جعل أحد الظرفاء المصريين يعلق على ذلك بقوله “أما يكفيهم الجُزُو في تيران؟! يسيبوا لنا الشعر باأه”.
بهذه الطرفة أو القفشة المصرية تذكرت ما قلته في العام 2014م عبر وسيط لأحد القائمين على (قناة سهيل) عندما ضقت ذرعاً من استمرارها في بث نشيد (وهبناك الدم الغالي) الذي كتبته ولحنه وأداه الفنان الكبير وصديقي العزيز أيوب طارش العبسي.. وقد تم حذف اسم الشاعر والملحن والمؤدي رغم أنها حصلت عليه من إحدى القنوات الرسمية, دونما موافقة من أصحاب العمل أو دفع الحق المادي، بل قامت بحذف الحق الأدبي.
قلت له: لقد احتلت ثورتكم منزلي (في حي هايل) وخطفتم سيارتي الحكومية بتهديد السلاح، وأزحتموني من عملي في الإذاعة.. لقد كنت أتوقع أن تكتفوا بواحدة ولكنكم أضفتم إلى ذلك السطو على حق من حقوقي الإبداعية.. وبهذه البجاحة..
قلت ذلك من باب الغيرة على بنات الأفكار, لأني أعرف جيداً أن الناس يعرفون من هو صاحب ذلك النشيد وأن حذف اسمي من النسخة التي سطت عليها قناة (سهيل) لن يغير في الأمر شيئاً.
بالمناسبة يبدو أن قناة (سهيل) قد سنّت سُنَّة سيئة فكان لها وزرها ووزر من عمل بها.. فها هي قنواتنا التلفزيونية في الداخل مثل (اليمن) و(عدن) و(سبأ) كالقنوات التي في الخارج وتُنسب إلى اليمن مثل (اليمن ـ الرياض) وعدن ـ الرياض، وسهيل وبلقيس.. إلخ، قد حذت حذو (سهيل) ليس في العمل المشار إليه, بل وفي بقية أعمالي مثل (نفديك يا يمن) و(يمن الأمجاد) و(يمن الشموخ) و(صباح الخير يا وطنا) و(عن طريقٍ شقه ذو يزن) و(دمت ياسبتمبر التحرير) وغيره وغيره.. وهكذا هو الحال مع أعمال بقية الشعراء والفنانين إلا من شملته عين الرضا.
أواسي نفسي وأقول لها: إن كان وزير ثقافة وإعلام لا يعرف أن الغيرة على بنات الأفكار كالغيرة على البنات الأبكار، فما بالنا بالقائمين على القنوات الفضائية ـ حتى تلكم الإذاعات ـ وما أكثرها ـ عندما تتحفنا بسماع تلك الزوامل التي تمازج فينا المتعة وإلهاب الحماس، تحرمنا من معرفة شعرائها والمؤدين لها، حتى نعبر لهم عن شكرنا على الأقل.. يبدو أن في ذلك رؤية ثورية نجهلها أو غابت عنا.

قد يعجبك ايضا