تسييس التعليم.. معضلة مدمرة للحاضر والمستقبل

*يهدد بالجهل السياسي والعصبية العمياء وسط النشء والشباب

تحقيق/ أسماء حيدر البزاز
قوانين التعليم كأسمى غايات العمل التنموي والتنويري ،توجب على كل الأطراف السياسية في أي بلد من بلدان العالم الابتعاد عن المناكفات السياسية في مؤسسات التعليم بأضلاعه الثلاثة الأساسي والجامعي والمهني، كون العلم أبرز قواسم الإنسانية المشتركة قبل الدين والجغرافية والمذهب والحزب.
ربما لأن الزج بالعملية التعليمية نحو المناكفات أو الصراعات السياسية نذير انهيار النسيج الوحدوي لأي مجتمع.. أما في الذي شهد خلال السنوات الماضية ولم يزل يشهد أعتى موجات تسييس العملية التعليمية فقد أسهمت هذه المعضلة بشكل واضح في فشل مخرجات التعليم معيقة بذلك عجلة البناء والتنمية بعد أن تسلسلت إلى المسار المقدس لصرح العملية التعليمية وبشكل يساعد في إنتاج أجيال تتمترس خلف ترسانة كبيرة من أسباب الخلاف والصراع السياسي والعقدي..
في هذه المادة الاستطلاعية سنتتبع آثار هذه المعضلة والمعالجات الكفيلة بإيقاف طوفانها المدمر للنشء والشباب، ومن وجهة نظر أكاديمية … إلى التفاصيل:
ركزت كل القوانين الدولية والأعراف الإنسانية، على حرمة الزج بأي مؤسسة تعليمية أساسية أو جامعية أو مهنية في مخاضات العمل السياسي.. حرصاً على استقلالية التعليم وإبعاد مؤسساته عن مجريات الصراعات السياسية، وما أحوجنا في اليمن إلى الفصل بين العمل التعليمي والسياسي.. أكاديميون وتربويون تحدثوا لـ(الثورة) عن خطورة تلك الصراعات داخل صروح التعليم..حيث دعى الدكتور عادل عبدالحميد غنيمة – جامعة عمران – كل أطراف الصراع اليمنية إلى تجنيب المؤسسة التعليمة كل أشكال الصراع السياسي، سواء في الجامعات أو المدارس أو المعاهد الفنية لأن استمرار التعليم يعني استمرار الحياة في اليمن..
وقال غنيمة: ولاشك أن طلابنا لهم انتماءاتهم السياسية المختلفة لاسيما في الجامعات ولذلك لابد أن يبتعد الأساتذة عن أي عملية استقطاب أو طرح آراء سياسية مؤيدة لفكره وانتمائه السياسي لأن ذلك يؤثر سلباً على نجاح العملية التعليمية كما يؤدي الى اضاعة وقت التعليم فيما لا يفيد ولا ينفع طلابنا ويؤثر سلبا على تحقيق الهدف من العملية التعليمية كما ينبغي على وزارة التعليم العالي منع تسييس الطلاب داخل الجامعات الحكومية أسوة بالجامعات الخاصة وان تخضع عملية التعيين لكادر هيئة التدريس في الجامعات لوزارتي التعليم العالي والخدمة المدنية وبنفس شروط التعيين من الكفاءة والاختبار والمقابلة ماعدا شرط موافقة القسم والكلية كشرط سابق للقبول وإنما لاحق وبحسب طلب الجامعات للدرجات الأكاديمية لأن الأحزاب تتسابق على عضوية الاقسام ومناصب الكلية للسيطرة على تعيين كادر من أحزابهم بدلا من تطوير العملية التعليمية أو تطوير المناهج ولذلك لا نستغرب أن مناهج جامعة صنعاء جامدة منذ عشرات السنين وبلا تطوير أو تجويد للمناهج الحالية مما يؤدي إلى مخرجات تعليمية سيئة في سوق العمل وهي الجامعة القدوة فما بالك بالبقية من الجامعات ولا نستغرب إذا ما كانت النتيجة لتقييم الجامعات في العالم لحوالي عشرة آلاف جامعة لم تدخل فيها سوى جامعة يمنية واحدة وهي بالتأكيد ليست جامعة حكومية وللأسف جامعة خاصة مقارنة بالصومال الذي تم اختيار جامعتين بالرغم من محدودية عدد الجامعات في الصومال مقارنة باليمن.
مرحلة خطيرة
من جهته أوضح أستاذ العلوم السياسية بجامعة تعز الدكتور محمود البُكَارِي أنه قد تم تجاوز مرحلة المناكفات السياسية بكثير نحن الآن نعيش مرحله الصراعات السياسية وبامتياز وقد سبق لابن خلدون حينما حلل وشخص واقع المجتمعات العربية وما يعتريها من ضعف مرجعا أسباب انهيار أي أمة إلى انهيار الوضع التعليمي والتربوي وانهيار الوضع الاقتصادي وبالتالي نحن نعيش الأمرين معا ولذلك لا غرابه أن تتخذ القوى السياسية من التعليم مجالا لصراعاتها لتلحق اكبر قدر من الأذى بالوطن وكل طرف يريد أن يجير منظومة التعليم برمته بما يخدم أهدافه ومصالحه فوزارة التربية والتعليم يفترض أن تكون وان تظل مؤسسة تربوية علمية محايدة لا تدخل حتى في إطار ما يسمي بالمحاصصة الحزبية للوزارات في أحسن الحالات أي في ظل السلم والاستقرار السياسي وان تدار بكادر تربوي مهني محترف ويحضر على منتسبيها الانتماء الحزبي كون دورها محوريا في عملية التنمية لكن ما يحدث عندنا هو العكس كل الأحزاب عينها علي وزاره التربية والتعليم ولهذا انتقلت بصراعاتها إلى وزارة التربية والتعليم.
شروخ وخروقات
مدير عام التخطيط والإحصاء بجامعة إب هاشم علي علوي يقول: إنه عندما يتم إقحام العملية التعليمية في عمق المماحكات السياسية فإنها تصاب في مقتل من حيث نشر أفكار سياسية ودينية متطرفة خارج سياق المنهج الدراسي والتسابق على الاستقطاب الحزبي الذي يؤثر على العملية التعليمية سواء بالجامعات والمعاهد العليا أو المدارس ولكن تأثيرها على الوسط الطلابي بالجامعات أخطر وأكثر تأثيرا على مستقبل الأجيال والوطن برمته والكارثة الكبرى أن يقع المدرس الجامعي تحت تأثير الطيف السياسي ويضيع تأثيره على ذلك التوجه السياسي وينعكس سلبا على القطاع الطلابي سواء من حيث التأثير السياسي والحزبي أو من حيث أيجاد شرخ بالوسط الطلابي وافرازاته على العملية التعليمية التي تصل إلى انتشار الأفكار العقيمة المقيتة التي تفقد الطالب توازنه ونظرته للمستقبل مما يسهل السيطرة عليه فكريا يستخدم بعدها تحقيق أهداف سياسية قد تكون مرتبطة بجماعات أصولية متطرفة لها ارتباطات خارجية مشبوهة وتنفذ أجندة تصادم مع المصلحة الوطنية. من ناحية أخرى تنعكس المماحكات السياسية على المناهج والمقررات الجامعية والدراسية وتنقيحها بما يتوافق واهواء هذا الطرف السياسي أو ذاك مما يوجد أفكاراً متضاربة ومتصادمة مع الولاء الوطني والثقافة الوطنية التي يجب أن تعزز من خلال العملية التعليمية ومناهجها ومقرراتها ناهيك عن تسخير تلك المقررات لخدمة جماعة أو مذهب ديني وكل ذلك بالنهاية يصل إلى استهداف القطاع الطلابي واستخدامه كأداة لـ ضرب المجتمع وتفكيك بنيته الوطنية والاجتماعية واضعاف ولائه الوطني وصولا إلى القبول بقضايا لا يقبلها العقل السليم والمؤمن بالله والوطن وهذا بالفعل ما حصل للعملية التعليمية خلال الخمس سنوات الماضية من اختراق فاضح أوصل القطاع الطلابي أما إلى القبول بالعدوان وتأييده أو المساهمة الفعلية في العدوان السعوصهيوامريكي الذي ينفذ ضد الشعب اليمني وتصوير العدوان على أنه لإنقاذ اليمن والشعب اليمني هذا كله ناتج عن اختراق العملية التعليمية من خلال الكادر والمقرر اللذاين هما الأدوات للتأثير على الأجيال وهنا لابد من تعزيز القطاع الطلابي وحماية الشباب من خلال برامج مصاحبة للعملية التعليمية والتسريع بوتيرة تدريس مقرر الولاء الوطني والتربية الوطنية الذي أقرته وزارة التعليم العالي والبحث العلمي لتدريسه بالجامعات اليمنية لما من شأنه تعزيز الوحدة الوطنية وترسيخ الولاء الوطني وحماية النسيج الاجتماعي وتعزيز قيم التعايش المذهبي وإسقاط كافة أدوات التمزق والتشرذم وتعميق التلاحم الشعبي وتوحيد الجبهة الداخلية تجاه القضايا الوطنية فلنختلف سياسيا ولكن الوطن فوق الجميع ومصلحة الشعب فوق كل مصلحة وتجريم الارتباط بالأجنبي وتعميق الإيمان بالقانون الرادع لكل من يخون وطنه :حفظ الله اليمن والرحمة للشهداء والشفاء للجرحى واليمن مقبرة الغزاة وستكسر يا قرن الشيطان واليمن ستنتصر وان النصر قادم لا محالة.
البناء والتنمية
مدير عام الحقوق والحريات بمجلس النواب كهلان صوفانة أوضح أن المناكفات السياسية ظاهرة غير صحية تعيق عجلة البناء والتنمية في أي مجتمع، لأنها تسلط الضوء على الأخطاء ونقاط الخلاف فتعطيها حجماً أكبر من حجمها بهدف التشويه والنيل من الخصوم لا النقد البناء، وفي نفس الوقت لا تقدم الحلول والبدائل المناسبة للمشكلة وإنما تقدم شخوصها للمجتمع بأنهم البديل القادر على حل المشاكل وهم في نفس الوقت لا يمتلكون الرؤية الواضحة لحل المشكلة واقحام المناكفات السياسية في العملية التعليمية طامة كبرى على حاضر ومستقبل أبنائنا الطلاب وبناتنا، والعملية التعليمية برمتها. حيث تعم الفوضى والإهمال والتسيب لدى العاملين في القطاع التربوي كما تنشب الخلافات والصراعات بينهم لتحقيق أهداف حزبية ضيقة على حساب المبادئ والقيم التي يجب مراعاتها في العملية التعليمية ، ودخول هذه المناكفات في العملية التعليمية تساعد على إنتاج جيل عديم المسئولية لا يحب وطنه ولا مجتمعه بقدر حبه لمصلحته وسعيه لتحقيق أهدافه الخاصة على حساب الأهداف والقيم العامة للمجتمع.
المقابل المادي
مدراء مدارس وتربيون استنكروا اتخاذ دور التعليم منابر للانقسامات والتغذية السياسية التحريضية، حيث أوضحت التربوية بشرى عبدالله الجرموزي – مدير مدرسة زينب – ضرورة تحريم التطرق أو الحديث عن السياسية داخل دور التعليم في المدارس أو الجامعات أو مختلف المعاهد الفنية والمهنية، وقالت: كنا في البدء نعاني من قيام بعض من المدرسات باتخاذ المدرسة وسيلة للتغذية السياسية فاحلنا الموضوع إلى التحقيق وأوقفناهن عن العمل حتى يكن عبرة لغيرهن، وحذرنا الطلبة من الغوص في هذا المجال والانجرار وراء تلك الدعوات التي بدأت تدخلهم نحو التقاسمات فكل فريق يهتف لحزبه لإثارة الفوضى والشائعات أو تنفيذاً لأيديولوجيات متعددة مقابل مال يتقاضونه، وهذا هو حال الأحزاب التي لا تريد مصلحة الوطن ولا يهمها استقراره ولا مصلحة أبنائنا الطلاب – وبفضل من الله – تغلبنا على كل ذلك من خلال البرامج التربوية المصاحبة للعملية التعليمية أو من خلال الإذاعات المدرسة والتي تدعو إلى الحفاظ على الوطنية والنسيج الوحدوي والابتعاد عن الدعوات الضالة والانقسامات الحزبية واحترام صرح التعليم.
خط واحد
من ناحيتها أوضحت نجاة النجار – مديرة مدرسة سالم الصباح: أنه يجب على مدراء المدارس اتخاذ إجراءات صارمة ضد من يجعلون المدرسة منبراً للتفرقة السياسية أو التحريض أو التبعية.
وقالت: مدرستنا لها خط ونهج واحد هو الحفاظ على العلم ومناهج التعليم وتعزيز الولاء الوطني واللحمة الوطنية وعدم الخوض في المناكفات والمهاترات السياسية سواءً من قبل التربون أو الإداريين أو الطلبة.

قد يعجبك ايضا