ما قبل العدوان الصهيوني على الجمهورية الإسلامية الإيرانية، يختلف عما بعد هذا العدوان، خاصة أنّ قواعد الاشتباك قد تبدّلت ومعادلات جديدة قد فرضت.
مخطئ من يظنّ أنّ هدف العدوان هو الملف النووي، لأنه رغم كلّ الاستهدافات فإنّ المواد المخصبة من اليورانيوم لا تزال موجودة بكميات كافية والمنشآت النووية الإيرانية بقيَت سليمة دون أيّ ضرَر يُذكر، وعلى الرغم من اغتيال عدد من العلماء إلا أنّ الأبحاث موجودة وهناك من يستطيع استكمال ما تمّ إنجازه، وبالتالي فإنّ الملف النووي لم يتضرّر لدرجة أن يتمّ إيقافه أو أنّ هناك حاجة لوقت طويل لإعادة ترميم ما استهدفته الحرب.
عسكرياً وعلى الرغم من تنفيذ العدو الصهيوني لسلسلة اغتيالات طالت عدداً من القيادات العسكرية الإيرانية، إلا أنّ القيادة الإيرانية امتصّت الهجوم وقامت بترميم المراكز القيادية من خلال تعيين بُدلاء لهم، وهؤلاء لديهم من الخبرة ما يكفي للحفاظ على توازن العمليات، وكان هذا التوازن واضحاً من خلال بدء عملية الوعد الصادق 3، والتي تمّ إطلاقها بشكل تصاعدي يُحاكي الواقع الميداني بشكل دقيق ابتداءً من عمليات إطلاق الصواريخ البالستية، مروراً بتنفيذ عمليات مركبة يتمّ فيها إطلاق أسراب المُسيّرات بالتزامن مع إطلاق الصواريخ البالستية، علماً أنّ طهران تمتلك العديد من الوسائل القتالية التي لم يتمّ استخدامها حتى الآن.
إنّ الجبهة الداخلية لكيان الاحتلال لا تحتمل الحروب الطويلة وقد اعتاد الكيان المحتلّ على تنفيذ حروب خاطفة تحقق أهدافاً استراتيجية، أما اليوم فإنّ الحرب أصبحت مفتوحة وضمن آليات مدروسة.
أما على الصعيد السياسي الدولي فإنّ الإدارة الأمريكية لا ترغب حتى الآن في التخلي عن مصالحها في المنطقة والدخول بالحرب بشكل مباشر، فيما هناك العديد من الدول التي تؤيد حق الجمهورية الإسلامية الإيرانية في الدفاع عن نفسها خاصة أنّ العدوان يستهدف المدنيين والمرافق العامة.
ستبقى مختلف الاحتمالات واردة، كذلك الأمر بالنسبة لردود الأفعال، لكنه من المؤكد أنّ القيادة والشعب في إيران لن يقبلوا بتقديم أيّ تنازلات، وبالتالي سيكون التفاوض إنْ وُجد من منطق القوة وليس من منطق الضعف.