تشكيل الحكومة يضع القوى السياسية أمـام اختبـار علنـي


■ استطلاع/ محمد مطير –
■ أكاديميون: يجب الإسراع والالتزام بحكومة كفاءات ودعمها
د. البكاري:
على الأحزاب السياسية أن تكون جزءاٍ من الحل وليس العكس
د. المخلافي:
المرحلة تتطلب من القوى اختيار ممثليها بعيدا عن أسس المحاصصة
د. الحكيمي:
الوصول إلى حكومة كفاءات نجاح للقوى السياسية
د. علاية:
يجب على الأطراف الإقليمية والدولية دعم السلطة وليس الأطراف الداخلية
أكد نخبة من الأكاديميين السياسيين على أن المرحلة الراهنة التي تمر بها اليمن خطيرة للغاية وتتطلب الإسراع في تشكيل حكومة كفاءات بحسب معايير اتفاق السلم والشراكة وأن التأخير يزيد من تدهور الأوضاع العامة.
ودعوا المجتمع الدولي إلى سرعة الوفاء بتعهداته المالية السابقة تجاه اليمن, وإلى ضرورة عمله مع الحكومة المرتقبة من أجل تهيئة المناخ السياسي المناسب في الداخل لخروج البلد من أزماته الراهنة المعقدة, وإتمام المرحلة الانتقالية بنجاح في أسرع ما يمكن.
ولفتوا إلى العديد من التوصيات الهامة حول الدور السياسي المأمول من الجميع لإنجاح الحكومة القادمة في إخراج اليمن من أزماته المهلكة…فإلى التفاصيل:

الحلقة الأخيرة
* في البداية أشاد أستاذ العلوم السياسية بجامعة صنعاء الدكتور موسى علاية بالخطوة الجيدة التي تم فيها التوافق على اختيار الأستاذ خالد محفوظ بحاح رئيساٍ لمجلس الوزراء القادم بحسب معايير اتفاق السلم والشراكة الوطني من قبل جميع المكونات السياسية رغم التأخير الذي زاد من حدة المشاكل التي تعاني منها البلد على مختلف الصعد السياسية والاقتصادية والاجتماعية…
وأكد الدكتور علاية على ضرورة أن تعمل المكونات السياسية على تقديم الدعم السياسي للحكومة المرتقبة لكي تنجح في مهامها, بدءاٍ من الإسراع في بتشكيلها من خلال أن تفسح المجال لرئيس الوزراء المكلف في اختيار أعضاء الحكومة بعيدا عن المحاصصة الحزبية والتقسيمات الغنائمية للمقاعد الوزارية, وإعطاء رئيس الوزراء الحرية في اختيار وزراء أكفاء بحسب معايير اتفاق السلم ومراقبته في ذلك وتحميله المسئولية… بحيث نصل إلى حكومة محترفة قادرة على تسيير أمور البلاد في هذه الأوضاع الخانقة والسيئة للغاية…
وأردف قائلاٍ: “اعتقد أن التشكيل الحكومي المرتقب يعد الفرصة الأخيرة والسانحة أمام الجميع للشعور بالمسؤولية الوطنية أمام الله والشعب والتاريخ لإرجاع الأمور إلى النصاب الطبيعي… كون أي فشل للحكومة القادمة سيكون الحلقة الأخيرة من حلقات الفشل وتدهور الأوضاع وتحول اليمن شمالا وجنوبا إلى مربع الانهيار وبشكل كلي”.
المجتمع الدولي
ولفت الدكتور علاية إلى أهمية توفير المناخ الملائم لتحسين الأوضاع الإنسانية والاقتصادية بما يساهم في حل تعقيدات المشهد السياسي في اليمن. وذلك مرهون بدرجة أساسية في ضرورة التقاء وجهات نظر الأطراف الدولية والإقليمية في دعم كيان حكومي موحد أكثر من التعويل على الأطراف السياسية الداخلية… لأن –بحسب وجهة نظر الدكتور علاية- الأطراف والقوى السياسية الداخلية أكثر ضعفا أمام القوى الإقليمية والدولية المؤثرة في الشأن الداخلي في اليمن…
ودعا الأطراف الدولية والإقليمية إلى سرعة دعم الحكومة القادمة في الجانب الاقتصادي من خلال الوفاء بتعهداتهم السابقة وتقديم المزيد من الدعم المالي, وكذا في الجانب السياسي المتمثل في الضغط على الأطراف والقوى السياسية المحلية للمضي قدما نحو إتمام العملية الانتقالية بسلام من خلال الشراكة والتعاون والتفاهم بحسب مقررات مؤتمر الحوار واتفاق السلم والشراكة .. وأن يعملوا على التعامل والتفاعل مع كيان حكومي وسياسي موحد وهي الحكومة القادمة …
شراكة حقيقية
* تحدث المحلل السياسي الأستاذ الدكتور عبد الباسط الحكيمي -جامعة صنعاء- قائلاٍ: “يجب على الجميع أن يقفوا صفا واحدا مع تشكيل حكومة كفاءات وطنية, وأن يقدم كل حزب وكل جماعة أفضل كوادره كمرشحين لتولي الحقائب الوزارية كما يجب على كافة القوى السياسية الابتعاد عن سياسة المناكفات والانتقام والعبث بمقدرات الشعب وأن تعمل بكل جد من أجل إنجاح الحكومة وعدم عرقلة أعمالها في هذه المرحلة المفصلية التي يمر بها الوطن الحبيب فإذا آمنت القوى بالشراكة الحقيقية وليس الشراكة في الكلام فقط فإن اليمن أكيد سيكون أفضل لأن نجاح الحكومة هو نجاح للقوى السياسية كما يجب عليها نبذ سياسة الإرهاب ومحاربته مهما كان مصدره .. وكذا ترك وضع القنابل والمفخخات في طريق الحكومة القادمة كون ذلك سيؤدي إلى أن يكون مصيرها الفشل, ومن ثم انهيار اليمن وتشظيه لا قدر الله”.
وشدد الدكتور الحكيمي على ضرورة إنهاء كافة المظاهر المسلحة, ودعم عودة مؤسسات الدولة الأمنية والعسكرية للقيام بواجباتها, وتنفيذ الملحق الأمني لاتفاق السلم والشراكة وإلا فإن الخراب والدمار هو ما ينتظر اليمن إذ أن السفينة ستغرق بالجميع ما لم تستشعر القوى السياسية مسؤوليتها في هذه المرحلة الحرجة من تاريخ بلدنا .
وختم حديثه بتخوف من بعض القوى التي لا تقرأ التاريخ جيدا, ولا تأخذ العبر ممن سبقها, التي ما زالت تغلب مصلحتها على مصلحة الوطن… فإذا كانت مصلحة الوطن في المقدمة فلن تختلف تلك القوى في تحقيق مصلحة اليمن أرضا وإنسانا لأنها حينئذ ستختلف في الوسائل فقط وليس في الأهداف والغايات….
الوعي الديمقراطي
* وعلى ذات السياق ربط الخبير الاقتصادي الأستاذ الدكتور عبد السلام المخلافي نجاح الحكومة القادمة بمدى وعي الأحزاب السياسية بدورها الديمقراطي السليم الإيجابي في أنها تكوينات مجتمعية نشأة لمواجهة طلب المجتمع لأداء وظائف تمثيلية سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية يصعب من النواحي الإجرائية أداؤها من الأفراد بأشخاصهم أو من القوى التي تعمل في سياق عملية سياسية اجتماعية ذات طابع تنافسي محكوم بخلفيات ذات منازع ثقافية ومصالح اقتصادية ذاتية متعددة… ” ومن المؤسف في بلدنا أن بعض الأحزاب عكست من الناحية الهيكلية هذا الوضع فوظفت السياسة لتحقيق مآربها ومصالحها الخاصة وأقامت تحالفات معادية للمجتمع ولم تراع أية اعتبارات سياسية أو قانونية أو اجتماعية.. وبسبب هذا الانحراف الخطير أوصلت المجتمع إلى مشهد درامي صراعي مرعب كما هو عليه اليوم”.
ويرى الدكتور المخلافي أن اللحظة التاريخية السيئة الآن تتطلب استجابة حقيقية من الأحزاب بضرورة إحداث تبديل جوهري وعميق في مواقفها السياسية من خلال اختيار ممثليها في الحكومة بعيدا عن أسس المحاصصة وإنما على أساس قدرة ممثليها على المشاركة الفاعلة والإسهام البناء في تخطي الآثار والمعوقات الراهنة أو التخلي عن المشاركة إذا لم يكن لديها الخبرات والكفاءات المطلوبة…
ودعا إلى ضرورة الإسراع في تشكيل الحكومة التي يجب عليها هي كذلك أن تباشر عملها بالعمل على إيقاف الهدر المجنون للموارد العامة للدولة, والإسراع بتشكيل فريق اقتصادي ومالي لمراجعة الإيرادات والمصروفات العامة للدولة, واستعادة الأموال المنهوبة إلى خزينة الدولة…والعمل بالتعاون مع كل الأحزاب للإسراع بالمرحلة الانتقالية بأسرع وقت ممكن لإقامة مؤسسات الدولة, ورفض الانجرار إلى أية مشروعات لا تخص المرحلة الانتقالية..
الدور المفقود
* وباستطراد تاريخ محزن تحدث أستاذ علم الاجتماع السياسي بجامعة تعز الدكتور محمود البكاري قائلاٍ: “إن الدور المعول على الأحزاب والقوى السياسية القيام به لدعم الحكومة المزمع تشكيلها هو الدور المفقود الذي كان يتوجب على الأحزاب السياسية القيام به من ذو وقت مبكر وخصوصا منذ العام 1990م حينما استمدت الأحزاب السياسية مشروعية وجودها من الحدث التاريخي المتمثل بإعادة تحقيق الوحدة اليمنية, هذا إذا ما افترضنا أن الأحزاب السياسية في الأصل تشكل طليعة المجتمع وتمثل قواه الحية, لكن الذي حصل هو تراجع هذا الدور إلى الدرجة السلبية حيث لم تتجاوز نظرة الأحزاب السياسية للمصلحة العامة مجرد اختزالها في المصالح الحزبية الضيقة ولا تزال هذه النظرة القاصرة للأداء العام ومن ثم للوظيفة الاجتماعية للأحزاب السياسية سائدة حتى الآن..”
وأضاف: إن نجاح الحكومة المرتقبة مرهون بالبيئة السياسية المناسبة الجيدة التي تتطلب من الأحزاب السياسية والقوى أن تتنافس على خدمة المجتمع وليس على تسخيره لخدمة مصالحها.. وأن على الأحزاب السياسية أن تكون جزءاٍ من الحل للوضع السياسي الاجتماعي المزري للبلد وألا تكون جزءاٍ من المشاكل القائمة …بل يجب أن تكون اختلافاتها من أجل المصلحة العامة ومصلحة الشعب …وذلك يتطلب من الأحزاب السياسية خلال هذه المرحلة والمرحلة القادمة إحداث قطيعة حقيقية مع ثقافة الماضي الشمولي وتجديد فكرها السياسي وخطابها الإعلامي, والانتقال من حالة التعبئة والتثوير إلى مرحلة التوعية والتنوير.
M0ttair85@gmail.com

قد يعجبك ايضا