قبل البدء:
كل معنى إذا خط تلك العيون.
يستحم المساء على نبضها..
آه..لو كنت من حضها… علي الشاهري
بعد البدء:
أمام ما يفتعل في البلد من مجريات وأزمات خطيرة تحديدا منذ مطلع العام 2011م والإصدار المستقرئ المحلل لتلك الأحداث غائبا كليا إلا من إصدار واحد بعنوان (الربيع العربي في اليمن) حاول فيه مؤلفه عبد الرحمن مراد التوريخ لتلك الأحداث من وجهه نظر المحلل الإنسان المدرك لأبعاد القضية بكل صورها.
ولان نوعية تلك الإصدارات في هذه الفترة الحرجة مازلت غائبة فسنقرأ ديوانا شعريا ثوريا ولكنه ثوري من نوع آخر!
حاجب السلطان:
“حاجب السلطان” ..ديوان شعري أكثر من مميز للشاعر علي الشاهري..كلما قرأت بعض الشعر الذي يسمى بالحديث وأصبت كعادتي بالألم الناتج عن الاحباط من كم تلكم الرداءة..رجعت سريعا إلى الشاعر الكبير عبد الله البردوني رحمه الله والشاعر علي الشاهري والشاعر أحمد ضيف الله العواضي!
في هذا العدد أتوقف عند ديوان “حاجب السلطان” للشاعر علي الشاهري وفي العدد القادم في الأعمال الكاملة للشاعر احمد العواضي في استعادة لروح الشعر الحقيقي الذي بدأت على فقده من بعض ما قرأته من شعر أصابني باكتئاب حاد!
تقاطيع:
صدر الديوان عن وزارة الثقافة -من القطع المتوسط- في 51 صفحة محتويا على (21) قصيدة هي (الطريق إلى حضرموت ..طائر القلق..خلود المعنى..حاضرة الألفية..نشيد السلام..رسالة إلى دوريس ..بيدي حكاية ألف عام…بيان المساء..لحن طاغور..حروب الناعسات..وهم القصيدة..ضوء قبلتها..صحاري التنكر…إحراق..حاجب السلطان..مرآة التمثال..الخيول..حدود الخيال..عاملة الثلج..تسبيح على مرفأ الليل..امرأة الحاضرة..)
بيان المساء:
لا استقرار ..لا أمان..لا أمل ..ثلاثية مؤلمة سيطرت على هاجس الشاعر في أغلب قصائد الديوان وبالأخص قصيدته “بيان المساء” في اختفاء بارز للقصائد العاطفية التي درج على تقديمها الشاهري في إصداراته الماضية..
المساء غاب عن فمي / وأنا غائب في المساء/ يا نساء خلعن الثياب/ الفت الطريق التي ليس فيها خياشيم أو لغة / يا نساء من العهر والطين/ لا نكاح لنا /نحن لسنا من البشر صـ20″
الشاعر هنا ما هو إلا مرآة تعكس ما يحدث في الشارع من نزف ودم وألم في قصيدة بالغة البذخ..تقدم بلغة مغايرة القضية وتطرح بكثير من الرمزية الانعكاسات الكارثية الناتجة عن استفحال القضية على بسطاء الناس..
هل ثمة ما يدعو صوتا للقول “نحن لسنا من البشر” إلا إذا كان دافع ذلك الصوت هو عدم قدرته على إشباع حقه العاطفي والإنساني بقليل من الأمن والأمان والاستقرار¿
الإجابة لا تحتاج لسرد بقدر ما تحتاج إلى تأمل تلك الحالة التي عكسها الشاعر في قصيدته.
إدانة:
يدين الشاعر على الشاهر ما يفتعل في المجتمع ..يبكي..فتبكي قصائده معه ..ومعهما تبكي الطفولة ويبكي مستقبلهم
ففي قصيدته ” إحراق بوذا” تتجسد تلك الافتعالة بأبرز صورها ..”عندما يولد الطفل/ من غير وجه ومن غير رأس / عندما يولد الطفل من غير أم ولا قابلة/ عندما تسقط الزهرة الذابلة/عندها لن تصلي إلى جهة ثالثة/ لن تبوح بما يفعلون صـ34″
يدين الشاعر صمت الناس عن انعكاسات تلك الأحداث المؤلمة الحاصلة في البلد على الطفل..يصرخ بصوت عال أنقذوا الطفولة مما يحدث..يرد عليه الصدى ” لن تبوح بما يفعلون”
ميلاد:
من حبر ونار ورغبة ولدت قصائد علي الشاهري..يقرأ الأحداث بكثير من الحزن والألم ..تتطور قصائد بتطور الجرح والألم..لكن تبقى نارة ورغبته في إنسان مشبع بالعاطفة والأمل تتقد..وتتقد..وتتقد.
Prev Post
قد يعجبك ايضا