في انتظار الدولة العادلة

علي بارجاء


 - في القرن السادس الهجري كانت الدولة الراشدية تحكم حضرموت وكان من أشهر سلاطينها السلطان عبدالله بن راشد وتصف كتب التاريخ هذا السلطان بالسلطان العادل وترو

في القرن السادس الهجري كانت الدولة الراشدية تحكم حضرموت وكان من أشهر سلاطينها السلطان عبدالله بن راشد وتصف كتب التاريخ هذا السلطان بالسلطان العادل وتروي عن عهده بأنه عهد عدل وروي أن في عهده شهدت حضرموت رخاء لم تشهده من قبل ومن بعد بل يروى مبالغة في تأكيد سيادة العدل بين الرعية أن الشياه كانت ترعى مع الذئاب لا تمسها بسوء مع استحالة ذلك وتعارضه مع الطبيعة وغريزة الافتراس التي تمنع الذئاب من التحول إلى حيوانات أليفة.
ويبدو أن اليمن الطبيعية لم تشهد حاكما كالسلطان عبدالله بن راشد هذا ولذا لم يطل به العهد إذ سرعان ما تآمر عليه من لا يرى في إقامة العدل فضيلة من الفضائل في سياسة الأمة فدسوا له من يغتاله.
لقد كان عهد السلطان الراشدي صورة مصغرة لعهد الخليفة عمر بن عبدالعزيز أو لعله كان يحاول أن يكون عهده كذلك فلم يتح للأمة من لا يسود إلا في الظلم والطغيان أن تنعم بحكم عادل وانتهت بمقتله سنوات زاهية ظل المؤرخون يتغنون بها إلى اليوم وظلت الأمة تحلم بعهد كذلك العهد الذي وئد قبل أن يصبح أنموذجا يحتذى فيما يليه من عهود ويقتفي أثره من يأتي بعده من حكام.
حين شهد العرب ثورات التحرر في العصر الحديث وفي ظل وجود نظام عالمي ومنظمات دولية تنادي بحقوق الإنسان كان أبرز ما حملته تلك الثورات من أهداف: (العدل والمساواة والعزة والكرامة) وغيرها ولكنها للأسف تتحول إلى شعارات ولم تجد سبيلها إلى التطبيق في الواقع.
كان السابقون يقولون في أمثالهم: (تمسكن حتى تتمكن) وعلى هذا المنهج سار الثوار الأكارم يستغلون الشعب بترديد تلك الأهداف قبل أن يصلوا إلى الحكم فإذا جلسوا على كراسي الحكم الوثيرة تناسوا كل ما كانوا يقولون وتحولوا إلى شيء آخر مغاير تماما.
هذا هو الواقع الذي عاشه العرب ونحن منهم منذ أوائل القرن العشرين المنصرم ولم يتغير شيء خلال المراحل السابقة رغم كثرة التحولات التي يتغير فيها الحكام ويظل الحال كما هو عليه ولنا في سنوات ربيع اليمن شاهد على ذلك.
نحن الآن في عهد جديد فإذا لم يتغير شيء فإن مخاطر انقسام اليمن وفك ارتباط الجنوب عن الشمال أمر وارد وحتمي وبدعم إقليمي ودولي كما يتضح من تحليلات المراقبين الذين يرون أن إصلاح منظومة الحكم في صنعاء أمر ميؤوس منه بسبب وجود القوى التقليدية الرافضة لقيام دولة نظام وقانون قوية حرة مدنية ديمقراطية عادلة تتكافأ فيها الفرص ويتحقق فيها التعايش السلمي وتستغل فيها الثروات للبناء والتحديث والتطوير والعيش الرغيد بما يعود بالنفع على الوطن والمواطن. ونتمنى أن يثبت اليمنيون عكس ما يطرح عن عدم قدرتهم على بناء الدولة الحديثة المنشودة. التي تستلهم أهداف الثورة اليمنية وتخلص لتضحيات شهدائها.

قد يعجبك ايضا