عضو اللجنة المركزية للحزب الاشتراكي وعضو مؤتمر الحوار المناضلة شفيقة مرشد أحمد لـــ الثورة:


المرأة لم تنل حقها في التعليم والعمل إلا بعد الثورة
حوار / إشــراق دلال

● تستعيد المناضلة شفيقة مرشد أحمد عضو اللجنة المركزية للحزب الاشتراكي – عضو مؤتمر الحوار الوطني من الذاكرة بعض المحطات التاريخية لنضال المرأة وسعيها لإثبات حقها في الوجود ودورها في ثورتي سبتمبر وأكتوبر ..حيث أوضحت بأن المرأة في شمال اليمن لم تحظ بحقها في التعليم والعمل إلا بعد قيام ثورة 26 سبتمبر 1962 وشكل النظام السياسي السائد حينها القائم على الموروث الثقافي الاجتماعي التقليدي القبلي عائقاٍ أمام جهود الحركة الوطنية المستنيرة لإخراج المرأة من عزلتها المفروضة عليها إجباريا مما جعلها تخرج للنضال من اجل حقها في التعليم والعمل والممارسة السياسية.. بعكس واقع المرأة في جنوب اليمن حينها والتي أوجدت لها مكاناٍ رغم الاستعمار والتواجد البريطاني.. محطات كثيرة ننقب فيها مع المناضلة شفيقة مرشد عن نضالات اليمنيين في الثورة ودور المرأة الرائد في المعطى الثوري الذي شكل انعطافة تاريخية في حياة اليمنيين نتابع:

• في البداية لو عد نا بالذاكرة إلى الوراء حيث طبيعة الحياة الاجتماعية والتعليمية لما قبل الثورة – كيف كان حال المرأة ¿
المرأة اليمنية كانت كغيرها من نساء العالم في كل الأنظمة الاجتماعية المتخلفة تعاني من اضطهاد مزدوج اضطهاد ضمن إطار الأسرة واضطهاد ضمن إطار المجتمع.
ضمن إطار المجتمع عانت المرأة كغيرها من قطاعات الشعب المختلفة من تعسف الأنظمة الاجتماعية العبودية وألقطاعية وشبه الإقطاعية والاستعمارية ومن استغلال العلاقات الاجتماعية وما تفرزه من تشريعات وقوانين فلم تستطع المرأة أن تعبر عن رأيها في كافة السياسات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية وبالطبع لم تحرم من حقها في المشاركة في الشأن العام وإنما حرمت وتحرم باستمرار من طرح رأيها فيما يتخذ من قرارات على مستوى الأسرة أيضا وذلك بسبب جهلها أو بسبب القيود الاجتماعية التي فرضت عليها وأسقطت عنها كثير من الحقوق كحقها في التعليم وفي العمل والتملك أو اختيار شريك حياتها ولم يكن لها من حق سوى حق واحد وهو إن تنجب الأطفال وبشرط أن يكون هؤلاء الأطفال ذكوراٍ لأن الإناث غير مرغوبات ..
• وماذا عن مراحل ومحطات التعليم والتكوين المعرفي لدى المرأة في تلك الفترة ¿
لم يكن الاستعمار البريطاني في الجنوب ولا النظام الإمامي في الشمال حريصين على نشر التعليم وخاصة تعليم البنات كما كان تعليم البنين لا يهدف إلا إلى تخرج عدد من الموظفين ليشغلوا وظائف إدارية بسيطة في أجهزة الدولة ..
لكن كان لاستقلال عدد من البلدان العربية عقب الحرب العالمية الثانية وما تبع ذلك من اتصالات بين الدول العربية أثره الطيب والمثمر في توسيع نظرة المجتمع نحو التعليم بصورة عامة وتعليم الفتاة بصورة خاصة .. ومن حينها بدأت الدعوات المطالبة بتعليم المرأة تأخذ طريقها إلى الصحافة في عدن وقد تصدرت صحيفة فتاة الجزيرة ورئيس تحريرها آنذاك الأستاذ محمد علي لقمان في أربعينيات القرن الماضي الدعوة لتعليم المرأة وإعطاك ها فرص التعليم مثل أخيها الرجل وكان نصيب المرأة اليمنية من التعليم في المناطق الجنوبية أكثر حظاٍ من أختها في الشمال حيث بدأ التعليم مبكراٍ ولقيت الدعوات بأهمية تعليم الفتاة في عدن وحضرموت استجابة وزادت جهود الأفراد لتعليم بناتهم وفتح البعض بيوتهم بمبادرات أهلية لذلك ومن أشهرأ صحاب تلك المبادرات في عدن الفقيه حيدر سعيد عبده وبمساعدة ابنتيه نور ولوله وفي حضرموت الشيخ عبدالله الناخبي وبمساعدة زوجته وابنته .
ويعتبر العام 1935 معلماٍ بارزاٍ في تاريخ المرأة اليمنية حيث تم فتح مدرستين للبنات في الشيخ عثمان وكريتر وبدأ الآباء يقبلون تدريجياٍ بإرسال بناتهم إلى المدارس وقد نشأ عن ذلك تخرج جيل من الرعيل الأول من الفتيات اللاتي حصلن على قدر معين من التعليم أتاح لهن فرصه العمل في بعض المهن كالتدريس والتمريض وأعمال الطباعة والسكرتارية ..
• لو طلبنا منك أن تسترجعي نضالات المرأة اليمنية وتضحياتها لنيل حقوقها في الحياة اليومية .. ماذا عن إسهاماتها في البناء الاجتماعي ¿
لقد حرمت المرأة والرجل معاٍ قبل الثورة من المشاركة في الحياة السياسية ومع ذلك ظل للمرأة دور كبير في دعم المشاركة السياسية المفتوحة للرجل مما عكس وعياٍ سياسياٍ متقدماٍ حينها للمرأة .. واستمر الحال حتى الخمسينات من القرن الماضي عندما انطلقت الحركة القومية والإنسانية لتفرض نفسها على واقع الحياة السياسية , وهبت المرأة وبقوة لتأييد القضية الفلسطينية والثورة المصرية والثورة الجزائرية .. فخرجت إلى الشوارع تتظاهر تأييداٍ لها وتجمع التبرعات وكان أكثر ابتهاجاٍ هو احتفاؤها بجلاء القوات البريطانية عن قناة السويس 1956م واستنكارها وشجبها للعدوان الثلاثي على مصر من قبل بريطانيا وفرنساو إسرائيل وأعلنت عن تشكيل لجان التبرع المالي من المواطنين والتجار والشركات وتم إيصال تلك التبرعات عن طريق جمعية الهلال الأحمر المصري كما اتحدت مع الرجل في العمل الوطني في المطالبة بخروج القوات البريطانية عن عدن .. ومع العام 1958م بدأت الحركة النسوية في التطور بشكل نسبي حيث تمكنت بعض الفتيات اللاتي أتيح لهن فرصة التردد على نادي نساء عدن الذي كانت تديره زوجة نائب المندوب السامي البريطاني ومع مرور الوقت ازداد عدد الفتيات في هذا النادي.. ونتيجة لتطور نضال الحركة النسوية في عدن ومن أجل احتواء نضالها سمحت السلطات البريطانية بإنشاء أول مؤسسة نقابية للمرأة في تاريخ البلاد وبذلك تأسست جمعية المرأة العدنية .. برئاسة الفقيدة المناضلة رقية ناصر المعروفة باسم أم صلاح محمد علي لقمان ..
• وماذا عن إسهاماتها في المسار السياسي والنضالي وهل ثمة ارتباط بين المسار النضالي في جنوب اليمن ضد الاستعمار البريطاني مع المسار النضالي في الشمال ضد الحكم الإمامي ¿
كان العمل السياسي الوطني في نفس الفترة قد بدأ ينمو وينشط ومعه تنامى الوعي السياسي في صفوف ” المرأة ” وتجسد ذلك في : رفع رسالة اجتماع إلى المندوب السامي ضد سياسة التنكيل والقمع التي كانت تجابه بها نشاطات القادة النقابيين .. كذلك الاتشاح بالسواد حيث لبسن ملابس سوداء عند لقاء زوجة وزير المستعمرات البريطاني في نادي نساء عدن عند زيارته لعدن تعبيراٍ عن رفضهن للسياسية البريطانية في محاكمة النقابيين في 30 أكتوبر 1958م.. ايضاٍ قيادة مظاهرات صباحية تندد بأساليب السلطة الاستعمارية الوحشية في قمع الجماهير .. وفي يناير 1960م تكونت جمعية المرأة العربية بقيادة المناضلة رضيه إحسان الله كفرع تابع لحزب البعث العربي الاشتراكي في عدن ..
لعل أهم انتفاضة قامت بها المرأة اليمنية هي انتفاضة طالبات كلية البنات في خورمكسر مدينة عدن في الأول من فبراير 1962 م ضد السياسة التعليمية الاستعمارية وأعلنت الأحزاب الإضراب العام والخروج في مظاهرات حاشدة سرعان ما تجاوب معها الطلاب في مدارس البنين واشتركا معاٍ في مظاهرات صاخبة جابت كل مدن عدن تندد بالاستعمار ومشاريعه قوبلت بالقمع الشديد ومحاولات الالتفاف عليها وتمييعها التي لم تجد نفعاٍ مما اضطر السلطات الاستعمارية إلى إغلاق جميع المدارس الثانوية .. وفي 14مارس أعادت السلطات فتح مدارس البنين كإجراء تأديبي ضد الطالبات وتعرضت ست طالبات للمحاكمة وفرضت الغرامة عليهن وضمان حسن السلوك بضمان عدم تكرار ما حدث وهن : عيشة سعيد ناليه – نجاة راجح – هيام معتوق – انسيه سليمان – منيرة منيباري – وعادلة عوض ..
أحدث الإضراب صدى واسعاٍ في أوساط الحركة الوطنية كاملة وتجاوز حدوده التعليمية ليترك أثره في أوساط مختلف الفئات الوطنية بما فيها حركة الضباط الأحرار الذين قادوا الثورة على الحكم الإمامي في صنعاء سبتمبر 1962م وهو ما عبر عنه الشاعر العظيم عبدالله البردوني بقولة : هتاف.. هتاف وماج الصدى *** وأرغــى هنا وهنا أزبــــدا
تلى ذلك الزحف على المجلس التشريعي يوم 24سبتمبر 1962 م والذي صادف انعقاد الجلسة الخاصة للمجلس لمناقشة وإقرار مشروع ضم عدن إلى اتحاد الجنوب العربي وهو المشروع الذي لقي معارضة واسعة من الشعب وقواه الوطنية لأنه يشكل جزءاٍ من مخطط عام يستهدف تفتيت وحدة أراضي الجنوب ولا يتمتع بالقرار السيادي على شؤونه أو يتمتع بالشخصية الدولية.. وقد وضعت القوى الوطنية خطة للزحف تشارك فيها كل فئات الشعب غير أن السلطات البريطانية أحيطت علماٍ بها فأقامت المتاريس والتشديدات الأمنية والتي أعاقت من تحرك الرجال مما دفع بالنساء بالتقدم نحو المقر وكان من أبرزهن أم عبدالله الاصنج وأم محمد سالم علي وام عبده خليل سليمان ورضية إحسان الله وأخريات ..
خرجت المرأة من أحداث الزحف على المجلس التشريعي أكثر قوة وقدرة على الاستمرار في النضال الوطني السلمي ضد السياسات الاستعمارية وابتدعن أسلوب نضاليآ جديد آهو الاعتصامات ..
وفي 26ديسمبر1963 م قامت زوجات وأمهات المعتقلين بالاعتصام في مسجد العسقلاني بعد أن دخلن المسجد قبل إنهاء خطبة وصلاة الجمعة المنقولة عبر إذاعة عدن مما ساعد على انتشار الحدث وعدم قدرة السلطات على مداهمة المسجد وإنهاء الاعتصام .. وقد لاقى الاعتصام دعماٍ داخلياٍ وخارجياٍ ونقلته صحيفة الأهرام المصرية وإذاعة صوت العرب وترك ردود فعل غير متوقعة لدى السلطات البريطانية فقد وصل عدن في 29 ديسمبر 1963 م وفد حزب العمال البريطاني المعارض وزار المعتصمات واطلع على دوافع اعتصامهن وأبدى إعجابه بمواقفهن وصرح أحد أعضاء الوفد ” أن شعباٍ هذه روح نسائه سوف يكون التغيير من نصيبه ” .. وقد أثار الوفد العمالي هذه القضية في مجلس العموم البريطاني وواجه وزير المستعمرات مساءلة من المجلس حول الأوضاع المضطربة في عدن .. انتهى الاعتصام الأول في 16 يناير 1969 بعد وساطة قام بها رئيس الوزراء حكومة الاتحاد زين بهارون ونائبه حسين خدابخش اللذين تعهدا بتحقيق مطالبهن لكن تلك الوساطة لم تكلل بالنجاح..
عادت النساء إلى الاعتصامات ولكن هذه المرة مع أطفالهن في مبنى سكرتارية حكومية اتحاد الجنوب العربي في مدينة الاتحاد ” مدينة الشعب حالياٍ ” وذلك في احد أيام شهر رمضان المبارك الموافق لـ 4 فبراير 1964 وسبب اختيارهن لهذا المكان شللاٍ في عمل حكومة الاتحاد وتعاطفاٍ شعبياٍ كبيراٍ مع مطالب النساء .. واضطرت بعدها السلطات الاستعمارية من فك أسر أزواجهن وأبناك هن في يوم عيد الفطر المبارك .. غير أن التحول الحاسم في مسار نضال المرأة كان في أكتوبر1963م بانتهاج أسلوب الكفاح المسلح ضد المستعمر وأعوانه بعد أن فشلت كل الوسائل السلمية دفع المرأة إلى المشاركة الواعية من اجل الحرية والسيادة والاستقلال ..
وخلال السنوات الأربع من الكفاح المسلح ضد الاستعمار شاركت أعداد غفيرة من النساء في عدن وفي الأرياف في هذا الكفاح وانضممن إلى التنظيمات السياسية التي قادت الكفاح المسلح ” كالجبهة القومية لتحرير جنوب اليمن وبعدها ” جبهة تحرير جنوب اليمن كأعضاء قدن المظاهرات في الشوارع وتوزيع وطباعة المنشورات والبيانات الثورية وحملن الرسائل الشفوية والمكتوبة و الأسلحة والذخائر عبر نقاط التفتيش العسكرية البريطانية وتوفير الغذاء للمناضلين في الجبهات ورصد تحرك لإعداد وتوعية النساء وتعبئتهن للوقوف إلى جانب الثورة أضافة إلى إخفاء الفدائيين في منازلهن والقيام بحملات التبرعات ومنهن من حملن السلاح وقاتلن مثل الفقيدة المناضلة دعرة بنت سعيد والمناضلة الشهيدة خديجة الحوشبية التي كانت قائدة كتيبة واستشهدت في أحد المعارك .
كما ساهمت المرأة في تحرير المناطق الريفية وفي حراسة المناطق المحررة . وتشكل القطاع النسوي للجبهة القومية لتحرير جنوب اليمن بقيادة الفقيدة زهرةهبة الله علي وتشكل القطاع النسوي لجبهة تحرير جنوب اليمن بقيادة المناضلة رضية إحسان الله .
• ماهي ابرز التحولات التي ساهمت في صناعة المرأة اليمنية سياسياٍ ¿
بعد هذا التطور في العمل الوطني شهدت عدن اهتماماٍ واضحاٍ لدى المرأة بالعمل السياسي خاصة وأن الجبهة القومية لتحرير جنوب اليمن اعتبرت المرأة شريكآ أساسي آمع الرجل في النضال الوطني وما بعده ولم تكن قد حظيت بموقف مماثل على هذا المستوى من الوضوح من قبل .. حيث جاء في الميثاق الوطني للجبهة القومية والصادر 1965 م ان الاستعمار أهدر كثيراٍ من الطاقات البشرية خلال فترة حكمه الطويل وعانت المرأة أصنافا من الظلم والذل والاستبداد وأن إعادة الحقوق الطبيعية للمرأة ومساواتها بالرجل في قيمتها ومسئولياتها الاجتماعية ضرورة لا تحتمها قواعد العدالة الإنسانية وحدها وإنما يفرضها وجود المرأة ذاته في الحياة بما تمثله كشريك كفء مساعد في طاقة المجتمع وقدراته الانتاجية .
وبعد الاستقلال الوطني في 30 نوفمبر 1967 م بدأ الحزب الحاكم في الجنوب ( الجبهة القومية – الحزب الاشتراكي ) في تنفيذ مجموعة من السياسات لحل معضلة التنمية الاقتصادية الاجتماعية وعلى رأسها تغيير وتحسين وضع المرأة وفي هذا المجال بدأ في سن سلسلة من القوانين والإجراءات بدءاٍ من وضع أول دستور للبلاد عام 1970 م والذي أكد على المساواة الكاملة والفعلية بين المواطنين رجالاٍ ونساء ولم يكتف بذلك بل حمل منظمات الحزب والمنظمات الجماهيريه والمؤسسات الحكومية مسئولية الرقابة الكاملة على تنفيذ القوانين الخاصة بحقوق المرأة وواجباتها ومساعدتها بل وتشجيعها للمشاركة بفعالية في مختلف ميادين الحياة .
وقد كان أهم قانون جسد فعلياٍ حقوق المرأة والأسرة هو قانون الأسرة رقم (1) لعام 1974 م الذي حدد كثيراٍ من المسائل الهامة المتعلقة بوضع المرأة وجاءت معظم مواده تجسيداٍ لمبدأ المساواة الذي نص عليه الدستور.. كما أورد الدستور هذه الحقوق ضمن الأسس الاجتماعية والثقافية للمجتمع وارتقى بهذا الحق وجعله من الأسس التي يرتكز عليها النظام الوطني فالمادة (27) من الدستور تنص على أن الدولة تشجع الزواج وتكوين الأسرة وينظم القانون علاقات الأسرة على أساس المساواة بين الرجل والمرأة في الحقوق والواجبات..
لقد شاركت المرأة ولأول مرة في تاريخ اليمن في الانتخابات التي جرت 1971 م لمجالس الشعب المحلية في الجنوب وبلغت نسبة تواجدها 15% من قوام المجلس كما كان تواجدها في مجلس الشعب الأعلى في ارتفاع دائم من خمس سنوات في أول برلمان سنه 1978م إلى 11 عضوة منتخبة في برلمان 1967م من أصل 111 عضواٍ أي بنسبه تزيد عن 10%.
و مكنت القوانين والإجراءات والسياسات المتبعة من تحقيق توسع ملحوظ في مشاركة المرأة في كافة الأنشطة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية كما مكنت هذه التغييرات من الحد من تأثير الموروث الثقافي وتم وضع منهج علمي تربوي مع التوسع في تعليم الفتاة حيث بلغت نسبة الإناث الملتحقات بالتعليم العام إلى عدد الإناث في سن الدراسة عام 1980 م مانسبته 51% كما بلغت نسبة الإناث الخريجات من مجموع خريجي جامعة عدن العام 1983 م مانسبته 46% وكانت نسبة الإناث اللاتي التحقن بالمدارس مقارنة بمجموع الإناث في سن الدراسة عام 1960 م (قبل الاستقلال) لم تتجاوز 5% كما وان نسبه الأمية قد قدرت بـ 91%من مجموع الإناث عام 1967 م أي عام الاستقلال ..
• شكلت اليمن حالة متميزة بين البلدان النامية بفعل ما أحدثته من تغييرات جوهريه في القضايا المتعلقة بالمرأة .. ماذا أضافت المرأة اليمنية إلى هذا الرصيد ¿
لقد أدت سياسة إفساح المجال أمام المرأة لتولي مناصب قيادية حزبية وحكومية منذ وصلت إلى عضو هيئة رئاسة الدولة ونائب وزير في العام 1980 كما دخلت مجال عمل الشرطة والعمل العسكري والعمل الدبلوماسي وفي مجال السلطة القضائية والادعاء العام حيث عملت كقاضية منذ بداية سبعينات القرن الماضي وقد تكون بذلك أول من اشتغل في هذا المجال من نساء الوطن العربي وهي القاض الفقيدة حميده زكريا وتوالى عددهن إلى 34 قاضياٍ وبعد 94جرى تحويل عدد كبير منهن إلى العمل الإداري ..
• وكيف كان حال المرأة في الجزء الشمالي من الوطن هل حظيت بحقها في التعليم وساهمت بفاعلية في المسار السياسي والنضالي ¿
لم تحظ المرأة بحقها في التعليم والعمل إلا بعد ثورة 26 سبتمبر 1962م وشكل النظام السياسي السائد حينها القائم على الموروث الثقافي الاجتماعي التقليدي القبلي المتحالف مع الجماعات الدينية المتشددة عائقاٍ أمام جهود الحركة الوطنية المستنيرة لإخراج المرأة من عزلتها المفروضة عليها إجباريا للنضال من اجل حقها في التعليم والعمل والممارسة السياسية..
فبعد الثورة بشهور بدأ تعليم الفتيات واتسع وشاركت الكثير منهن في أنشطه الاتحادات الطلابية في المدن الرئيسية والمسيرات والمهرجانات الجماهيرية ..
وقد أثبتت المرأة جدارة حقيقية في إسناد المقاتلين دفاعاٍ عن العاصمة صنعاء أثناء حصار السبعين يوماٍ ( ديسمبر 67 – فبراير 68) وحملن عاملات مصنع الغزل والنسيج السلاح لحماية مصنعهن حتى هْزم الحصار .
لقد قامت المناضلة الفقيدة حوريه المؤيد والمناضلة فتحية الجرافي والمناضلة فتحية النظاري بأولى خطوات تشكيل اتحاد نسائي يعنى بشؤون المرأة وذلك في العام 1969 إلا أن محاولاتهن قمعت من قبل السلطة حيث تزامن ذلك مع تراجع التيار التقدمي الثوري للثورة وصدور دستور 1970م في الجمهورية العربية اليمنية .الذي حرم العمل السياسي بمادته الشهيرة رقم ( 27)الحزبية بجميع أشكالها محظورة ” مما دفع بالعمل الحزبي إلى داخل أحزاب اليسار والأحزاب القومية فبدأت تنشط تحت الأرض ” أي سراٍ ” وقد شاركت المرأة في نشاط هذه الأحزاب ..
ومع تزايد أعداد المتعلمات وخريجات جامعة صنعاء في منتصف سبعينات القرن الماضي عادت محاولات إحياء العمل النسوي فتكونت الجمعيات النسوية في المدن قادتها المناضلات : ليلى الوادعي في صنعاء وصباح عبدالسلام في تعز وطيبة بركات في الحديدة غير أنهن قمعن وجرى استبدالهن بعناصر تابعة للسلطة القائمة .
لقد تعرض عدد كبير من النساء لبطش السلطة من اعتقالات وتعذيب بسبب نشاطهن السياسي ومنهن من ولدن أبناءهن في السجون ومنهن من أحرقن وهن حوامل وتعرضن لأنواع تعذيب لا تخطر على بال مما ترك أثره السلبي على مشاركة النساء في العمل السياسي الحزبي قبل الوحدة ولم يكن للمرأة أي تواجد في مواقع السلطة التنفيذية او في مجلس الشورى المعينة او المنتخبة وقد حاولت 8 نساء الترشح في انتخابات مجلس الشورى عام 1988م حيث كان الدستور يسمح لهن بذلك إلا أنهن قمعن وهددن بسبب تجرؤهن على استخدام هذا الحق مما اضطرهن إلى سحب الترشيحات .
• في ظل الوحدة المباركة التي ازدهرت في ظلها الديمقراطية والتعددية السياسية والحزبية كأدوات لحل المعضلات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية لليمن .. اين دور المرأة في هذا الملمح¿
كان الأمل يملأ صدور المناضلين والمناضلات اليمنيين بنيل كثير من الحقوق وتوسيعها على مستوى الوطن اليمني غير أن الظروف والتطورات التي شهدتها الساحة اليمنية والأزمة السياسية بين شركاء الوحدة ثم حرب 94 جاءت بغير ما حلم به اليمنيون وتمنوه وحدثت انتكاسة حقيقية ليس على مستوى قضية المرأة فحسب بل وعلى مستوى القضية الوطنية اليمنية إذ اختل التوازن الاجتماعي والسياسي والاقتصادي لصالح الفئات التقليدية ومراكز القوى القبلية التقليدية التي حاولت وتحاول فرض أفكارها وقيمها قسراٍ على المجتمع وهذا ما أثبته تراجع تمثيل المرأة في المجالس المنتخبة ومؤسسات المجتمع المدني .. ففي أول برلمان لدوله الوحدة كان عدد النساء فيه (11امرأة ) من إجمالي 301 عضو أي بنسبه 3%تقريباٍ وكنا نأمل ان تكون هذه النسبة القاعدة التي تتراكم عليها زيادة نسبة مشاركة النساء في المجالس المنتخبة ..غير أن الانتخابات خيبت الآمال وكادت أن توصل النسبة إلى الصفر حيث فازت عضوتان فقط في انتخابات 93 و97 وواحدة في 2003 وبصعوبة .. لقد وقعت الحكومة اليمنية على إعلان القضاء على التمييز ضد المرأة الذي أصدرته الأمم المتحدة في نوفمبر 1967 كما انضمت إلى اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة وكل ذلك جعل الإعلان والاتفاقية ضمن القانون الوطني في اليمن أي انه ملزم للدولة حكومة وشعباٍ ..
كان دستور دولة الوحدة 1990 منصفاٍ حيث أكد على مبدأ المساواة وحرم التمييز في الحقوق والواجبات حيث كان النص : ” المواطنون جميعهم سواسية أمام القانون وهم متساوون في الحقوق والواجبات العامة ولا تمييز بينهم في ذلك بسبب الجنس أو اللون أو الأصل أو اللغة أو المهن او المركز الاجتماعي أو العقيدة ” .. ولم يكتف المشرع حينها بذلك بل انه زاد أحكاماٍ أخرى تحظر التمييز بين المواطنين من ذكر أو أنثى في مختلف مجالات الحياة وكافة الحقوق ومن تلك الأحكام ما ورد في المادة (19) التي نصت على أن” تكفل الدولة تكافؤ الفرص لجميع المواطنين سياسياٍ واقتصاديا وثقافيا ٍ وتصدر القوانين لتحقيق ذلك ” .
بعد حرب 94 جرى الانقلاب على دستور دولة الوحدة واستعيد نص دستور الجمهورية العربية اليمنية وحذف النص الذي يحرم التمييز في الحقوق ضد المرأة ليصبح نص المادة من الدستور المعدل في المادة (41)على النحو التالي : ” المواطنون جميعهم متساوون في الحقوق والواجبات العامة ” وتم حذف بقية المادة (27)من دستور دولة الوحدة والتي تنص على انه لا تمييز بسبب الجنس أو اللون أو الأصل أو المهنة أو المركز الاجتماعي أو العقيدة ..
كما أضيفت مادة في الدستور المعدل كالتالي : المادة (31) والتي نصت على “أن النساء شقائق الرجال لهن من الحقوق ما عليهن من الواجبات بما تكفله وتوجهه الشريعة و ينص عليه القانون” وهذا النص مأخوذ بالحرف من دستور الجمهورية العربية اليمنية قبل الوحدة وهو نص يوحي بأن هناك تمييزاٍ بين الجنسين وان هناك حقوقاٍ للمرأة تختلف عن حقوق الرجل ..
وتمييز للرجال على النساء في الحقوق الدستورية والقانونية جعل الدستور حقوق الرجال في الباب الثاني للدستور تحت عنوان ” حقوق وواجبات المواطنين الأساسية ” وتحدث عن حقوق المرأة لكن ليس في باب الحقوق وإنما في الفصل الثالث من الباب الأول وتحت عنوان الأسس الاجتماعية والثقافية ..
ومؤدى ذلك أن الدستور النافذ حالياٍ خال من حقوق المرأة فقد أحال حقوقها إلى الشريعة والقانون وجرى تعويم حقوقها وان عليها أن تبحث عنها في ثنايا النصوص القانونية وأحكام الشريعة .. وبالتالي إن إلغاء نص المادة (72) من دستور دولة الوحدة يعد تراجعاٍ صريحاٍ عن التزامات اليمن بتعهداتها الدولية في مجال حقوق الإنسان والحقوق المكتسبة للنساء .
• الآن اليمن على طريق وضع دستور جديد ماذا تريد المرأة كي تشعر بالإنصاف ¿
ندعو إلى إعادة المرأة إلى كنف الدستور بإعادة النصف المحذوف من دستور دولة الوحدة ومواءمة القوانين الوطنية مع الاتفاقات والمعاهدات الدولية التي وقعت عليها اليمن وصادقت عليها والخاصة بالحقوق والحريات وتثبيت ذلك في الدستور الجديد ..
لقد قدمت المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ثم قراري ( 2016 ) ( 2051 ) آفاقاٍ واسعة لتجاوز حالة الإقصاء والتهميش والتمييز التي فرضت على المرأة طويلاٍ ورسخها انسداد أفق التحول الديمقراطي والإصلاح السياسي بعد الوحدة .
وأمام النساء اليوم فرصة تاريخية يجب استغلالها بتأصيل حقوقهن دستورياٍ وقانونياٍ وبما يمكنها من الإسهام الفاعل والمؤثر بالدفع بعملية التنمية الاقتصادية والسياسية والاجتماعية الشاملة بعد إخفاقات متواصلة في تحقيق مستوى تنموي يلبي احتياجات اليمنيين نتيجة عدم إشراكها في الحياة السياسية والاقتصادية .
• الحوار الوطني ماذا يميزه عن الحوارات السابقة التي شهدتها اليمن منذ مؤتمر خمر .. وماذا يعني حضور المرأة الكبير في هذا الحوار ¿
الحوار الوطني الذي جرى في الفترة من مارس 2013 إلى يناير 2014 لم يعد شأناٍ يمنياٍ بل أضحى شأناٍ دولياٍ فهو ليس كالتجارب اليمنية السابقة ولأول مرة يدخل اليمنيون حوراٍ برعاية دولية وتحت البند السابع الذي يتيح لمجلس الأمن التدخل بالقوة إذا ارتأت دول مجلس الأمن ذلك إضافة إلى فرض عقوبات دولية على المعرقلين ..
كما تميز مؤتمر الحوار الأخير بمشاركة كل مكونات وفئات المجتمع السياسية والاجتماعية وعدم احتكار القوى التقليدية لعضويته كما في الحوارات السابقة وتميز أيضا بمشاركة فعالة وعادلة للنساء والشباب والمهمشين ولأول مرة في تاريخ اليمن ..
وهذا مكنه من الخروج بمقررات متوازنة تعكس مصالح الدولة والأفراد وتجسد دولة حلم بها اليمنيون منذ زمن بعيد دولة حديثة مدنية للمواطنة المتساوية للجميع بغض النظر عن جنسهم أو لونهم أو عقيدتهم أو مركزهم الاجتماعي … الخ . والقائمة على النظام والقانون والحكم الرشيد .
• دعوة توجهونها للقوى السياسية لجهة مخرجات الحوار الوطني والتي تمثل خلاصة النضال اليمني ¿
ليس مناطا بالقوى السياسية اليمنية والمكونات الاجتماعية لوحدها تنفيذ تلك المخرجات وان كانت قد وافقت ووقعت عليها غير أن بعضها أثبتت عملياٍ أنها ضدها لذا فإنها لجأت إلى خلق بؤر ملتهبة هنا وهناك وحروب للهروب من تنفيذها .
لقد ارتأت بعض المكونات في الحوار الوطني أثناء انعقاد المؤتمر ضرورة إيجاد مؤسسات حكومية تشارك فيها كل مكونات الحوار الوطني يناط بها تنفيذ ومراقبة تنفيذ تلك المخرجات غير أن البعض ارتأى غير ذلك مما ساهم في تجميد العمل السياسي لصالح العنف مما دفع إلى القيام بثورة جديدة تطالب بالشراكة الوطنية والإسراع في تنفيذ مخرجات الحوار الوطني التي تنص على ذلك وإسقاط الحكومة التي فشلت في تنفيذ تلك المخرجات ..
وهانحن وبعد أكثر من ثمانية أشهر من انتهاء الحوار الوطني والتصديق على مخرجاته التي وضعت في الأدراج لم تتحول تلك المخرجات إلى فعل بعد .

قد يعجبك ايضا