الأمن والمجتمع كفانا إخفاقا

حسرة في النفس وألم شديد ينتابني في كل مرة أتذكر فيها محاولاتي انتقاء الكلمات و التعابير للهروب من واقع الإخفاق الذي عليه جهازنا الشرطي والأمني , كنت ( كما الإعلام الرسمي للشرطة ) أستبدل مصطلح الإخفاقات الأمنية بما هو أخف وطأة منه فأقول ( الإختلالات الأمنية ) وهو المصطلح الذي يوحي بأن الشرطة ليست وحدها من يتحمل كامل المسئولية فيخرج أجهزة الشرطة وقادتها من دائرة اللوم إلى فضاء التماس الأعذار , وكان ذلك لحشد الطاقات وتحفيز زملاء العمل الشرطي على الأداء أكثر والإنجاز بفاعلية أفضل .
حين كانت الحالة الأمنية ( شبه مستقرة ) و يخفق جهاز الشرطة في مواجهة القضايا والأحداث اليومية البسيطة يرجع جهازه الإعلامي باللوم على المجتمع وعلى الجهات الأخرى التي يجب أن تكون شريكة في حل تلك القضايا , لكن النتائج كانت مؤسفة حيث كانت تلك القضايا تزداد حدة واتساعا حتى يتحول الحدث منها إلى ظاهرة .
أذكر على سبيل المثال إرجاعنا اللوم في قضية التحرش الجنسي إلى نقص دور الأسرة والمدرسة والخطاب الإرشادي في المسجد والجامعة كان يغطي تقصير دور الشرطة الذي هو دور أساسي ومحوري وفاعل في الحد منها فازدادت حدة واتساعا وتطورت إلى أن صارت ظاهرة انتشرت كالسرطان في أغلب مفاصل حياة المجتمع وخرجت عن السيطرة.
بالقياس نجد محاولات الإعلام الأمني التغطية على ضعف أداء أجهزة الشرطة في توفير الأمن للفرد والمجتمع أوصلنا إلى النتيجة التي نحن عليها اليوم والتي جعلت الشرطة عاجزة عن إدارة و تأمين مسيرة سلمية أو حماية تجمع بشري من عمل إرهابي !!!
أدرك أن من يفكر بعقلية المتعصب لحزب أو طائفة سيطلق العنان للحجج كمن يقول أن الأمن لم يعد بيد أجهزة الدولة لكن بالعودة إلى المنطق والتفكير بروية سيجد أن الفرد والمجتمع لا يجد غير أجهزة الدولة الرسمية مسئولا ومسائلا عن النتائج طالما أنها لم تعلن خطتها وتعلن المتسبب بعرقلة تنفيذها إن وجد أو تقدم استقالتها إن هي عجزت عن القيام بواجباتها بعد تحديد أسباب العجز .
أرى أن وزارة الداخلية كانت تستطيع الكثير والكثير مما لم تقم به خلال الأيام الماضية , ربما كان الوقت مناسبا أكثر من أي وقت مضى لتفعيل وحدات وأجهزة الشرطة , ربما كانت اللجان الشعبية فرصة يمكن استغلالها ( عبر وضع الخطة الأمنية المناسبة التي تصحح من وضع تلك اللجان ) ويكون عملها بإشراف مركز الشرطة في منطقته الجغرافية ( بعد تلافي القصور الذي أفقد مركز الشرطة احترام المجتمع له ) .
إن ما يمر به وطننا الغالي يستدعي من كل أبنائه العمل بجد وإخلاص سواء أكان موظفا رسميا في الشرطة أو عضوا في المجتمع المدني , ويستدعي من كل فرقاء السياسة تنازل بعضهم لبعض من أجل الوطن ومن أجل وحدة الصف ضد الإرهاب الذي هو العدو الحقيقي للوطن ولكل أهله دون استثناء , وضد الجريمة التي تفسد حياة المجتمع.
همسة أمنية :
ضع نفسك دائما مكان الضحية في كل حالة من أجل ان يكون حافزا لك لأداء واجبك كما يجب .
دام اليمن ودمتم بإذن الله سالمين 🙂
alwajih@yahoo.com

قد يعجبك ايضا