البطالة في نسق تصاعدي وصعوبات تواجه استراتيجية التشغيل


تستمر البطالة منذ مطلع العام الحالي في نسق تصاعدي خطير وإعداد غفيرة من الشباب والخريجين يراكمون شهاداتهم منذ سنوات دون القدرة على النفاد إلى سوق العمل المحلي الذي يعاني من اختلالات عديدة وانحسار كبير للوظائف المتوفرة في شتى المجالات.
وتكشف آخر البيانات الرسمية عن ارتفاع معدل البطالة بشكل كبير وخصوصا في أوساط الشباب اليمني إلى 52.9 % مع توقعات بوصولها إلى 60% مع نهاية العام الجاري.
وتمر اليمن حاليا بمرحلة صعبة وأزمات واضطرابات حادة في الجوانب السياسية والأمنية والاقتصادية تلقي بظلالها على الحياة المعيشية المتدنية للمواطنين وتفاقم معدلات الفقر والبطالة وإيقاف عجلة التنمية.

* ألقت عملية توظيف ما يقرب من 70 حالة جديدة مطلع 2012م بظلال قاتمة على الوضع الاقتصادي المتردي حيث تحول هذا العدد إلى جانب المعاناة التي يرزح تحت وطأتها القطاع العام إلى عبء ثقيل وعمالة فائضة لم يتم استيعابها في أعمال على أرض الواقع.
ومع أهمية هذه الخطوة في تحسين الاستقرار الاجتماعي والمعيشي للسكان إلا أنها شكلت عبئاٍ كبيرا على الموازنة العامة للدولة”.
وفي هذا السياق كذلك لكن في اتجاه آخر لمواجهة البطالة المتفشية في أوساط الشباب تم إعداد خطة وطنية لتشغيل الشباب وتسعى الحكومة إلى توسيع القدرة الاستيعابية للبرامج كثيفة العمالة بما يواكب تدفقات المساعدات الخارجية في حين تعول بلادنا للحد من البطالة على التسريع بإتاحة تعهدات المانحين للإنفاق على برامج إعادة أعمار المناطق المتضررة وتنفيذ مشاريع البنية التحتية والخدمات الأساسية.
وتواجه استراتيجية التشغيل التي أقرتها الحكومة مؤخرا بالتعاون مع مجتمع المانحين صعوبات متعددة تعرقل عملية تنفيذها وبلورتها إلى برامج واقعية لاستقطاب الشباب العاطل عن العمل من خلال خطة متكاملة في هذا الاتجاه يصل تكلفتها إلى ما يقرب من 400 مليون دولار.

مشكلة
تعد مشكلة البطالة أحد أهم التحديات التي تواجه اليمن خصوصا وإنها تتركز بدرجة عالية في أوساط الشباب بنسبة تبلغ 52.9% في الفئة العمرية 15-24 سنة كما تبلغ نسبة 44.4% في الفئة العمرية 25-59 سنة وتنتشر البطالة بنسبة كبيرة بين المتعلمين حيث تبلغ 25% من العاطلين وهم من يحملون مؤهلات التعليم الثانوي فما فوق.
ويؤكد أستاذ إدارة الأعمال بجامعة صنعاء الدكتور احمد السنباني أن معدلات البطالة تتزايد في ظل تزايد إعداد الداخلين الجدد إلى سوق العمل والتي تقدر بحوالي 200 ألف شخص سنويا وبصفة خاصة مع الأحداث التي شهدتها اليمن خلال الأعوام الثلاثة الماضية وانعكاساتها على الاقتصاد الوطني.
ويقول إن اليمن – كغيرها من الدول- التي أخذت بآليات السوق وإعادة النظر في دور الدولة ولم تعد هي المشغل الرئيس لكل طالبي العمل إضافة إلى تطبيق برامج الإصلاح المالي والإداري بما تضمنته من خصخصة وتخفيض العمالة وغيرها أدت إلى تزايد ظاهرة البطالة خاصة في ظل الدور المحدود الذي يقوم به القطاع الخاص في التوظيف في ظل بيئة غير آمنة وغير مستقرة.
ويقول : لا بد من مراجعة البرامج في المؤسسات التعليمية وان تخضع لرقابة صارمة من جهات الإشراف والعمل على تطويرها باستمرار بحيث تركز على النوع أكثر من الكم بحيث تضمن تزويد الخريجين بالمهارات اللازمة لسوق العمل.
ويؤكد أهمية توفير بيئة استثمارية مشجعة للاستثمار لخلق المزيد من فرص العمل أمام الشباب وهذا يتطلب معالجة الاختلالات الأمنية وإصلاح البنية التحتية وإحداث إصلاحات حقيقية في المجالات الإدارية والمالية والاقتصادية اللازمة.
ويرى أن هناك حاجة فعلية لإنشاء جهة تتولى إرشاد وتوجيه الشباب نحو فرص العمل المتاحة والمستجدات في سوق العمل ومساعدة الشباب على تنمية مهاراتهم.
إجراءات
يضع خبراء مجموعة من المقترحات لمواجهة أزمة البطالة والتنفيذ الفاعل لاستراتيجية تشغيل الشباب خصوصا مع توسع هذه الظاهرة ومؤشرات قد تحولها إلى أزمة يصعب التعامل معها.
ويؤكد منسق البرامج بالمؤسسة الوطنية للتدريب والتنمية عصام النقيب ضرورة اجراء مسح وتحليل لواقع ظاهرة البطالة وتوفير معلومات دقيقة عن حجم الظاهرة وخصائص القوى غير العاملة ونوعية المهارات المطلوبة لها لتأهيلها لسوق العمل وان يتم عمل قاعدة بيانات حديثة ومتجددة باستمرار تعنى بهذا المجال.
ويشير إلى أهمية رسم استراتيجية واضحة المعالم لمواجهة هذه الظاهرة تشارك فيها كل الجهات الحكومية المعنية والقطاع الخاص إضافة إلى منظمات المجتمع المدني ذات العلاقة بالإضافة إلى ضرورة وجود تنسيق فعال بين الجهات التعليمية والجهات المعنية بالتخطيط وبسوق العمل بحيث يتم تحديد المهارات والتخصصات المطلوبة لسوق العمل والعمل على تلبيتها في مخرجات المؤسسات التعليمية والحد من المخرجات غير المطلوبة.
ويقول : لن يكون هناك استقرار اجتماعي واقتصادي وسياسي ولا تنمية وتطور في مجتمع أكثر أعضائه عاطلين عن العمل وشاعرين بالتهميش والإقصاء فالهدف الرئيسي لعملية التنمية الناجحة هو أولٍا وأخيرٍا المواطن إذ هو في الحقيقة الأداة الرئيسية للتنمية وغايتها في نفس الوقت.
ويؤكد النقيب أهمية توفر الحوافز أمام الأسر والطلاب من أجل الاستثمار في رأس المال البشري بعبارة أخرى من الأرجح أن تتأثر الحصيلة التعليمية بشكل أكبر بالطلب على القوى العاملة أو التوقعات ذات الصلة أكثر من تأثرها بعرض الفرص التعليمية كما يقول منسق البرامج في المؤسسة الوطنية للتدريب حيث تستند المعايير الحالية على القرابة والمعرفة أكثر منه على الجدارة بالإضافة إلى عدم خضوع عملية التوظيف إلى ضرورة تطوير حرفية الوظيفة العامة بل تْعتبر وسيلة لاستيعاب العدد المتنامي من الباحثين عن عمل.
مراجعة
يدعو خبراء الحكومة وشركاء التنمية الدوليين إلى مراجعة المخصصات الحالية واتخاذ الخطوات الضرورية لضمان توجيه أموال المساعدات نحو المشاريع التي لها أثر سريع على حياة المواطن وخلق فرص العمل لا سيما للشباب والنساء بحسب مقررات الاستراتيجية الوطنية للتشغيل.
وتقتضي الضرورة التركيز على المشاريع التي لها عائدات استثمارية اجتماعية كبيرة وسريعة وهذا الأمر يتطلب إعطاء الأولوية في التخصيص للمشاريع والأنشطة المدرجة تحت خطة عمل توظيف الشباب التي تم استكمالها مؤخراٍ وخطة عمل توسيع الأمن الغذائي التي مدتها خمس سنوات مع الوضع في الاعتبار الاحتياجات المحلية في مختلف المناطق والتوزيع الجغرافي للمشاريع عند تخصيص التعهدات لبرامج التشغيل.

قد يعجبك ايضا