استحضار الانتصار في زمن الانكسار

 - 
بعد مرور 41 عاما على حرب اكتوبر 1973م التي انتصرت فيها القوات العربية واستطاعت  تجاوز" خط برليف " والحاجز العربي النفسي معا..اعترفت إسرائيل مؤ

بعد مرور 41 عاما على حرب اكتوبر 1973م التي انتصرت فيها القوات العربية واستطاعت تجاوز” خط برليف ” والحاجز العربي النفسي معا..اعترفت إسرائيل مؤخرا وبعد كل هذه السنوات بهزيمتها..وهو أمر بالنسبة لمعطيات النظرة الاستراتيجية لمجريات تلك الحرب لم يعـد شيئا جـديدا!
وإذا كنا نتذكر اليوم مناسبة هـذا الانتصار العظيم فإننا نتأسى في نفس الوقت على الواقع الأليم والمزري الذي وصلت إليه الحالة العربية راهنا مـن انقسـام حاد وحروب متناثرة هنا وهناك والتدخل الخارجي السافر في الشؤون الداخلية فضلا عن الغطرسة الاسرائيلية التي تشن حروبها بكل أريحية ضد أبناء الشعب الفلسطيني وتحديدا في قطاع غزة الأمر الذي يتطلب مراجعة شاملة للسياسات العربية الراهنة تجاه هذه المتغيرات التي عصفت بالوطن العربي وعلى نحو خطير.
ولاشك بأن التساؤل القائم يدور عما إذا كان استحضار انتصار اكتوبر سيضفي جديدا على الحالة العربية المزرية فيبعث فيها حنينا إلى الانتصار برص صفـوفها ونبـذ كـل مظاهـر التشتت والفرقة والاحتراب.. وبالتالي توظيف الإمكانات العربية المهـدورة في المعركة الحقيقية التي تواجه العرب أم أن هذه الذكرى ستمر مرورا مناسباتيا عابرا ¿
ومن البدهي التأكيد مجددا بأن في طليعة تلك التحديات التي تواجه الأمة العربية, تحديات الإرهاب والتطرف الذي بات يشكل خطرا إضافيا يتهدد تماسك الأمة ويعصف بإمكاناتها وقدراتها ويحيد بها عن الوجهة التي تخدم الاستقرار والتنمية التي ينشدها المواطن العربي من المحيط إلى الخليج.
وإذا كنا في مسيس الحاجة إلى استحضار تلك الدروس والعبر التي انتصرت فيها الجيوش العربية على جيش الاحتلال الاسرائيلي وأسقطت اسطورته في حرب اكتوبرالعظيمة 1973م.. فإننا بحاجة كذلك إلى مراجعة شاملة للسياسات العربية وبالتالي إعادة ترتيب البيـت العـربي من الداخل وفقا لهـذه المعطيات ووضع استراتيجة بديلة تقوم في الأساس على مبدأ المصالحة الشاملة ومن ثم تهيئة الأرضية أمام لغة مشتركة تتفهم طبيعة هذه التحديات الداخلية والخارجية – ومنها بالطبع – التحدي الاقتصادي والأمني والاجتماعي فضلا عن تلك المرتبطة بالتدخل الخارجي الذي بات يتحرك بأريحية ويفرض –بفضل هذا المناخ- أجنداته التي ما كانت لتتحقق لولا هذا التراخي والانهيار في جدار الاصطفاف العربي.
ومن الطبيعي أنه إذا لم نستحضر تلك الدروس المستفادة من الانتصارات والانكسارات في تاريخنا العربي المعاصر فإن اسرائيل ستظل على موقفها المتعنت تجاه استعـادة الحقوق العربية المشروعة وتجاه جهـود استحقاقات السلام والتسوية الشاملة والعادلة خاصة في ظل غياب ما يدفعها إلى الانصياع لذلك طالما وأن العرب جميعا يعيشون هذا الانكسار الكبير.

قد يعجبك ايضا