الدكتور شاكر الأشول: تعليمنا مثل “جلد فتحه طبيب جراح ولم يراجعه”!!


* خرج الطبيب الجراح من غرفة العمليات ينقل لأهل المريض بشرى نجاح العملية في اليوم التالي مات المريض ولم يواجه الطبيب أهل المريض ولم يكن هناك حاجة لمقابلتهم فموت المريض كان “قضاء وقدر” فالموت والحياة بيد أرحم الراحمين . إذاٍ فالعملية نجحت لمجرد أنها تمت وكأن ما كان على الدكتور إنجازه هو فتح الجلد وانتزاع ما يمكن انتزاعه وغلق الجلد وترك الباقي لرحمة الله.
من البديهي ونحن نقرأ هذا السيناريو الشائع الحدوث أن ندرك أن تقييم نجاح العملية الجراحية لا ينتهي لحظة إغلاق جلد المريض فإذا فشل الدكتور أو أهمل أثناء إجرائه العملية وظهرت آثار ذلك بعد غلق الجلد فهو لا شك مسؤول عن “نجاح” العملية الجراحية ونجاح العملية يتحقق بخروج المريض في حالة أفضل من حالته التي أدخلته المستشفى.
هكذا يشخص الدكتور شاكر الاشول استاذ التكنولوجيا التعليمية ويعمل موجهاٍ عاماٍ في إدارة التربية والتعليم في مدينة نيويورك ” العملية التعليمية وأهميتها في بناء المجتمعات وحساسية هذه المهنة التي يرتكز عليها النجاح أو الفشل في كافة مناحي الحياة .
الدكتور اليمني الذي يعمل في اشهر جامعة امريكية في نيويورك يشدد على اهمية دور المسئولين وصناع القرار ويقول إن مِـثـل وزير التربية والتعليم ومدير المدرسة والمعلم الذي لا يقيم أثــر عمله وقراراته التعليمية مـِثـل الطبيب الجراح الذي يفتح جلد المريض ثم يغلقه بدون أي مراجعة أو تأمل أو تحمل لمسؤولية أمام المريض وأمام متطلبات مهنته.
وبحسب الدكتور شاكر فإن الحديث عن تقييم جودة التعليم ليس حديثاٍ يمنياٍ خاصاٍ فهو موضوع يمس المجتمعات العربية الأخرى بل أن المجتمعات في العالم أدركت انه حديث لا يمكن أن يظل محصوراٍ في غرف المدرسين والدوائر التربوية.
وينبه الى أهمية ذلك بالقول: الحديث عن التعليم اليوم هو حديث عن اقتصاد المستقبل وهذا ما يجعل مسألة التعليم في اليمن اليوم مصيرية.
مصير
* يقول الدكتور شاكر أن هذا المثال يدفعنا للتفكير بطريقة مختلفة لتقييم الأشياء من حولنا ولنأخذ التعليم في مجتمعنا اليمني.
ويضيف : أعلن وزير التربية والتعليم مؤخرا نسبة نجاح الطلاب في امتحانات الثانوية العامة التي تجاوزت الثمانين بالمائة وقبلها تم إعلان نتائج امتحانات الشهادة الإعدادية والتي هي الأخرى تجاوزت الثمانين بالمائة.
ويشير الى أن هذه النسب العالية نسمعها العام بعد العام ولا نقف عندها كمجتمع لأننا نعتبرها جزءاٍ من روتين العملية التعليمية التي من خلالها يتأهل الطلاب للنجاح إلى الصفوف التالية أو مواصلة الدراسة الجامعية والحصول على المنح الدراسية.
بحسب الدكتور شاكر فإن هذه النتائج تســتدعي بعض التساؤلات من اهمها لماذا تقدم النتائج بهذا الشكل وبدون تفصيل أكثر مثلاٍ ماهي نسبة الناجحين بنسبة 50? -60? أو 60%-70% وهل معنى تقديم النتائج بهذا الشكل (82? نجاح) أن كل ما يهمنا هو النجاح ولو كانت درجات الطالب في حدها الأدنى.
ويتساءل هل معنى النتائج هذه أن طلابنا وطالباتنا استطاعوا اجتياز هذه الاختبارات وحققوا نسبة النجاح العالية على الرغم من حرمانهم من الدراسة ومن مدارسهم ومدرسيهم أغلب أيام العام وهل يعني هذا النجاح أن المنهج اليمني لا يحتاج مدرسين ولا مدارس ما دام الطلاب قادرين على النجاح بالمذاكرة الذاتية وبدون الاستفادة من تعليم وتجارب المدرسين في المدارس.
نتائج
* كما أن هذه النتائج من وجهة نظره” تعكس نتيجة تبسيط لاختبارات هذا العام ومدى فهم المجتمع اليمني أن نسبة النجاح هذه التي تحتفل بها وزارة التربية والتعليم تعكس أن مخرجات التعليم اليمني تؤهل الطالب اليمني لتجربة التعليم الجامعي المؤهل أو متطلبات سوق العمل.
والأهم هل ستكون نسبة النجاح والتميز هي نفسها لو كانت اسئلة الاختبارات توازي في تحديها وصعوبتها أسئلة الثانوية العامة في بلدان مثل سنغافورة أو في بلدان أخرى تساعدنا على تقييم وتقويم عملية التعليم في اليمن.
ويستخلص الدكتور شاكر من كل هذه الاسئلة أن نتائج الاختبارات لا تعكس مستوى أداء الطالب وقدراته فقط بل هي مرآة لقدرات وزارة التربية والتعليم والمدارس والمعلمين وتقييم للقرارات التي يتخذها كل شخص مسؤول عن العملية التعليمية ابتداء بالوزير وانتهاء بالمدرس في الفصل.
القدرة على التفكير
* في اليمن نحن اليوم بحاجة إلى استخدام نتائج الاختبارات لتقييم مدارسنا لتقييم مناهجنا وأدائنا كمعلمين وتربويين من هذا المنطلق يؤكد الدكتور الاشول أننا بحاجة ليكون هذا التقييم بداية لإعادة صياغة أهداف التعليم في اليمن حتى تتعدى الكتابة والحساب ويصبح الهدف من العملية التعليمية هو إعداد الطلاب في اليمن ليكونوا قادرين على القيام بالعديد من الاشياء التي تجعلهم قادرين على مواكبة التغييرات الحاصلة في المجتمع والارتقاء بدور الفرد ليكون الركيزة الاساسية في البناء والتطوير.
وأهم هذه الاشياء كما يراها خبير التكنولوجيا التعليمية القدرة على التفكير الناقد وتحليل المعلومات وتقييم مصداقيتها خاصة مع توافر الكم الهائل من المعلومات حولنا من مصادر مختلفة هذه الأيام.
وكذا القدرة على حل المشاكل المعقدة والمفتوحة التي تعطي الإنسان القدرة على التعامل مع متطلبات وتحديات العمل في المستقبل أينما كانوا والتواصل والتعاون والعمل مع الآخرين لإنجاز الأعمال والمهام وهو التحدي الذي يواجهه الإنسان في مجالات وسوق العمل.
بالإضافة الى التفكير الإبداعي غير التقليدي وتشجيع التفكير بطرق مختلفة تدفع بهم إلى ريادة الأعمال والتواصل والتخاطب بالأساليب الشفهية والكتابية التي تضمن ايصال الأفكار بطرق سلسة وواضحة واستخدام التقنيات العصرية والاستفادة الإنتاجية منها.
بحسب الدكتور شاكر فإن تحديات التعليم في اليمن كثيرة لكن مواجهتها تبدأ بتقييم ما يحدث الآن والتفكير في إعادة صياغة أهداف التعليم بما يتناسب مع تحديات ومتطلبات العصر.

قد يعجبك ايضا