لطالما حلمت بفارس أحلامها وشريك حياتها المثالي .. وبعد طول انتظار وترقب كانت على وشك معانقة الآمال والأماني في عالم الحقيقة بعد ان تقدم لها شاب معروف بين أبناء الحي بمرؤته ودماثة أخلاقه ومثابرته في مواجهة اعباء الحياة الصعبة وعدم استسلامه للفقر وشظف العيش.
ثلاث سنوات كاملة كانت مدة الخطوبة وفي الأيام القليلة الماضية كان موعد الزفاف المنتظر بعد أن سبقه اتمام مراسم عقد القران الشرعي. وبينما كانت الفتاة مع زوجها العريس في أوج فعاليات الزفاف واستقبال المدعوين والمهنئين في بيت أبيها المتواضع اختفت فجأة دون مقدمات تاركة وراءها أسئلة كثيرة وذهولا واسعا وحزنا عميقا اعترى وجوه ونفوس كل من يعرف العريسين الذين أصبحا ابرز ضحايا هذه الحادثة الغريبة .
غموض وتداعيات
هذه الحكاية ليست من نسج الخيال لكنها حدثت بالفعل في احد احياء مديرية آزال بمنطقة نقم شرقي العاصمة صنعاء يوم السبت الماضي وما تزال تداعياتها وغموضها ساري المفعول حتى كتابة هذا التحقيق .
انها فتاة في مقتبل العمر تدعى “ف . ع . ب” تعيش في بيت ايجار متواضع جدا في حي نقم بالعاصمة مع ابويها واخوانها الصغار ..
اما عريسها وشريكها في المأساة فهو شاب يدعى ” سليمان ” من ابناء الجيران وقد جمعتهما الاقدار ووجد كل طرف منهما ضالته في الاخر فارتضيا ان يكونا معا لاستكمال مشوار العمر فالظروف والمستويات المادية والاجتماعية متقاربة الى حد كبير.
الزفاف والاختفاء
بدأت مراسم الزفاف الأسبوع الماضي بإقامة يوم ” البرقع ” و ” ويوم الذهب ” وبعدها ذهبت الى خبيرة ” النقش ” لتزين جسمها بالخضاب استعدادا للزفة المقررة في مساء اليوم التالي ” السبت الماضي” لكنها لم تعد الى منزلها الذي كانت تدوي منه اغاني الفرح عبر مكبرات الصوت .
وتقول خبيرة النقش لـ “الاسرة ” التي كانت في قلب الحدث بأنها وبينما كانت تقوم بنقش اليد الاولى للعروس فوجئت بصوت جهوري ينادي على العروس التي لم تستطع اقناع الداعي بعدم الإجابة بحجة ان النقش لم ينته بعد وخرجت لترى ما الأمر فإذا بأبيها على الباب وقد جاء بسيارة أجرة مع أمها وأخوتها باستثناء طفل في الثامنة من العمر تقريبا لم يسعف الوقت الوالد على ما يبدو للبحث عنه في أزقة الحي حيث كان يلهو مع أقرانه فاضطر لتركه وحيدا قبل ان يتكفل احد الجيران باستضافته
الاتصال القريب
ادعى الوالد وهو في العقد الرابع من العمر تقريبا بان احد أقربائه في القرية قد مات وانه لا مجال أمامه سوى السفر ولم تنفع توسلات العروس وأمها بعدم افساد فرحة الأسرة بزفاف احد أفرادها .
غادرت السيارة الحي على عجل محملة بالعروس وعائلتها متوجهة الى قرية نائية بمحافظة أب حيث يتواجد الأهل والأقرباء .
لم يمر وقت طويل قبل ان يكتشف العريس حادثة تهريب عروسه من قبل والدها الذي سريعا ما راح يزعم بأنه تلقى اتصالا هاتفيا يخبره فيه بأن نسبه لا ينتمي إلى أصول عريقة ولا يتمتع بنسب نبيل يفاخر به بين الناس خاصة وان ابنته تعود الى أسرة هاشمية .
هذه الحجة تم دحضها من قبل العريس الذي ينتمي إلى تهامة بالحديدة والذي لجأ إلى مشائخ تهامة الذين أكدوا نسبه العربي الأصيل لكن ذلك لم يحد من تعنت وعناء الاب الذي اصر على الهروب واخفاء ابنته العروس ليلة زفافها .
وما تزال هذه القضية تتارجح لدى المشائخ من ابناء قبيلتي العروسين وسط استنكار واسع من قبل ابناء الحي الذين راوا في تصرف والد العروس امرا مرفوضا وغريبا ولا يتناسب مع ما يدعيه من انتساب الى اعراق بشرية اصيلة .
التهديد بالانتحار
العروس المنكوبة لم تجد حلا كما قال عدد من اقربائها لـ” الاسرة” سوى التهديد بالانتحار والإقدام على قتل نفسها اذا ما اصر ابوها واسرته على موقف الرفض والتعنت لزوجها .. ويضيف اقاربها بان الفتاة المسكينة باتت في وضع نفسي وصحي في غاية السوء والتعقيد في حين يواصل اهلها مسلسل التهرب من ايصالها الى زوجها وسرد الحجج والمبررات الواهية .
سلوكيات مدمرة
وأمام هذه الحادثة الأليمة التي يعاني تبعاتها شابان بريئان يؤكد اختصاصيون اجتماعيون بان مثل هذه التصرفات الغريبة والشاذة من قبل الآباء ازاء أبنائهم وبناتهم من شانها ان تعود الى انحراف أبنائهم ولجوئهم إلى سلوكيات مدمرة قد تؤثر على مستقبلهم ومستقبل مجتمعهم وامتهم .
ويشير هؤلاء إلى أهمية التزام أولياء الأمور بمعايير مسألة الزواج بين الشباب وعدم التعنت أو سرد الشروط التعجيزية التي من شانها دفع الشباب والفتيات إلى دروب الانحراف والمزالق الخطيرة والمدمرة و على الوالدين ان يقفا إلى جانب أبنائهما ومساعدتهما وتوفير كل ما يستطيعان من اجل فرحة ومستقبل أبنائهم و على الاسرة ان تسهل وتيسر امور الزواج لابنائها وعدم المغالاة في المهور وأشاروا أن السبب الرئيسي وراء انحراف الشباب هو عدم القدرة على الزواج والتكاليف الباهضة التي تطلب من العريس والعادات الخاطئة التي يتقيد بها بعض الآباء .