أسرار السعادة الزوجية في الابتعاد عن الجدال الذي يعمق الفجوة بين الزوجين

سألته / سامية صالح –
تحلق روحيهما على فراديس العشق والأماني فيرسم الخاطب ومخطوبته أحلاما وردية لحياتهما القادمة … وبنار الشوق يكتوي قلباهما لذلك اليوم الذي يجمعهما فيه سقف واحد ليكونا أسعد اثنين …!! وحين ترسو سفينة الحب على شاطئ الحياة الزوجية يعيشا لحظات خاطفة من السعادة والفرح فيودعهم شهر العسل حاملا معه أمنياتهم الجميلة … ومع مرور الأيام تتماهى تلك المشاعر الفياضة وتنسل منهما حالات الفرح تحت أعباء المسؤولية والواجبات وضغوطات الحياة القاسية !! فيخفت بريق الحب ويتعالى صراخهما وتصبح المشاكل الوجبة الرئيسية لكل يوم ويحن كل منهما لأيام العزوبية والحرية ويرى كل منهما قرار ارتباطه بالسيئة التي لن تمحى من صحيفته وسيدفع ثمنها عمره … وبعد ان تستحيل الحياة بينهما ويصبح المنزل جحيما لا يطاق لا يجدان حلا سوى الطلاق … وقبل أن يطوي النسيان قصتهما يقلب الدكتور نبيل الوافي- الاستشاري الاسري ورئيس بوابة الإعلام الأكاديمية بالجزائر لتطوير الذات ورئيس هيئة الاستشاريين في الوطن العربي أخصائي التحليل النفسي للشخصية- أوراق حياتهما ويتابع فصول المعاناة ليضع يده على مكامن الخلل وأسباب الخلاف ويقدم لهما نصائح وطرقاٍ لإعادة الحب الذي ولى ذات يوم من بيتهما الصغير..!!

* تبدأ الكثير من الزيجات بداية قوية جدا خصوصا القائمة على الحب قبل الزواج ما تلبث مع مرور الأيام أن تتفكك العلاقات الزوجية مما يؤدي ببعضها إلى الطلاق …..ما السبب¿
السبب يعود إلى عدم وجود روابط قوية تعمل على الحفاظ على هذه الزيجة بمعنى أن الزوج أو الزوجة يجهلان المعنى الحقيقي للزواج ودور كل واحد منهما وأن الحياة الزوجية شراكة وتكامل وتضافر من قبل الطرفين وليست تفاضل أو تنافساٍ بل هي علاقة تكاملية يكمل كل طرف الطرف الآخر ..ولذلك يصطدمان بالواقع وبالمسؤولية اتجاه بعضهم وأن الحياة قبل الزواج تختلف عنها بعد الزواج ….وهذا ماجعلنا نفكر في عمل دورات مكثفة قبل الزواج توجه للزوجين برنامج “تأهيل الأزواج” الذي يعمل على بناء أزواج مؤهلين للحياة الزوجية من كل الجوانب لتفادي المشاكل الزوجية التي تؤدي للطلاق.
فضفضة
* تشكو كثير من الزوجات من الصمت الزوجي الذي يصيب الأزواج كيف تحل الزوجة هذه المشكلة¿
نعم هذه مشكلة تعاني منها معظم الزوجات لأن الجهل بالخصائص النفسية للرجل والمرأة يعتبر سبب من الأسباب وفهم النفسيات يساهم بشكل كبير إلى تفاقم هذه المشكلة بحيث نجد أن الزوجة تحب تفضفض مع زوجها و تحكي عن أدق التفاصيل منتظرة تفاعلا و مشاركة منه فالزوجة تحب بطبيعتها إثبات قدراتها وامكانياتها من خلال زوجها… في الوقت الذي نجد أن الزوجة تعطي أهمية كبيرة للتفاصيل نجد الرجل ينظر للحياة بنظرة شمولية وعامة و كل اهتماماته خارجية لأنه يقضي معظم وقته خارج المنزل ولا بد للزوجة أن تكون ذكية وفطنة وتعمل على التغلب على هذه المشكلة من خلال إعطاء الزوج فرصة عندما يدخل البيت باستقباله بهيئة حسنة جميلة ثم تجعله يرتاح قليلا قبل الخوض في أي نقاش و أن تتجنب الخوض في أي حوار حتى يرتاح ويتهيأ نفسيا ثم تحاول أن تسمع منه إذا تكلم وتشاركه أحاديثه واهتماماته حتى لو كانت تجهلها. فمثلا يتكلم الزوج عن العمل وماذا حصل له وكيف يتعامل مع الناس….فهي لا تقول ما دخلي أنا في أشغالك أو لا يهمني بل تحاول أن تدخل عالمه وتشاركه حياته الخارجية… وإذا لم يتكلم فأكيد يوجد اهتمام فرعي للزوج وعلى الزوجة اكتشافه ومشاركته مع زوجها وهنا أتذكر قصة طريفة “يحكي زميل استشاري أسري من الكويت حيث يقول أنه حضرت له زوجة تريد الطلاق لأن زوجها لا يتكلم معها كثيرا ومعظم وقته يقضيه مع الحمام في البيت ويهتم به ويمكث معه أكثر الأوقات ….فنصحها بأن تجرب طريقة وإن لم تنفع فسوف يطلقها منه فوافقت فأخبرها بأن تشتري كتاب يتكلم عن الحمام وعادات الشعوب في الحمام وكيف يربى وقصص عن الحمام وكل يوم تجلس مع زوجها تحكي قصة عن الحمام واسمعي هذه النصيحة وجربيها أسبوعاٍ و سترين أن الزوج سيخرج عن صمته. ..
…فمرت الأيام… ورجعت الزوجة للاستشاري وهي فرحة وتقول له جزاك الله ألف خير زوجي الذي لا ينطق ولا كلمة أصبح اليوم يناقشني و يحاورني.
مرة أخرى أركز وأكرر فهم نفسية الرجل يساعد كثيرا على تجنب ومحاربة الصمت الزوجي وهذا راجع كله لذكاء الزوجة ومعرفتها الجيدة بزوجها وكيف تستطيع التعامل معه.
البحث عن أخرى
2 – كثرة الخيانات الزوجية ما الذي يدفع بعض الأزواج إلى البحث عن أخرى بالرغم أن الزوجة توفر كافة الحقوق الزوجية¿
قد يكون الزوج سببا كونه لا يتحلى بالقيم والمبادئ, والوازع الديني ضعيف جدا لديه فلا يكتفي بعلاقة واحدة فيبحث عن عدة علاقات ويسعى إليها.
وقد تكون الزوجة سببا لذلك فهي بقصد أو بغير قصد تدفع زوجها للخيانة الزوجية فانعدام الصراحة الزوجية بالعلاقة الحميمة وما يشبع تعطش كل واحد للآخر وما يسعده يجعل الخوض في هذا الموضوع من المحرمات رغم أنه ضروري وحتمي فلا بد للزوج من مصارحة زوجته بما يحب أو يكره في العلاقة الحميمة وكذلك لا بد للزوجة من التحدث مع زوجها بهذا الخصوص والتفاهم من أجل علاقة حميمة صادقة وواضحة يسعد بها الطرفان فمعرفة أسرار وخصائص العلاقة الحميمة والتثقف في هذا الأمر يزيل العقبات ويجعل الحياة الزوجية متزنة. وقد تأخذ الخيانة أشكال كثيرة فمنها:
– الخيانة اللفظية بالكلام الغير محتشم مع الجنس الآخر سواء كلام مباشر وجها لوجه أو عن طريق المراسلات بالتلفون أو عن طريق الأنترنت.
– الخيانة بالنظرات والإدمان على مشاهدة الأفلام الإباحية وما يترتب عليها من مقارنة مجحفة بالزوجة أو الزوج.
– الخيانة اللاشعورية وهي إهمال الزوجة من غير قصد وعدم الاهتمام بها في حين نجد الزوج يعطي اهتماما لنساء أخريات بشكل تلقائي …مما يترتب عليه الوصول للخيانة الفعلية.
ومن جانب آخر نجد أن توفير كافة الحقوق الزوجية من قبل الزوجة لا يكفي, فعليها الاهتمام بنفسها وشكلها ورائحتها وأن تجعل زوجها أول اهتماماتها مهما كان الوضع ومصارحته بما تحتاج ولا تهمل عنصراٍ هاماٍ جدا وهو الحوار الزوجي الذي من خلاله نستطيع تفهم المشاكل ونتجنب التراكمات البسيطة التى إذا لم تعالج في حينها فقد تصبح سببا حقيقيا للخيانة فالحوار له أثر فعال وعجيب في جعل حياتنا الزوجية نعمة. تعلم أساليب وفنيات الحوار الفعال والمثمر ومن هذه الآداب نذكر:
1 – أن يكون الكلام هادفاٍ إلى الخير:
قال تعالى: (لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس ومن يفعل ذلك ابتغاء مرضات الله فسوف نؤتيه أجراٍ عظيماٍ). النساء الآية : 114
2 – البعد عن الخوض في الباطل:
والمراد بالباطل كل معصية.. فالحديث عن الأغاني وليالي الطرب على سبيل الإعجاب هذا من الخوض في الباطل. والحديث في أحوال الممثلين والممثلات على سبيل التعلق بهم وإشاعة أفعالهم والدعوة للاقتداء بهم من الخوض بالباطل.
والحديث عن عادات وتقليعات المرأة الغربية على سبيل الدعوة للتشبه بها وتقليدها من الخوض بالباطل.
وأنواع الباطل كثيرة كما قال الإمام الغزالي لا يمكن حصرها لكثرتها وتفننها..
3 – البعد عن المماراة والجدل:
كم من القلوب تشتت بسبب الجدل الذي لا طائل تحته ولا فائدة من ورائه ولا يقصد منه إلا إفحام الخصم .. أو التشهير به وإظهار الخلل في كلامه أو فعله أو قصده.
4 – أن يحاور كل إنسان بما يناسبه شرعاٍ وعرفاٍ:
يخاطب الوالدين بالتوقير والإجلال والرحمة وخفض الجانب لهما قال تعالى: (فلا تقل لهما أفُ ولا تنهرهما وقل لهما قولاٍ كريماٍ. الإسراء ) الآية : 23
5 – البعد عن عبارات المدح للنفس أو للغير إلا لمصلحة وبالضوابط الشرعية:
يكثر في مجالس النساء الحديث عن النفس وتزكيتها فهناك بعض الأخوات لو أرادت أن تحصي عدد تكرارها لـ”أنا” في المجلس الواحد لما استطاعت أن تحصيه .. وهذه خصلة ممقوته منهي عنها.
وقال تعالى:( فلا تزكوا أنفسكم هو أعلم بمن اتقى). النجم الآية : 32.
حوارات داخل البيوت
• هناك أخطاء يكثر وقوعها في الحوارات الأسرية تعمق الفجوة بين الزوجين ما رأيك ¿
ومن خلال الحوارات التي تجري داخل البيوت يجد المرء أخطاء كثيرة قد تذهب بفائدة الحوار وتبطل أثره في النفوس بل وربما جلبت الشقاق والنزاع والخلاف وأورثت البغض والحقد والكراهية ومن هذه الأخطاء:
1 – الحوار في ظروف غير مناسبة:
لكي يكون الحوار مؤثراٍ في النفوس ومحققاٍ للأهداف التي يراد الوصول إليها لا بد أن يتحين المرء الأوقات الملائمة والأمكنة المناسبة فلكل مقام مقال .. وعلى سبيل المثال:
– تخطئ الزوجة التي تفتح باب الحوار (بل باب المشاجرة) مع زوجها وهو غضبان.
– تخطئ الزوجة التي تفتح مع زوجها حواراٍ تطلب منه أشياء تريدها عند دخوله للبيت بعد فترة غياب في العمل لا تدري كيف قضاها الزوج!
– يخطئ الزوج الذي فتح باب الحوار لتقويم زوجته أمام الأهل والأولاد والأقرباء.
2 – الاستئثار بالكلام:
هناك بعض الأزواج لا يدع مجالاٍ للمحاورة داخل الأسرة سواء كانت زوجة أو بنتاٍ أو أختاٍ إما لعرف خاطئ أو لتكبر في نفسه واعتداد بذاته وغرور برأيه. وإما لاحتقار واستصغار للمقابل.
ويتولد عن هذا الخطأ: البغض أو الكره للزوج أو العزلة عنه أو عدم القناعة بما يمليه عليهم فإذا حضر الزوج التزم أهل البيت – على مضض- بما يريد وإذا خرج عادوا إلى ما يريدون بعد أن يحمدوا الله على خروجه!!
همسة
اخي الحبيب: دع أهل بيتك يعبرون عن آرائهم بصراحة في حواراتهم معك وأحط هذه الصراحة بسور من أدب الحديث الذي رغبنا به الإسلام وها هو سيد البشر صلى الله عليه وسلم يسمح لزوجاته أن يراجعنه في القول فتدلي كل واحدة منهن برأيها وتعبر عما في صدرها بل وتدافع عن نفسها فليس هو وحده الذي يتكلم في البيت.
قالت زوجة عمر وقد أنكر عليها عمر رضي الله عنه وعنها مراجعتها له بالحديث “إن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم ليراجعنه”.
3 – عدم ضبط النفس عند الحوار:
وله مظاهر عديدة وصوره كثيرة منها:
– بعض الأزواج ما إن تحاوره زوجته حتى يحمر وجهه وتنتفخ أوداجه ويعلو صوته حتى يسمعه الجيران فضلاٍ عن الأولاد فصدره ضيق لا يتسع لأحد ولو كان أقرب الناس إليه .. فما أعظمها من وصية تلك التي أوصى لقمان بها ابنه وهو يقول: (واغضض من صوتك إن أنكر الأصوات لصوت الحمير). لقمانالآية : 19.
– وقد قيل قديماٍ : (إن كثرة صخب الرجل دليل على حماقته وقلة عقله”. وإذا كان ارتفاع الصوت في غير موضعه من الرجال قبيحاٍ فهو من النساء أقبح وأشنع ولذلك أغلظ أبو بكر لعائشة رضي الله عنهما عندما سمعها ترفع صوتها على النبي صلى الله عليه وسلم حيث جاء رضي الله عنه يستأذن النبي صلى الله عليه وسلم فسمع عائشة وهي رافعة صوتها على رسول الله صلى الله عليه وسلم فاذن له فدخل_ فقال: يا ابنة أم رومان!! وتناولها أترفعين صوتك على رسول الله صلى الله عليه وسلم¿ قال: فحال النبي صلى الله عليه وسلم بينه وبينها. قال: فلما خرج أبو بكر جعل النبي صلى الله عليه وسلم يقول لها – يترضاها -: ألا ترين أني قد حلت بين الرجل وبينك. قال: ثم جاء أبو بكر فاستأذن عليه فوجده يضاحكها. قال: فأذن له فدخل فقال له أبو بكر: يا رسول الله أشركاني في سلمكما كما أشركتماني في حربكما”.
– الكلمات الجارحة والعبارات البذيئة:
إن من الناس من لم تستقم ألسنتهم على هدي القرآن وسنة سيد الأنام صلى الله عليه وسلم فألسنتهم كالحصان الجموح إذا تكلموا شتموا وإذا تحدثوا سبوا وإذا تحاوروا لعنوا. ولعل للنساء من هذا حظاٍ كبير لا سيما إذا كان الطرف الآخر في الحوار أحد الأبناء فتسمع من اللعن والسب ما يصخ مسامعك ولهذا قال الرسول صلى الله عليه وسلم معللاٍ سبب كثرة النساء في النار بـ “تكثرن اللعن وتكفرن العشير”.
– الأحكام القاسية والعقوبات الجائرة:
بعض الرجال ينهي حواره – أحياناٍ – بأحكام قاسية على زوجته وأبنائه بل قد يصل به الحوار إلى الطلاق فيعض أصابع الندم حسرة على استعجاله بعد أن يرى بيته وقد تهدم بناؤه وقوضت أركانه … الأطفال مع أمهم أو عند جدتهم.
وهناك من النساء من تسلك مثل هذا المسلك فتختم بعض حواراتها مع زوجها بـ”.. وإلا سأذهب إلى بيت أهلي”.. ” .. وإلا طلقني!!” .. ” .. وإلا سأ….”..
يا أمة الله يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: “ايما امرأة سألت زوجها الطلاق من غير ما بأس فحرام عليها رائحة الجنة”.
أيها الأزواج طهروا حواراتكم من هذه االأساليب فإن عاقبتها مرة!!
4- عدم الاعتراف بالخطأ:
الإنسان بشر يخطئ ويصيب والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: “كل ابن آدم خطاء وخير الخطائين التوابون” وقد يعمل المرء عملاٍ يرى صوابه ثم يحاوره آخر فيتبين له خطأ ما فعل والمسلم أواب تواب يرى أن الرجوع إلى الحق خير له من التمادي في الباطل فلا تتحرج إذا حاورتك زوجتك في قضية ترى أن الحق لم يحالفك فيها أن تقول لها: لقد أخطأت!!
فقد قالها عمر رضي الله عنه – إن صحت الرواية- : أصابت امرأة وأخطأ عمر.

Samia5072@gmail.com

قد يعجبك ايضا