
تحتل اليمن مرتبة متدنية في المؤشرات الدولية للأمن الوظيفي بسبب مجموعة من السياسات الخاطئة والعديد من العوامل منها التركيبة السكانية المعقدة واضطراب الوضع السياسي بالإضافة إلى وضعية التعليم الذي لا يفرز موظفين مؤهلين ومحترفين وكذا العجز التام عن تطوير المواهب العلمية والإدارية .
وتعاني بلادنا نتيجة لذلك تكدس كبير للعمالة الفائضة في الجهاز الإداري العام المفرغ تماما من المواهب الإدارية المبدعة والمؤثرة والمنتجة وانخفاضاٍ في الموارد البشرية وكذا تردي معاهد ومراكز التدريب والتأهيل التي لا تستطيع الإرتقاء باليد العاملة وتعجز عن إيجاد المواهب وتطويرها.
يسهل الحديث عن الموهوبين وعن أهميتهم في مؤسسات ومنظمات الأعمال لكن جذبهم للعمل والاحتفاظ بهم ليس بالسهولة نفسها.
ومن الغريب أن العديد من مؤسسات ومنظمات الأعمال في بيئة عمل مثل اليمن تستبعد أصحاب المواهب من الباحثين عن العمل بدلا من جذبهم ويحدث هذا خلال عملية اختيار الموظفين أو في الفترة التي تأتي بعد التوظيف حيث تقع قطاعات الأعمال في مثل هذا الخطأ كثيرا لعدم إدراكها بأن الأنظمة والسياسات التي تتبعها في التوظيف تحبط الموظفين الموهوبين وتجبرهم على ترك العمل.
وتتضمن العوامل التي تبعد الموهوبين عن قبول الوظائف أو الاستمرار بها جمود التواصل الآلي والسياسات غير المرنة وعدم وجود نظام ناجع للتغذية الراجعة وفوضى إدارة الأعمال وسياسة الترهيب نتيجة لتنامي بيئة عمل مملة وثقيلة واستخدام التخويف كأداة للتحفيز وزيادة الأعمال بالإضافة إلى سياسة الدفع غير المجزي وسياسة تشجيع التملق وتصيد الأخطاء.
قياس
يعد التعليم من أهم المعايير التي يتم اعتمادها في قياس مؤشر الأمن الوظيفي ووضعية الموارد البشرية والمخاطر التي تحيط بها حيث تكمن أهمية هذا المؤشر بإيجاد موظفين محترفين مؤهلين قادرين على تطوير الأداء ودفع عجلة التنمية إلى الأمام.
وتعاني اليمن وفقاٍ للتقارير المحلية والدولية من تراجع وفرة المواهب المؤهلة والقادرة على الإبداع والإنتاجية وتطوير الأداء º وهو توجه يزيد من حدته النقص في التدريب في القطاعين الحكومي والمؤسسات والشركات الخاصة.
ويرجع خبراء أسباب ذلك إلى العديد الإشكاليات والممارسات الإدارية المغلوطة في شتى النواحي بالإضافة إلى ضعف الاستثمار في القطاع الإداري والافتقاد لأفضل الممارسات الإدارية الصحيحة.
مؤكدين أن معالجة هذه المشكلة تتطلب قيام قطاعات الأعمال والاستثمار والمؤسسات والشركات العاملة بالاستثمار في اليد العاملة والموارد البشرية والبحث عن المواهب الملائمة أو تأهيل المواهب المتاحة حاليا في سوق العمل.
ويقول خبراء انه لا يمكن إحداث تغيير في إدارة مترهلة بشكل جذري وبوقت وجيز ولهذا يجب أن تكون هناك دراسة علمية حديثة وخطط موضوعية تستند لتجارب الآخرين وتبدأ بالإدارات الانجح وتعممها على الإدارات الأخرى للاستفادة منها.
بيروقراطية
يرى استاذ إدارة الأعمال الدكتور سنان المرهضي نائب رئيس جامعة صنعاء ان البيروقراطية والسياسة الرسمية تسيطر على منظمات الأعمال مما انعكس سلبيا على أدائها.
ويعتقد بأن ممارسة الوظائف التخصصية للموارد البشرية أهم مكون في منظمة التعلم ومؤشر لاهتمام القيادة الإدارية بالرأسمال البشري وعليه فمن الضروري إيجاد معايير علمية تتواءم وخصائص بيئة الأعمال لعمليات المفاضلة بين طالبي الالتحاق بالوظائف والأعمال وكذلك التنقيب على الموهوبين في المنظمات والمؤسسات وإدارتهم بشكل فعال وتوفير بيئة خاصة تتوافق وحاجات ورغبات الموهوبين .
وكذلك بحسب الدكتور سنان ” التكاملية الأفقية والرأسية مع الإدارات الأخرى والعمل بروح الفريق الواحد بما يعزز الاستثمار في رأس المال البشري مع التأكد من عدالة استراتيجيات الحوافز ونظمها واشباعها لحاجات ورغبات الموارد البشرية المختلفة ومراعاة الاختلافات الفردية.
ويدعو الدكتور المرهضي إلى تصميم نظام حوافز فعال ومحفز للموارد البشرية بالإضافة إلى ضرورة عملية ممارسة الوظائف التخصصية لإدارة الموارد البشرية وكذا الدراسة الميدانية الرصينة لاختيار هذا النموذج المحفز لتطوير بيئة الأعمال.
موارد
ترتبط المشاكل الإدارية والوظيفية التي تشكل معضلة وعقبة كبيرة أمام تطور الأداء بنوعية موارد التوظيف والتدريب الملائمة وتوافرها نتيجة انعدام وسائل التعليم الحديثة والمتطورة وكذا عدم توفر مراكز ومؤسسات ومعاهد تؤمن تعليماٍ وتدريباٍ أرفع مستوى مما هو عليه الواقع الأمر الذي ينعكس في محدودية توافر المواهب الجيدة على المستويين الاحترافي والإداري.
كما أن المواهب الإدارية والعلمية المحترفة في اليمن مهاجرة في الخارج لانها تبحث عن ذاتها وفرصها في الدول الأخرى لما تقدمه من رواتب أكثر ارتفاعاٍ وبيئةُ أفضل للعمل.
ونتيجة لذلك يبرز توجه نحو تراجع وفرة المواهب المؤهلة في بلادنا وهو توجه يزيد من حدته النقص في التدريب من جانب الحكومة والمؤسسات والشركات الخاصة.