من الأسئلة التي كنت أطرحها مع أو على ذاتي ولم أجد حافزاً أو دافعاً للكتابة عنها أو محاولة الإجابة عليها هو: لماذا أعيدت سوريا للجامعة العربية، ولماذا عادت أو قبلت العودة؟..
الذي أعرفه هو أن الأنظمة العربية الخليجية بقيادة النظام السعودي ساروا في شراكة مع تركيا لتجميع وتمويل الإرهابيين من أرجاء العالم لتدمير سوريا، وفيما تركيا انزعجت لاحقاً من دولة كردية محتملة في إطار مخطط أمريكي ربطاً بما بات يسمى “قسد” تنظيم أو منظمة لأكراد سوريا، فشخصياً وفي موازاة ذلك لا أستبعد أن أمريكا هي من أوعز لأنظمة عربية لإعادة سوريا للجامعة العربية، وعندما كانت أمريكا تدلي بتصريحات قليلة تؤكد أنها تعارض هذه الخطوة تأكدت أكثر أن إعادة سوريا للجامعة جاء من رؤية أمريكية في إطار سيناريو وألعاب قائمة وقادمة..
بمجرد التوقيع على اتفاق وقف إطلاق نار بين حزب الله وإسرائيل جاءت أحداث سوريا كمسألة معد ومرتب لها وجاهزة للتنفيذ..
تركيا وبالرغم من جهود الرئيس الروسي “بوتين”، بالتأكيد هي ضالعة في تطورات الأحداث بسوريا، ولكن ماذا عن الأنظمة العربية التي كانت شريكة لتركيا في تدمير سوريا في محطة 2011م؟!.
هنا أقول إن عودة أو إعادة سوريا للجامعة العربية لم تكن غير تكتيك أمريكي لإنجاح مشروعه المتجدد في سوريا ولمحاولة إخفاء دور الأنظمة العربية فيما سيحدث ـ الآن ـ في سوريا..
تركيا تخفي أو تغطي على دورها بحديثها عن لعبة أمريكية إسرائيلية وراء أحداث سوريا، وذلك ما لا تستطيع أو لا تحتاج قوله الأنظمة العربية من اعتقادها أن إعادة سوريا للجامعة العربية يمثل براءة لها فلا تحتاج لاتهام أمريكا وإسرائيل كما الحالة “الأردوغانية” بل إنها خارج التهمة، فكونها بذلت جهداً خارقاً لإعادة سوريا للجامعة فهي باتت فوق مثل هذه التهمة..
أعتقد أن النظام السوري شرب المقلب تركياً وعربياً، وعلاقته مع تركيا تجعله في توقع أن تسير في عمل كهذا، ولكنه صدًق أن قبوله العودة للجامعة العربية أمنّ ظهره عربياً في مثل التطورات التي حدثت وهذا هو المقلب والانقلاب غير المتوقع وخارج الحسابات، وبالتالي كان عليه أن يعي أن العودة للجامعة العربية هو تكتيك أمريكي ولا يمكن ويستحيل الاعتماد على تكتيك أمريكي لحماية بطن أو ظهر..
ما يؤكد ذلك هو سرعة تواصل وزير الخارجية السوري بنظيره السعودي مع بدء هذه الأحداث، والمؤكد أن النظام السعودي والقطري والإماراتي سينفون أي علاقة لهم بالنصرة أو جبهة الشام وبالتالي بالأحداث الأخيرة في سوريا، وإذا لم تقتنع سوريا بما يقال لها فماذا بمقدورها عمله؟..
هكذا هي أنظمتنا العربية وجامعتنا العربية وسياساتنا العربية منذ أن أصبح الثراء والثروة هي القيادة العربية وأصبح النظام السعودي هو المؤثر الأقوى عربياً ومنذ أصبحت دولة كما قطر تصدر قرارات قمة بدون قمة لتفويض أمريكا والغرب بالتدخل في ليبيا أو لتجميد عضوية سوريا في الجامعة العربية، وبالتالي فقرار تعليق عضوية سوريا في الجامعة العربية هو قرار أمريكي كما قرار إعادة سوريا للجامعة هو قرار أمريكي، وأنظمة كالسعودية والإمارات وقطر تنفذ ما يؤمر به أمريكياً لأي أهداف وأي تكتيكات..
ولهذا فالتساؤل التي تطرحه الأحداث والمستجدات هو ما الذي أضافته عودة سوريا للجامعة العربية؟..
إذا لم تضف شيئاً ـ وهي لم تضف شيئاً يذكر ـ فما حدث هو مسرحية عربية لتنفيذ تكتيك وغائية أمريكية ليس إلا، وأعرف أن النظام السوري ذاته على الأرجع لم يصل إلى هذه القناعة..
على العموم ما يجري في سوريا هو في إطار مشهد الصراع الإقليمي والدولي، وأمريكا باتت شديدة الوضوح في التفكير والقرارات وفي المشاريع والتكتيكات بالرغم من محاولة الأدوات العربية كأنظمة التغطية عليها ما أمكن وهذا يتجسد حتى في حالة سوريا وحكاية العودة للجامعة العربية..
الاصطفاف الإقليمي والدولي المغاير تظل مواقفه أقل وضوحاً كما حالة إيران أو أكثر غموضاً كما حالة روسيا والصين..
وأعتقد أن سوريا موقعها مهم ومؤثر للاصطفاف الأمريكي الغربي والمنغمسين في الأمركة والصهينة من الأنظمة العربية تحديداَ، بما يفترض من الاصطفاف المقابل أن لا يظل يراوح في سقف عدم وضوح وسقف غموض..
حدوتة الجامعة العربية والعودة تقدم شيئاً من أخطاء للنظام السوري، فيما ليس هذا زمن ولا مكان التعاطي في أخطاء إلا في الربط بما حدث وما استجد!!.