هبوط منسوب الحرية في المجتمعات العربية والإسلامية أثر بشكل مباشر على الإنتاج الفكري كما ونوعا، وتعطيل الفكر العربي والإسلامي جعل المتلقي عرضة للاستهلاك الفكري والمعلوماتي في مختلف المجالات بالطريقة البروباجندية، فهذه الظاهرة من التراخي مع العدو الصهيوني والتي نعيشها اليوم ليست حالة طارئة أو وليدة الصدفة بل هي مدبرة منذ عقود، فالعقل والمنطق يقول أنه وطالما المصدر للمعلومات خارجي، وطالما النتائج مرتبطة بالمقدمات، فان النتيجة ما نراه اليوم ونسمعه من حالة التبلد واللامبالاة المتفشية في الشارع العربي وموقف الغالبية المتخاذل مما يحدث في غزة ولبنان منذ اكثر من عام، فغالبية الشعوب العربية والإسلامية قد ظهر عليها الأعياء الشديد، وكأنها أصيبت بشلل الأطفال المفضي للعجز وهو مرض مزمن وخطير قد نال من هذه الأمة وأصابها في وطنيتها وقوميتها وتدينها، فواقع الأمة يؤكد أنه قد استوطنها الخذلان وتمكن منها الخوف . الخوف من الحكام المتماهين مع العدو الصهيوني والأمريكان، والخوف على لقمة العيش وفقدان المنصب والوظيفة، والأمر نفسه بالنسبة للنخبة الذين كانوا فيما سبق الدينامو المحرك للحركة الشعبوية وتحرير القرار السياسي من ديكتاتورية الحاكم المتسلط في أي دولة ومجتمع عربي وإسلامي كان، فهم صفوة المجتمعات ومحل ثقة الشعوب، غير أن الحاصل اليوم أن خوف أولئك النخبة قد نالهم من الخوف ما نال العوام إن لم يكن خوفهم أكبر، خوف على مكانتهم الاجتماعية والرسمية، وفقدان المال الوفي، والعيش الرغيد على عكس من سبقهم، فماتت الأمة بموت ضمائر العلماء والمثقفين، الذين جفت أقلامهم، وخفتت أصواتهم، وصار غالبية الناس بلا إحساس من كل ما يجري لشعب غزة ولبنان المكلوم بالشعوب العربية وحكامها ومثقفيها وعلمائها، وكأن لسان حال أولئك يقول إن قلوبهم قلوب واجفة، فما عادت تلك الأحداث المؤلمة التي تجري كل يوم على شعب غزة ولبنان تؤلمهم، ولا صرخات واستغاثات الأطفال والنساء توقظهم، لأنهم ببساطة ميتين فقط يتنفسون، وأحياء فقط ليأكلوا ويشربوا ويتناكحوا . أما بالنسبة للقادة العرب والمسلمين فيكفيهم عقد تلك القمة العربية الإسلامية التي انعقدت واختتمت أعمالها في السعودية يوم الثلاثاء 12 نوفمبر. صحيح أن ظاهر القمة من اجل غزة ولبنان غير أن باطنها هو محاولة لترميم الوجوه المتساقطة لأولئك الشخوص وليس غير ذلك، أما ثالثة الاثافي هو ما حصل في اليوم التالي لانتهاء القمة حيث افتتحت المملكة السعودية موسم الرياض بعري فاضح وانحطاط واضح دون ادنى حياء ومراعاة لما يحصل في غزة ولبنان من جرائم إبادة وحشية لم يشهد لها التاريخ مثيلا