مازال هول الصدمة يكبل أحرفي ، وغصة البوح و ألم الصمت يمتزجان بالدمع المتمرد على قيود الصبر ، و قد فجعنا بخسارة شهيد الإسلام والإنسانية المجاهد السيد حسن نصر الله حامل راية الجهاد والمدافع عن المستضعفين ومرعب الطغاة المجرمين. أعداء الله وأعداء الأمة وأعداء البشرية و خريج مدرسة آل البيت وعظيم من عظمائها مثل أئمة آل البيت _ عليهم السلام_ خير تمثيل فكرا وقولا وفعلا وجهادا ، حاز احتراما وحبا لا مثيل له لدى أحرار العالم من مختلف الأديان والتوجهات ، أغاظ أعداء الله وأرهبهم ونكل بهم أشد تنكيل، وبعد سنوات طويلة من مسيرته الجهادية العظيمة التي تصل إلى أربعين عاما ، منها ثلاثين عاما تسلم فيها قيادة الحزب ليتولى الأمر بكل جدارة واقتدار ، وقد حان للفارس الشجاع أن يترجل عن صهوة جواده بعد أن أدى الأمانة ونصح الأمة وجاهد في الله حق جهاده ، مدافعا عن المظلومين والمضطهدين من أبناء الأمة العربية والإسلامية ، بدءا بوطنه لبنان وفلسطين وشعبها ودعم المجاهدين في فلسطين دعما غير محدود ضد اليهود الأنجاس الذين أذلهم ودحرهم أينما واجههم وأدخل الخوف والرعب في قلوبهم ، وقف مع مجاهدي البوسنة في محنتهم الكبيرة ومدهم بالخبرات والمجاهدين وساند سوريا ضد الدواعش التكفيريين صنيعة أمريكا هم وأمهم أمريكا الشيطان الأكبر ، ووقف مع اليمن وأهلها بكلمة الحق التي كانت تصفع وجوه المستكبرين من الأعراب ومن يقف ورائهم من يهود ونصارى ، خلاصة القول إنه وقف مع المظلومين من أبناء الأمة الإسلامية والعربية في كل مكان وزمان قولا وفعلا.
غاب أبوهادي بجسده ولكنه سيبقى رمزا خالدا في ذهن أحرار الأمة للقائد المؤمن بالله وبقوته وعدله والمجاهد الفذ والسياسي المحنك، و الصوت الإنساني الحاني ، والمسلم الصادق مع الله والناس جميعا الذي أحبته الجماهير التواقة للحرية والعدالة ومواجهة الطغاة وأذيالهم من مختلف أنحاء الأرض .
وستظل خطاباته وكلماته العميقة الأثر تبني وعي الأمة وتبصرها بدينها وتاريخها وواقعها وأعدائها ، كما أنها تحيي فيها الأمل بالنصر وهو من ردد كثيرا على مسامعنا ‘قطعا سننتصر ‘و أكد حتمية هزيمة العدو الإسرائيلي وزواله ، و شدد على أنه لا مكان لليأس بيننا و كشف أعداء الأمة وضعفهم وانكسارهم من يهود ونصارى من جانب ومخططاتهم الدنيئة من جانب آخر، وعرى لنا المنافقين وتحركاتهم لإضعاف الأمة . وقبل استشهاده تحدث عن تآمر المنافقين وأسيادهم اليهود والنصارى على قتله.
ما قدمه الشهيد الحي يستحق منا الوفاء وأن نواصل ما بدأه من جهاد ضد أعداء البشرية ، وأن نردد أقواله على الدوام ، وحتما وقطعا سننتصر . وبيننا وبينهم الميدان والليالي والأيام.
رحم الله أبا هادي وتقبله مع النبيين والصدقيين والصالحين وحسن أولئك رفيقا ، وجزاه عنا وعن فلسطين الجريحة وعن جميع المسلمين خير الجزاء.
وتواقون للمشاركة العسكرية البرية المباشرة إلى جانب الشعب الفلسطيني ومقاومته الباسلة.
عام مضى حوّل القضية الفلسطينية من قضية عربية منسية، إلى قضية البشرية جمعاء، وأكد أنها قضية لا تموت طالما أن أجيال وأفواج المقاومة تبذل الدماء على طريق القدس، وخاصة إذا كانت تلك الدماء هي دماء قاداتها العظماء، كدم الشهيد المجاهد إسماعيل هنية ودم شهيد الإسلام والإنسانية حسن نصر الله- رضوان الله عليه، وغيرها من دماء الشهداء الطاهرة الزكية التي ارتقت على طريق القدس، وستشكل وقودًا للمقاومة الفلسطينية واليمنية واللبنانية والعراقية والسورية والإيرانية الآتي يسطرنَّ اليوم ملاحم من البطولة الأسطورية في التصدي للعدو الإسرائيلي والأمريكي، وهي مستمرة إلى أن يحين موعد الصلاة في المسجد الأقصى محررًا بقبادة قائد الأمة السيد عبدالملك الحوثي بإذن الله.