الثورة / أحمد المالكي
انطلقت أمس السبت بصنعاء أعمال المؤتمر الدولي الثاني للرسول الأعظم، الذي تنظمه الجمعية الخيرية لتعليم القرآن الكريم على مدى ثلاثة أيام، بمشاركة واسعة من الباحثين والأكاديميين والعلماء والمثقفين من داخل اليمن وخارجه.
وفي افتتاح المؤتمر، أكد رئيس مجلس الوزراء أحمد غالب الرهوي في كلمته خلال المؤتمر، أن أهمية هذا المؤتمر ترتبط بأعظم رجل وأنجح قائد عرفته البشرية محمد صلوات الله عليه آله وسلم.
مؤكداً أن هذا المؤتمر الذي ينعقد للعام الثاني على التوالي سيتواصل خلال الأعوام المقبلة بإذن الله تعالى، حيث يعتبر تظاهرة علمية غير مسبوقة بالنظر إلى موضوعه وحجم الباحثين المشاركين فيه من اليمن وخارجه الذين اجتمعوا للحديث عن مناقب الرسول الكريم من كافة الجوانب سواء فيما يخص خلقه العظيم أو نهجه في بناء الدولة بجوانبها الإدارية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية والعسكرية والإنسانية “.
واعتبر الرهوي، أن المؤتمر يعد رسالة قوية لمن يسيئون للرسول الأعظم والقرآن الكريم من أعداء الأمة الغربيين، وبأن رسولنا الكريم هو قائد للبشرية كافة وسبباً لهداية المليارات من البشر وإخراجهم من الظلمات إلى النور.
وأضاف بالقول: علينا كمجتمعات إسلامية أن نتأسى بأخلاق الرسول العظمية وأن نجعل سلوكه وعدله منهجاً لمختلف أعمالنا وحياتنا اليومية”.. لافتاً إلى المشاق التي تحملها النبي الخاتم من أجل أن تصل إلينا رسالة الإسلام التي انتشلت الأمة من ظلمات الجهل إلى فسحة النور والحق والعدل.
وعبّر عن الشكر للمنظمين لهذا المؤتمر وكل الباحثين الذين شاركوا فيه بأبحاثهم ودراستهم القيمة من داخل وخارج اليمن.
وتطرق رئيس مجلس الوزراء إلى مستجدات العدوان الصهيوني وما يدور وما يحصل في غزة منذ عام من قتل وغطرسة وعنجهية صهيونية بمساندة ومشاركة الأمريكي والبريطاني وبعض دول أوروبا والتصعيد الإرهابي الذي يقوم به الكيان الصهيوني في لبنان.
وبيّن أن تصعيد العدو الصهيوني يقابل بتصعيد من محور المقاومة للرد على الكيان المتغطرس الذي تدعمه الإدارة الأمريكية والرأسمالية الغربية.
وأكد الرهوي أن حزب الله يمتلك اليوم القدرة الكافية العددية والتسليحية للرد على العدوان الإرهابي الذي تجاوز كل الخطوط والحدود.. معتبراً ما يقوم به الكيان الصهيوني من إرهاب وتجبر إشارة واضحة لقرب زواله وأن النصر لأحرار هذه الأمة بات قريباً جداً.
وفي المؤتمر الذي حضره نائب رئيس مجلس النواب عبدالرحمن الجماعي وأمين سر المجلس السياسي الأعلى الدكتور ياسر الحوري وعدد من الوزراء وأعضاء مجلسي النواب والشورى، أكد وزير التربية والتعليم والبحث العلمي حسن الصعدي حاجة الأمة إلى الهداية لتخرج من أزماتها وصراعاتها ومآسيها وأحزانها المتراكمة، التي أفقدت شبابها ونخبها البوصلة.
وقال: “لم يعد يرى الناس ما هو المخرج وأين يتجهون في الكثير من المراحل التي تراكمت فيها الأزمات وتجددت فيها الهزائم والانتكاسات أمام أعداء لا يمثلون رقما وليسوا شيئاً لو كانت قوية ومتمسكة بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم، لأن الله قد وعد المؤمنين بالنصر وأكد في كتابه أن الأعداء عاجزون عن المواجهة في الميادين”.
وثمّن الصعدي كل الجهود التي بذلت لإنجاح المؤتمر من المشاركين والباحثين والمهتمين واللجان المختلفة للمؤتمر، على اعتبار أن المشاركة في المؤتمر شرف يرتبط بالشرف المحمدي الذي يربطنا بالله ودينه وكل خلق كريم وكل معنى سامي وجميل، لأن الله جعله خيرته من خلقه وصفوته من عباده وجعله الوسيلة للهداية التي ربطها الله به بقوله تعالى: “وإن تطيعوه تهتدوا” ونحن أحوج ما نكون للهداية في ظل الإحباط واليأس التي صار الكثير من الناس ومن الشباب يعيشونها بسبب الظلال.
مشيراً إلى أن أعداء الأمة ضعفاء ويعجزون في ميادين المواجهة، لكن المشكلة انه لم يعد هناك من يتحرك من المسلمين وفق منهج الله الذي انتهجه الرسول الأعظم صلوات الله عليه وآله، في مختلف المجالات السياسية والعسكرية والاقتصادية والثقافية وغيرها من المجالات المختلفة والمتنوعة في حياتنا العملية والمعيشية وفي مواجهة أعداء الأمة، ولذلك نحن بحاجة إلى النبي وتاريخه وأسلوبه وسياسته وجهاده وأخلاقه واستدعاء شخصية محمد صلوات الله عليه وآله وسلم في مؤسساتنا المختلفة .
وأشار الصعدي أن النبي قد قُدم إلينا في المناهج والسير والجامعات وكل المحافل والمناسبات والدروس بصورة لا تليق بمنهج وسيرة خاتم الأنبياء ومبلغ رسالات الله صلوات الله عليه وآله والذي استطاع في زمن وجيز أن يغير الدنيا وأن يحول أمة جاهلة متناحرة متخلفة إلى أمة قوية تملأ الدنيا جهاداً وأخلاقاً وبنى دولة عظيمة، وأن ما أوصلنا اليوم من حال مأساوي للأمة هو بُعدها عن منهج الرسالة المحمدية الصحيحة.
وأكد الصعدي أن المجتمع المسلم بحاجة لمثل هذه الدراسات التي يتناولها المؤتمر، وأن المسألة ليست تظاهرة شكلية أو صوتيه أو صورة أو دعاية، وإنما هو حاجة حقيقية لنستمد من الرسول صلوات الله عليه وآله ونستفيد في كل مجالات الحياة، حيث لا يمكن أن نكون أمة قوية عزيزة كريمة إلا بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم ولكن وفق ما قدمه الله في القرآن الكريم، مؤكدا هذا يحتاج إلى أبحاث ودراسات لا تنفصل عن القرآن والرسول في كل الأحوال لتنتقل إلى المدارس والجامعات والمؤسسات والحياة بكلها، ولنتمثلها سلوكاً ومشاعر وعقيدة ونتحول إلى أمة تحمل ثقافة محمد صلوات الله عليه وآله وسلم في قوته على الكافرين وغلظته على المنافقين، وفي رحمته على المؤمنين، وإحسانه بالناس والبشرية كلها.
وفي كلمة افتتاح فعاليات المؤتمر أوضح ضيف الله الشامي نائب رئيس المؤتمر عضو اللجنة الإشرافية أن انعقاد المؤتمر يأتي في ظل مرحلة فاصلة في تاريخ الأمة العربية والإسلامية، وهي بحاجة للعودة الصادقة والعملية إلى النبي محمد صلوات الله عليه وآله وسلم، وإلى القرآن الكريم خصوصاً ونحن في ذروة الصراع مع أعداء الله والأمة من اليهود والنصارى، والذين تحدث عنهم القرآن الكريم وبين خطورتهم وكشف واقعهم وحذر من التولي لهم، وفي ظل ما تعيشه الأمة من واقع ذلة وانحطاط وتبعية على أيدي من سلّم الشعوب والقدرات للأعداء، وأصبحوا يؤدون دورا سيئا في التدجين والترهيب والقمع لشعوبهم خدمة لأعداء الأمة، ولأن شعبنا اليمني المسلم المجاهد تميز بموقف جهادي وإيماني ومبدأي مشرف بالوقوف مع المظلومين من إخوتنا في الشعب الفلسطيني المجاهد، وخوض معركة الفتح الموعود والجهاد المقدس في مواجهة مباشرة مع قوى والاستكبار العالمي المتمثل بأمريكا وإسرائيل وبريطانيا ومن يدور في فلكهم، فقد أعطى الموقف اليمني الإيماني ثماره الكبيرة على كل المستويات، وشد أنظار العالم الحر إلى المشروع القرآني والبحث عن المنطلقات والدوافع والثقافة التي جعلت لهذا الموقف فاعليته خصوصاً والعالم يعلم أن اليمن تتعرض لعدوان وحصار وتدمير كمنهج لسنوات كثيرة.
مشيراً إلى أن هناك ضرورة لتعريف العالم بشخصية النبي صلوات الله عليه وإله وتقديم صورة علمية حقيقية عن حياته ومناقبه ومنهجيته الحياتية في المجالات الثقافية والاجتماعية وإدارته للشئون السياسية والاقتصادية ومعاملاته التربوية والتعليمية، ودوره في توطين الأعمال المهنية والحرفية، وتكوينه لمنظومة إعلامية توعوية إرشادية، وإبراز خبراته الأمنية والعسكرية كشخصية جهادية عملية، وتقديمه للناس كما قدمه الله في القرآن الكريم .
وأكد الشامي أن انطلاق أعمال المؤتمر الدولي الأول للرسول الأعظم العام الماضي كانت بالتزامن مع انطلاق معركة طوفان الأقصى المباركة ضد العدو الصهيوني تجسيدا لتلك المعركة، وصورة عملية وواقعية عن التأسي والاقتداء للرسول الأعظم صلوات الله عليه وآله، في صبره وجهاده ومواجهته للظلم والطغيان، ليأتي انعقاد المؤتمر الدولي الثاني للرسول الأعظم اليوم ونحن على مشارف عام كامل من الصمود والتضحيات والمتغيرات الدولية، وقد تكشف للعالم الكثير من الحقائق وتغربل الناس بين مؤمن صريح ومنافق صريح، ولم يعد هناك منطقة متوسطة يمكن لأحد أن يختفي خلفها في ظل العدوان الإجرامي الكبير على الشعبين الفلسطيني واللبناني وارتكاب المجازر البشعة بحق الأطفال والنساء والتمثيل بالجثث وارتكاب جرائم الإعدامات الجماعية وإحراق القرآن الكريم والإساءة إلى النبي محمد صلوات الله عليه وآله .
وقال الشامي: إن المؤتمر يهدف إلى ترسيخ الولاء لرسول الله صلوات الله عليه وآله في سبيل هداية وحماية الأمة من الانحراف خصوصا مع بروز التحديات والانحرافات التي يقودها اللوبي اليهودي الصهيوني في العالم من خلال نشر عن المتعددة وفي مقدمتهم أئمة الكفر أمريكا وإسرائيل.
مشيراً إلى أن المؤتمر يمثل ظاهرة علمية يقدم من خلاله الباحثون والأكاديميون والمفكرون ما يمتلكون من العلوم والمعارف وما توصلت إليه أبحاثهم لربط الأمة والبشرية جمعاء بالرسول الأعظم صلوات الله عليه وآله وسلم ورسالته العظيمة في مواجهة التحديات المعاصرة للأمة والانتقال بالأجيال إلى جيل جهادي قرآني يستنير بنور الله ويرتبط برسوله العظيم .
وبيّن الشامي أن اللجنة العلمية المكلفة من اللجنة الإشرافية للمؤتمر الدولي الثاني للرسول الأعظم محاور رئيسية لتحقيق أهداف المؤتمر متمثلة بالمحور الثقافي والاجتماعي والسياسي والإداري والمحور الاقتصادي والتربوي والتعليمي، والمحور المهني والحرفي والإعلامي والأمني والعسكري.
مضيفاً أن عدد استمارات المشاركة التي تقدمت للمؤتمر بلغت ١٦٧ استمارة، حيث قبل من الخطط ١٣٤ خطة ورفضت ٣٣ خطة، وفي المرحلة الثانية وصلت الإلحاق المحكمة إلى ١٢٦ بحثاً منها ١٢١ بحثا محلياً خمسة أبحاث من دول أخرى خارجية، وقبل من مجمل الأبحاث ١٠٧ أبحاث ورفض ١٩ بحثاً وتأخر عن التسليم ٨ بحوث.
ونوه الشامي أن المؤتمر سيعمل على تحقيق الأهداف الرئيسية لهذا العام خصوصاً وأن المشاركات من ٤٣ جامعة ومركز دراسي وبحثي وكليات أكاديميات متخصصة، وفق هدى الله الذي قدمه القرآن وما قدمه السيد الشهيد القائد في دروسه وما يقدمه السيد القائد عبد الملك الحوثي، وأهمية الاستفادة من البعد العملي في حياة الرسول الأعظم في واقعنا المعاصر، وتصحيح النظرة للسيرة النبوية من سرد تاريخي وأرقام وتواريخ كدليل عملي للحياة يكون قادراً على النهوض بالأمة من واقعها وانطلاقاً من حركة الرسول الأعظم صلوات الله عليه وآله وسلم، كما سيسقط المؤتمر الضوء على منهجية الرسول في الصراع مع أعداء البشرية وتقديم النموذج النبوي في إدارة الصراع مع أهل الكتاب من اليهود والنصارى، كما سينطلق المؤتمر وفق الشامي وبجهود الجميع للاستفادة من الأبحاث لإصلاح الخلل وتقويم الاعوجاج وكل الإشكاليات التي تعاني منها الأمة، ورفد مؤسسات الدولة بمختلف تخصصاتها بالأبحاث والدراسات التي تمكنها في بناء الدولة وتقديم النموذج الإسلامي الصحيح.
فيما أشاد أمين عام شورى العلماء في العراق العلامة يوسف الناصري في مداخلة عبر دائرة تلفزيونية بموقف اليمن المشرف في إسناد الشعب الفلسطيني وكسر شوكة العدو الصهيوني.. لافتا إلى أهمية هذا المؤتمر الذي ينعقد في مرحلة حساسة تمر بها الأمة لاستعادة عوامل قوتها المتمثلة في العودة والارتباط الوثيق بالرسول الأعظم.
وأشار إلى أن الرسول الكريم استطاع أن يبني حضارة إسلامية غيّرت مجرى التاريخ بعد أن كان العرب مجرد بدو رحل غارقون في الجهل والظلام.
ويهدف المؤتمر الذي تنظمه الجمعية الخيرية لتعليم القرآن الكريم على مدى ثلاثة أيام إلى إبراز جهود الشهيد القائد والسيد القائد في تصحيح النظرة إلى الرسول الأعظم وتسليط الضوء على الأبعاد العلمية في شخصية الرسول والاستفادة منها في الواقع المعاصر إلى جانب تصويب النظرة للسيرة النبوية وتحويلها من مجرد سرد تاريخي إلى دليل عملي لإدارة الحياة، ومنهجية الرسول الكريم في ميدان الصراع مع أعداء البشرية.
كما يهدف المؤتمر إلى العمل على تعزيز النموذج النبوي في الصراع مع أهل الكتاب، واستنهاض الأمة الإسلامية للدفاع عن الرسول الأعظم وعن المقدسات الإسلامية، وتوحيد الفهم الصحيح لسيرة الرسول الأكرم وربطها بواقع المسلمين اليوم، والانطلاق من المؤتمر لإصلاح الخلل وحل الإشكاليات التي تعاني منها الأمة إلى جانب رفد مؤسسات الدولة بأبحاث ودراسات تعينها في بناء الدولة اليمنية الحديثة وتقديم النموذج الإسلامي الصحيح.
ويناقش المؤتمر على مدى ثلاثة أيام 107 أبحاث تتوزع على محاور المؤتمر السبعة وهي “الثقافي والاجتماعي، والسياسي والإداري، والاقتصادي، والتربوي والعلمي، والمهني والحرفي، والإعلامي، والأمني والعسكري، وذلك بمشاركة واسعة من قبل الباحثين والأكاديميين والعلماء والمثقفين من داخل وخارج اليمن.
تخلل افتتاح المؤتمر فقرة إنشادية لفرقة الرسالة، وقصيدة للشاعر بديع الزمان السلطان جسدت واقع الأمة وما حل بها من انتكاسة نتيجة ابتعادها عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
تصوير/ فؤاد الحرازي