متقدمة على حزب الله في الشمال وغزة في الجنوب وفق تقييم صهيوني أمني
الضفة الغربية تتقدم إلى المرتبة الثانية في قائمة الأخطار المحدقة بـ «إسرائيل»
باحثون: التراكم هي المعادلة القائمة في الضفة والهاجس الأكبر الذي تخشاه إسرائيل
المراسل العسكري لصحيفة «معاريف» العبرية: «تهديد العبوات بات مقلقاً جدًا للجيش، ويعيد للأذهان ذكريات جنوب لبنان»
باحث ومسؤول أمنى سابق: «قد لا ينتبه الجيش هذه المرة للمفاجأة الاستراتيجية التي قد تتطور تحت أنفه في الضفة الغربية»
الإعلام الصهيوني: المقاومون في المخيمات وبأعمار صغيرة يتعلمون إعداد عبوات ناسفة بأوزان مختلفة قد تصل إلى 50 كيلوغراماً
الثورة / تقرير / إبراهيم الوادعي
كشف الرئيس السابق للشاباك نداف أرغمان أن الأولوية يجب أن تكون لإعادة المختطفين ووقف الحرب ونقل الثقل إلى الشمال والضفة الغربية.
وقال: “مشكلتنا الرئيسية هي مع إيران، وكل ما تبقى هو مشاكل يجب الاهتمام بها لاحقاً.. الأمر الثاني هو قضية يهودا والسامرة (التسمية العبرية للضفة الغربية)، التي بدأت تغلي، وقد يكون أمامنا وضع صعب للغاية، وطبعا تحييد حزب الله في لبنان، هذه أمور تهددنا بشكل مباشر.
والسؤال: ما الذي اكتشفه الكيان الإسرائيلي ومسئولوه الأمنيون عقب عملية عسكرية عُدت الأعنف في الضفة منذ 2002م لتصبح الضفة الخطر الثاني على الكيان و خطر حزب الله إلى المرتبة الثالثة وفق ترتيب الرئيس السابق للشاباك .
خطر حزب الله على الكيان الإسرائيلي، لا يحتاج إلى الكثير من الحديث حوله ، سماحة السيد حسن نصر الله واضح في خطاباته حول قدرة الحزب على زعزعة وجود إسرائيل، واحتلال الجليل شمال فلسطين المحتلة، وكل ما ينتظره حزب الله وقيادته ومجاهديه الشرفاء هو نضوج الظروف المحيطة ليكون جهده مثمراً في اقتلاع الكيان وليس زعزعته فقط بالنظر إلى الرعاية الغربية التي بدت واضحة خلال ال11 عشر شهراً الماضية منذ السابع من أكتوبر، وبشكل جلي في التصدي للرد الإيراني على الاعتداء على القنصلية الإيرانية في دمشق، وحالياً نشر المنظومات الغربية وحشد الحلفاء الغرب والعرب للدفاع عن إسرائيل، وتلك عقدة لا تخفيها اليمن .
السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي تحدث في أكثر من خطاب أن الرد اليمني على اعتداء الكيان الإسرائيلي على الحديدة يستلزمه الانتصار وتجاوز 5 منظومات تصد للصواريخ للأسف 3 منها عربية وهي السعودية والأردن ومصر، يتبقى منظومتي الدفاع الأمريكية في شمال البحر الأحمر ومنظومة الدفاع الإسرائيلية، وعند الحديث عن كل منظومة بتفصيل فسيكون الحديث حينها عن طبقات متعددة لكل منظومة لدى كل دولة.
وبالعودة إلى تصريحات رئيس الشاباك حول الضفة الغربية، فهي أتت بعد 48 ساعة فقط من انتهاء العملية العسكرية الإسرائيلية على مناطق شمال الضفة الغربية جنين ومخيمها طولكرم ومخيميها، نابلس طوباس والأغوار، وهي مناطق هاجمها الجيش الإسرائيلي بعدد من الكتائب وحاصر جنين وطولكرم ودمر ما يزيد عن 80 في المائة من البنية لتحتية في المدينتين والمخيمات، ما استدعى فلسطينياً إعلان جنين ومخيمها وطولكرم ومخيمها منطقة منكوبة.
نجح الجيش الصهيوني في قتل عدد من المقاومين وبينهم قائدين في السرايا والقدس وأبرزهم محمد جابر أبو شجاع القيادي في كتيبة سرايا القدس مخيم نورشمس والذي ظل ملاحقاً من قبل قوات العدو لما يزيد عن 10 أعوام .
لكن بالنظر إلى واقع العملية الصهيونية برمتها فهي لم تختلف عن العمليات الأمنية والاقتحامات المحدودة بالنظر إلى تفاصيل سير العملية العسكرية ومجريات أيامها الـ 10، وكل ذلك ترافق مع تهديدات رغم التجييش والتحريض السياسي المتزامن مع العملية وبينها تهجير الفلسطينيين كخيار حاسم للتعامل مع خطر الضفة، ولا تمثل إضافة ذات قيمة في تاريخ الجهود الإسرائيلية منذ الثمانينات في العمل داخل الضفة مع نهضة العمل الإسلامي لتصدر المشهد المقاوم في فلسطين.
خلال العملية العسكرية على شمال الضفة فاجات المقاومة الفلسطينية العدو بعمليات نوعيه جنوب الضفة، وبينها عمليتان استشهاديتان، ما أجبر العدو على لملمة أوراق وأيام العملية ليعلن عن اختتامها مؤقتاً، ويبدأ التقييم من جديد لواقع الضفة ، ويبدو أن تصريحات رئيس الشاباك تكشف سلبية التقييم الصهيوني للضفة وبأن واقع المجموعات المقاومة تجاوز قدرة الحسم الصهيوني ، وإن كانت العملية العسكرية الإسرائيلية مسّت بنية بعض المجموعات المسلحة إلا أن التاريخ الفلسطيني أثبت أنها سريعاً ما تتعافى وتعود ، وخلال العملية العسكرية الأخيرة عاودت كتيبة نورشمس شن عملياتها بعد ساعات من مقتل قائدها أبو شجاع، بمعنى أننا لن نكون أمام وقت طويل للانتظار لتعود شرارة المواجهات قوية في شمال الضفة .
قضبة التراكم هي المعادلة القائمة في الضفة والهاجس الأكبر الذي تخشاه إسرائيل ولذا تتعامل عقب كل حدث مقاوم بمنتهى الغلظة معتمدة سياسة جز العشب في ملاحقة المقاومين وقتلهم، إضافة إلى ترهيب المجتمع لإبقائه بعيداً عن احتضان الفعل المقاومة وتشكيل رئة للمجموعات المقاومة التي تكاثرت فعليا، وهذا العنصر لم يعد لصالح الكيان ذ أشار استطلاع نشره المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية، في يونيو 2023، أن 71%من الفلسطينيين يؤيدون تشكيل المجموعات كعرين الأسود وكتيبة جنين.
• تحولات نوعية
وتشير ورقة عمل فلسطينية حول العمل المقاوم في الضفة الغربية إلى تحولات شهدها العمل المقاوم في الضفة الغربية خصوصاً بين عامي 2022م و2024م
– ثمة تحول وقع خصوصاً في الأشهر الأخيرة أبان طوفان الأقصى بدا ملموساً
1- التطور في صناعة العبوات الناسفة والمتفجرات والتي بدأت توقع قتلى وإصابات بليغة بالآليات العسكرية للاحتلال، لا سيما في جنين وطولكرم وطوباس شمال الضفة الغربية.
ويورد الإعلام الصهيوني هنا أن المقاومين في المخيمات وبأعمار صغيرة يتعلمون إعداد عبوات ناسفة بأوزان مختلفة قد تصل إلى 50 كيلوغراماً، بكلفة لا تتجاوز 1000 شيكل (أي نحو 300 دولار)، وتنجح بإصابة أو قتل جندي أحياناً، لكنها غالباً ما توقع خسائر مادية في آليات الاحتلال المصفحة سواء الجرافة المعروفة»D9» أو آلية «النمر» التي يُقدر ثمنها بأكثر من ثلاثة ملايين دولار، مع الأخذ بعين الاعتبار أن صناعة هذه العبوات في تطور مستمر.
2- عودة العمليات الاستشهادية داخل أراضي الـ 48 عملية تل أبيب الأخير مثال، أو في الضفة عمليتي الخليل جنوب الضفة ضد مستوطنات غوش عتصيون، وعكستا حرفية المنفذين.
– طرأ تحول في إطار عمل مجموعات المقاومة عبر وجود تنسيق بين المجموعات القائمة، ويمكن التمييز بين ثلاثة مستويات من التنسيق:
1 – داخل المنطقة الواحدة، مثل التنسيق بين العرين وكتائب بلاطة وكتيبة نابلس أثناء اقتحامات قبر يوسف وفي جنين التنسيق منظم أكثر بين الكتائب، وهناك غرفة عمليات مشتركة بين لواء الشهداء وكتيبة جنين والقسام.
2 – التنسيق التنظيمي، بين أذرعة التنظيم الواحد، كما في حالة كتيبة جنين – سرايا القدس، وكتيبة طوباس – سرايا القدس، ويظهر التنسيق من خلال البيانات المشتركة والميدان.
3 – تنسيق متعدد المناطق، ويكون بين مجموعات ليست ضمن المناطق نفسها، مثل مجموعات سرايا القدس ولواء الشهداء في جنين والعرين في نابلس وكتيبة طوباس وكتيبة طولكرم
• تحذيرات متتالية
آفي أشكنازي المراسل العسكري لصحيفة «معاريف» العبرية، ذكر أن «الأيام الأخيرة شهدت سقوط العديد من الجنود والضباط بمناطق مختلفة من الضفة، عبر إطلاق نار أو تفجير عبوات ناسفة، خاصة جنين ومخيم نور الشمس قرب طولكرم، ما يعني أن تهديد العبوات بات مقلقاً جدًا للجيش، ويعيد لأذهانه تلك الفترة العصيبة التي تواجد فيها الجيش في جنوب لبنان في حقبتي الثمانينيات والتسعينيات، حيث درّب الإيرانيون حزب الله على استخدام العبوات الناسفة لإلحاق الأذى بقوات الاحتلال، والتسبّب في سقوط العديد من الخسائر البشرية في صفوفه».
وزعم أن «البصمة الإيرانية تظهر بوضوح في الضفة الغربية، سواء في تدفق الوسائل أو التدريب.
ونختم مع أفنير بارنياع الباحث في مركز أبحاث الأمن القومي بجامعة حيفا، ومسؤول سابق في جهاز الشاباك، والذي كان أكثر خوفاً وحذّر «من تكرار مفاجأة اندلاع انتفاضة الحجارة الأولى أواخر 1987، وقال : قد لا ينتبه الجيش هذه المرة للمفاجأة الاستراتيجية التي قد تتطور تحت أنفه في الضفة الغربية، لأن إحدى سمات الفشل في السابع من أكتوبر أنه رغم وجود معلومات استخباراتية جيدة في ما يتعلق بنوايا حماس للقيام بغزو واسع النطاق للمستوطنات المحيطة بغزة وخارجها، فإن الافتراض الأساسي للمؤسسة الأمنية ظل كما هو، أنه لن يحدث ذلك، ولم نتصور احتلال واستيلاء حماس على مناطق في الداخل المحتل من خلال هجوم متزامن».
وفي الخلاصات.. من شأن اشتعال الضفة الغربية تغيير توازنات المعركة ليس على مستوى غزة فقط وإنما أحداث مفاجأة كبرى على مستوى المنطقة، تغير معادلات المواجهة بين المحور الأمريكي ومحور الجهاد والمقاومة، ولذا تتوالى تحذيرات القادة الأمنيين الصهاينة لرئيس الحكومة المجرم نتنياهو بالموافقة على صفقة إنهاء القتال في غزة ونقل الثقل إلى الضفة الغربية والشمال.