الكيان الصهيوني كيان وظيفي يلفظ أنفاسه الأخيرة ، وهناك توقعات كثيرة تصدر عن محللين تؤكد حقيقة زواله الوشيك ، الجنرال الإسرائيلي المتقاعد إسحاق بريك في آخر تصريح له يقول فيه ” إذا استمرت حرب الاستنزاف ضد حماس وحزب الله ستنهار إسرائيل في غضون عام واحد”. وهو محق في هذا لماذا ؟
لأن هذا الكيان استمد مقومات نشأته ووجوده، ناهيك عن بقائه من الخارج، وتم زراعته ككيان وظيفي في المنطقة يخدم مصالح قوى الهيمنة والنهب الاستعماري.
ومنذ فجر التاريخ حتى اليوم شهد العالم دورات متعاقبة من الصراع بين قوى مهيمنة وقوى صاعدة ويتخذ الصراع شكل التنافس ما من شأنه أن يحول دون فقدانها مكانتها وقوتها وصعود غيرها، وبقاء خرائط العالم الجيوسياسية كما رسمتها الصراعات السابقة.
وخرائط منطقة الشرق الأوسط والعالم الجيوسياسية الحالية جاءت نتاج الحرب العالمية الأولى تعدلت نوعاً ما بصورة طفيفة بعد الحرب العالمية الثانية وعادت إلى سابق عهدها بعد سقوط جدار برلين وانهيار الاتحاد السوفيتي وأطرافه.
وجاء نشأة الكيان الصهيوني بدعم وإسناد من قوى الهيمنة الغربية في سياق الحاجة إليه ككيان وظيفي يحمي المصالح الغربية في المنطقة وخط دفاع أخير لها.
ولم يكن الكيان الصهيوني الكيان الوظيفي الوحيد في منطقة الشرق الأوسط ، بل أنشأت قوى الهيمنة الغربية كيانات وظيفية أخرى في المنطقة ، تميز الكيان الصهيوني عنها بكونه خط دفاع أخير للمصالح الغربية يحمي كياناته الوظيفية الأخرى ” خطوط دفاعه الأولى” من السقوط.
نعود إلى سؤالنا الأنف لماذا الكيان الصهيوني زائل؟
لأنه استمد نشأته ووجوده المصطنع ، ناهيك عن بقائه من خارجه، وهذا الخارج المتمثل بقوى الهيمنة الغربية، والأخيرة تشهد أزمة بنيوية حادة بسبب صحوة الشعوب في الدول المستعمرة، وتنامي الرفض لها.
بالإضافة إلى ذلك أن ميزان الدفاع الاستراتيجي للكيان اختل لصالح تفوق محور المقاومة ، حيث بات الكيان مغلولاً ومشلولاً اقتصادياً ويعيش المستوطنون خوفاً وقلقاً أمنياً لن يستطيعوا التعايش مع هكذا وضع طويلاً . إنه صراع ثقافي بين ثقافتين ، ثقافة المستوطن الغارق في الدنيا وملذاتها وحب الحياة، وثقافة المقاومين المجاهدين المؤمنين الزاهدين في الدنيا ولا تغرهم مباهج الحياة وملذاتها، واغلى أمانيهم أن ينالوا الشهادة، ويكسبوا رضا الله ورضوانه.
وعليه فإن ثقافة المستوطنين كلما طالت الحرب واستطالت لن تدفعهم إلاّ إلى مزيدٍ من الاستقرار في اليأس والهزيمة النفسية، ويبدأون التفكير في الهروب إلى ملاذات آمنة لحياتهم، وما إن يجدوها سيرحلون إلى غير رجعة.
استاذ فلسفة العلوم ومناهج البحث في قسم الفلسفة -كلية الآداب- جامعة عدن