الحياد لأنظمتنا العربية!!

يكتبها اليوم / مطهر الأشموري

 

الطبيعي أن طوفان الأقصى وجرائم الإبادة الجماعية الممارسة إسرائيلياً في غزة والدمار والتدمير، يجعل غزة منطقة غير صالحة للحياة، وذلك يعطي محور المقاومة تأييداً شعبياً واسعاً حتى في البلدان التي لا تخرج فيها مظاهرات ولا تسمح بالتظاهر..

الأنظمة العربية تحديداً تعي وتعرف هذه الحقيقة في واقعها والدليل أنها لا تمارس العداء علنياً لفلسطين أو للقضية الفلسطينية فيما تطبيعها مع إسرائيل من فوق ومن تحت الطاولة يجسد أنها في السير مع إسرائيل، فهي تريد إنهاء القضية الفلسطينية وتتجنب إعلان ذلك سياسياً وإعلامياً لما يمثله من إحراج أمام الشعوب أو الشارع العام..

إذا استرجعنا فترة المد القومي اليساري فهذا المد لم يكن فقط يهاجم الأنظمة بل كان يهدد ويسعى لإزالتها تحت عنوان الرجعية والإمبريالية وربطاً بالاستعمار..

محور المقاومة ليس من هذا المد ولا يمارس العداء بأي قدر تجاه الأنظمة وبالتالي فهو لا يتبنى تحريض الشعوب على أنظمتها ولا يريد أو يدعم انقلاباتها بل رؤيته البعيدة أن الانقلابات لا تخدم الشعوب في واقعها وقد تضر بالقضية الفلسطينية أكثر مما تفيد..

ولهذا .. فإن نجاح الصين في اتفاق إعادة العلاقات بين إيران والسعودية لم يرتكز أو يركز على أحادية العداء أو إقامة علاقات مع إيران أو التطبيع مع إسرائيل لأن الأنظمة المطبعة مع إسرائيل كالإمارات لديها علاقات دبلوماسية مع إيران، كما أن مصر تقاربت كثيراً مع إيران بمستوى من إعادة العلاقات وكأنما إسرائيل و “نتنياهو” يمارسان شعار العداء لإيران والترويج له عربياً وكأنها تتحدث نيابة أو باسم أنظمة عربية..

المشكلة بالنسبة للأنظمة هي في حدوث الحرب في أوكرانيا ربطاً بطوفان الأقصى والأنظمة قد سارت إلى تفعيل السيناريو الأمريكي الذي يقضي باعتبار كل من يخالف أمريكا أو يعادي “إسرائيل” هو إرهابي ويجب اجتثاثه واقتلاعه وهذا يمثل التزاماً تجاه إسرائيل باقتلاع المقاومة الفلسطينية وإبادة الشعب الفلسطيني إن قررت ذلك إسرائيل..

الحملة العربية الإعلامية ضد حزب الله في حرب 2006م، ومن ثم إدراج حزب الله في قائمة “الإرهاب” يقدم الالتزام العربي الرسمي لحماية إسرائيل من المقاومة الفلسطينية ومن أي مقاومة ترفع شعار العداء لإسرائيل..

ولهذا فأفضلية أو أمنيات أنظمة عربية غير قليلة هو انهزام المقاومة ومحور المقاومة وإنهاء القضية الفلسطينية على هذا الأساس، فيما المقاومة ومحور المقاومة يسعون لنصرة فلسطين وانتصار المقاومة ولكنها ليست في وادي تفكير القلب والانقلابات على أنظمة كما كان خلال المد القومي اليساري أو الأممي..

ولهذا فالأنظمة وقد باتت مقيدة بالتزامات لأمريكا وإسرائيل فهي تستطيع رفع سقف موقفها الفعلي والممارس إلى حياد حقيقي، حتى وإن ساوى ذلك بين المجرم والبريء وبين الجلاد والضحية..

من لا يستطيع دعم الشعب الفلسطيني ومقاومته وربطاً به محور المقاومة، فعليه على الأقل أن لا يستهدف فلسطين الشعب والقضية وأن يوقف كل التآمرات والمؤامرات لأنه لا يليق في ظل قتل الشعب الفلسطيني بالتجويع كسلاح للقتل أن تتطوع أنظمة عربية لتفتح خطاً برياً لمد إسرائيل بما تطلبه وما تحتاج..

وإذا كان تآمراً كهذا يمارس بالظاهر فكيف يتوقع ما يمارس من تآمر ومؤامرات فيما لا يظهر؟.

على الأنظمة أن تقتنع باستحالة الاجتثاث للمقاومة ولمحور المقاومة وأن ترفض الاستمرار أو حتى الاستمرار للمؤامرات والتآمرات مع إسرائيل وضد فلسطين فذلك ليس في صالح الأنظمة ذاتها على مدى قريب ومتوسط أو حتى بعيد، فهل للأنظمة أن تفكر بأفق ووعي مثل هذا الأساس والمقياس؟.

لاحظوا أنني فيما طرحت لم أنطلق من أي تطرف مع المقاومة ومحور المقاومة مع حقيقة أن موقفي هو مع هذا الطرف ولم أنطلق كذلك من تطرف عداء للأنظمة بما في ذلك النظام السعودي، ربطاً بما مارسه من إجرام وجرائم في اليمن وباستمرار تفعيل التآمر والعداء تجاه اليمن بما يماثل سلوك إسرائيل تجاه الشعب الفلسطيني لأن أفضليتي ومفاضلتي هي فلسطين في البداية وفي المنتهى.!!

قد يعجبك ايضا