الثورة/ أحمد السعيدي
بينما يتطلع الشعب اليمني لحل الملف الاقتصادي للوصول إلى السلام الشامل، يقدم بنك حكومة المرتزقة في عدن على اتخاذ خطوات تصعيدية تستهدف البنوك التجارية والعملة القانونية، ليعلن تصعيد الحرب الاقتصادية على الشعب وتقويض كافة مساعي الفترة الماضية لإنهاء أزمة الانقسام المالي بما يفضي إلى حلول لإعادة تصدير النفط والغاز وإنهاء معاناة اليمنيين الناتجة عن توقف صرف المرتبات وبذلك يضاعف الأزمة الإنسانية التي ألقت بظلالها على المواطنين في المناطق المحررة وحتى مناطق سيطرة المرتزقة التي تكتوي هي الأخرى بارتفاع الأسعار وغياب الخدمات وتدهور سعر العملة الوطنية…
خلفية سياسية
طرح قرار البنك المركزي في عدن بوقف التعامل مع عدد من البنوك التجارية التي تتخذ من صنعاء مقرا رئيسيا لها الكثير من التساؤلات حول التداعيات السياسية والاقتصادية للقرار في ظل الظروف القاسية التي يعيشها الشعب اليمني، فماذا وراء قرارات بنك عدن الأخيرة.. وهل تلك الخطوة اقتصادية أم أنها سياسية وتحمل المزيد من الضغوط على المجلس السياسي لتقديم تنازلات من أجل تسوية سياسية قد يجري الإعداد لها؟…الجواب أعلنته صنعاء عبر قائد الثورة السيد عبد الملك الحوثي الذي اتهم الولايات المتحدة والسعودية، التي تقود التحالف العربي، بالسعي لنقل مقرات البنوك والمصارف التجارية من صنعاء إلى عدن، للضغط على صنعاء لتغيير موقفها الداعم للفلسطينيين في مواجهة الجيش الإسرائيلي بقطاع غزة، وأعتبر السيد عبد الملك ان الضغط على البنوك في صنعاء، يأتي ضمن الخطوات الأمريكية دعمًا للكيان الإسرائيلي.. وأن الأمريكي يحاول أن يورط السعودي في الضغط على البنوك في صنعاء، وهي خطوة عدوانية ولعبة خطيرة”، ونصح قائد الثورة، السعودية بـ”الحذر من الإيقاع بها من قبل الجانب الأمريكي خدمة للعدو الإسرائيلي”، معتبرًا أن “استهداف البنوك في صنعاء، عدوان في المجال الاقتصادي”، محذرًا من أنه “إذا تورط السعودي خدمة لإسرائيل، سيقع في مشكلة كبيرة”.
خطوة فاشلة
خبراء من جنوب الوطن اعتبروا هذه الخطوة فاشلة واعتبروا استقرار الوضع الاقتصادي في المناطق التي يسيطر عليها المرتزقة مرهون بالدرجة الأساسية باستدامة الموارد العامة السيادية، وفي مقدمة ذلك استعادة تصدير النفط الخام وتوريد قيمة المبيعات إلى البنك المركزي في عدن بدلاً من البنك الأهلي السعودي، ورفد خزانة البنك المركزي بوديعة دولارية، وعلاوة على ما سبق يجب على بنك المرتزقة أن يضبط عمليات المضاربة بالعملة الأجنبية في الأسواق المحلية، والقصد من ذلك ضبط مهام واختصاص مؤسسات وشركات الصرافة التي أصبحت تمارس أدوار ليست من اختصاصها، فيما ارجع ناشطين أن هذا القرار لن يفيد في تحسين الوضع الاقتصادي في المناطق المحتلة دون معالجة الفساد الذي استشرى في مؤسسات ما يسمى الشرعية حيث أن الفين مسؤول من حكومة المرتزقة يتواجدون في مصر وحدها وغالبيتهم دونما أعمال أو صفات حقيقية ولا يمارسون أي نشاط حكومي ويتاقضون رواتب بالعملة الصعبة إضافة إلى إعاشة شهرية، وبحسب حديث لرئيس مجلس إدارة البنك الأهلي اليمني بعدن د. محمد حسين حلبوب فان هذه الإعاشة لجميع المسؤولين تصل إلى 815 مليار ريال يمني فيما تصل الرواتب لهؤلاء 12 مليون دولار شهريا من خزينة الدولة أي بما معناه 25 % من الميزانية تذهب إلى هؤلاء دون ان يمارسوا أي مهام، ولذلك فان 71% من ميزانية حكومة المرتزقة تذهب إدراج الرياح.
أزمة إنسانية
يشكل عمل التحويلات المالية والأسواق المحلية ركيزة أساسية للمواطن اليمني في ظل اعتماد النسبة الأكبر من الأسر اليمنية على تحويلات من خارج البلاد، وعلى المعونات من الأقرباء وغيرهم، حيث تشتد وطأة الأزمة الإنسانية التي تقدر فيها الأمم المتحدة حاجة أكثر من ثلثي سكان البلاد إلى المعونات، وتلقي الحرب الاقتصادية بظلالها على بلادنا لتفاقم من المعاناة، هذا الوضع يجعل عدداً من المواطنين الذين يعتمدون اعتماداً كاملاً على الحوالات التي تأتي من الخارج فيصبحون أمام تحد صعب لا يحسدون عليه، وهناك فئة متضررة أيضاً وهم يعولون أسراً ويفقدون مصدر دخلهم في المواقع الالكترونية حيث تصلهم اتعابهم حوالات بالعملة الصعبة وبسبب اختلاف أسعار صرف الريال اليمني في مناطق سيطرة صنعاء عن مناطق سيطرة حكومة المرتزقة، يضطرون للسفر لمناطق المرتزقة ويخسرون أكثر من نصف مبلغ الحوالة.
مسؤولون في بنوك صنعاء أكدوا أن عبء هذا الصراع سيتحمل تكلفته اليمنيون، حيث سينعكس على ارتفاع لأسعار السلع والخدمات بعد تعطّل عمل البنوك التجارية في تحويل الأموال لشراء واستيراد السلع من الخارج لبلد يستورد حوالي 90 % من احتياجات سكانه.
مضاعفات خطيرة
القرارات والإجراءات التصعيدية لحكومة المرتزقة ممثلة ببنك عدن من شأنها التسبب بمضاعفات خطيرة لن يقتصر ضررها وتأثيرها السلبي على القطاع المصرفي وحده بل سيمتد ليصيب جميع وحدات النشاط الاقتصادي في أرجاء البلاد، والإضرار بالحياة المعيشية للمواطن، وبعيدا عن التبريرات الواهية التي ساقها بنك عدن لاتخاذ مثل هذه القرارات، فإن المعطيات على الواقع الاقتصادي تؤكد بما لا يدع مجالا للشك أن هذه القرارات وما يتبعها من خطوات وإجراءات سيكون لها تأثيرات سلبية على اقتصاد البلد والنظام المالي والمصرفي برمته بما في ذلك بنك عدن نفسه، ولن يكون لهذه القرارات أي مردود سوى إحداث المزيد من الشرخ ومضاعفة الانقسام المالي في بنية السلطة النقدية وشل فاعليتها وإضعاف دورها التنظيمي والإشرافي، وعجزها عن إدارة السياسة النقدية، في حين لن يقود التمادي والإصرار على تنفيذ هذه القرارات غير المدروسة سوى إلى المزيد من الأعباء المالية التي تثقل كاهل القطاع المصرفي وتفاقم معاناة الشعب في كافة المحافظات نتيجة ما يمكن أن تتسبب به من انهيار للنظام المالي والعملة الوطنية.
خبراء اقتصاديون
أما فيما يخص فاعلية هذه القرارات أكد خبراء اقتصاديون أن مصيرها هو الفشل تماما مثلما فشلت كل قرارات هذه الحكومة الفاسدة وبنكها العاجز طيلة السنوات الماضية، مستدلين بإخفاق إجراءات بنك عدن لاحتكار السوق المصرفي في شبكة تحويلات موحدة تم تأسيسها بدعم فني من وكالة التنمية الأمريكية قبل نحو عامين، وبحسب الخبراء فإن مرتزقة العدوان يطمحون من خلال هذه الإجراءات للتحكم بكافة الحوالات الخارجية بما يتيح لهم التحكم بأهم مصادر الدخل الوطني من العملات الصعبة والتي أبرزها تحويلات المغتربين، وهو ما لن يتحقق مهما حاولت ترهيب البنوك التجارية والإسلامية، فقد سبق وأن فشلت أكثر من مرة في هذا الجانب، وعلى الرغم من مضي وقت طويل على صدور قرار بنك عدن بشأن العملة الوطنية، والذي كان يسعى من خلاله لإثارة الهلع لدى المواطنين ودفعهم لتسليم كل مدخراتهم من تلك الأوراق النقدية، إلا أن هذا القرار لم يحظ بأي اهتمام أو تجاوب من المواطنين نتيجة عدم ثقتهم ببنك عدن وما يصدر عنه من قرارات عشوائية هدفها الانتقام من عملة واقتصاد البلد والوصول به إلى الانهيار التام، حيث يواجه ما يسمى بنك عدن أزمة سيولة خانقة تدفعه بين الحين والآخر للمضاربة بالعملة الأجنبية عبر سلسلة من المزادات العلنية لبيع احتياطياته من الدولار بأعلى سعر متسببا في تراجع قيمة العملة غير القانونية أمام العملات الأجنبية إلى مستويات غير مسبوقة، وصلت مؤخرا إلى 1730 ريالا للدولار الواحد.