يمكنها أن تحارب الفقر وتحمي الفقراء


عندما يقرر مجتمع أن يتجه نحو التنمية فإن كل الأشياء تصبح جزءاٍ من مشروعه ومعيناٍ له على السير في خطاه – في فيتنام الدولة التي أنهكتها الحروب قررت التحول وهاهي تتجه للاستفادة من كل محيطها ولديها مثلا مشروع لتطوير خطة إعادة زراعة المنجروف ب200 مليون دولار في بعض مناطقها بالتعاون مع القطاع الخاص نظراٍ للأهمية العالية لهذه الشجرة التي لاتعني في بلادنا غير طعام للإبل أو للنار ويتم اعتبارها أقل قيمة من أي شجرة أخرى ولتأكيد ذلك قالت إحدى الدراسات إن اليمن خسرت خلال 15 سنة نسبة 13% من مساحة غابات المنجروف كما تبين الصور القادمة من الأقمار الاصطناعية .

هذه الشجرة التي تنمو في المناطق الاستوائية ولا تحتاج إلا إلى سواحل عالية الملوحة وأرض رطبة لا تنمو فيها أي أشجار أخرى لا تحب العيش إلا حيث يصعب على غيرها البقاء لأيام تجد صعوبة في الحياة عندنا وتوفير الخدمات لنا لأننا لا نراها . يقول تشومارا أحد الباحثين في تغير المناخ في جامعة ماكجيل مونتريال إنه مازال لدينا الكثير لنتعلمه من الإمكانيات الهائلة لأشجار المانجروف ويؤيده خبراء آخرون أن فؤائد المانجروف طويلة الأجل وتفوق مكاسب قصيرة الأجل للتنمية في كل منعطف.
مهما اوردنا من آراء المتخصصين فلن تنجو أغصان هذه الشجرة من فؤوس لا يهمها غير رؤية المساحات الخضراء قاحلة .
المهندس أنور فيصل الحميري وكيل هيئة حماية البيئة أراد الاقتراب من هذه الشجرة وقام بتتبعها ومسارها والخطر الذي يحدق بها في دراسة قيمة وحاول التركيز على القيمة التنموية لهذه النبتة التي يعود تاريخها إلى قبل تاريخنا نحن البشر بملايين السنيين وهي أولى بأرضها من أنانيتنا .
تكافح الفقر
يتحدث أنور عن دور المنجروف في مكافحة الفقر شرط تنميتها ووضع خطة الاستخدام المستدام وستلعب دوراٍ هاماٍ في المجتمعات الساحلية الفقيرة وستصبح هذه المجتمعات قادرة على الاستفادة من الخدمات البيئية لغابات المانجروف الصحية .
فهي حسب أنور محضن للعديد من الأحياء البحرية الاقتصادية كالأسماك والجمبري وبالتالي تزيد من إنتاجية المصائد وتمثل مصدراٍ للأطوار اليافعة للجمبري المستخدمة في الاستزراع كما تمد عدداٍ كبيراٍ من الكائنات البحرية بالغذاء الغني بالبروتين العضوي الناتج عن تساقط أوراقها الذي قد يصل إلى أربعة أطنان للهتكار الواحد خلال العام .
وهناك فائدة يمكن رؤيتها مباشرة حيث توفر حماية لقوارب الصيد من التيارات القوية .
ويذكر الحميري إمكانية توفير فرص عمل كثيرة لأبناء المنطقة من خلال استغلال غابات المنجروف للسياحة البيئية ومزارع الأسماك .
ويبدوا أن أولئك الذين يطلقون جمالهم لتأكل هذه الشجرة وتدمر أغصانها بكل وقت وكلما نمت قليلاٍ يجهلون القيمة العالية لأخشاب المنجروف التي تترك لتنمو جيداٍ وهي الفائدة التي أوردها الحميري بالإضافة إلى أن أخشابها مقاومة للحشرات الثاقبة ومن الفوائد ما كان يقوم به الناس من استخدام للمانجروف في صناعة العقاقير الطبية والمركبات العضوية الهامة.
كما تقوم المانجروف بحماية السواحل من الكوارث الطبيعية ومن النحت والتعرية ومن ارتفاع مستوى سطح البحر وتحمي بيئات أخرى مثل الشعاب المرجانية وبيئات الحشائش البحرية من الرسوبيات والعوالق الآتية مع السيول حيث تساعد جذور النباتات النامية فيها على حماية الشاطئ من الانجراف كما تعمل على تماسك التربة فتمنع انجراف الرسوبيات الشاطئية إلى بيئة الشعاب المرجانية والحشائش البحرية الحساسة وبالتالي تحافظ على هذه البيئات.
ويستشهد الحميري بما قاله خبير في منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (متى لويش ويلكي) والذي اعتبر أن المانجروف تسهم بشكل مباشر لكسب الرزق في المانطق الريفية من خلال المنتجات الخشبية وغير الخشبية للغابات .
أشجار محاصرة
إذا كانت شجرة تقوم بكل هذه المهام الطوعية وتنمو طوعياٍ وتتكاثر بطريقتها الفريدة تحمل بذورها وتلقيها إلى الأرض المجاورة وتنمو هكذا تتعرض للمخاطر والجحود والإزالة من على وجه الأرض فيما دول مثل ماليزيا يعملون على استزراعها صناعياٍ ويدخلون عليها التقنيات لتنمو ببطء وتحظى بكل اهتمام ورعاية .
تعالوا لنتحدث عن المخاطر التي تواجهها هذه الشجرة في بلادنا كما يرويها أنور فيصل في دراسته التي جابت معظم أماكن تواجد المانجروف وهي تهديدات من صنع اليمنيين فهناك أولاٍ رعي الجمال وهو تهديد لكل أنواع المانجروف وتحول قطعان الجمال الأشجار إلى شجيرات منخفضة ومتعددة الجذوع وقد شوهدت عملية تدمير البراعم وأطراف التنفس بواسطة أقدام الجمال كما شوهدت الأشجار مكتملة النمو مع تساقط الأطراف كظاهرة شائعة في أغلب مناطق المانجروف في سواحل اليمن .
ومن المهددات النفايات التي يلقيها الأهالي والزوار ومنها العلب البلاستيكية والأكياس والزجاجات البلاستيكية والمعدنية ويؤدي هذا الى وجود تأثيرات فيزيائية واضطرابات للحيوانات المرتبطة بأشجار المانجروف .
أما أكثر الأضرار التي ذكرتها الدراسة وعبر عنها الحميري “بالتالي يبدو أن الموت الشامل لأشجار المانجروف يمثل مشكلة حقيقية على امتداد السواحل الجنوبية حيث تحدث ظاهرة في أجزاء كبيرة من غابات المانجروف وفي مناطق أخرى تمت مشاهدة موت الجيوب المحلية من الأشجار بسبب طائفة من الضغوط المعروفة وغير المعروفة .
وتحدث المخاطر نظراٍ لقلة الوعي بالأهمية البيئية والاقتصادية للمناجروف بالإضافة إلى قصور القوانين الخاصة بحمايتها والاستخدام المحدود لإجراءات التقييم البيئي .
ننقض عليها
وسط المياه المالحة فجأة تنمو لا تحتاج إلى مياهنا ولا إلى أرضنا تصبح مصدراٍ لحياة الكثير من الكائنات منها نحن البشر ومع ذلك ننقض عليها بقلوب قاسية وأيدُ غليظة لنجعلها جرداء كما لا يحدث في أي بقعة أخرى في العالم

قد يعجبك ايضا