تمر اليوم الذكرى الـ34 لقيام الوحدة اليمنية، في ظل مخططات تآمرية تهدف لتقسيم وتجزئة اليمن، من قبل تحالف العدوان السعودي الإماراتي الذي دخل عدوانه على اليمن عامه الثامن، مستنفراً كل إمكانياته ومرتزقته للقضاء على حلم اليمنيين (الوحدة اليمنية)، حيث تواصل دول تحالف العدوان مخططاتها التفكيكية لتمزيق اليمن، وتقطيع أوصاله إلى كانتونات صغيرة متصارعة، باستخدام أدوات محلية.
الثورة / محمد شرف
فقد عمل النظام الإماراتي على إنشاء ما يُسمى بـ (المجلس الانتقالي الجنوبي) بنزعة انفصالية بحتة، أما عسكريا؛ فأوجد قوات الحزام الأمني بعدن والنخبة الحضرمية في حضرموت والنخبة الشبوانية في شبوة والنخبة المهرية في المهرة والنخبة السقطرية في سقطرى وقوات المقاومة الجنوبية والمقاومة التهامية، وغيرها من المسميات ذات العقيدة الانفصالية .
وظلت السعودية تتوارى خلف حليفتها الإمارات بشأن دعمها لمشروع انفصال جنوب اليمن وتفكيك وتقسيم البلاد، حيث تفضح أفعال السعودية على الأرض نواياها ومخططاتها، فالقوات السعودية تتواجد بنسب متفاوتة داخل الأراضي اليمنية على امتداد الخط الحدودي، ويزداد التواجد بشكل أكبر داخل محافظة المهرة، ومحافظة حضرموت وغيرهما من المحافظات المحتلة، وذلك امتداداً لدور النظام السعودي القديم في التصدي لأي تقارب وحدوي بين شمال اليمن وجنوبه، منذ مطلع السبعينيات، ممولاً الحروب بين شطري اليمن بهدف تعميق لخصومة والقطيعة بين أبناء الوطن الواحد.
في المستجد؛ شهدت المحافظات المحتلة، تحركات علنية وصريحة في طريق إعلان الانفصال عن شمال اليمن، وكذا مساعٍ لتشطير جنوب الوطن المحتل وسط مباركة سعودية وإماراتية .
ففي شهر مايو من العام الماضي، أعلن المجلس الانتقالي الجنوبي الموالي للإمارات في اجتماع له بعدن المحتلة بحضور السفير السعودي، ما تسمى بوثيقة “الميثاق الوطني الجنوبي”، والتي تتضمن إعلان الانفصال عن شمال الوطن، من خلال ما أسماه مشروع إنشاء (دولة فيدرالية جنوبية).
وبعد نحو 8 أيام من ذلك، شهدت محافظة حضرموت اللقاء التشاوري الحضرمي، والذي أصدر بياناً تضمن عدداً من النقاط، أبرزها التأكيد على أن من حق حضرموت المطالبة بدولة مستقلة إذا ما كانت نتيجة أي تسوية إعلان دولة جنوبية، على حد وصفه .
وهو ما دفع المراقبين إلى التأكيد على أن دول العدوان التي تسيطر على مناطق الجنوب والجزر والسواحل اليمنية تعمل بشكل مكثف على تقسيم اليمن إلى عدد من المناطق حيث عملت الإمارات والسعودية على دعم عدد من الميليشيات المختلفة ومساعدتها على إقامة كيانات إدارية خاصة في المناطق الساحلية والمناطق الجنوبية للبلاد.
أكبر جرائم أبوظبي والرياض!
في الوقت الذي تعج فيه تقارير المنظمات الحقوقية الدولية بالكثير من جرائم الحرب البشعة والجرائم ضد الإنسانية التي ارتكبتها دولتا الإمارات والسعودية في اليمن؛ لكن تظل أكبر الجرائم وأكثرها فداحة تقديم الدعم الكامل من أبوظبي والرياض لمشروع الانفصال في اليمن، كهدف استراتيجي يتصدر أجندتهما.
فهدف أبوظبي والرياض الاستراتيجي من العدوان على اليمن ، بدا واضحاً بعد أشهر قليلة فقط من انطلاق العدوان 26 مارس 2015م وتدخلهما العسكري في اليمن وتصدرهما ملف نفوذ التحالف في المحافظات الجنوبية للبلاد، إذ بدت تتبين للشعب اليمني الأهداف الحقيقية للتدخل الإماراتي السعودي في اليمن، التي لم تكن لها أي علاقة بإعادة ما تسمى بالشرعية.
فقد بلغ المخطط السعودي – الإماراتي في اليمن ذروته؛ حيث تحولت مؤشرات المخطط إلى إنشاء كيانات مسلحة ذات عقيدة انفصالية، تضمن نجاح مخططات دول العدوان في مشاريع تقسيمية تخدم المصالح الصهيوأمريكية العليا، تتقاسم فيه الإمارات والسعودية الغنائم عبر وكلاء لهما على الأرض .
فمنذ الأشهر الأولى لتصدرها واجهة التحالف في عدن، عملت الإمارات على إنشاء قوات الحزام الأمني من خليط من الانفصاليين والسلفيين، كما أسست أبوظبي على ذات المنوال قوات ما يعرف بالنخبة الحضرمية، والنخبة الشبوانية شرقاً والنخبة السقطرية والنخبة المهرية، وجميعها تكوينات قامت على أسس مناطقية وجهوية لا تعترف بالوحدة اليمنية، بل كانت تمثل تهديداً حتى على مستوى وجود «جنوب» و”شمال”، إذ أن الواقع يقود إلى شرذمة اليمن إلى ما هو أكثر من ذلك، وهو السيناريو الذي يجري حاليا، من خلال هذه التشكيلات العسكرية التابعة لأبوظبي.
وتواصل أبوظبي دعمها المكثف للانفصاليين عبر المجلس الانتقالي الجنوبي، الذراع السياسية للانفصال الذي يقدم نفسه على أنه السلطة البديلة لما يُسمى بـ «دولة الجنوب»، والتشكيلات العسكرية والأمنية المدعومة منها، التي أخذت تلتهم المحافظات الجنوبية واحدة تلو الأخرى، بما في ذلك العاصمة المؤقتة عدن.
في وقت يؤكد مراقبون أن أطماع الإمارات ومخططاتها الشريرة تتجاوز حتى انفصال جنوب اليمن إلى تقسيم البلاد إلى دويلات، ومن بين ذلك احتلال سقطرى وتحويلها إلى جزء من دولة الإمارات، ومخطط إقامة دولة على الساحل الغربي.
هكذا لعبت الرياض دوراً كبيراً ضد مشروع الوحدة
تاريخياً؛ لعب النظام السعودي دوراً كبيراً في إفشال قيام الوحدة اليمنية، فقد ظلت المملكة السعودية طيلة أعوام ما قبل الوحدة المباركة تضع العراقيل والمخططات الرامية إلى إفشال مشروع الوحدة اليمنية الذي كان يحلم بتحقيقه كافة اليمنيين في أرجاء المعمورة وكان للمملكة السعودية من الوحدة اليمنية موقف سلبي وسيئ جداً سيسجله التاريخ ولن ينسى لها ذلك التآمر القبيح على أحلام اليمنيين .
فالوحدة التي كانت هدفا للشعب اليمني في شمال اليمن وجنوبه منذ ستينيات القرن العشرين حيث كانت الدولتان -آنذاك- قد أنشأتا مؤسسات خاصة لشؤون الوحدة ولكن اختلاف النظام السياسي والاقتصادي كان عاملا معرقلا ولكن العامل الأبرز والمعرقل الأول لقيام الوحدة هم العملاء الذين رفضوا الوحدة مع الجنوب بحجة أن اليمن الجنوبي ماركسي وامتداد للاتحاد السوفيتي، بدعم من النظام السعودي .
لقد كانت السعودية من أبرز المعارضين الإقليميين للوحدة بين شطري اليمن، فبعد المصالحة الوطنية في شمال اليمن، والمصالحة القومية في الخرطوم، تحولت العدائية السعودية من ظاهرها العسكري إلي باطنها التآمري المخابراتي، فحاربت محاولات النضال الوطني في سبيل العمل على تحقيق الوحدة اليمنية، وساهمت في تأزيم علاقات الإخوة بين الشطرين، لتشعل بينهما حربين، مستغلة الظروف الذاتية حينها في الشطرين والتي فجرت حربين بينهما، غير أن التآمر السعودي علي الوحدة تجلي في مؤامرة اغتيال الشهيد إبراهيم الحمدي في 11 (أكتوبر) 1977م، وقبل يوم واحد من زيارته المقررة إلى الشطر الجنوبي للاحتفاء بعيد ثورة أكتوبر وإنجاز خطوات استراتيجية في الاتجاه السياسي نحو توحيد الشطرين، انتصرت الإرادة الوحدوية لدى الحركة الوطنية لتصنع اتفاق الوحدة الاندماجية في 30 (نوفمبر) 1989م، ولتحقق هذه الوحدة في 22 (مايو) 1990م الانجاز الذي أذهل الأسرة السعودية بهول المفاجآت فأسقط قدرتها علي التآمر في الفترة بين اتفاق عدن في (نوفمبر) 1989م، والاجتياح العراقي للكويت في 2 (أغسطس) 1990م، حينها توافرت الفرصة للتآمر السعودي علي الوحدة من البوابة الاقتصادية، حيث تم طرد مليوني عامل يمني، وقد مثلت هذه الجريمة ضد المغتربين اليمنيين في الجوار العربي، مدخلاً للتآمر علي الوحدة من خلال الإنهاك الاقتصادي لدولتها الفتية وإضعاف قدراتها وإفشال مساعيها للنهوض الاقتصادي الشامل، ثم امتد هذا التآمر بأذرعه المخابراتية إلي الداخل اليمني فعمدت إلى تصعيد حدة الصراع ودفعه باتجاه الحرب التي لم تتأخر كثيراً، فانفجرت في صيف 1994م، لتشهد أول محاولة للانفصال، ولتشهد علي التآمر السعودي الذي سارع إلى دعم المحاولة الانفصالية بمليارات الدولارات، وأحدث معدات الأسلحة.
أبوظبي.. دور مشبوه لدعم الانفصال والتقسيم
التمزيقُ والتفتيتُ والتفكيك، مشاريع تقسيمية استماتت قوى العدوان على مدى ثمان سنوات في فرضها على اليمن، واجهها الشعب اليمني بقيادة أنصار الله، مقدمين تضحيات كبيرة، مؤكدين على أن الأرض والإنسان والجغرافيا اليمنية “ترفض الامتهان والتقسيم والتجزئة”، فالشعب اليمني جسد واحد لا يمكن أن يُجزأ أو يقبل القسمة.
لقد وجدت دول تحالف العدوان، بإعلان الحرب على اليمن، فرصة ذهبية في تحقيق مخططاتها التآمرية على وحدة اليمن، بل انها سعت إلى أبعد من ذلك من خلال السعي إلى تقسيم وتفتيت البلاد .
فعلى مدى ثمانية أعوام، عمل التحالف السعودي- الإماراتي على تشكيل قوات عسكرية بمسميات وتفرعات مناطقية وأخرى سياسية، وبحسب تقرير صادر عن لجنة الخبراء التابعة للأمم المتحدة، فقد عملت دول العدوان على تأسيس دويلات داخل الدولة اليمنية .
سياسيا؛ أنشأت أبوظبي ما يُسمى (المجلس الانتقالي الجنوبي) بنزعة انفصالية بحتة، أما عسكريا؛ فأوجدت قوات الحزام الأمني بعدن والنخبة الحضرمية في حضرموت والنخبة الشبوانية في شبوة والنخبة المهرية في المهرة والنخبة السقطرية في سقطرى وقوات المقاومة الجنوبية والمقاومة التهامية، ودعمت كتائب أبو العباس في تعز وسعت لإنشاء حزام امني هناك . لا بد من الإشارة هنا إلى أن الشعب اليمني أصبح اليوم أكثر وعياً وإدراكاً للمؤامرات الخارجية التي تحاك لتقسيم اليمن، فلن يسمح الشعب اليمني بذلك ولن يسمح للمستعمر القديم العودة إلى اليمن لتقسيمه وسيقف أمام كل المؤامرات التي تحاك ضد البلد ليمنع أي تقسيم للبد فاليمن واحد.
أنصار الله.. التصدي لمشروع التقسيم
انطلق العدوان السعودي الأمريكي على اليمن، فجر الخميس 26 مارس 2015م، وكان الهدف هو تنفيذ مخطط قوى العدوان في فرض مشروع تقسيم اليمن بالقوة بعد أن فشلت محاولاته المستميتة في تمريره من خلال عملائه من مرتزقة الداخل .
فقد تصدرت جماعة انصار الله وكل الشرفاء في اليمن، جبهة التصدي لمشروع تقسيم البلاد قبل مارس 2015م؛ من خلال خوضها معركة سياسية لا تقل شراسة عن المعارك العسكرية التي خاضها الجيش واللجان الشعبية طيلة الثمان سنوات الماضية من العدوان .
ونجحت حكومة الإنقاذ بصنعاء في إسقاط تلك الرهانات، من خلال معركة جسد فيها الشعب اليمني العزيز أنصع القيم الدينية والوطنية، وتجلت فيها الحقائق التاريخية والحضارية الضاربة جذورها في أعماق التاريخ، إذ قدم اليمنيون التضحيات الجليلة، وسطروا فلسفة صمود فريد تفوق على تحالف العدوان وآلته العسكرية الحديثة وجحافل مرتزقته، وأصبحت هناك قناعة باستحالة فرض مشروع التقسيم على مناطق شمال اليمن التي تُديرها حكومة الإنقاذ بصنعاء بقيادة مُكون «أنصار الله»، الذي يمتلك مشروعاً وطنياً مناهضاً للوصاية والتقسيم، رافضا أي محاولات ومساعٍ لانفصال اليمن الموحد أو تقسيمه.
صنعاء تؤكد على أن الوحدة الضامنة للجميع
اليوم؛ يستمر زخم ثورة الـ21 من سبتمبر، فهي الثورة التي خلَصت هذا الوطن من مشروع الأقلمة والتمزيق، هي الثورة التي أسقطت مجرمي التكفير والتفخيخ، هي الثورة التي أعادت الهوية الوطنية بعد أن كان المتحكم الرئيسي بالقرار اليمني والحاكم الفعلي هو السفير الأمريكي، هي الثورة التي صححت مسار ثورة ١١ فبراير التي أراد حزب الإصلاح استغلالها من أجل تحقيق مكاسب على حساب جميع أبناء الوطن، هي الثورة التي قامت ضد التدخل الخليجي من خلال المبادرة الخليجية التي شكلت حكومة الظلم والفساد (حكومة الوفاق)، حيث تم تسليم الوطن للوصاية الأمريكية والخليجية و بعد تقسيم السلطة سُلِّم الوطن لأيادي عبدربه العميلة.
ولم تكن مشاريع الانفصال والتقسيم بعيدة عن عيون حكومة الإنقاذ في صنعاء، فها هو رئيس الحكومة الدكتور عبدالعزيز بن حبتور، يؤكد على أن اللقاء التشاوري الذي عقد في مدينة عدن ليس من أجل خير اليمن وإنما لرسم الانفصال، ويضيف أنّ الانفصال ليس الحل بل الوحدة.
وأكد رئيس حكومة صنعاء الدكتور عبدالعزيز بن حبتور أنّ «اليمن مقبل اليوم على مرحلة السلام الذي تحتاجه السعودية والإمارات أكثر من اليمن».
وتابع بن حبتور أنّ «اللا سلم واللا حرب لم يعد مقبولاً لدى صنعاء على الإطلاق وهو ما ينبغي أن يعرفوه جيداً ويعوا تبعاته».
وقال بن حبتور إنّ «الانفصال ليس الحل بل الوحدة، ومن خلال تطوير شكل هذه الوحدة وتطوير الدولة وآلياتها باعتبارها الضامنة للجميع».
وأضاف أنّه «لا يمكن التسليم بأن الانفصال هو الحل لأنه سيخلق للوطن مجموعة من التحديات والمشكلات الكبيرة التي ستؤدي إلى حالة مستمرة من عدم الاستقرار».
وأشار إلى أنّ «الوحدة تضمن لليمن الاستقرار المنشود وتحت سقفها يتفق الجميع على بناء الدولة وفق آليات تشاركية تكفل العدالة للجميع وعدم الانتقاص من حق أي طرف»