بعد عملية “الوعد الصادق” في اللحظات الأخيرة من يوم السبت، الثالث عشر من أبريل/نيسان الماضي، والذي أجريت بنجاح باهر على عمق فلسطين المحتلة مستهدفة مواقع عسكرية إسرائيلية بالغة الأهمية والحساسة وذلك ردا على العدوان الإسرائيلي الأرعن على مكتب قنصلية إيران في العاصمة دمشق والذي كان انتهاكا صريحا وصارخا للقانون الدولي، تناقلت وسائل الإعلام المعادية الناطقة باللغة الفارسية والتي تعتبر في إيران بأنها متحدثة باسم الجيش الإسرائيلي، تناقلت خبرا دعائيا مفاده أن مواقع عسكرية في مدينة أصفهان تعرضت لهجوم إسرائيلي ومن ثم قامت بالتوازي مع مسؤولين إسرائيليين وأمريكيين وإعلامهم بتضخيم كبير للأمر وأعطته حجما أكبر ضمن تقارير وصورة وضيوف الزور، غير أنه ما لبث أن اتضح الأمر وتبين بأن ثلاث طائرات مسيرات صغيرة يستعملها الأطفال الإيرانيون في الحفلات والاحتفالات لالتقاط الصور تحركت في مناطق قريبة من أحد المقرات العسكرية التابعة للجيش الإيراني بمدينة أصفهان وسرعان ما تم تفعيل أنظمة الدفاع الجوي الأرضي واعترضتها وأسقطتها.
بعد ذلك وبعد أن سمع دوي الانفجارات الناجمة عن تفعيل مضادات الدفاع الأرضي، قامت آلة الدعاية العبرية والغربية ومع الأسف بعض الإعلام العربي بتضخيم الخبر أكثر من حجمه الواقع وإظهاره كأن هجوما واسع النطاق حدث من قبل الكيان الإسرائيلي على المنشآت والمرافق العسكرية والنووية الإيرانية الحساسة.
بعد عملية “الوعد الصادق” الأخيرة، حذر المسؤولون الإيرانيون الولايات المتحدة والكيان الإسرائيلي بأنه إذا ما ارتكب الأخير خطأ آخر وقام بعدوان على الأراضي الإيرانية ومصاحلها فإن رد إيران سيكون سريعا وحازما أكبر من عملية الوعد الصادق، والسؤال الذي يطرح نفسه هو: هل سترد إيران على هذا الهجوم الإسرائيلي؟ في رد على هذا السؤال يجب القول بأنه أولا الموضوع قيد التحقيق من قبل الجهات المعنية في إيران وإذا ما ثبت بأنه كان هجوما مخططا من قبل الكيان الإسرائيلي فإن الرد الإيراني آت لا محال، غير أن المسؤولين الإيرانيين حتى الآن لم يعتبروا الأمر هجوما يستحق الرد اذ كان رد فعلهم الأول هو تقليل من أهمية الأمر، معتبرين إياه “ألعاباً نارية” أو “ألعاباً للأطفال”.
إذا كان هذا الهجوم عملية عسكرية من قبل الكيان الإسرائيلي فإنه إن دل على شيء فإنما يدل على عجز الكيان في الرد على الهجوم الإيراني غير المسبوق تاريخيا ويعني أن هناك تم إرساء معادلة ردع جديدة وحققت عملية الوعد الصادق هدفها في ردع الكيان الإسرائيلي ذلك بسبب الصواريخ والمسيرات الإيرانية التي أطلقت على كيان الاحتلال وأصابت أهدافها المنشودة وإيران استغلت بنجاح هذه الفرصة وتمكنت من اختبار صواريخ ومسيرات متطورة بالغة الدقة في ضرب عمق الأراضي المحتلة، واخترقت أنظمة الدفاع الصاروخية الإسرائيلية والأمريكية والفرنسية والبريطانية والأردنية واستهدفت مواقع عسكرية سرية ومهمة للغاية إسرائيلية ما يدل على أن إيران كانت تخطط لمثل هذه الهجوم والعملية منذ سنوات وسنحت الآن هذه الفرصة الذهبية لكي تقوم بمناورة واقعية على أرض الواقع على عدوها الحقيقي.
لا شك في أنه اكتشف مختلف المسؤولين الإسرائيليين حقيقة الأمر ورد الفعل الذي نراه من قبل بعضهم مثل ايتمار بن غفير الذي قال “إن الهجوم الإيراني دمر قاعدتين عسكريتين إسرائيليتين وقتل عددا كبيرا من الجنود”، يدل على مدى غضبهم مما خلفه الهجوم الإيراني الكبير الذي ملأت فيه المسيرات والصواريخ الإيرانية سماء فلسطين لأول مرة منذ تأسيس الكيان الصهيوني وهذا طبعا يعتبر منعطفا خطيرا في تاريخ الكيان وتاريخ المنطقة والحروب الإقليمية والدولية.
كاتب وإعلامي إيراني