خراج الزكاة

احمد ماجد الجمال

 

لا خير في مجتمع يعيش كل فرد فيه لنفسه، ولا يفكر في ما يحتاجه غيره، فتجد المحتاجين والمساكين منتشرين، ولهذا أوجد الله تعالى الزكاة لتحقيق التكافل والتعاضد في المجتمع الإسلامي، ونشر الألفة بين أفراده، وتعزيز الشعور في دواخل المسلمين بما يعانيه الآخرون.
ولأن جميع المسلمين حريصين على سلامة دينهم وعباداتهم وحفظ أموالهم وزيادتها زيادة حقيقية لا شكلية يخرجون الزكاة الركن الثالث من أركان الإسلام في مثل هذه الأيام من شهر رمضان الكريم، فبيان الحكمة المتوخاة من فرض هذا الركن العظيم الذي ربطه الله عز وجل بالصلاة التي هي الركن الثاني من أركان الإسلام في أكثر من موضع في كتابه الكريم.
ويشترط لِوجوب الزكاة في مال المسلم بلوغ النصاب، وحولان الحول إذا كان المال مما يرصد بهدف الزيادة والنماء والتجارة، كالذهب والفضة، والأنعام، والنقود وعروض التجارة، أما إن كان المال ينمو في نفسه كالزروع والثمار، أو ليس قابلاً للزيادة كالمعادن، فتجب فيه الزكاةُ ببلوغِ النصابِ دون حولان الحول وفي الأخير زكاة الفطر وهي زكاة النفس السنوية ويمكن توضيح كل ذلك بالآتي:
– إن في إخراج الزكاة حصول البركة في المال، وهذا المصطلح (البركة) مصطلح شامل وعام، ولا وجود له إلا في حياة المسلم الذي يعلم أن المال قد يكون مسلوب البركة.
– إن في إعطاء الفقير والمحتاج وذوي العوز والضعيف المسكين العاجز عن توفير قوت يومه إعانة لما في نفسه من ضعف، وتطيبا لخاطره، لأنه لا يملك من متاع الدنيا إلا القليل وربما يفتقد إلى أساسيات الحياة.
– إن إخراج الزكاة سبب من أسباب العيش السعيد ووقاية من الكوارث والمصاعب والبلاء التي لم تكن في الحسبان وإنما هي قدر من أقدار الله.
– تدفع الزكاة الشح والبخل من قلب المزكي وتزيد قلبه طهارة وإيمانا، فتزيد وترفع أخلاقه وتحسن علاقاته مع المجتمع.
– إن البذل والكرم من أسباب اِنشراح الصدر، لكن لا يستفيد منه إلا الذي يعطي بسخاء وطيب نفس، ويخرج المال من قلبه قبل أن يخرجه من يده.
– الزكاة توحد المجتمع وتزيد التكافل بين أفراده، لأنها تجعل الإنسان يحسن للآخرين كما أحسن الله إليه.
– ومن الناحية الاقتصادية الصرفة فأن الزكاة يمكنها أن تساهم بشكل فعال في معالجة الكثير من المشاكل الاقتصادية من خلال أدائها في شكل مؤسساتي كما الحال القائم في بلادنا لان الربط بين النفقات الإيرادات واضحا وبحيث لا تستغل إيرادات الزكاة لمصارف أخرى من غير تلك المخصصة لها أي مصارفها كما إن إخراج الزكاة يسرع بدورة النقود وانتقاله من يد لأخرى حتى يستقر في النهاية عند كبار المكلفين التي أخرجت الزكاة، لأنها هي وحدها من يتاجر بالمال وتتجمع لدية مما يدفعها إلى الاستمرار في الاستثمار، حتى لو كان المعدل الحدى المتوقع للربح أقل من نسبة الزكاة المقررة على الأموال القابلة للنماء، خلاف أصحاب الدخول المحدودة والمتوسطة اللتين تحركان الاقتصاد بشكل سريع، فهما فئتان في الأصل أنها مستهلكة تشتري حاجياتها متى ما توفر لديها المال في سد الحد الأدنى من تكاليف المعيشة، إلى جانب معالجة الركود الاقتصادي من خلال ارتفاع القوة الشرائية للفئات المستحقة للزكاة بهذا يطاع الله ويستحب الأمر، ويستقر المجتمع، وتصفو النفوس، ويزدهر الاقتصاد، وتقوى وشائج المحبة بين أفراد المجتمع، فضلا عن رضا الله وطرحه البركة في المال، ولو لم يكن لها سوى هذا الدور لكفاها أهمية وضرورة.
باحث في وزارة المالية

قد يعجبك ايضا