الانفجار السكاني يهدد مستقبل اليمن

الثورة / –
منذ مدة ونحن نطالع تقارير النمو السكاني في اليمن الصادرة عن برامج الأمم المتحدة الإنمائية أو عن المجلس الوطني للسكان أو غيرهم من مراكز الأبحاث الملاحظ في هذه التقارير انها صادمة جد فمعدلات النمو السكاني في اليمن ترتفع من عام إلى عام وهي من أعلى معدلات النمو في العالم لتصل إلى 3% سنويا تبعا لكتاب حقائق العالم لوكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية بعد أن كان المعدل الذي ينمو به سكان اليمن في خمسينات القرن الماضي أقل من 2%.
هذا التزايد الرهيب في عدد سكان اليمن المتوقع تضاعف عددهم خلال العشرين سنة القادمة مع الإبقاء على معدلات النمو كما هي دون ارتفاع هذا التزايد يهدد عملية التنمية البشرية التي تحاول اليمن عبثا إرساء أساستها مع انه تم تصنيفها في آخر تقرير للتنمية البشرية صادر من الأمم المتحدة بأنها دولة ذات تنمية متوسطة بعد أن كانت في الأعوام الماضية تدرج تحت خانة الدول ذات التنمية البشرية المنخفضة. ترتيب اليمن الـ153 من أصل 177 دولة شملها التقرير يؤكد أن مساعي اليمن في مجالات التنمية البشرية لازالت في مهدها رغم انها في الطريق الصحيح لكن تبقى مشكلة النمو السكاني المتطرد في اليمن عثرة في هذا الطريق.
مع تعداد سكاني يبلغ حوالي الـ 23 مليون نسمة نصفه أمي ,45% (9,9 مليون) منهم يعيشون على دولارين في اليوم قد يرى البعض تذيل اليمن لقائمة دول التنمية المتوسطة مجرد تصدر لقائمة دول التنمية المنخفضة لكن من يتمعن في ما تمر به اليمن من تحديات قد تعوقها أحيانا وتتغلب عليها أحيانا أخرى سيرى أن بإمكان اليمن التغلب على مشكلة الانفجار السكاني التي لايعي اغلب أفراد الشعب تبعاتها على واقعه ومستقبل أبناءه إذا ما تم وضع حلول جادة لهذا المشكلة وتم إشراك أفراد المجتمع في تطبيقها.
المزيد من السكان يعني مسؤوليات اكبر على عاتق الدولة والمجتمع على السواء يعني حاجة اكبر إلى منشأة تعليمية ومرافق صحية وبنية تحتية افضل في حين أن المنشأت التعليمية الحالية لا تكفي حاجة السكان فمازلنا نرى مشهد الأطفال في القرى يمشون عدة كيلومترات لأجل الوصول إلى اقرب مدرسة مع مرور أكثر من أربعين عام على الثورة وارتفاع الانفاق القومي على التعليم ليبلغ 9,6% من إجمالي الدخل القومي وهي نسبة قد تكون الأعلى على الاطلاق مقارنة ببقية الدول العربية. نسبة العشرون في المائة من السكان (4,4 مليون) الذين يفارقون الحياة دون بلوغ سن الأربعين في اليمن خير دليل على المشكلات الصحية التي يعاني منها الشعب اليمني ولايجد لها علاج نظرا لضعف الخدمات الصحية. ناهيك عن أزمة المياه والكهرباء التي تدل على عجز واضح في البنية التحتية لليمن التي لا تكفي لتغطية حاجات السكان في وقتنا الحالي فمابالنا بحاجات السكان عند تضاعف عددهم.
وتبقى المشكلة الاكبر مشكلة الاسكان لانها تحوي جميع المشاكل المذكورة سابقا فمع الطفرة السكانية الحالية تشهد اليمن نمو في نسبة الحضر اللذين يقومون بزحف سكاني إلى المدن الكبرى مثل صنعاء وعدن وتعز هذا الزحف اللذي يجب أن يقابله ارتفاع في نسبة الخدمات الحكومية التعليمية والصحية أو خدمات المياة والصرف الصحي وانشاء الطرق وغيرها للأسف يضر هذا الزحف بجودة الحياة في هذه المدن بسبب الطلب الهائل على الخدمات مما يؤدي إلى عدم انتفاع الجميع بالخدمات المقدمة من قبل الدولة.
اما مشكلة البطالة التي قد يرى البعض انها ناتجة عن التزايد السكاني في اليمن فهي برأي الشخصي ليست الا نتيجة لضعف التخطيط الاستثماري للاستفادة من القوى البشرية وتحويلها إلى قوى عاملة مدربة ومتخصصة تساهم في رفع الدخل القومي لليمن مما يمكنها من رفع مستوى حياتها إلى الافضل. وتعود مشكلة القوى البشرية غير المتعلمة وغير المدربة وبالتالي غير المنتجة على ضعف التعليم أو عدمة لدى فئة كبيرة من المجتمع اليمني فإذا تم حل مشكلة التعليم أرى أن مشكلة البطالة ستضمحل تلقائيا.
من اهم وسائل التنمية البشرية في اليمن عمل الدولة على ابطاء معدل النمو السكاني فالتنمية ليست مجرد حركة بناء وتشيد وتحسين وتطوير ولكنها دراسة لمشكلات الواقع والتفكير في إيجاد حلول لها حاليا وتجنبها على المدى البعيد.
ومشكلة اليمن السكانية يمكن حلها ببرامج توعية للسكان تعمل بأهداف يتم التخطيط لها على المدى البعيد. هذه
البرامج لايجب أن تكون فقط لتوعية المجتمع اليمني بأهمية تنظيم الأسرة ووسائلها فوسائل تنظيم الأسرة قد تكون معروفة لدى الغالبية فهي مذكورة في مناهج العلوم بدأ من المرحلة الاعدادية (نظرا لسن الزواج المبكر في اليمن) لكن يبقى المشككون في فعاليتها والمحرمون لها عقبة في وجه التوعية لذا وجب على هذه البرامج أن تكون أكثر اقناعا للناس فيتم اشراك أسر تتبع وسائل تنظيم الأسرة تقر بفعاليتها لاقناع غيرها من الأسر خصوصا الريفية منها.
واشراك علماء دين وقيادات دينية في الحملات التوعوية سيكون له بالتأكيد الأثر الكبير في اقناع الأسر بأهمية تنظيم الأسرة خصوصا المتخوفين منها بسبب موانع دينية أو ما إلى ذلك.
يبقى أن نقول أن مشاركة الشعب بكافة اتجاهته ضرورة لا بل حجر أساس لانجاح هذه الحملات والعمل على ابطاء معدل النمو السكاني فلايمكن لنا أن نقعد بلاحراك ونرمي بكل مشاكل المجتمع على الدولة والمؤسسات الحكومية كي تقوم بحلها ولكن يجب تفعيل المشاركة العامة وتنمية حس المسؤلية لدى المجتمع بأن هذه مشكلة كل فرد فيه بحيث تتظافر جهودنا بالعمل المؤسسي في تنظيمه والعمل التطوعي في انتشاره للوصول إلى افضل ما يمكن الوصول إليه من نتائج تدفع بعجلة التنمية البشرية اليمنية إلى الإمام.

قد يعجبك ايضا