الثورة/ تقرير
في وقت احتفل فيه العالم باليوم العالمي للمرأة، تمر النساء في قطاع غزة بظروف استثنائية جعلت من حياتهن جحيماً في ظل عدوان وحشي دام على القطاع .
وعلى مدار 154 يوما من الحرب المدمرة، حولت قوات الكيان الصهيوني نساء فلسطين إلى أهداف مستباحة، بالقصف والقتل والاعتقال وامتهان الكرامة، دون أي اعتبار للقانون الدولي.
الحصاد الدامي
ونشر المكتب الإعلامي الحكومي في غزة معطيات صادمة عن تأثير الحرب على ماجدات غزة؛ إذ استشهدت 8.900 امرأة فلسطينية وأصيبت أكثر من 23.000 في حين هناك 2.100 مفقودة وأكثر من نصف مليون نازحة.
ويأتي اليوم العالمي على المرأة الفلسطينية وخاصة في قطاع غزة ليكون مثالاً حقيقياً لإذلال المرأة وقتلها وإطلاق النار عليها وتعذيبها إجبارها على النزوح وليس رفع شأنها وتكريمها، وفق المكتب الإعلامي.
وهدم جيش العدو آلاف المنازل فوق رؤوس ساكنيها بما فيهم النساء الفلسطينيات، وبات في عداد النساء المفقودات أكثر من 2.100 امرأة فلسطينية ما زلن تحت الأنقاض أو أن مصيرهن مجهول نتيجة هذه الحرب الوحشية.
ووفق وزارة الصحة في غزة، هناك 60.000 سيدة حامل تعيش حياة قاسية وبالغة الصعوبة، تفتقد خلالها لأبسط متطلبات الرعاية الصحية والطبية، ومنهن المئات اللواتي فقد أبناءهن أو مواليدهن أو أجنتهن الذين في أحشائهن نتيجة القصف والخوف والقتل “الإسرائيلي.
وتواجه أكثر من نصف مليون امرأة فلسطينية نازحة في قطاع غزة حياة بالغة الصعوبة، لا تتمكن خلالها من الحصول على أدنى حقوقها، لا تستطيع الحصول على الغذاء فتعيش المجاعة في جميع محافظات قطاع غزة، وفي محافظتي الشمال وغزة تحديداً، كما أنها تبحث عن الغذاء والدواء والإيواء فلا تستطيع توفير كل ذلك وسط هذه الحرب الوحشية.
واعتقلت قوات العدو خلال العدوان البري العشرات من النساء الفلسطينيات وعرضتهن للتعذيب الجسدي والنفسي وسوء المعاملة والإهانة وسط صمت دولي فظيع.
وكشفت شهادات أسيرات مفرج عنهن عن تعرض الأسيرات للتعرية والتحرش الجنسي والتعذيب الوحشي والحرمان من النوم والطعام.
كل يوم حرب = استشهاد 63 امرأة
هيئة الأمم المتحدة للمرأة أصدرت، أيضًا، إحصائية عن المرأة في غزة وسط الحرب، تتضمن أرقامًا كارثية.
فقد حذرت الهيئة الأممية في إحصائيتها الصادرة مطلع مارس الجاري من أن “كل يوم تستمر فيه الحرب في غزة، بالمعدل الحالي، سيتواصل قتل 63 امرأة في المتوسط”.
وأضافت أن إسرائيل تقتل نحو 37 أمـّا في غزة كل يوم؛ مما يدمر حياة أسرهن ويقلص حماية أطفالهن.
ممارسات التجويع الإسرائيلية هي الأخرى تزيد من العبء الواقع على الغزاويات، وفق إحصائية هيئة الأمم المتحدة للمرأة.
فقد أفادت 4 من كل 5 نساء في غزة (84 بالمئة)، وفق الهيئة الأممية، بأن أسرهن تأكل نصف الطعام مقارنة بما اعتادت عليه قبل بدء الحرب.
وتتولى الأمهات والنساء البالغات مهام جلب الطعام، لكنهن آخر وأقل من يأكل في الأسرة.
وأضافت الهيئة الأممية أن 4 من كل 5 نساء في غزة أفدن بأن أحد أفراد أسرهن على الأقل اضطر إلى تفويت وجبات خلال الأسبوع الماضي.
وفي 95 بالمئة من هذه الحالات، لا تتناول الأمهات الطعام، ويتخطين وجبة واحدة على الأقل لإطعام أطفالهن.
وذكرت أن قرابة 9 من كل 10 نساء (87 بالمئة) أفدن بأنهن يجدن صعوبة أكبر في الحصول على الغذاء مقارنة بالرجال.
وتلجأ بعض النساء الآن إلى آليات تكيف متطرفة، مثل البحث عن الطعام تحت الأنقاض أو في صناديق القمامة، بحسب الهيئة.
وبينت الهيئة الأممية أن 10 من أصل 12 منظمة نسائية شملها الاستطلاع في غزة تعمل جزئيا، وتوفر خدمات الاستجابة الطارئة الأساسية.
وقالت محذرة: “ما لم يكن هناك وقف فوري لإطلاق النار لأسباب إنسانية، فإن مزيدا من الناس سيلقون حتفهم في الأيام والأسابيع المقبلة”.
وشددت على ضرورة أن يتوقف القتل والقصف وتدمير البنية التحتية الأساسية في غزة، ودخول المساعدات الإنسانية إلى القطاع وعبر جميع أنحائه على الفور”.
أبشع الانتهاكات بحق الأسيرات
وشكّلت عمليات اعتقال النساء ومنهنّ القاصرات أبرز السّياسات التي انتهجها الاحتلال وبشكل غير مسبوق بعد السّابع من أكتوبر، حيث بلغ عدد الأسيرات المعتقلات نحو 240 معتقلة، ويتضمن هذا الرقم، اللواتي تعرضن للاعتقال في الضفة الغربية بما فيها القدس المحتلة، والنساء من الأراضي المحتلة عام 1948.
وصعّدت قوات الاحتلال الإسرائيليّ عمليات الاعتقال الممنهجة بحقّ النّساء الفلسطينيات في كافة الجغرافيا الفلسطينية، ولم تستثنّ القاصرات، كما شمل ذلك اعتقال النساء كرهائن، بهدف الضغط على أحد أفراد العائلة المستهدفين من الاحتلال لتسليم نفسه.
وشكّلت هذه السّياسة إحدى أبرز الجرائم التي تصاعدت بشكل كبير جداً بعد السّابع من أكتوبر، وشملت زوجات أسرى، وشهداء، وأمهات منهنّ مسنّات تجاوزن السبعين عاماً، مع الإشارة إلى أنّ هذه السّياسة طاولت فئات أخرى أيضاً، وليس فقط النّساء، وقد رافقت عمليات احتجازهن كرهائنّ عمليات تنكيل وتهديدات وصلت إلى حد التّهديد بقتل نجلها المستهدف أو زوجها، هذا عدا عن الاعتداءات التي تعرضن لها خلال عملية الاعتقال، إضافة إلى عمليات التّخريب التي طاولت منازلهنّ، وترويع أطفالهنّ، وأبنائهنّ، ومصادرة أموالهنّ ومصاغ ذهب.
غير أن إحدى أبرز الجرائم التي نفّذتها قوات الاحتلال الإسرائيليّ بحقّ النّساء الفلسطينيات، ومنهنّ الأسيرات، الاعتداءات الجنسية، والتي تضمنت التّحرش، والتّفتيش العاري، إضافة إلى التّهديد بالاغتصاب، هذا إضافة لإعلان الأمم المتحدة في بيان رسمي لها عن وجود تقارير موثوقة بتعرض معتقلات من غزة للاغتصاب.
وأكدت شهادات لأسيرات أفرج عنهنّ تحديدًا خلال دفعات الإفراج التي تمت في شهر نوفمبر الماضي، وشهادات لأسيرات داخل السّجون، ولنساء واجه أقارب لهنّ عمليات اعتقال وملاحقة، أكّدن فيها على تعرضهنّ لجملة من الاعتداءات الجنسية.
وشكّل سجن هشارون، كمحطة مؤقتة لاحتجاز الأسيرات قبل نقلهنّ إلى سجن الدامون، شاهدًا على عمليات التفتيش العاري التي تعرضت لها غالبية الأسيرات، بحسب عشرات الشّهادات التي وثقتها المؤسسات التي تعنى بشؤون الأسرى، ناهيك عن ظروف الاحتجاز المذلّة والمهينة التي تعرضن لها، والاعتداءات، ومنها اعتداءات بالضرب المبرّح.
شهادات مروعة
ونقلت مؤسسات حقوقية فلسطينية شهادة وثقتها لإحدى الأسيرات اللواتي اعتقلن بعد السابع من أكتوبر، أكّدت أنّها تعرضت في أثناء عملية الاعتقال والتّحقيق لاعتداءات وتحرش جنسي ولفظي، حيث قام أحد الجنود بلمسها على رأسها وقدميها بطريقة غير لائقة، وشتمها بمصطلحات بذيئة وهددها أكثر من مرة، وكان الجنود يرمون عليها أعقاب السجائر، وبقايا الطعام لإهانتها، كما تعرضت الأسيرة للضرب أكثر من مرة من جنود الاحتلال، وهو ما سبب لها أوجاعًا في أنحاء جسدها، ولم يقدم لها أي علاج.
ومن ضمن جملة الشّهادات التي وثقت، شهادة لإحدى الأسيرات قالت فيها: “وصلنا أنا وأسيرات إلى سجن هشارون، أدخلونا إلى زنزانة أرضيتها مليئة بالماء، وتوجد فيها دورة مياه غير صالحة للاستخدام، ثم تم نقلنا إلى زنزانة أخرى فيها تعرضن للتفتيش العاري على يد سجانات، وقامت إحدى السّجانات بضربي على وجهي، بعدما تعرضت للضرب المبرّح خلال عملية اعتقالي».
وفي شهادة أخرى: “حضرت ثلاث سجانات تعاملن معي بوحشية وبشكل مهين جدًا، وشتمنني بأسوأ الألفاظ طوال الوقت دون توقف، وأجبرنني على المشي وأنا مقيدة الأطراف، والعصبة على عيني، وطوال الوقت خلال نقلي كانت السجانة تقول هذه ليست بلادكم ارحلوا منها».
قد يعجبك ايضا