رغم الإدانات الدولية والشجب والاستنكار العربي والعالمي لجرائم الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية من قبل الكيان الصهيوني، والحلف المجرم الداعم له، رغم ذلك لم تتوقف آلة الإجرام الصهيوني عن استهداف أبناء الشعب الفلسطيني نساء وأطفالا وشيوخا ولم يفرق بين أهداف عسكرية ومدنية، بل استهدف الجميع وأثبت جرائمه أمام الجميع، أكثر من مائة وخمسين يوما والشهداء تتصاعد أرقام الفتك بهم، لقد جعل الأرض غير صالحة للعيش عليها حينما اسقط عليها أكثر من ثلاث قنابل ذرية، الأسلحة تأتي إليه من أمريكا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وأستراليا وغيرها من دول الحلف الصهيوني الأمريكي، وكلما انحاز الأبرياء إلى مكان للاحتماء به فإن المجرمين يسارعون في شن الهجمات على تلك المناطق وبأسلوب قذر وقمئ ينبئ عن النوايا الإجرامية التي تسعى إلى إبادة الإنسان والحيوان والنبات والأرض.
انحاز الناس إلى رفح المجاورة لحدود مصر أملا وهربا من الإجرام الصهيوني الأمريكي وسعيا للاحتماء بالجار القريب، فوجدوه قد شيد سورا مماثلا لما شيده المجرمون وكأنه يحتمى من أخوانه وأبناء جلدته لا الاحتماء من المجرمين الصهاينة، لأنه يدرك أن قدرات المجرمين تستطيع أن تتجاوز الأسوار مهما كانت، لكنها (الأسوار) تقف أمام الضعفاء والمساكين حاجزا لا يمكن تجاوزه، فالطفل لا يستطيع تسلق جدرانه ولا الزحف تحته أو القفز عليه، ومثل ذلك المرأة، والشيخ العاجز عن الحركة، أما المقاومة برجالها فإنها تستطيع أن تهدم السور والحاجز وتركع المعتدين كما هو الحال في السابع من أكتوبر، والنظام المصري الشقيق يدرك ذلك، لكنه يبدو يمتثل لإملاءات الصهاينة ويعمل على إضعاف الروح المعنوية لدى أبناء فلسطين من خلال تكريس الإحاطة والحصار على أبناء فلسطين الذين اختارهم الله ليكونوا مرابطين على أكناف بيت المقدس ويحظون بنيل الشرف الرباط والشهادة في سبيل الله.
وكما ساهم الجار الشقيق في تشييد الأسوار حول غزة ساهم في منع وصول الإمدادات من غذاء ودواء وغير ذلك من وسائل العيش، ولا غرابة في ذلك، فقد سمع العالم وشاهد مسؤولي الكيان الصهيوني يحملون النظام المصري مسؤولية عدم إدخال الغذاء والدواء إلى أرض غزة المحاصرة من خلال معبر رفح وهو معبر مصري خالص، تسيطر عليه القوات المصرية وتشترك في إدارته مع الحكومة الفلسطينية في غزة، وأيضا سمعنا تصريحات الرئيس الأمريكي وهو يلقي اللوم على النظام المصري أنه السبب في عدم إدخال الإغاثية من دواء وغذاء إلى أرض غزة حتى أن المجرم (بايدن) وصف الرئيس المصري (بالرئيس المكسيكي) وأنه أقنعة بفتح المعبر وايصال المواد الإغاثية للمحاصرين من أبناء فلسطين من خلاله، لكننا سنأخذ بأحسن الظنون أن النظام المصري هو الصادق وأن المجرمين هم الكاذبون وأن كل تلك التصريحات ما هي إلا وشايات كاذبة تحاول الإيقاع والإفساد للعلاقات العربية –العربية، حتى أنها تجاوزت المسموح به إلى الخيانة والعمالة والمشاركة في سفك دماء الأبرياء إما بالإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية أو بالمجاعة ونشر الأوبئة وعدم الإسعاف للجرحى ومداوة المرضى.
النظام المصري الشقيق يستطيع اليوم أن يفعل الكثير من أجل غزة وأهل غزة حماية للأمن القومي المصري أولا، وثانيا من أجل جيرانه وأهل ملته ودينه، لأن صمود رجال غزة هو في المقام الأول والأخير يصب في مواجهة مخططات التآمر على الأمة العربية والإسلامية، والقضية الفلسطينية هي قضية كل عربي ومسلم يؤمن بالحرية والعدالة ومواجهة الظلم والطغيان والعمالة، والسماح بإبادة أهل غزة معناه التفريط بالمصالح المشتركة واستمرار الاحتلال والاستيطان والتهجير وإقامة الوطن البديل الذي اعتمده الحلف الصهيوني الأمريكي فيما سميت بصفقة القرن التي تشارك فيها أنظمة العمالة والخيانة لتصفية القضية الفلسطينية على حساب فلسطين والأمة العربية والإسلامية.
قد تبدو المحاذير كبيرة في الخطوات التي قد يتخذها النظام المصري الحالي خاصة أنه يدرك خطورة فتح المعبر والسماح بإيصال المساعدات الإنسانية أو حتى إرسال وفد رسمي إلى غزة -كما فعل سابقه -الذي أسقط حكمه وقدم للمحاكمة واتهم بالعمالة وخيانة مصر- لكن لا لصالح الكيان الصهيوني، لكن لصالح حركة المقاومة الإسلامية حماس، وهي تهمة يدرك النظام المصري أنها نسج خيال مريض يحاول إيقاع العداوة والشقاق بين مصر التي قدمت الدعم السخي لكل الثورات العربية من الجزائر إلى ليبيا وتونس واليمن ومازالت هي حاضنة الآمال العربية في التوحد والتحرر والاستقلال.
صحيح أن الحصول على الأموال المطلوبة للتنمية مرهون باتخاذ مواقف غير خادمة للتوجهات العظيمة التي تقوم بها وهو الأمر الذي اتسمت به سياستها في السنوات القليلة الماضية، ومن ذلك أنها أدانت اليمن وساهمت في تشكيل حلف عاصفة الخزي والعار لتدمير قدرات اليمن من خلاله، مع أن اليمن لا يشكل تهديدا لأحد من دول الحلف، بينما لم تستطع أن تدين جرائم الإبادة والجرائم ضد الإنسانية التي يرتكبها الصهاينة على أرض فلسطين، بل وصل الخزي والعار إلى إدانة المقاومة ووصفها بما لا يليق وتحت مظلة الجامعة العربية التي تحولت بقدرة قادر إلى (الجامعة العبرية)، ولم يبق لها شيء إلا السماح بعضوية الكيان الصهيوني ورفع علمه كإحدى الدول وأهمها في المحيط العربي الذي يسعى الآن جاهدا لإحلال المستعمر مكان أصحاب الأرض وتشريدهم وتهجيرهم حتى يأمن ويستقر، وهي حكاية وهمية مصيرها كمصير سابقاتها، الذين وفدوا على هذه الأرض المباركة ومازالت شواهد قبورهم شاهدة على حضورهم ورحيلهم لا بإرادتهم وإنما بالجهاد وتقديم التضحيات وهي وعد الله لكل المؤمنين ” وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ” الحج الآية (40).