بالهوية الإيمانية وعدم تجزئة المعركة انهارت الرأسمالية (الصهيوامريكية)

عبدالفتاح حيدرة

 

 

لا يكتشف الناس والشعوب و الأمم أنفسهم بقدر ما يكتشفونها في أوقات حيرتهم ، ولا يتأكدون من جوهرها الحقيقي إلا في لحظات القرارات والمراحل الصعبة ، وخير دليل على ذلك هو اكتشاف الشعب اليمني والإنسان اليمني نفسه خلال فترة الحرب والعدوان والحصار عليه، والحرب والحصار على غزة ، عاملان رئيسيان للانتصار هما الجغرافيا اليمنية ذات البعد التاريخي المقاوم للغزاة والمحتلين وهزيمتهم دوما ، والهوية الإيمانية اليمنية الناصرة لدين الله وأنبياء الله بمختلف الرسالات والأديان السماوية وفي مختلف العصور، ليأتي الحاضر بالحرب والعدوان والحصار السعودي الأمريكي على اليمن ، والحصار الإسرائيلي الأمريكي والبريطاني على غزة، وما قابله من صمود وثبات وتحد يمني وفلسطيني ، حددهما السيد القائد وفق مسارين منضبطين هما (الهوية اليمنية الإيمانية وعدم تجزئة المعركة) وهذان المساران قاما بتعرية العالم ، وكشف عملية مرور العالم كله بأزمة مركبة من أزمتين متزامنتين ومرتبطتين ، وهما أزمة انهيار الرأسمالية العالمية (الصهيوامريكية) وبوادر تراجع الغرب الأوروبي لحجمه الطبيعي مع عودة الشرق والجنوب لتاريخ القوة والهيبة والقيم والأخلاق والإنتاج والتطور ، وهي عودة مبنية أصلا على تراكم تاريخي طويل حذر جدا من هيبة الجغرافيا وقوة الهوية..
وهذا ما لا تحذره ولا تعرف هيبته وقوته الجغرافيا (الصهيوامريكية) اللقيطتان على الجغرافيا والتاريخ اصلا ، وما شابه تكوينهما من دويلات ومشائخ الرمال الخليجية ، الذين تبنوا بناء اقتصاد الهويات الرأسمالية الاستغلالية ، وتقزيم الهويات الكبرى ، وجعلها هويات متناقضة في تكوينها الاقتصادي والمعرفي والديني والإنساني ، أي التناقض (إنها تعمل بعكس ما تدعي) وهو أسلوب إنتاجي يسهل عملية نهب واستغلال شعوب تلك الهويات القزمة ، وبشكل أو بآخر كل أزمات العالم الأساسية ناتجة عن هذا التناقض ، وبتعقيداته المباشرة وغير المباشرة، وهنا لقد لعب التطور الزائف في القوى الإنتاجية دورا متناقضا في حياة النظام الرأسمالي الصهيوامريكي ، وعلاقات إنتاجه وتناقضاتها ، فهو من جهة كان يزيد الفائض المنتج ، لتتمكن القوى الاستغلالية من رشوة الطبقات المُستغلة ، بتوسيع الحدود الفعلية لديموقراطيات اجتماعية سهلة الانقياد والتبعية ، وبالتالي تأخير ثورة مجتمعاتها ، وإن كان ذلك بتعميق مدى الاستغلال ذاته ، ومن جهة أخرى يزيد من التناقض ما بين القوى الإنتاجية وعلاقات الإنتاج ، فهي تلعب دورا في حماية النظام الاستغلالي على المدى القصير ، ودورا آخر معاكساً في هدمه على المدى الطويل..
وعودا على بدء ، علينا أن نعي جيدا أن نظرية الهوية الإيمانية اليمنية ونظرية عدم تجزئة المعركة، تقولان لنا وبكل وضوح إن من يبني عاليا ، يجب أن يحفر عميقا ، ومن هاتين النظريتين ، لابد لنا نحن كيمنيين من بلورة رؤية تغيير الواقع لدينا أولا ، واقع يكون أكثر وضوحا وأكثر بلورة وأكثر مقدرة على فرز القوى المختلطة في داخل الحركة الوطنية والقومية العربية والإسلامية ، لأن نظرية الهوية الإيمانية تجعل كافة القوى تلتقي في قوة واحدة ولو كانت أقل عددا ، وتلتزم فيها بخطة واضحة ولو كانت أطول مدى ، وتقود خطى الجميع ولو كانت أبطأُ حركة ، ونحن كيمنيين حينئذ سنتقدم تقدما مطردا، بدلا من أن نقفز إلى الأمام لنعود فنقفز إلى الخلف ولا نتقدم إلا قليلا..
سنواصل محاصرة العالم المستغل في باب المندب والبحر الأحمر والبحر العربي، حتى تنجو وتنتصر غزة وأهلها، وسننجو وسننتصر نحن أيضا، وكل ما علينا كأصحاب هوية إيمانية أن لا نقبل تجزئة المعركة مع الرأسمالية (الصهيوامريكية) وإن ندرك جيدا انه في لعبة الشطرنج ومن أجل الفوز والانتصار الكبير لابد من التضحية، حتى بأهم وأقوى قطعة وهو الوزير، واليوم ليس أمام حركة الهوية اليمنية الإيمانية إلا التضحية بعدد من أولئك الذين يقفون حجر عثرة أمام تطور حركة هذه الهوية الكبرى والجامعة وإنقاذها من الضمور والانهيار..

قد يعجبك ايضا