معركة طوفان الأقصى التي يخوضها المجاهدون في أرض الرباط المقدس بمساندة محور المقاومة والجهاد.. هي المعركة الفاصلة بين الحق العربي الإسلامي والباطل الصهيوني المدعوم من الغرب الكافر..
“الثورة” ترصد في السطور التالية أبعاد هذه المعركة الاستراتيجية وهنا التفاصيل:الثورة / أمين رزق
الدكتور حبيب الرميمة تحدث قائلا خلال عقود من الزمن مارس الإعلام الصهيوني كمنظومة إعلامية عالمية الكثير من التضليلات والحرب النفسية التي ترمي إلى تثبيط الأُمَّــة وتخليها عن القضية الفلسطينية وتحرير فلسطين، بلغت تلك الحرب أوجها في بداية التسعينيات من القرن الماضي بعد أن استطاع المشروع الغربي بقيادة أمريكا إسقاط وتفكيك الاتّحاد السوفيتي، وأصبح النظام العالمي يقوم على قطب واحد وهو القطب الأحادي بقيادة أمريكا، هذا الحدث أوهن الكثير من العزائم للذين كانوا يقرأون التغيرات الدولية وفقاً للمنهج المادي البحت، لذلك حاولوا بث أراجيفهم بانتهاء مرحلة الصراع العربي الإسرائيلي القائم على استرداد الأرض بواسطة الكفاح المسلح، والنكئ على جراح المآسي والنكبات والهزائم التي لحقت بالعرب في مواجهة إسرائيل وضرورة اللجوء إلى اتّفاقيات السلام مع العدوّ الصهيوني، وهذا الإرجاف والحرب النفسية انطلى على كثير من النخب بمن فيها رؤساء دول عربية، وقيادات أمضت حياتها في صفوف الكفاح المسلح، فعمت حالة اليأس، وعدم وضوح الرؤيا، فما كان من الزعيم ياسر عرفات إلا أن وقع على اتّفاقية أوسلو 1993م، ثم تلاه الملك الأردني بالتوقيع على اتّفاقية وادي عربة سنة 1994م، وأصبح الذئبان الأمريكي والبريطاني-بما تربطهما مع اليهود من معتقدات تتجاوز المصلحة القومية التي تقوم عليها العلاقات الدولية إلى المنظور العقائدي- هما الراعيان لجهود السلام!
ومع ذلك لم يفتر هذا التحالف يوماً في تدجين الأُمَّــة وإشغالها ببث الخلافات فيما بينها لتتحول وجهة نظرها من اعتبار إسرائيل العدوّ الأوحد لها إلى خلق صراعات سياسية ومذهبية فيما بينها فكان اختباراً قاسياً للأُمَّـة بكلها، وكان يراهن على جعل الأمة تنسى جراح فلسطين لتنشغل بجراحها..
الخلاصة يمكن القول: إن العدوّ في هذه المرحلة استطاع إلى حَــدّ كبير أن يفكك فكرة وفلسفة القومية العربية القائمة على أن إسرائيل عدو العرب، لكنه في المقابل وقف عاجزاً أمام فلسفة وفكرة أُخرى قائمة على أَسَاس أن تحرير فلسطين واجب ديني وإنساني قبل أن يكون مرتكزاً قومياً وعربياً، وأخذ هذا المشروع ينمو ويتجذر منذ قيام الثورة الإسلامية في إيران بقيادة الإمام الخميني، ليعيد تشكيل الصراع مع العدوّ بالرهان على صحوة الشعوب، وتدارك الخطر المحدق بها لا على مصالح قادتها، من خلال نظرة تعتمد على مصاديق الوعد الإلهي في القرآن الكريم بحتمية زوال هذا الكيان، ومن ثم بروز محور المقاومة في لبنان والعراق وسوريا واليمن، وكثير من البلدان الإسلامية، ومد يد العون لفصائل الفلسطينية المسلحة وإعادة صقلها وتدريبها عسكريًّا وثقافيًّا، بعد أن تخلت عنها معظم الزعامات العربية خشية أن تصيبهم دائرة، فكانت النتيجة لدى جميع المحور وضوح الرؤية بالنصر اليقين، ووضوح الهدف، ووضوح المشروع، فمن انتصار 2000م في لبنان، إلى حرب تموز 2006م، إلى معركة سيف القدس في غزة، إلى معركة جنين في الضفة، لتدهش العالم اليوم بتطور نوعي في معركة طوفان الأقصى التي تحمل دلالات استراتيجية كبيرة أهمها عنصران:
عنصر المباغتة، وعنصر الدخول وتحرير الأرض، بالنسبة للعنصر الأول عنصر المباغتة، فقد شكلت العملية تطوراً نوعياً لا مثيل لهُ.
فكل الحروب التي كانت تخوضها إسرائيل مع الدول العربية كنا نطالع لاحقاً تسريبات ووثائق حول الخيانات والتآمرات، وأن هناك خيانة من الزعيم “س” وهو من سرب ساعة الصفر للإسرائيلي أَو الأمريكي، وأفقدها عنصر المباغتة.
هنا واقع آخر، على رغم من المساحة الصغيرة لغزة، وتعدد الفصائل التي تصل إلى أكثر من سبع فصائل رئيسية، إلا أن الفشل المخابراتي للكيان والدول الداعمة له، حول توقيت العملية ميدانيًّا يعد انتصاراً كَبيراً جِـدًّا يتعدى الاحترافية والتقنية التي استخدمتها تلك الفصائل في تحييد التقنيات المتطورة التي يملكها العدوّ في مجال التنصت والاستشعار، ويؤشر لمدى المصداقية والتكاتف والوحدة فيما بينها كجسد واحد.
أما بخصوص العنصر الثاني (الدخول وتحرير الأرض) في جميع الحروب السابقة كان الصراع يقتصر على التراشقات الصاروخية والعمليات الفدائية من وراء الحدود، اليوم في هذه العملية هناك اقتحام وتحرير للأرض، وهذا تطور استراتيجي كبير، لم يكن في حسبان الكثير، وخطوة أولى في طريق المعركة الكبرى لزوال هذا الكيان، مصداقاً لقول الله تعالى: (فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا).
إذَن معركة الدخول والتحرير بدأت، ولم يعد للحدود أَو الجدران التي صنعتها إسرائيل لحماية نفسها من كافة الجهات أي اعتبار.
من هنا حق لنا أن نقول إن عملية طوفان الأقصى هي بداية المعركة الإلهية لزوال هذا الكيان المؤقت على يد محور المقاومة، هذا من ناحية ومن ناحيةٍ أُخرى بروز عنصر المفاجأة والهشاشة التي ظهر بها الكيان المؤقت، فمن طبعوا ومن كانوا يلهثون وراء التطبيع للتودد والموالاة لأمريكا وإسرائيل خشية أن تصيبهم دائرة، هم اليوم يتحسرون ونادمون حتى ولو لم يظهروا ذلك بعد أن شاهدوا هذا الأمر غير المتوقع والخزي والهشاشة التي ظهر بها الكيان، الذي راهنوا عليه لحمايتهم، “فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَن تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ، فَعَسَى اللَّهُ أَن يَأْتِيَ بِالْفعمليةُ “طوفان الأقصى”.. فاتحةُ المواجهة مع الأعداء الأصليين
وعد الآخرة
الى ذلك قال الأخ محمد الفَرِح: حينما يجتمعُ قائدٌ حكيمٌ وشجاعٌ مع شعبٍ عظيمٍ ومؤمنٍ عاشقٍ للشهادة فقل للصهاينة: (اقترب وعدُ الآخرة) وعليهم أن يرحلوا عن فلسطين وعن منطقتنا ويكفُّوا عدوانهم.
وتابع: منذ عام ٢٠٠٤م ضحَّينا بخِيرةِ شبابنا وبفلذات اكبادنا وبأعز قادتنا على مدى عشرين عاماً لنصل إليكم، نعم قاتلنا وقُصفنا بالطائرات ودُمّـرت منازلنا وتعرضنا للسجون والتشريد والاغتيالات والاختطافات وصبرنا على الأذى والتزوير والشائعاتِ، كُـلّ ذلك كنا نراه هَيِّنًا في سبيل الله وفي طريق تحرير الأقصى ورفع الظلم عن الفلسطينيين.
وأضاف: نعم قطعنا طريقًا طويلًا وشائكًا للوصول إلى هذه اللحظة، ومع ذلك لسنا نادمين على أية تضحية مهما كانت في ماضينا وحاضرنا، فنحن نرى قتالَكم أيها الصهاينة شيئاً مقدَّسًا نتعبَّدُ اللهَ به، ومقتضى إيماننا بالله يفرضُ علينا ذلك ويُلزِمُنا بقتالكم، ونرى أن فوزَنا في دنيانا وآخرتنا مرهونٌ بموقفنا منكم، ثم إننا من خلال القرآن ندركُ مستواكم في الميدان ونعرفُ نقاطَ ضعفكم، ولدينا التشخيصُ الكاملُ لواقعِكم النفسي والمعنوي، وكُلُّ الأساليب والخداع الذي تمتهنونه لن يَمُــرَّ علينا، فقد علّمنا اللهُ أنكم تلبِسون الحقَّ بالباطل وتقلبون الحقائقَ وتريدون أن نضلَّ السبيلَ، فلا سبيل لكم علينا.
وتابع قائلاً: أقولها مرةً أُخرى للصهاينة: حينما نصرُخُ بالموت لإسرائيل عليكم أن تدركوا أن الموضوعَ جِدٌّ وليست شعاراتٍ
شعبٌ وقائدٌ وقرار
من جانبه قال الأخ سند الصيادي: وفّقنا اللهُ بقيادةٍ ثوريةٍ قرآنيةٍ حكيمةٍ وشجاعةٍ لا تحتاج منا الجهدَ لتوصيفها أَو الدفاع عنها في معركة التشويه والتحريض المجندة وَضبابية الأقوال والأفعال، هذه القيادة تفرض نفسَها في معمعة الفتن التي قالوا عنها إنها ستأتي مثل سواد الليل الحالك، ولم نكن نعلم أن من فضائل هذه الفتن أنها محطةٌ لتمييز الحق من الباطل، وَأننا على موعد مع تعزيز اليقين بما نؤمنُ به ونتبنَّاه.
مضيفاً: لقد لمسنا وعايشنا مرارًا وعبر السنوات الصعبة التي مرت معانيَ المقولة المنسوبة إلى النبي محمد -صلوات الله عليه وآله- وهو يخاطبُ أمته (شقُّوا أمواجَ الفتن بسُفُنِ النجاة)، ولطالما وجدنا أنفسنا أننا قد اخترنا المركِبَ الآمِنَ لمواجهة كُـلّ الأعاصير التي عصفت بالأمة، وكان الموقف الأخير تجاه مظلومية الشعب الفلسطيني الذي اتخذته القيادةُ بمثابة فصل الخطاب.
وتابع: في زمنِ التطبيع والخنوع والخِذلان وارتهان الحكام العرب لأعداء الأُمَّــة، وفي مرحلة فارقة في تاريخها المعاصر.. إما أن تكونَ تحت لواء أمريكا و”إسرائيل”، أَو تحت لواء الحق ومحور المقاومة والدفاع عن قضية الأُمَّــة المركَزية، تبرز المواقفُ الصادقةُ لبلد المَدَدِ والنُّصرة يمن الإيمان والحكمة؛ ليتصدر اليمنيون المشهدَ تفويضًا شعبيًّا متكرّرًا ومتصاعدًا لقائد الثورة السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي، ترجمها هذا القائدُ العظيمُ إلى مواقفَ عمليةٍ داعمة وشُجاعة للشعب الفلسطيني وحركات المقاومة في مواجهة العدوان والصَّلَف الصهيوني الأمريكي.
وأضاف: اليومَ نجدُ أنفسَنا أمام هذه المحطة التاريخية في موقف ديني وإنساني ونفسي مهيب، ونحن نقرأ عناوين هذا الموقف في وجوه شعوب العالم وأحراره، كيف لا وقد خرجنا من بين الرماد ومن جَور المعاناة التي لم تُثْنِنا أوجاعُها ولا أثقالُها عن الحضور الشعبي والرسمي في المعركة الكبرى، معركةٍ عَــزَّ فيها الحضور وتبدَّى لنا في أتونها الرجالُ وأشباه الرجال.
واختتم حديثه قائلاً: كم هو عظيمٌ وَجريء في ذاتِ الوقت أن تسبَحَ على خلاف التيار، والأعظمُ أن تتخذَ القرارَ غيرَ آبهٍ بالتحذيرِ والترهيب والترغيب، واقفًا مع من يعتقدون أنه الأضعفُ والأوهنُ في مواجهة الأشدِّ نفوذًا وبطشًا، واضعًا نصبَ عينك أبعادًا أسمى وأعظمَ لا يدركها إلَّا الرجالُ، وَأَيُّ بُعْدٍ أسمى من الانتصارِ لله وللقضية المركَزية فلسطين، وَمهما كانت التحدياتُ على الطريق، تبدو معالِمُ النهاياتِ عظيمةً بقدر البدايات.