* المخلافي: الصفح.. العدل.. السلام.. ثلاث مرتكزات اساسية بني عليها مشروع القانون
قال رئيس مجلس الوزراء الأخ محمد سالم باسندوة ان مشروع قانون العدالة الانتقالية والمصالحة الوطنية المعد والمقدم من وزارة الشؤون القانونية جاء مستوعبا لمخرجات الحوار الوطني الذي حدد جملة من الموجهات القانونية التي يتعين ان يركز عليها مشروع القانون اهمها تحديد آليات ووسائل تحقيق العدالة الانتقالية في أربع وسائل هي الكشف عن الحقيقة وجبر الضرر واعادة الاعتبار للضحايا وحفظ الذاكرة وضمانات عدم التكرار في المستقبل .
واكد باسندوة في افتتاح المؤتمر الاقليمي للعدالة الانتقالية في اليمن الذي نظمته امس بصنعاء وزارة الشؤون القانونية بالتعاون مع برنامج الامم المتحدة الانمائي والمفوضية السامية لحقوق الانسان ان مشكلة العدالة الانتقالية ليست في مشروع القانون ومضامينه بقدر ماهي في السياق الزمني الذي صيغ فيه القانون اذ لم يأت مشروع القانون في ظروف تحول حقيقي بل في ظروف سياسية اعاقت التغيير الكامل والتحول الديمقراطي المنشود واخضعته الى تسوية تطيل من امد التحول وتهدر الكثير من الجهود باستمرار احتفاظ الذين اقترفوا تلك الانتهاكات او ساهموا فيها طوال الفترة السابقة بالنفوذ والسلطة”.
وقال ” ياتي انعقاد فعاليتكم هذه واليمن يمر بنجاحات كبيرة تمثلت في تنفيذ معظم بنود المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية المزمنة وفي انعقاد مؤتمر الحوار الوطني الذي اسفر عن مخرجات نصت جميعها على وجوب تعزيز التوافق الوطني وحل القضية الجنوبية حلا عادلا ومنصفا ومعالجة اسباب وتداعيات حروب صعدة واقرار اسس ومتطلبات التغيير والتي ينبغي ان تكون هي المرتكزات والمنطلقات لصياغة دستور جديد يضمن بناء دولة مدنية حديثة يقوم نظامها السياسي على الديمقراطية الحقة والمساواة في المواطنة والشراكة في السلطة والتوزيع العادل للثروة على اساس مبدأ ” كل حسب قدرته وكل حسب عمله” واتخاذ خطوات جادة ترمي الى تحقيق العدالة الانتقالية والمصالحة الوطنية ووضع التدابير اللازمة لضمان عدم حدوث انتهاكات لحقوق الانسان والقانون الانساني مستقبلا عبر تحديد طرق واليات العدالة وضمانات عدم تكرار الانتهاكات مستقبلا.
وأوضح رئيس مجلس الوزراء ان مشروع القانون حدد الاهداف والغايات المتوخاة من ورائه في المادة (3) على ان يهدف هذا القانون الى الكشف عن حقائق الانتهاكات والتجاوزات الماضية التي ارتكبت خلال الفترة المشمولة بنطاق سريانه ومعالجة الاوضاع والآثار الناجمة عنها في سياق مفهوم العدالة الانتقالية وبما يؤدي الى انصاف الضحايا ورد الاعتبار لهم, و إجراء مصالحة وطنية شاملة مبنية على أْسس من الاعتراف بارتكاب أخطاء واقتراف انتهاكات وطلب العفو والاعتذار والتسامح والتصالح لطي صفحة الماضي والتطلع نحو المستقبل بعيدا عن روح الانتقامات والثارات.
وقال ” كما ان الهدف من مشروع القانون هو تعزيز الوحدة الوطنية والسلم الاهلي والتعايش الاجتماعي وبناء دولة القانون وإعادة الثقة بمؤسسات الدولة والقانون الى المواطن وكذا تعزيز قيم الديمقراطية والحكم الرشيد واحترام حقوق الإنسان وتنمية وإثراء ثقافة وسلوك الحوار والقبول بالرأي الآخر وإجراء الإصلاح المؤسسي وإعمال مبدأ المساءلة والمحاسبة لضمان وقف استمرار ارتكاب الانتهاكات ومنع تكرار حدوثها مستقبلاٍ”.
واستطرد قائلا ” وفي سبيل تحرير مجتمعنا من الخوف من الماضي كي لا يبقى اسيرا له حتى يستطيع تجاوز آثاره ومآسيه ونفي سلوكه ورفض واستهجان ما حدث فيه بكشف وتعرية تلك المساوئ امام المجتمع واظهار قبحها بتوعية الاجيال القادمة بضرورة عدم قبولها ورفض تكرارها وتحقيق السلام عبر مصالحة وطنية وعادلة ودائمة بحل فعال يقوم على مقتضيات العدل والصفح معا ذلك لان مقتضيات الصفح لا تتحقق الا من خلال العفو المتبادل غير التمييزي واهم مقتضيات العدل معرفة الحقيقة ورد الاعتبار للفرد والمجتمع ومنع تكرار الانتهاكات الجسيمة في المستقبل”.
واضاف رئيس الوزراء “لتحقيق الوقاية من آثار الحصانة لا يتم الإعبر اقرار الحق في معرفة الحقيقة والحق في جبر الضرر والحق في حفظ الذاكرة الجماعية وحق الفرد والمجتمع بالحماية من تكرار مآسي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الانسان”.
مبينا أن الغاية النهائية من مشروع قانون العدالة الانتقالية والمصالحة الوطنية هي استكمال المصالحة السياسية بمصالحة مجتمعية هدفها إرضاء المجتمع وحمله على القبول بالمصالحة عن طريق إنصاف الضحايا أو أهاليهم والمجتمع بمختلف فئاته وأطيافه السياسية والاجتماعية وصولا إلى تحقيق السلم الاجتماعي والسلام .
من جانبه اكد وزير الشؤون القانونية الدكتور محمد المخلافي ان مشروع قانون العدالة الانتقالية والمصالحة الوطنية في اليمن يستهدف تحقيق السلام عبر العدالة الانتقالية كآلية تطبيقية تحقق بالنتيجة المصالحة الوطنية العادلة والدائمة و التي تمثل آلية لحل فعال يقوم على مقتضيات العدل والصفح معا..
وأشار الى ان مقتضيات الصفح تتحقق من خلال العفو المتبادل غير التمييزي و اهم مقتضيات العدل معرفة الحقيقة و تحقيق العدل بالمساءلة عبر الاعتراف و الاعتذار و العقاب في حالة عدم الانصياع او تكرار الانتهاكات و عن طريق جبر الضرر بتعويض الفرد و المجتمع و تخليد الذاكرة الوطنية و منع تكرار الانتهاكات الجسيمة في المستقبل ..
وقال المخلافي: إن مشروع قانون العدالة الانتقالية الذي نسعى اليه بنى على ثلاث مرتكزات اساسية هي الصفح العدل و السلام بحيث لايوجد تعارض بين العفو و العدل و لايؤدي العفو الى تهديد السلام .
وتابع الدكتور المخلافي قائلا ” ما من شك ان لقانون العفو (الحصانة) آثارا ضارة بسبب الافلات من العقاب غير ان قانون العدالة الانتقالية و المصالحة الوطنية سوف يحقق الوقاية من تلك الآثار عبر اقرار الحق في معرفة الحقيقة الحق في العدل بالمساءلة و جبر الضرر الحق في حفظ الذاكرة الجماعية و حق الفرد والمجتمع بالحماية من تكرار مآسي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الانسان .
وقال ” ان معرفة الحقيقة تمثل اهم عوامل المصالحة بمعرفة الضحية او ذويه و المجتمع وقائع الانتهاكات و من ارتكبها لأننا عندما نعفو يجب ان ننسى لأننا لو نسينا لن نعتبر و سيتم تكرار الانتهاكات و الحروب”
واشار وزير الشئون القانونية الى ان عقبات عديدة ظهرت منذ بداية طرح الوزارة لمشروع قانون العدالة الانتقالية حيث جعلت بعض القوى من القانون و كأنه مصدر ازعاج لها فلم يروق لها الكشف عن الحقيقة و الاعتراف و كذا الخشية من الاصلاح المؤسسي و كأنه يمثل نهاية لمصالحها ,فذهبت تشوش وتسوق الافكار المغلوطة عن المشروع وتريد ان تضيغ مشروع القانون بشكب يتنافئ مع مبادى العدالة الانتقالية .
هذا وقد القيت كلمتان في المؤتمر من قبل الممثل المقيم للمفوضية السامية لحقوق الانسان جورج ابو الزلف القاها نيابة عن المفوضية السامية لحقوق الانسان و المبعوث الخاص للامين العام للامم المتحدة جمال بن عمر و برنامج الامم المتحدة الانمائي و سفيرة الاتحاد الاوروبي السيدة بيتينا اكدو فيها على ان القانون الدولي يلزم الدول و يحثها على اتخاذ تدابير ملائمة في حدود نظمها القانونية الداخلية للتحقيق و محاكمة و معاقبة مرتكبي انتهاكات الماضي .
واشارت الكلمات الى ان اليمن يتعرض الى استنزاف في موارده مما دفعها الى هامش متدني في سلم التنمية فوفقا الى تقرير التنمية البشرية 2013م وضعت اليمن في المرتبة 160 من اصل 186 بلدا وهي واحدة من افقر والاكثر تعرضا للخطر من بلدان العالم .
وقالو “التجربة اثبتت ان الدول التي قررت محاكمة مرتكبي الجرائم الكبرى هي في المتوسط اكثر استقرارا من تلك التي لم تفعل ذلك وان السلام و العدالة يسيران جنبا الى جنب وبدون عدالة ستستمر انتهاكات حقوق الانسان و لايمكن ان يتحقق السلام والأمن و ستبقى التنمية المستدامة ضربا من الوهم و الافلات من العقاب يشجع الجناة فقط و يولد انتهاكات جديدة .
داعيين الى سرعة تعيين اعضاء لجنة التحقيق في احداث 2011م وضمان تقديم المسؤليين عن الانتهاكات السابقة للعدالة وفق المبادى الدولية لحقوق الانسان .
و ثمنوا الجهود الرامية الى تقديم تعويضات للضحايا من خلال لجنتي الاراضي و المفصولين من الوظيفة العامة في الجنوب و التي جمعت فيها اللجنتين عدد كبير من القضايا و الان يجب على الحكومة وضع الموارد و الاجراءات اللازمة لتنفيذ توصيات اللجان .
مؤكدين بان العدالة الانتقالية تهم مفوضية حقوق الانسان و برنامج الامم المتحدة الانمائي و مكتب المستشار الخاص للامين العام للامم المتحدة و الاتحاد الاوروبي و لن ندخر اي جهد في توفير المساعدة للسلطات اليمنية في وضع القوانين و التدابير التي تجلب العدالة و دعم السلام طويل الامد و المصالحة في اليمن .
و يناقش المؤتمر على مدى يومين عدد من اوراق العمل تشمل مخرجات الحوار الوطني و علاقتها بالحصانة و العدالة الانتقالية واستعراض مشروع قانون العدالة الانتقالية والعدالة الانتقالية و التحديات الراهنة في الواقع اليمني العدالة الانتقالية و التحول الديمقراطي و سيادة القانون هيئة العدالة الانتقالية و الاصلاحات المواكبة و التجارب الدولية منها تجارب “المغرب تونس و جنوب افريقيا” اضافة الى دور المجتمع المدني من منظور النوع الاجتماعي في العدالة الانتقالية و تجربة المشاورات الوطنية في اقرار قانون العدالة الانتقالية و دور منظمات المجتمع المدني.
تصوير / ناجي السماوي