أحمد المعرسي
واقفٌ يَخْصِفُ الرَّدى
يجلدُ الصوتَ بالصدى
قلبُهُ صارَ مصحفاً
كلُّ آياتِهِ مُدى
والمنايا جِوارَهُ
صِرْنَ صرحاً مُمَرَّدا
وتنادي قذيفةٌ:
كُنْ لأسيافِهِ يَدَا
طَعْنَةُ الصمتِ من أخٍ
فوقَ ما يصنعُ العِدا!
يا رُبَى غَزَّةَ التي
طينُها كعبةُ الهدى
عَلِّمِي العالمَ الذي
عاشَ ذُلاًّ مُصَفّدا
أنَّ مَنْ عاشَ ضارِباً
غيرُ من عاشَ مُغمَدا
واتركي العُرْبَ نُوَّماً
وارتدي لامَةَ الفِدا
قادةُ العُرْبِ كِذبةٌ
تَلْبَسُ الذُّلَ سُؤددا
لو دعاهمْ نبيُّهم
ما أجابوا محمَّدا!
ثُمَّ دوَّتْ قذيفةٌ
فَلَوى رأسَهُ المَدى
وهوى منزلٌ غدتْ
كلُّ آمالِهِ سُدى
وحكى الصمتُ: هاهنا
ماتَ طفلٌ مُرَدِّدا:
إنَّ روحي غمامةٌ
ودمي يَسكنُ النَّدى
لم يمتْ من بقلبِهِ
قد بَنى اللهُ مسجدا
قسماً إنَّ جُرْحَكم
في ذُرى مُهْجَتِي غَدَا
قَدْ ذَرَفْنا دموعَكم
في يدِ اللهِ سُجَّدا|
ثُمَّ صلَّى عليكمُ
خافقي إذْ تَشَهَّدا!
إنْ تموتوا بقصفِهم
يُصبحُ الموتُ مَوْلِدا
أو تموتوا بصمتِنا
(للفتى ما تَعَوَّدا)
لو رأى اللهَ جَهْرَةً
حاكمُ العُرْبِ ما اهتدى!
إن طوفانَ نصرِكمْ
للمعالي تَقَلَّدا
ويدُ اللهِ حِصْنُكمْ
وزِنادٌ تَمَرَّدا
فابعثوا المجدَ مُشْرِقاً
وأرسلوا الموتَ أسودا
يُثْلَمُ السيفُ، إنما
سوف يبقى مُهَنَّدا.